المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر عقد أبى بكر رضى الله عنه الألوية - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ١٩

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء التاسع عشر

- ‌تصدير

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌الباب الثانى من القسم الخامس فى أخبار الخلفاء الراشدين

- ‌ذكر خلافة أبى بكر الصديق وشىء من أخباره وفضائله

- ‌ذكر نبذة من فضائل أبى بكر الصديق ومآثره فى الجاهلية والإسلام

- ‌ذكر صفة أبى بكر الصديق

- ‌ذكر ما ورد من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف أبا بكر على أمته من بعده وحجة من قال ذلك

- ‌ذكر بيعة أبى بكر الصديق رضى الله عنه وخبر السقفية، وما وقع بين المهاجرين والأنصار من التراجع فى الإمارة

- ‌ذكر ما تكلم به أبو بكر الصديق بعد بيعته وما قاله عمر بن الخطاب بعد البيعة الأولى وقبل البيعة الثانية العامة

- ‌ذكر انفاذ جيش أسامة

- ‌ذكر أخبار من ادعى النبوة من الكذابين

- ‌ذكر غزوة أبى بكر وقتاله أهل الردة وعبس وذبيان

- ‌ذكر عقد أبى بكر رضى الله عنه الألوية

- ‌ذكر خبر طليحة الأسدى وما كان من أمره وأمر من اتبعه من قيائل العرب وما آل إليه أمره بعد ذلك

- ‌ذكر خبر تميمم وأمر سجاح ابنة الحارث بن سويد

- ‌ذكر مسير خالد الى البطاح ومقتل مالك بن نويرة

- ‌ذكر خبر مسيلمة الكذاب وقومه من أهل اليمامة

- ‌ذكر الحروب الكائنة بين بين المسلمين وبين مسيلمة وبين أهل اليمامه وقتل مسيلمة

- ‌ذكر خبر ثابت بن قيس بن شماس فى مقتله

- ‌ذكر أهل البحرين ومن ارتد منهم وانضم إلى الحطم وما كان من أمرهم

- ‌ذكر مسير خالد بن الوليد الى العراق

- ‌ذكر وقعة الثنى

- ‌ذكر وقعة الولجة

- ‌ذكر وقعة أليس

- ‌ذكر وقعة فرات بادقلى وفتح الحيرة

- ‌ذكر ما كان بعد فتح الحيرة

- ‌ذكر فتح الأنبار

- ‌ذكر فتح عين التمر

- ‌ذكر خبر دومة الجندل

- ‌ثم كانت وقعة مصيخ

- ‌وقعة الثنى والزميل

- ‌ذكر وقعة الفراض

- ‌ذكر فتوح الشام

- ‌ذكر مسير خالد بن الوليد الى الشام وما فعل فى مسيره إلى أن التقى بجنود المسلمين بالشام

- ‌ذكر وقعة أجنادين

- ‌ذكر وقعة اليرموك

- ‌ذكر ما وقع فى خلافة أبى بكر غير ما ذكرناه

- ‌سنة إحدى عشرة

- ‌سنة اثنتى عشرة

- ‌ذكر وفاة أبى بكر الصديق رضى الله عنه ومدة خلافتة

- ‌ذكر نبذة من أخباره وأحواله ومناقبه رضى الله عنه

- ‌ذكر أولاد أبى بكر وأزواجه

- ‌ذكر أسماء قضاته وعماله وكتابه وحاجبه وخادمه

- ‌ذكر خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه

- ‌ذكر نبذة من فضائل عمر رضى الله عنه ومناقبه

- ‌ذكر صفة عمر رضى الله عنه

- ‌ذكر الفتوحات والغزوات فى خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه

