المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر مقتل عثمان رضى الله عنه - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ١٩

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء التاسع عشر

- ‌تصدير

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌الباب الثانى من القسم الخامس فى أخبار الخلفاء الراشدين

- ‌ذكر خلافة أبى بكر الصديق وشىء من أخباره وفضائله

- ‌ذكر نبذة من فضائل أبى بكر الصديق ومآثره فى الجاهلية والإسلام

- ‌ذكر صفة أبى بكر الصديق

- ‌ذكر ما ورد من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف أبا بكر على أمته من بعده وحجة من قال ذلك

- ‌ذكر بيعة أبى بكر الصديق رضى الله عنه وخبر السقفية، وما وقع بين المهاجرين والأنصار من التراجع فى الإمارة

- ‌ذكر ما تكلم به أبو بكر الصديق بعد بيعته وما قاله عمر بن الخطاب بعد البيعة الأولى وقبل البيعة الثانية العامة

- ‌ذكر انفاذ جيش أسامة

- ‌ذكر أخبار من ادعى النبوة من الكذابين

- ‌ذكر غزوة أبى بكر وقتاله أهل الردة وعبس وذبيان

- ‌ذكر عقد أبى بكر رضى الله عنه الألوية

- ‌ذكر خبر طليحة الأسدى وما كان من أمره وأمر من اتبعه من قيائل العرب وما آل إليه أمره بعد ذلك

- ‌ذكر خبر تميمم وأمر سجاح ابنة الحارث بن سويد

- ‌ذكر مسير خالد الى البطاح ومقتل مالك بن نويرة

- ‌ذكر خبر مسيلمة الكذاب وقومه من أهل اليمامة

- ‌ذكر الحروب الكائنة بين بين المسلمين وبين مسيلمة وبين أهل اليمامه وقتل مسيلمة

- ‌ذكر خبر ثابت بن قيس بن شماس فى مقتله

- ‌ذكر أهل البحرين ومن ارتد منهم وانضم إلى الحطم وما كان من أمرهم

- ‌ذكر مسير خالد بن الوليد الى العراق

- ‌ذكر وقعة الثنى

- ‌ذكر وقعة الولجة

- ‌ذكر وقعة أليس

- ‌ذكر وقعة فرات بادقلى وفتح الحيرة

- ‌ذكر ما كان بعد فتح الحيرة

- ‌ذكر فتح الأنبار

- ‌ذكر فتح عين التمر

- ‌ذكر خبر دومة الجندل

- ‌ثم كانت وقعة مصيخ

- ‌وقعة الثنى والزميل

- ‌ذكر وقعة الفراض

- ‌ذكر فتوح الشام

- ‌ذكر مسير خالد بن الوليد الى الشام وما فعل فى مسيره إلى أن التقى بجنود المسلمين بالشام

- ‌ذكر وقعة أجنادين

- ‌ذكر وقعة اليرموك

- ‌ذكر ما وقع فى خلافة أبى بكر غير ما ذكرناه

- ‌سنة إحدى عشرة

- ‌سنة اثنتى عشرة

- ‌ذكر وفاة أبى بكر الصديق رضى الله عنه ومدة خلافتة

- ‌ذكر نبذة من أخباره وأحواله ومناقبه رضى الله عنه

- ‌ذكر أولاد أبى بكر وأزواجه

- ‌ذكر أسماء قضاته وعماله وكتابه وحاجبه وخادمه

- ‌ذكر خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه

- ‌ذكر نبذة من فضائل عمر رضى الله عنه ومناقبه

- ‌ذكر صفة عمر رضى الله عنه

- ‌ذكر الفتوحات والغزوات فى خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه

- ‌ذكر فتوح مدينة دمشق

- ‌ذكر شىء مما قبل فى أمر مدينة دمشق ومن بناها

- ‌ذكر غزوة فحل

- ‌ذكر فتح بلاد ساحل دمشق

- ‌ذكر فتح بيسان وطبرية

- ‌ذكر الوقعة بمرج الروم

- ‌ذكر فتح بعلبك وحمص وحماة وشيرز ومعرة النعمان وسلمية واللاذقية وأنطرسوس

- ‌ذكر فتح قنسرين ودخول هرقل القسطنطينية

- ‌ذكر فتح حلب وأنطاكية وغيرهما من العواصم

- ‌ذكر فتح قيسارية وحصن غزة

- ‌ذكر بيسان ووقعة أجنادين وفتح غزة

- ‌ذكر فتح بيت المقدس وهو ايلياء

- ‌ذكر خبر حمص حين قصد هرقل من بها من المسلمين

- ‌ذكر فتح الجزيرة وأرمينية

- ‌ذكر فتوح العراقين وما والاها من بلاد فارس

- ‌ذكر وقعة النمارق

- ‌ذكر وقعة السقاطية بكسكر

- ‌ذكر وقعة الجالينوس

- ‌ذكر وقعة قس الناطف

- ‌ذكر وقعة أليس الصغرى

- ‌ذكر وقعة البويب

- ‌ذكر خبر سوقى الخنافس وبغداد

- ‌ذكر خبر القادسية وأيامها

- ‌ذكر يوم أرماث

- ‌ذكر أغواث

- ‌ذكر يوم عماس، وهو اليوم الثالث

- ‌ذكر ليلة الهرير

- ‌ذكر يوم القادسية وقتل رستم وهزيمة الفرس

- ‌ذكر ما كان بعد القادسية من الحروب والأيام

- ‌يوم برس، ويوم بابل، ويوم كوثى

- ‌ذكر خبر بهرسير وهى المدينة الغربية

- ‌ذكر فتح المدائن الغربية وهى بهرسير

- ‌ذكر فتح المدائن الشرقية التى فيها إيوان كسرى

- ‌ذكر ما جمع من غنائم أهل المدائن وقسمتها

- ‌ذكر وقعة جلولاء وفتح حلوان

- ‌ذكر ولاية عتبة بن غزوان البصرة وفتحه الأبلة

- ‌ذكر فتح تكريت والموصل

- ‌ذكر فتح ما سيذان

- ‌ذكر فتح قرقيسيا

- ‌ذكر فتح الأهواز ومناذر ونهر تيرى

- ‌ذكر صلح الهرمزان وأهل تستر مع المسلمين

- ‌ذكر فتح رامهرمز

- ‌ذكر فتح السوس

- ‌ذكر مصالحة جنديسابور

- ‌ذكر انسياح الجيوش الاسلامية فى بلاد الفرس

- ‌ذكر غزوة فارس من البحرين

- ‌ذكر وقعة نهاوند وفتحها

- ‌ذكر فتح دينور والصيمرة وغيرهما

- ‌ذكر فتح همذان والماهين وغيرهما

- ‌ذكر فتح أصبهان وقم وكاشان

- ‌ذكر فتح قزوين وأبهر وزنجان

- ‌ذكر فتح الرى

- ‌ذكر فتح قومس وجرجان وطبرستان

- ‌ذكر فتح أذربيجان

- ‌ذكر فتح الباب

- ‌ذكر فتح موقان

- ‌ذكر غزو الترك

- ‌ذكر غزو خراسان

- ‌ذكر فتح شهرزور والصامغان

- ‌ذكر فتح توج

- ‌ذكر فتح اصطخر وجور وكازرون والنوبندجان ومدنية شيراز وأرّجان وسينيز وجنابا وجهرم

