الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر تحول عمرو بن العاص من الاسكندرية إلى الفسطاط- واختطاطه
قال [1] ابن لهيعة: إنّ عمرو بن العاص لمّا فتح الإسكندريّة ورأى بيوتها وبناءها، همّ أن يسكنها، وقال: مساكن قد لقيناها.
فكتب إلى عمر يستأذنه فى ذلك، فسأل عمر الرسول: هل يحول بينى وبين المسلمين ماء؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين؛ إذا جرى النّيل.
فكتب عمر إلى عمرو: إنى لا أحبّ أن ينزل المسلمون منزلا يحول بينى وبينهم الماء فى شتاء ولا صيف. فتحوّل عمرو من الإسكندريّة إلى الفسطاط؛ وإنما سمّيت الفسطاط لأنّ عمرو بن العاص لمّا توجه إلى الإسكندرية، أمر بنزع فسطاطه، فإذا فيه يمام قد فرّخ.
فقال عمرو: لقد تحرّم منّا بمتحرّم، فأمر به فأقرّ فى موضعه، وأوصى به صاحب القصر، فلمّا قفل المسلمون من الإسكندريّة قالوا: أين ننزل؟ قالوا: الفسطاط- يريدون فسطاط عمرو، وكان مضروبا فى موضع دار عمرو بن العاص الّتى عمرّت بعد- واختطّ عمر والمسجد الجامع العمرى، وكان ما حوله حدائق وأعناب، فنصبوا الحبال حتى استقامت لهم، ووضعوا أيديهم، فلم يزل عمرو قائما حتّى وضعوا القبلة، واتخذ عمرو فى المسجد منبرا.
[1] فتوح مصر لابن عبد الحكم 91 وما بعدها.
فكتب إليه عمر بن الخطّاب رضى الله عنه:
أمّا بعد، فإنّه بلغنى أنك اتّخذت منبرا ترقى به على رقاب المسلمين، أو ما يحسبك أن تقوم قائما، والمسلمون تحت قدميك! فعزمت عليك لما كسرته.
قال: واختطّ الناس بعد ذلك. فكتب عمرو إلى عمر: إنا قد اختططنا لك دارا عند المسجد الجامع.
فكتب إليه عمر: أنّى لرجل بالحجاز تكون له دار بمصر! وأمره أن يجعلها سوقا للمسلمين، ففعل، فكان يباع بها الرّقيق.
قال: ولمّا اختطّ المسلمون تركوا بينهم وبين البحر والحصن فضاء لتغريق دوابّهم وإبادتها، فلم يزل كذلك حتّى ولى معاوية ابن أبى سفيان، فاشترى دور قوم منهم، وأقطعهم من ذلك الفضاء، فسمّيت القطائع، وبناها أولئك دورا لهم بدل دورهم.
قال: واختّطت همدان ومن والاها الجيزة، فكتب عمرو إلى عمر يعرّفه أمر الخطط.
فكتب إليه عمر يقول له: كيف رضيت أن تفرّق أصحابك! ولم يكن ينبغى لك أن ترضى لأحد من أصحابك، أن يكون بينك وبينه بحر لا تدرى ما يفجؤهم. فلعلّك لا تقدر على غياثهم حتّى ينزل بهم ما تكره، فاجمعهم إليك، فإن أبوا عليك وأعجبهم موضعهم، فابن عليهم من فئ المسلمين حصنا.
فعرض عمرو ذلك عليهم، فأبوا، وأعجبهم موضعهم بالجزيرة،