- ‌ذكر فتوح مدينة دمشق

- ‌ذكر شىء مما قبل فى أمر مدينة دمشق ومن بناها

- ‌ذكر غزوة فحل

- ‌ذكر فتح بلاد ساحل دمشق

- ‌ذكر فتح بيسان وطبرية

- ‌ذكر الوقعة بمرج الروم

- ‌ذكر فتح بعلبك وحمص وحماة وشيرز ومعرة النعمان وسلمية واللاذقية وأنطرسوس

- ‌ذكر فتح قنسرين ودخول هرقل القسطنطينية

- ‌ذكر فتح حلب وأنطاكية وغيرهما من العواصم

- ‌ذكر فتح قيسارية وحصن غزة

- ‌ذكر بيسان ووقعة أجنادين وفتح غزة

- ‌ذكر فتح بيت المقدس وهو ايلياء

- ‌ذكر خبر حمص حين قصد هرقل من بها من المسلمين

- ‌ذكر فتح الجزيرة وأرمينية

- ‌ذكر فتوح العراقين وما والاها من بلاد فارس

- ‌ذكر وقعة النمارق

- ‌ذكر وقعة السقاطية بكسكر

- ‌ذكر وقعة الجالينوس

- ‌ذكر وقعة قس الناطف

- ‌ذكر وقعة أليس الصغرى

- ‌ذكر وقعة البويب

- ‌ذكر خبر سوقى الخنافس وبغداد

- ‌ذكر خبر القادسية وأيامها

- ‌ذكر يوم أرماث

- ‌ذكر أغواث

- ‌ذكر يوم عماس، وهو اليوم الثالث

- ‌ذكر ليلة الهرير

- ‌ذكر يوم القادسية وقتل رستم وهزيمة الفرس

- ‌ذكر ما كان بعد القادسية من الحروب والأيام

- ‌يوم برس، ويوم بابل، ويوم كوثى

- ‌ذكر خبر بهرسير وهى المدينة الغربية

- ‌ذكر فتح المدائن الغربية وهى بهرسير

- ‌ذكر فتح المدائن الشرقية التى فيها إيوان كسرى

- ‌ذكر ما جمع من غنائم أهل المدائن وقسمتها

- ‌ذكر وقعة جلولاء وفتح حلوان

- ‌ذكر ولاية عتبة بن غزوان البصرة وفتحه الأبلة

- ‌ذكر فتح تكريت والموصل

- ‌ذكر فتح ما سيذان

- ‌ذكر فتح قرقيسيا

- ‌ذكر فتح الأهواز ومناذر ونهر تيرى

- ‌ذكر صلح الهرمزان وأهل تستر مع المسلمين

- ‌ذكر فتح رامهرمز

- ‌ذكر فتح السوس

- ‌ذكر مصالحة جنديسابور

- ‌ذكر انسياح الجيوش الاسلامية فى بلاد الفرس

- ‌ذكر غزوة فارس من البحرين

- ‌ذكر وقعة نهاوند وفتحها

- ‌ذكر فتح دينور والصيمرة وغيرهما

- ‌ذكر فتح همذان والماهين وغيرهما

- ‌ذكر فتح أصبهان وقم وكاشان

- ‌ذكر فتح قزوين وأبهر وزنجان

- ‌ذكر فتح الرى

- ‌ذكر فتح قومس وجرجان وطبرستان

- ‌ذكر فتح أذربيجان

- ‌ذكر فتح الباب

- ‌ذكر فتح موقان

- ‌ذكر غزو الترك

- ‌ذكر غزو خراسان

- ‌ذكر فتح شهرزور والصامغان

- ‌ذكر فتح توج

- ‌ذكر فتح اصطخر وجور وكازرون والنوبندجان ومدنية شيراز وأرّجان وسينيز وجنابا وجهرم

- ‌ذكر فتح فساودرابجرد

- ‌ذكر فتح كرمان

- ‌ذكر فتح سجستان

- ‌ذكر فتح مكران

- ‌ذكر فتح بيروذ من الأهواز

- ‌ذكر خبر سلمة بن قيس الأشجعى والأكراد

- ‌ذكر فتوح مصر وما والاها

- ‌ذكر مسير عمرو الى مصر

- ‌ذكر حصار القصر وما قيل فى كيفية الاستيلاء عليه وانتقال الروم والقبط إلى الجزيرة

- ‌ذكر ارسال المقوقس الى عمرو فى طلب الصلح وجواب عمرو له واجتماع المقوقس وعبادة بن الصامت