- ‌ذكر فتح فساودرابجرد

- ‌ذكر فتح كرمان

- ‌ذكر فتح سجستان

- ‌ذكر فتح مكران

- ‌ذكر فتح بيروذ من الأهواز

- ‌ذكر خبر سلمة بن قيس الأشجعى والأكراد

- ‌ذكر فتوح مصر وما والاها

- ‌ذكر مسير عمرو الى مصر

- ‌ذكر حصار القصر وما قيل فى كيفية الاستيلاء عليه وانتقال الروم والقبط إلى الجزيرة

- ‌ذكر ارسال المقوقس الى عمرو فى طلب الصلح وجواب عمرو له واجتماع المقوقس وعبادة بن الصامت

- ‌ذكر مسير عمرو لقتال الروم وما كان من الحروب بينهم إلى أن فتحت الإسكندرية

- ‌ذكر الفتح الثانى وما وجد بالاسكندرية وعدة من ضربت عليه الجزية

- ‌ذكر من قال ان مصر فتحت عنوة

- ‌ذكر أخبار الاسكندرية وبنائها وما اتفق فى ذلك من الأعاجيب

- ‌ذكر تحول عمرو بن العاص من الاسكندرية إلى الفسطاط- واختطاطه

- ‌ذكر خبر أصل النيل وكيف كانت عادة القبط وإبطال عمرو تلك العادة

- ‌ذكر ما قرر فى أمر الجزية من الخراج

- ‌ذكر خبر المقطم

- ‌ذكر خبر خليج أمير المؤمنين

- ‌ذكر الخبر عن فتح الفيوم

- ‌ذكر فتح زويلة وطرابلس الغرب وبرقة وحصن سبرت

- ‌ذكر الغزوات إلى أرض الروم

- ‌ذكر ما اتفق فى خلافة عمر بن الخطاب غير الفتوحات والغزوات

- ‌ذكر فرض العطاء وعمل الديوان

- ‌ذكر بناء الكوفة والبصرة

- ‌ذكر عزل خالد بن الوليد

- ‌ذكر بناء المسجد الحرام

- ‌ذكر عزل المغيرة بن شعبة

- ‌سبب ولاية كعب بن سور قضاء البصرة

- ‌ذكر القحط وعام الرمادة

- ‌ذكر طاعون عمواس وتسمية من مات فيه

- ‌ذكر قدوم عمر الى الشام بعد الطاعون

- ‌ذكر اجلاء يهود خيبر منها

- ‌ذكر عزل سعد بن أبى وقاص عن الكوفة ومن ولى بعده فى هذه السنة

- ‌ذكر خبر مقتل عمر بن الخطاب ومدة خلافته

- ‌ذكر قصة الشورى

- ‌ذكر أولاد عمر بن الخطاب رضى الله عنه وعنهم وأزواجه

- ‌ذكر عمال عمر رضى الله عنه وعنهم على الامصار

- ‌كتابه

- ‌قضاته

- ‌ذكر خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه

- ‌ذكر صفته ونبذة من فضائله

- ‌ذكر بيعة عثمان رضى الله عنه

- ‌ذكر الفتوحات والغزوات فى خلافة عثمان

- ‌ذكر خلاف أهل الاسكندرية

- ‌ذكر غزو ارمينية وغيرها وما وقع من الصلح

- ‌ذكر غزو معاوية الروم

- ‌ذكر فتح كابل

- ‌ذكر غزو افريقية وفتحها

- ‌ذكر فتح جزيرة قبرس

- ‌ذكر نقض أهل فارس وغيرهم وفتح إصطخر ودرابجرد

- ‌ذكر غزو طبرستان

- ‌ذكر غزو الصوارى

- ‌ذكر مقتل يزدجرد آخر ملوك بنى ساسان

- ‌ذكر فتح خراسان

- ‌ذكر فتح كرمان

- ‌ذكر فتح سجستان وكابل وغيرها

- ‌ذكر خروج قارن ببلاد خراسان وقتله

- ‌ذكر ما وقع فى خلافة عثمان غير الغزوات والفتوحات على حكم السّنين

- ‌سنة أربع وعشرين

- ‌سنة خمس وعشرين

- ‌سنة ست وعشرين

- ‌سنة سبع وعشرين

- ‌سنة ثمان وعشرين

- ‌سنة تسع وعشرين

- ‌ذكر عزل أبى موسى الأشعرى عن البصرة وعثمان بن العاص عن عمان والبحرين واستعمال عبد الله بن عامر على ذلك

- ‌ذكر الزيادة فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر اتمام عثمان الصلاة وما تكلم الناس به فى ذلك

- ‌سنة ثلاثين

- ‌ذكر عزل الوليد بن عقبة عن الكوفة وولاية سعيد بن العاص

- ‌ذكر جمع القرآن

- ‌ذكر سقوط خاتم النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر خبر أبى ذر الغفارى فى اخراجه الى الربذة

- ‌سنة احدى وثلاثين

- ‌سنة اثنتين وثلاثين

- ‌ذكر وفاة عبد الرحمن بن عوف وشىء من أخباره ونسبه

- ‌سنة ثلاث وثلاثين ذكر خبر من سار من أهل الكوفة إلى الشام وما كان من أمرهم

- ‌سنة أربع وثلاثين ذكر خبر يوم الجرعة وعزل سعيد وخروجه عن الكوفة واستعمال أبى موسى الأشعرىّ

- ‌ذكر ابتداء الخلاف على عثمان

- ‌ذكر كلام على لعثمان وجوابه له

- ‌ذكر ارسال عثمان الى الأمصار ليأتوه بأخبار عماله

- ‌سنة خمس وثلاثين

- ‌ذكر مقتل عثمان رضى الله عنه

- ‌ذكر أزواج عثمان وأولاده

- ‌كتابه وقضاته وحجابه وأصحاب شرطته

- ‌ذكر عماله على الأمصار فى سنة مقتله

- ‌ذكر شىء مما رثى به عثمان من الشعر

- ‌فهرس الجزء التاسع عشر

الفصل: ‌ذكر مقتل عثمان رضى الله عنه

‌ذكر مقتل عثمان رضى الله عنه

ولمّا [1] عاد المصريّون وغيرهم، ظنّ أنّ الفتنة قد ركدت، والبلية قد سكنت، فلم يفجأ أهل المدينة إلّا والتّكبير فى نواحيها، وقد عاد القوم، فجاءهم أهل المدينة وفيهم علىّ، فقال: ما ردّكم بعد ذهابكم! وقيل: إنّ الّذى سألهم محمّد بن مسلمة، فأخرجوا صحيفة فى أنبوبة رصاص وقالوا: وجدنا غلام عثمان بالبويب على بعير من إبل الصّدقة، ففتّشنا متاعه، فوجدنا فيه هذه الصّحيفة، يأمر فيها عامل مصر بجلّد عبد الرحمن بن عديس وغيره، وصلب بعضنا.

