الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر وقعة أليس الصغرى
قال [1] : لمّا عاد ذو الحاجب لم يشعر جابان ومردانشاه بما جاء به من الخبر، فخرجا حتى إذا أخذا بالطريق، وبلغ المثنّى فعلهما، فاستخلف على النّاس عاصم بن عمر، وخرج فى جريدة [2] خيل يريدهما، فظنّا أنّه هارب، فاعترضاه، فأخذهما أسيرين. وخرج أهل ألّيس على أصحابهما فأتوه بهم أسرى، فعقد لهم بها ذمّة، وقتلهما وقتل الأسرى. والله تعالى أعلم.
ذكر وقعة البويب
ولما [3] بلغ عمر بن الخطّاب- رضى الله عنه- وقعة الجسر، ندب الناس إلى المثنّى، وكان فيمن ندب بجيلة، وأمرهم إلى جرير بن عبد الله، فأتوا العراق، وقالوا: لا نكون إلّا بالشّام، فعزم عليهم عمر ونفّلهم ربع الخمس، فأجابوا، وسيّرهم إلى المثنّى، وبعث عصمة بن عبد الله الضّبّىّ فيمن معه، وكتب إلى أهل الرّدّة فلم يأته أحد إلّا رمى به المثنّى. وبعث المثنّى الرّسل إلى من يليه من العرب، فتوافوا إليه فى جمع عظيم، وكان فيمن جاءه أنس بن هلال النّمرىّ فى جمع عظيم من النّمر، نصارى، وقالوا: نقاتل مع قومنا. وبلغ الخبر رستم والفيرزان فبعثا مهران الهمذانىّ إلى الحيرة، فسمع المثنّى ذلك وهو بين القادسيّة وخفّان، فاستبطن فرات بادقلى،
[1] ابن الأثير 2: 303، تاريخ الطبرى 3:459.
[2]
الجريدة: خيل لا رجالة فيها.
[3]
تاريخ ابن الأثير 2: 303، تاريخ الطبرى 3:460.
وكتب إلى جرير وعصمة ومن أتاه من الأمداد بالخبر، وأمرهم بقصد البويب، ومهران بإزائه من وراء الفرات، فأجتمع المسلمون بالبويب ممّا يلى الكوفة اليوم، وأرسل مهران إلى المثنّى يقول: إما أن تعبر إلينا، وإمّا أن نعبر إليك، فقال المثنّى: اعبروا، فعبر مهران فنزل بشاطئ الفرات، وعبّى المثنّى أصحابه، وكان فى شهر رمضان، فأمرهم بالإفطار ليقووا على عدوّهم، فأفطروا، وأقبل الفرس فى ثلاثة صفوف، مع كلّ صفّ فيل، ورجّالتهم أمام فيلهم، ولهم زجل [1] .
فقال المثنّى: إنّ الذى تسمعون فشل، فالزموا الصّمت، ثم التقوا، واقتتلوا أشدّ قتال وأعظمه، فقتل مهران؛ قتله غلام نصرانىّ من تغلب، واستولى على فرسه، فجعل المثنّى سلبه لصاحب خيله، وكان التّغلبى قد جلب خيلا هو وجماعة من تغلب، فلمّا رأوا القتال قاتلوا مع العرب، وانهزمت الفرس، وسبقهم المثنّى إلى الجسر فأفترق الأعاجم مصعدين ومنحدرين، وأخذتهم خيول المسلمين، وقتل منهم قتلى كثيرة، فكانوا يحزرون [2] القتلى مائة ألف، وسمّى ذلك اليوم يوم الأعشار، وأحصى مائة رجل، قتل كلّ رجل منهم عشرة. وتبعهم المسلمون إلى الّليل، ومن الغد إلى الّليل، وأرسل المثنّى الخيل فى طلب العجم، فبلغوا السّيب، وغنموا من الغنائم والسّبى والبقر شيئا كثيرا، فقسّمه المثنّى فيهم، ونفّل أهل البلاء، وأعطى بجيلة ربع الخمس. وأرسل إليه الّذين تبعوا
[1] زجل، أى صوت.
[2]
الحزر: التخمين.