قيل: وكان الّذى أخذت منه الصّحيفة أبو الأعور السّلمىّ.

فدخل علىّ ومحمد بن مسلمة على عثمان وأعلموه بما قال القوم، فأقسم بالله ما كتبه ولا علم به. فقال محمد: صدق، هذا من فعل مروان، ودخل عليه المصريّون، فلم يسلّموا عليه بالخلافة، وتكلّموا، فذكر ابن عديس ما فعل عبد الله بن سعد بالمسلمين وأهل الذّمّة، وأنّه استأثر بالغنائم، فإن قيل له فى ذلك قال: هذا كتاب أمير المؤمنين، وذكر أشياء ممّا أحدثها عثمان بالمدينة.

وقال: خرجنا من مصر نريد قتلك، فردّنا علىّ ومحمد بن مسلمة، وضمنا لنا النزوع عن كلّ ما تكلّمنا فيه، فرجعنا إلى بلادنا، فرأينا

[1] ابن الأثير 3: 84 وما بعدها، الطبرى 4: 365 وما بعدها.

ص: 485

غلامك وكتابك وعليه خاتمك، تأمر بجلدنا والمثلة بنا، وطول حبسنا. فحلف أنّه ما كتب ولا أمر ولا علم فقال محمّد وعلىّ: صدق [عثمان][1] . قال المصريّون: فمن كتبه؟ قال: لا أدرى. قالوا: فيجترأ عليك، ويبعث غلامك وجمل الصّدقة، وينقش على خاتمك، ويبعث إلى عاملك بهذه الأمور العظيمة وأنت لا تعلم! [قال: نعم] [2] . قالوا: ما أنت إلّا صادق أو كاذب، فإن كنت كاذبا فقد استحققت الخلع لما أمرت به من قتلنا بغير حقّ، وإن كنت صادقا فقد استحققت الخلع.

لضعفك عن هذا الأمر، وغفلتك، وخبث بطانتك، ولا نترك هذا الأمر بيد من يقطع الأمر دونه.

فقال: لا أنزع قميصا ألبسنيه الله؛ ولكنّنى أتوب وأنزع.

قالوا: قد رأيناك تتوب، ثمّ تعود، ولسنا منصرفين حتّى نخلعك، أو نقتلك [3] ، أو تلحق أرواحنا بالله، وإن منعك أهلك وأصحابك قاتلناهم.

فقال: أمّا أن أتبرّأ من خلافة الله فالقتل أحبّ إلىّ من ذلك، وأمّا قتالكم من منعنى فإنّى لا آمر بقتل أحد بقتالكم، فمن قاتل فبغير أمرى.

وكثرت الأصوات واللّغط، فقام علىّ وأخرج القوم ومضى إلى منزله.

[1] من ص.

[2]

من ص.

[3]

ك: «نتركك» .

ص: 486

قال: لمّا رجع أهل مصر، رجع أهل الكوفة وأهل البصرة فكأنّما كانوا على ميعاد [واحد [1]] ؛ فقال لهم علىّ رضى الله عنه: كيف علمتم يا أهل الكوفة، ويا أهل البصرة بما لقى أهل مصر، وقد سرتم مراحل حتّى رجعتم! هذا والله أمر بيّت بليل! فقالوا: ضعوه كيف شئتم، لا حاجة لنا فى هذا الرجل، ليعتزلنا.

قال: ثم أحاط القوم بعثمان، ولم يمنعوه من الصلاة، ولا منعوا من اجتماع النّاس به وكتب عثمان إلى أهل الأمصار يستنجدهم، ويأمرهم بالحثّ للمنع عنه، وبعرّفهم ما النّاس فيه، فخرج أهل الأمصار على الصّعب والذّلول.

فبعث معاوية حبيب بن مسلمة الفهرىّ [2] ، وبعث عبد الله ابن سعد معاوية بن حديج. وخرج من الكوفة القعقاع بن عمرو.

وقام بالكوفة نفر يحضّون على إعانة أهل المدينة، منهم عقبة ابن عمرو، وعبد الله بن أبى أوفى، وحنظلة الكاتب وغيرهم من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن التابعين مسروق الأسود وشريح وعبد الله بن عليم وغيرهم.

وقام بالبصرة عمران بن حصين، وأنس بن مالك، وهشام ابن عامر وغيرهم من الصحابة.

[1] من ص.

[2]

ك: «العنزى» .

ص: 487

وقام بالشّام جماعة من الصّحابة والتّابعين، وكذلك بمصر.

قال: ولمّا جاءت الجمعة التى على إثر دخولهم المدينة، خرج عثمان فصلّى بالنّاس، ثم قام على المنبر وقال: يا هؤلاء، الله الله، فو الله إنّ أهل المدينة ليعلمون أنّكم ملعونون على لسان محمّد، فامحوا الخطأ بالصواب.

وقام محمد بن سلمة وقال: أنا أشهد بذلك، فأقعده حكيم ابن جبلة، وقام زيد بن ثابت، فأقعده محمد بن أبى قتيرة [1] ، وثار القوم بأجمعهم، فحصبوا النّاس حتّى أخرجوهم من المسجد، وحصبوا عثمان حتّى صرع عن المنبر مغشيّا عليه، فأدخل داره، واستقتل نفر من أهل المدينة معه، منهم سعد بن أبى وقّاص، والحسن ابن علىّ وزيد بن ثابت وأبو هريرة، فعزم عليهم عثمان بالانصراف، فانصرفوا، وجاءه علىّ وطلحة والزّبير يعودونه، وعنده جماعة من بنى أميّة، منهم مروان بن الحكم، فقالوا كلّهم لعلىّ: أهلكتنا وصنعت هذا الصّنع! والله لئن بلغت الذى تريد لنمرّن عليك الدّنيا، فقام مغضبا، وعاد هو والجماعة إلى منازلهم.

قال: وصلّى عثمان بالنّاس فى المسجد بعد ما نزلوا به ثلاثين يوما، ثمّ منعوه الصّلاة، وصلّى بالنّاس أميرهم الغافقىّ، وتفرّق أهل المدينة فى حيطانهم، ولزموا بيوتهم، لا يجلس أحد ولا يخرج إلّا بسيفه؛ ليمتنع به [2] .

[1] ك: «قبيرة» .

[2]

ك: «لينتفع» .

ص: 488

قال: وفى أثناء ذلك استشار عثمان نصحاءه فى أمره، فأشاروا عليه بالإرسال إلى علىّ فى ردّهم، ويعطيهم ما يرضيهم؛ ليطاولهم حتّى تأتيه أمداده، فقال: إنّهم لا يقبلون التعلّل، وقد كان منّى فى المرّة الأولى ما كان.

فقال مروان: أعطهم ما سألوك، وطاولهم ما طاولوك؛ فإنّهم قوم بغوا عليك ولا عهد لهم.

فدعا عليّا وقال له: قد ترى ما كان من أمر النّاس، ولا آمنهم على دمى، فارددهم فإنّى أعطيهم ما يريدون من الحقّ منّى و [من][1] غيرى.

فقال علىّ: النّاس إلى عدلك أحوج منهم إلى قتلك، وقد كنت أعطيتهم عهدا فلم تف به، فلا تفردنى هذه المرّة فإنّى معطيهم عليك الحقّ.

قال: أعطهم، فو الله لأفينّ لهم. فخرج علىّ إلى الناس فقال لهم: إنّما طلبتم الحقّ وقد أعطيتموه، وقد زعم أنّه منصفكم من نفسه ومن غيره، فقال النّاس: قبلنا، فاستوثق منه لنا؛ فإنّا لا نرضى بقول دون فعل، فدخل عليه علىّ فأعلمه، فقال: اضرب بينى وبينهم أجلا يكون لى فيه مهلة، فإنه لا أقدر على ردّ ما كرهوا فى يوم واحد منك. فقال له علىّ: أمّا ما كان بالمدينة فلا أجل لك فيه، وما غاب فأجله وصول أمرك.. قال: نعم، فأحلّنى فيما فى المدينة ثلاثة أيّام، فأجابه إلى ذلك.

وكتب بينهم كتابا على ردّ كلّ مظلمة، وعزل كلّ عامل كرهوه،

[1] من ص.

ص: 489

فكفّ الناس عنه، فجعل يتأهّب للقتال، ويستعدّ بالسّلاح، واتخذ جندا. فلمّا مضت الأيّام الثلاثة ولم يغيّر شيئا ثار به القوم.

وخرج عمرو بن حزم إلى المصريّين فأعلمهم الخبر، وهم بذى خشب، فقدموا المدينة وطلبوا منه عزل عمّاله، وردّ مظالمهم.

فقال: إن كنت أستعمل من أردتم، وأعزل من كرهتم، فلست فى شىء من الأمر، والأمر أمركم. فقالوا: والله لتفعلنّ أو لتخلعنّ أو لتقتلنّ. فأبى عليهم، فحصروه، واشتد الحصار، فأرسل إلى علىّ وطلحة والزّبير فحضروا، فأشرف عليهم وقال:

يأيّها الناس، اجلسوا، فجلس المحارب والمسالم، ثم قال: يا أهل المدينة، أستودعكم الله، وأسأله أن يحسن عليكم الخلافة من بعدى، ثم قال: أنشدكم بالله! هل تعلمون أنّكم دعوتم الله عند مصاب عمر أن يختار لكم، وأن يجمعكم على خيركم! أتقولون إن الله لم يستجب لكم، وهنتم عليه، وأنتم أهل حقّه! أم تقولون:

هان على الله دينه، فلم يبال من ولّى، والدّين لم يتفرّق أهله حينئذ [1] ؟

أم تقولون: لم يكن أخذ عن مشورة، إنما كان عن مكابرة فوكّل الله الأمّة إذ عصته ولم يشاوروا فى الإمامة! أم تقولون: إن الله لم يعلم عاقبة أمرى! وأنشدكم بالله! أتعلمون لى سابقة خير وقدم خير قدّم الله لى ما يوجب على كلّ من جاء بعدى أن يعرفوا لى فضلها، فمهلا لا تقتلونى فإنه لا يحلّ إلا قتل ثلاثة: رجل زنى بعد إحصانه، أو كفر

[1] ك: «يومئذ» .

ص: 490

بعد إيمانه، أو قتل نفسا بغير حق. فإنكم إن قتلتمونى وضعتم السيف على رقابكم، ثم لم يرفع الله عنكم الاختلاف أبدا.

قالوا: أمّا ما ذكرت من استخارة الناس بعد عمر، ثم ولّوك فإنّ كلّ ما صنع الله الخيرة، ولكن الله جعلك بليّة ابتلى بها عباده.

وأما ما ذكرت من قدمك وسلفك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كنت كذلك، وقد كنت أهلا للولاية، ولكن أحدثت ما علمته، ولا نترك إقامة الحقّ عليك مخافة الفتنة عاما [1] قابلا.

وأمّا قولك: إنه لا يحلّ إلا قتل ثلاثة، فإنا نجد فى كتاب الله قتل غير الثلاثة الذين سمّيت، قتل من سعى فى الأرض فسادا، أو قتل من بغى، ثم قاتل على بغيه، وقتل من حال دون شىء من الحقّ ومنعه وقاتل دونه. وقد بغيت ومنعت الحقّ وحلت دونه، وكابرت عليه، ولم تقد من نفسك من ظلمت، وقد تمسّكت بالإمارة علينا، فإن زعمت أنّك لم تكابرنا عليه فإنّ الّذين قاموا دونك ومنعوك منّا إنّما يقاتلون لتمسّك بالإمارة، فلو خلعت نفسك لانصرفوا عن القتال معك.

فسكت عثمان ولزم الدار، وأمر أهل المدينة بالرجوع، وأقسم عليهم فرجعوا، إلا الحسن بن علىّ، ومحمد بن طلحة، وعبد الله بن الزّبير وأشباها لهم، واجتمع إليهم ناس كثير، وكانت مدة الحصار أربعين يوما، فلمّا مضت ثمانى عشرة ليلة، قدم ركبان من الأمصار فأخبروا خبر من تهيّأ لهم من الجنود، فحالوا بين النّاس وبينه، ومنعوه

[1] ك: «عاملا» تحريف.

[2]

ك: «لتقيتك» .

ص: 491

كلّ شىء حتّى الماء، فأرسل إلى علىّ سرّا، وإلى طلحة والزّبير، وإلى أزواج النّبىّ صلى الله عليه وسلم، يقول لهم: إنّهم قد منعونى الماء، فإن قدرتم أن ترسلوا إلينا ماء فافعلوا، فكان أوّلهم إجابة علىّ، وأمّ حبيبة، فجاء علىّ فى الناس فقال: يأيّها الناس، إنّ الّذى تفعلون لا يشبه أمر المؤمنين، ولا أمر الكافرين، فلا تقطعوا عن هذا الرّجل الماء ولا المادّة؛ فإنّ الرّوم وفارس لتأسر فتطعم، وتسقى.

فقالوا: لا والله ولا نعمة عين، فرمى بعمامته فى الدّار بأنّى قد نهضت ورجعت، وجاءت أمّ حبيبة على بغلة لها إداوة [1]، فضربوا وجه بغلتها فقالت: إنّ وصايا بنى أميّة عند هذا الرّجل، فأحببت أن أسأله عنها لئلا تهلك أموال الأيتام والأرامل، فقالوا: كاذبة، وقطعوا حبل البغلة بالسّيف، فنفرت، وكادت تسقط عنها، فتلقّاها النّاس، ثمّ ذهبوا بها إلى منزلها.

فأشرف عثمان يوما، فسلّم عليهم، ثم قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أنّى اشتريت بئر رومة من مالى ليستعذب بها، فجعلت رشائى فيها كرجل من المسلمين؟ قالوا: نعم، قال: فلم تمنعونى أن أشرب منها حتّى أفطر على ماء الملح! ثم قال: أنشدكم الله! هل تعلمون أنّى اشتريت أرض كذا فزدتها [2] فى المسجد؟ قيل: نعم.

قال: فهل علمتم أنّ أحدا منع أن يصلّى فيه قبلى؟ ثم قال: أنشدكم الله! هل تعلمون أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم قال عنّى كذا وكذا أشياء فى شأنه؟

[1] الإدواة: الإناء.

[2]

ك: «فزودتها» .

ص: 492

ففشا النّهى فى النّاس، يقولون: مهلا عن أمير المؤمنين فقام الأشتر: فقال: لعلّه قد مكر به وبكم.

قال: وبلغ طلحة والزبير ما لقى علىّ وأمّ حبيبة، فلزموا بيوتهم، وبقى عثمان يسقيه آل حزم فى الغفلات.

قال: وخرجت عائشة رضى الله عنها إلى الحج، فاستتبعت أخاها محمدا، فأبى، فقالت: والله لئن استطعت أن يحرمهم الله ما يحاولون لأفعلنّ.

فقال له حنظلة الكاتب: تستتبعك أمّ المؤمنين فلا تتبعها، وتتبع ذؤبان العرب إلى ما لا يحلّ! وإنّ هذا الأمر إن صار إلى التّغالب غلبتك عليه بنو عبد مناف. ثم رجع حنظلة إلى الكوفة وهو يقول وبالله المستعان، وعليه التّكلان:

عجبت لما يخوض الناس فيه

يرومون الخلافة أن تزولا

ولو زالت لزال الخير عنهم

ولاقوا بعدها ذلّا ذليلا

وكانوا كاليهود أو كالنّصارى

سواء كلّهم ضلّوا السّبيلا

قال: ثم أشرف عثمان على النّاس، واستدعى عبد الله بن عبّاس، فأمره أن يحجّ بالنّاس، وكان ممن لزم الباب، فانطلق.

قال: ولمّا رأى المصريّون أنّ أهل الموسم يريدون قصدهم بعد الحجّ مع ما يليهم من مسير أهل الأمصار، قالوا: لا يخرجنا من هذا الأمر الّذى وقعنا فيه إلّا قتل هذا الرّجل، فيشتغل النّاس عنّا. فتقدّموا إلى الباب، فمنعهم الحسن، وابن الزبير، ومحمد بن طلحة، ومروان

ص: 493

وسعيد بن العاص ومن معهم من أبناء الصّحابة، واجتلدوا فزجرهم عثمان، وقال: أنتم فى حلّ من نصرتى، فأبوا، ففتح الباب ليمنعهم، فلمّا خرج ورآه المصريّون رجعوا، فركبهم هؤلاء، وأقسم عثمان على الصّحابة ليدخلنّ، فدخلوا، فأغلق الباب دون المصريّين فثاروا إلى الباب، وجاءوا بنار، فأحرقوا السّقيفة التّى على الباب، وثار بهم أهل الدار، وعثمان يصلّى، قد افتتح طه، فما شغله ما سمع حتّى أتى عليها، فلمّا فرغ جلس إلى المصحف فقرأ: الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ

[1]

قال: ثمّ قال عثمان للحسن: إن أباك الآن لفى أمر عظيم من أمرك، فأقسمت عليك لما خرجت عليه، فتقدّموا فقاتلوا، ولم يستمعوا قوله، فبرز المغيرة بن الأخنس بن شريق الثّقفىّ حليف بنى زهرة وكان تعجّل الحج فى عصابة لينصروا عثمان وهو معه فى الدار، وارتجز.

قد علمت ذات القرون الميل

والحلى والأنامل الطّفول

لتصدقن بيعتى خليلى

بصارم ذى رونق مصقول

لا أستقيل إذ أقلت قيلى

وحكى أبو عمر [2] أنّ المغيرة بن الأخنس قال لعثمان حين أحرقوا بابه:

والله لا قال الناس عنّا: إنّا خذلناك، وخرج بسيفه وهو يقول:

لمّا نهّدمت الأبواب واحترقت

تيمّمت منهنّ بابا غير محترق

[1] سورة آل عمران 173.

[2]

الاستيعاب 1444.

ص: 494

حقا أقول لعبد الله آمره

إن لم تقاتل لدى عثمان فانطلق

والله أتركه ما دام بى رمق

حتّى يزايل بين الرأس والعنق

هو الإمام فلست اليوم خاذله

إنّ الفرار علىّ اليوم كالسّرق

وحمل على النّاس فضربه رجل على ساقة فقطعها، ثم قتله، فقيل إنّ الّذى قتله تقطّع جذاما [1] بالمدينة.

وقال قتادة: لمّا أقبل أهل مصر إلى المدينة فى شأن عثمان رأى رجل منهم فى المنام كأنّ قائلا يقول له: بشّر قاتل المغيرة بن الأخنس بالنّار، وهو لا يعرف المغيرة، رأى ذلك ثلاث ليال، فجعل يحدّث أصحابه. فلمّا كان يوم الدّار. خرج المغيرة فقاتل [2] ، والرجل ينظر إليه فقتل ثلاثة، فلمّا قتلهم وثب إليه الرجل فحذفه، فأصاب رجله، ثم ضربه حتّى قتله، ثم قال: من هذا؟ فقالوا: المغيرة بن الأخنس، فقال: لا أرانى إلّا صاحب الرؤيا المبشّر بالنّار، فلم يزل بشرّ حال حتّى هلك.

وخرج الحسن بن علّى وهو يقول:

لا دينهم دينى ولا أنا منهم

حتّى يسير إلى طمار شمام [3]

وخرج محمد بن طلحة وهو يقول:

أنا ابن من حامى عليه بأحد

وردّ أحزابا على رغم معدّ

[1] فى الأصول: «خذاما» ، وما أثبته من الاستيعاب.

[2]

الاستيعاب: «يقاتل» .

[3]

طمار: المكان العالى من الجبل وغيره. وشمام: اسم جبل بالعالية.

ص: 495

وخرج سعيد بن العاص وهو يقول:

صبرنا غداة الدار والموت واقف

بأسيافنا دون ابن أروى نضارب

وكنّا غداة الرّوع فى الدّار نصرة

نشافههم بالضّرب والموت ثاقب

وكان آخر من خرج عبد الله بن الزّبير، وأقبل أبو هريرة والنّاس محجمون، فقال: هذا يوم طاب فيه الضّرب، ونادى: يا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ

[1]

.

وجاء عبد الله بن سلام ينهاهم عن قتله، فقال: يا قوم، لا تسلّوا سيف الله فيكم، فو الله إن سللتموه لا تغمدوه، ويلكم! إنّ سلطانكم اليوم يقوم بالدّرّة، فإن قتلتموه لا يقوم إلا بالسّيف، ويلكم! مدينتكم محفوفة بالملائكة، فإن قتلتموه ليتركنّها.

فقالوا: يابن اليهودية، ما أنت وهذا! فرجع عنهم.

قال: ثمّ اقتحموا على عثمان داره، من دار عمرو بن حزم حتّى ملئوها ولم يشعر من بالباب منهم، ففى ذلك يقول الأحوص يهجو آل حزم.

لا ترثينّ لحزمىّ رأيت به

ضرّا ولو طرح الحزمىّ فى النّار [2]

الباخسين لمروان بذى خشب

والمدخلين على عثمان فى الدّار

قال: ولمّا صاروا فى الدّار ندبوا رجلا ليقتله، فدخل عليه فقال: اخلعها ونتركك. قال: لست خالعا قميصا كساينة الله تعالى حتّى يكرم الله أهل السعادة، ويهين أهل الشّقاوة، فخرج

[1] سورة غافر 41.

[2]

ديوانه 132، وروايته:«لا تأوين» .

ص: 496

عنه، فأدخلوا عليه رجلا من بنى ليث، فقال: لست بصارحبى لأنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم دعا لك أن تحفظ يوم كذا وكذا، ولن تضيّع، فرجع عنه وفارق القوم. ودخل عليه رجل من قريش فقال له: إنّ النّبىّ صلى الله عليه وسلم استغفر لك يوم كذا وكذا فلن تقارف دما حراما، فرجع وفارق أصحابه.

ودخل عليه جماعة كلّهم يرجع، آخرهم محمد بن أبى بكر، فلمّا خرج ثار قتيرة وسودان بن حمران والغافقى، فضربه الغافقىّ بحديدة، وضرب المصحف برجله، فدار المصحف، واستقرّ بين يديه، وجاء سودان ليضربه فأكبّت عليه نائلة بنت الفرافصة، واتّقت السيف بيدها فقطع أصابعها وشيئا من الكفّ، ونصف الإبهام فولّت، فغمز أوراكها، وقال: إنها لكبيرة العجز، وضرب عثمان فقتله.

وقيل: إنّ الّذى قتله كنانة بن بشر التّجيبىّ، وكان عثمان قد رأى النبىّ صلى الله عليه وسلم فى تلك الليلة وهو يقول له: إنّك تفطر اللّيلة عندنا.

ولما قتل قطر من دمه على المصحف على قوله تعالى: فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ.

قال: ودخل غلمة لعثمان مع القوم لينصروه، فقال عثمان:

من كفّ يده فهو حرّ، فلما ضربه سودان ضرب بعض الغلمان رقبة سودان فقتله، ووثب قتيرة على الغلام فقتله، وانتهبوا ما فى البيت، وخرجوا، وأغلقوا الباب على ثلاثة قتلى.

ص: 497

فلمّا خرجوا وثب غلام لعثمان على قتيرة فقتله، وثار القوم فأخذوا ما وجدوا حتى أخذوا ما على النّساء، وأخذ كلثوم التّجيبىّ ملاءة كانت على نائلة، فضربه غلام لعثمان فقتله، وانتهب القوم بيت المال.

قال: ووثب عمرو بن الحمق على صدر عثمان وبه رمق، فطعنه تسع طعنات، وأراد قطع رأسه، فوقعت نائلة وأمّ البنين عليه فصحن وضربن الوجوه، فقال ابن عديس: اتركوه، وأقبل عمير ابن ضابئ البرجمىّ فوثب على عثمان، فكسر ضلعا من أضلاعه، وقال له: سجنت أبى حتّى مات فى السّجن.

وكان قتله يوم الجمعة لثمانى عشرة، أو سبع عشرة ليلة خلت من ذى الحجّة، سنة خمس وثلاثين. ذكره المدائنى عن أبى معشر عن نافع، وعن أبى عثمان النّهدىّ؛ أنّه قتل وسط أيّام التّشريق.

وقال ابن اسحاق: قتل عثمان على رأس إحدى عشرة سنة، وأحد عشر شهرا، واثنين وعشرين يوما من مقتل عمر بن الخطّاب، وعلى رأس خمس وعشرين سنة من متوفّى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال الواقدىّ رحمه الله: قتل يوم الجمعة لثمان ليال خلت من ذى لحجة يوم التروية. وقد قيل: إنه قتل يوم الجمعة لليلتين بقيتا من ذى الحجة.

روى هذه الأقوال كلّها أبو عمر بن عبد البرّ.

[1] من ص.

[2]

الاستيعاب 1048.

ص: 498

واختلف فى مدة الحصار. فقال الواقدىّ: حاصروه تسعة وأربعين يوما. وقال الزّبير بن بكّار: حاصروه شهرين وعشرين يوما؛ وقيل غير ذلك.

وقد تقدّم أنّه رضى الله عنه صلّى بالنّاس بعد أن نزلوا به ثلاثين يوما، ثم منعوه الصّلاة، وصلّى بالنّاس أميرهم الغافقىّ.

وقد قيل: إنّه لمّا منع عثمان الصلاة جاء سعد القرظ وهو المؤذّن إلى علىّ بن أبى طالب، فقال: من يصلّى بالنّاس؟ فقام: خالد بن زيد، وهو أبو أيّوب الأنصارىّ، فصلّى أياما، ثم صلّى علىّ بعد ذلك بالنّاس.

وقيل: بل أمر علىّ سهل بن حنيف فصلّى بالنّاس من أوّل ذى الحجّة إلى يوم العيد، ثم صلّى علىّ بالنّاس العيد، وصلّى بهم حتى قتل عثمان. والله أعلم.

حكى أبو عمر بن عبد البرّ فى مقتل عثمان، قال: كان [1] أول من دخل عليه الدار محمّد بن أبى بكر، فأخذ بلحيته فقال: دعها يابن أخى، فو الله لقد كان أبوك يكرمها، فاستحيا وخرج، ثم دخل عليه رومان بن سرحان، رجل أزرق قصير مجدور، عداده فى مراد، وهو من ذى أصبح، معه خنجر، فاستقبله به، وقال: على على أىّ دين أنت يا نعثل؟ فقال: لست بنعثل ولكنى عثمان ابن عفّان، وأنا على ملّة إبراهيم حنيفا مسلما وما أنا من المشركين.

قال: كذبت، وضربه على صدغه فقتله، فخرّ، فأدخلته امرأته نائلة بينها وبين ثيابها، وكانت امرأة جسيمة.

[1] الاستيعاب 1044: 1045.

ص: 499

ودخل رجل من أهل مصر معه السّيف مصلتا فقال: والله لأقطعنّ أنفك، فعالج المرأة فكشفت عن ذراعيها، وقبضت على السّيف فقطع إبهامها، فقالت لغلام لعثمان يقال له رباح، ومعه سيف عثمان: أعنّى على هذا، وأخرجه، فضربه الغلام بالسيف فقتله.

قال: وأقام عثمان يومه ذلك مطروحا إلى اللّيل، فحمله رجال على باب ليدفنوه، فعرض لهم ناس ليمنعوهم من دفنه، فوجدوا قبرا قد حفر لغيره فدفنوه فيه، وصلّى عليه جبير بن مطعم.

وقال محمد بن طلحة: حدّثنى كنانة مولى صفية بنت حيىّ بن أخطب، فقال: شهدت مقتل عثمان، فخرج من الدار أمامى أربعة من شباب قريش مضرّجين بالدّم، محمولين، كانوا يذودون عن عثمان وهم الحسن بن علىّ، وعبد الله بن الزّبير، ومحمد بن حاطب، ومروان ابن الحكم.

قال محمد بن طلحة: فقلت له: هل ندى محمّد بن أبى بكر بشىء من دمه؟ فقال: معاذ الله، دخل عليه فقال له عثمان: يابن أخى لست بصاحبى، وكلّمه كلاما فخرج، ولم يندّ بشىء من دمه.

قال: فقلت لكنانة: من قتله؟ قال: رجل من أهل مصر، يقال له: جبلة بن الأيهم، ثم طاف بالمدينة ثلاثا يقول: أنا قاتل نعثل.

وروى أبو عمر أيضا بسنده إلى مالك بن أنس، قال [1] :

لمّا قتل عثمان ألقى على المزبلة ثلاثة أيّام، فلمّا كان فى اللّيل أتاه اثنا عشر رجلا، منهم حويطب بن عبد العزّى وحكيم بن حزام،

[1] الاستيعاب 1047.

ص: 500

وعبد الله بن الزّبير، وجدىّ بن مالك بن أبى عامر، فاحتملوه، فلمّا صاروا به إلى المقبرة ليدفنوه ناداهم قوم من بنى مازن: والله لئن دفنتموه هاهنا، لنخبرنّ النّاس غدا، فاحتملوه، وكان على باب، وإنّ رأسه كان على الباب يقول: طق طق حتّى صاروا به إلى حشّ كوكب [1] فاحتفروا له، وكانت عائشة بنت عثمان معها مصباح فى حقّ [2] ، فلمّا أخرجوه ليدفنوه صاحت، فقال لها ابن الزّبير: والله لئن لم تسكتى لأضربنّ الذى فيه عيناك، فسكتت، فدفن.

قال مالك: وكان عثمان يمرّ بحشّ كوكب فيقول: إنّه سيدفن هاهنا رجل صالح. [3] .

وعن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: أرادوا أن يصلّوا على عثمان رضى الله عنه فمنعوه، فقال أبو جهم بن حذيفة: دعوه، فقد صلّى عليه الله ورسوله.

وقد قيل: إنّ علىّ بن أبى طالب، وطلحة، والزبير، وزيد بن ثابت، وكعب بن مالك، وعامر بن نمير من أصحابه شهدوا جنازته.

وقيل: إنه كفّن فى ثيابه ولم يغسل.

واختلف فى سنة يوم قتل.

فقال ابن اسحاق: قتل وهو ابن ثمانين سنة. وقال غيره:

قتل وهو ابن ثمان وثمانين، وقيل: تسعين.

وقال قتادة: قتل وهو ابن ستّ وثمانين سنة.

[1] حش كوكب: مكان خارج البقيع.

[2]

الاستيعاب: فى جرة.

[3]

الاستيعاب 1048.

ص: 501

وقال الواقدىّ: لا خلاف عندنا أنه قتل، وهو ابن اثنتين وثمانين سنة، وهو قول أبى اليقظان.

ودفن ليلا بموضع يقال له: حشّ كوكب، وكوكب رجل من الأنصار (الحشّ: البستان) ، كان عثمان قد اشتراه وزاده فى البقيع، وهو أوّل من قبر فيه.

قال: وقد قيل: إنه صلّى عليه عمرو بن عثمان ابنه، وقيل: بل صلّى عليه حكيم بن حزام، وقال: بل صلّى عليه المسور بن مخرمة. وقيل:

بل جبير بن مطعم. وقيل: بل مروان بن الحكم، وقيل: كانوا خمسة أو ستة وهم: جبير بن مطعم، وحكيم بن حزام، وأبو جهم ابن حذيفة، ونيار بن مكرم، وزوجتاه نائلة وأمّ البنين بنت عيينة.

ونزل قبره دينار، وأبو جهم، وجبير، وكان حكيم ونائلة وأمّ البنين يدلونه، فلمّا دفنوه غيّبوا قبره.

وروى أبو الفرج الاصفهانى بسند رفعه إلى نائلة بنت الفرافصه:

كتبت [1] إلى معاوية، وبعثت بقميص عثمان رضى الله عنه مع النعمان بن بشير وعبد الرحمن بن حاطب بن أبى بلتعة:

من نائلة بنت الفراقصة، إلى معاوية بن أبى سفيان:

أمّا بعد، فإنّى أذكّركم بالله الذى أنعم عليكم، وعلّمكم الإسلام وهداكم من الضلالة، وأنقذكم من غواية الكفر [2] ، ونصركم على العدوّ، وأسبغ عليكم النعمة، فأنشدكم الله تعالى، وأذكّركم حقه

[1] الأغانى 16: 324 وما بعدها.

[2]

الأغانى: «من الكفر» .

ص: 502

وحق خليفته أن تنصروه بعزمة الله عليكم، فإنه قال تعالى:

وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما، فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ.

وإن أمير المؤمنين بغى عليه، ولو لم يكن له عليكم [حقّ][1] إلا حقّ الولاية ثمّ أتى عليه بما أتى لحقّ على كلّ مسلم يرجو أيام الله أن ينصره لقدمه فى الإسلام، وحسن بلائه؛ فإنه أجاب داعى الله، وصدّق كتابه ورسوله، والله أعلم به إذا انتجبه، فأعطاه شرف الدنيا، وشرف الآخرة.

وإنّى أقصّ عليكم خبره، لأنّى مشاهدة أمره كلّه حتى أفضى إليه.

إن أهل المدينة حصروه فى داره يحرسونه ليلهم ونهارهم، قياما على أبوابه بسلاحهم، يمنعونه كل شىء قدروا عليه حتى منعوه الماء يحضرونه الأذى، ويقولون له الإفك. فمكث هو ومن معه خمسين ليلة، وأهل مصر قد أسندوا أمرهم إلى محمد بن أبى بكر وعمّار بن ياسر، وكان علىّ مع المحرّضين [2] للمصريّين فى أهل المدينة، ولم يقاتل مع أمير المؤمنين ولم ينصره، ولم يأمر بالعدل الذى أمر الله تبارك وتعالى به، فظلت تقاتل خزاعة، وبكر، وسعد بن بكر، وهذيل، وطوائف من مزينة، وجهينة، [3] وأنباط يثرب، ولا أرى سائرهم، ولكنّى قد سمّيت الّذين كانوا أشدّ الناس عليه فى أول أمره وآخره، ثمّ إنه رمى بالنبل والحجارة، فقتل ممّن كان فى الدار ثلاثة نفر، فأتوه

[1] من ص والأغانى.

[2]

ك: «الحضريين» تصحيف، صوابه فى ص والأغانى.

[3]

ك: «هجين» تصحيف.

ص: 503

يصرخون إليه ليأذن لهم فى القتال، فنهاهم عنه، وأمرهم أن يردّوا إليهم نبلهم فردّوها إليهم، فلم يزدهم ذلك على القتال إلّا جرأة فى الأمر وإغراقا، ثم أحرقوا باب الدار.

فجاءه نفر من أصحابه وقالوا: إنّ فى المسجد ناسا يريدون أن يأخذوا أمر النّاس بالعدل، فاخرج إلى المسجد حتّى يأتوك، فانطلق، وقد كان نفر من قريش على عامّتهم السّلاح، فلبس درعه، وقال لأصحابه: لولا أنتم ما لبست درعا، فوثب عليه القوم، فكلّمهم الزبير، وأخذ عليهم الميثاق فى صحيفة، بعث بها إلى عثمان رضى الله عنه: إنّ عليكم عهد الله وميثاقه ألا تعرّوه بشىء، فكلّموه وتحرّجوا، فوضع السلاح فلم يكن إلّا وضعه حتى دخل عليه القوم يقدمهم ابن أبى بكر؛ حتى أخذوه بلحيته ودعوه باللّقب، فقال: أنا عبد الله وخليفته، فضربوه فى رأسه ثلاث ضربات، وطعنوه فى صدره ثلاث طعنات، وضربوه على مقدّم الجبين فوق الأنف ضربة أسرعت فى العظم، فسقطت عليه، وقد أثخنوه وبه حياة، وهم يريدون قطع رأسه ليذهبوا به، فأتتنى بنت شيبة بن ربيعة، فألقت بنفسها معى عليه، فوطئنا وطئا شديدا وعرّيبا من ثيابنا، وحرمة أمير المؤمنين أعظم، فقتلوه رحمه الله فى بيته، وعلى فراشه.

وقد أرسلت إليكم بثوبه، وعليه دمه، وإنّه والله لئن كان أثم من قتله لا يسلم من خذله، فانظروا أين أنتم من الله عز وجل، فإنّا نشتكى ما مسّنا إليه، ونستنفر وليّه، وصالح عباده. ورحمة

ص: 504

الله على عثمان، ولعن الله من قتله، وصرعهم فى الدّنيا والآخرة مصارع الخزى والمذلّة، وشفى منهم الصّدور.

فحلف رجال من أهل الشام ألّا يطئوا النساء حتّى يقتلوا قتلة عثمان، أو تذهب أرواحهم. وكان أمرهم فى القتال ما نذكره إن شاء الله تعالى.

وكانت خلافته اثنتى عشرة سنة إلا اثنى عشر يوما، قاله ابن إسحاق. وقال غيره: إلّا ثمانية أيام. وقيل: إلّا ستّة عشر يوما.

روى عن عائشة أمّ المؤمنين رضى الله عنها، أنها قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعوا لى بعض أصحابى، فقلت:

أبو بكر؟، قال لا، فقلت: عمر؟ قال: لا، فقلت: ابن عمّك علىّ؟ قال: لا، فقلت: عثمان؟ قال: نعم

. فلمّا جاء قال لى بيده [1] فتنحّيت، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسارّه ولون عثمان متغيّر، فلمّا كان يوم الدّار وحصر، قيل له: ألا تقاتل؟ قال:

لا، إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلىّ عهدا، وأنا صابر نفسى عليه.

وعن موسى بن طلحة، قال: أتينا عائشة رضى الله عنها لنسألها عن عثمان فقالت: اجلسوا أحدّثكم عمّا جئتم له: إنّا عتبنا على عثمان رضى الله عنه فى ثلاث خلال- ولم تذكرهنّ- فعمدوا إليه حتّى إذا ماصوه كما يماص الثوب اقتحموا عليه الفقر الثّلاثة:

حرمة البيت الحرام، والشهر الحرام، وحرمة الخلافة؛ ولقد قتلوه، وإنّه لمن أوصلهم للرّحم وأتقاهم لربّه.

[1] ك: «بعده» ، والأصوب ما أثبته من ص.

ص: 505

وعن أبى جعفر الأنصارىّ قال: دخلت مع المصريّين على عثمان، فلمّا ضربوه خرجت أشتدّ، حتّى ملأت فروجى عدوا، حتّى دخلت المسجد؛ فإذا رجل جالس فى نحو عشرة، عليه عمامة سوداء، فقال: ويحك! ما وراءك؟ قال: قلت: قد والله فرغ من الرّجل، قال: تبّا لكم آخر الدّهر! فنظرت، فإذا هو علىّ رضى الله عنه.

وروى عن مبارك بن فضالة قال: سمعت الحسن يقول: سمعت عثمان يخطب يقول: يأيّها الناس، ما تنقمون علىّ، وما من يوم إلا وأنتم تقسمون فيه خيرا! قال الحسن: وسمعت مناديا ينادى: يأيّها النّاس، اغدوا على أعطياتكم، فيغدون فيأخذونها وافرة، حتّى والله سمعته يقول:

اغدوا على كسوتكم، فيأخذون الحلل، واغدوا على السّمن والعسل.

قال الحسن: أرزاق دارّه، وخير كثير، ما على الأرض مؤمن يخاف مؤمنا إلّا يودّه وينصره، فلو صبر الأنصار على الأثرة لوسعهم ما كانوا فيه من العطاء والأرزاق، ولكنّهم لم يصبروا، وسلّوا السيف مع من سلّ، فصار عن الكفّار مغمدا، وعلى المسلمين مسلولا إلى يوم القيامة.

وعن محمد بن سيرين، قال: كثر المال فى زمن عثمان حتى بيعت جارية بوزنها، وفرس بمائة ألف درهم، ونخلة بألف درهم.

وقد ذكر بعض من أرّخ أسبابا كثيرة، جعلها من أقدم على قتل عثمان ذريعة له، وتمسّك بها، أغضينا عن ذكرها، وهو رضى الله عنه مبرّأ من كلّ سوء ونقص، فلنذكر خلاف ذلك.

ص: 506