- ‌ذكر مسير عمرو لقتال الروم وما كان من الحروب بينهم إلى أن فتحت الإسكندرية

- ‌ذكر الفتح الثانى وما وجد بالاسكندرية وعدة من ضربت عليه الجزية

- ‌ذكر من قال ان مصر فتحت عنوة

- ‌ذكر أخبار الاسكندرية وبنائها وما اتفق فى ذلك من الأعاجيب

- ‌ذكر تحول عمرو بن العاص من الاسكندرية إلى الفسطاط- واختطاطه

- ‌ذكر خبر أصل النيل وكيف كانت عادة القبط وإبطال عمرو تلك العادة

- ‌ذكر ما قرر فى أمر الجزية من الخراج

- ‌ذكر خبر المقطم

- ‌ذكر خبر خليج أمير المؤمنين

- ‌ذكر الخبر عن فتح الفيوم

- ‌ذكر فتح زويلة وطرابلس الغرب وبرقة وحصن سبرت

- ‌ذكر الغزوات إلى أرض الروم

- ‌ذكر ما اتفق فى خلافة عمر بن الخطاب غير الفتوحات والغزوات

- ‌ذكر فرض العطاء وعمل الديوان

- ‌ذكر بناء الكوفة والبصرة

- ‌ذكر عزل خالد بن الوليد

- ‌ذكر بناء المسجد الحرام

- ‌ذكر عزل المغيرة بن شعبة

- ‌سبب ولاية كعب بن سور قضاء البصرة

- ‌ذكر القحط وعام الرمادة

- ‌ذكر طاعون عمواس وتسمية من مات فيه

- ‌ذكر قدوم عمر الى الشام بعد الطاعون

- ‌ذكر اجلاء يهود خيبر منها

- ‌ذكر عزل سعد بن أبى وقاص عن الكوفة ومن ولى بعده فى هذه السنة

- ‌ذكر خبر مقتل عمر بن الخطاب ومدة خلافته

- ‌ذكر قصة الشورى

- ‌ذكر أولاد عمر بن الخطاب رضى الله عنه وعنهم وأزواجه

- ‌ذكر عمال عمر رضى الله عنه وعنهم على الامصار

- ‌كتابه

- ‌قضاته

- ‌ذكر خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه

- ‌ذكر صفته ونبذة من فضائله

- ‌ذكر بيعة عثمان رضى الله عنه

- ‌ذكر الفتوحات والغزوات فى خلافة عثمان

- ‌ذكر خلاف أهل الاسكندرية

- ‌ذكر غزو ارمينية وغيرها وما وقع من الصلح

- ‌ذكر غزو معاوية الروم

- ‌ذكر فتح كابل

- ‌ذكر غزو افريقية وفتحها

- ‌ذكر فتح جزيرة قبرس

- ‌ذكر نقض أهل فارس وغيرهم وفتح إصطخر ودرابجرد

- ‌ذكر غزو طبرستان

- ‌ذكر غزو الصوارى

- ‌ذكر مقتل يزدجرد آخر ملوك بنى ساسان

- ‌ذكر فتح خراسان

- ‌ذكر فتح كرمان

- ‌ذكر فتح سجستان وكابل وغيرها

- ‌ذكر خروج قارن ببلاد خراسان وقتله

- ‌ذكر ما وقع فى خلافة عثمان غير الغزوات والفتوحات على حكم السّنين

- ‌سنة أربع وعشرين

- ‌سنة خمس وعشرين

- ‌سنة ست وعشرين

- ‌سنة سبع وعشرين

- ‌سنة ثمان وعشرين

- ‌سنة تسع وعشرين

- ‌ذكر عزل أبى موسى الأشعرى عن البصرة وعثمان بن العاص عن عمان والبحرين واستعمال عبد الله بن عامر على ذلك

- ‌ذكر الزيادة فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر اتمام عثمان الصلاة وما تكلم الناس به فى ذلك

- ‌سنة ثلاثين

- ‌ذكر عزل الوليد بن عقبة عن الكوفة وولاية سعيد بن العاص

- ‌ذكر جمع القرآن

- ‌ذكر سقوط خاتم النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر خبر أبى ذر الغفارى فى اخراجه الى الربذة

- ‌سنة احدى وثلاثين

- ‌سنة اثنتين وثلاثين

- ‌ذكر وفاة عبد الرحمن بن عوف وشىء من أخباره ونسبه

- ‌سنة ثلاث وثلاثين ذكر خبر من سار من أهل الكوفة إلى الشام وما كان من أمرهم

- ‌سنة أربع وثلاثين ذكر خبر يوم الجرعة وعزل سعيد وخروجه عن الكوفة واستعمال أبى موسى الأشعرىّ

- ‌ذكر ابتداء الخلاف على عثمان

- ‌ذكر كلام على لعثمان وجوابه له

- ‌ذكر ارسال عثمان الى الأمصار ليأتوه بأخبار عماله

- ‌سنة خمس وثلاثين

- ‌ذكر مقتل عثمان رضى الله عنه

- ‌ذكر أزواج عثمان وأولاده

- ‌كتابه وقضاته وحجابه وأصحاب شرطته

- ‌ذكر عماله على الأمصار فى سنة مقتله

- ‌ذكر شىء مما رثى به عثمان من الشعر

- ‌فهرس الجزء التاسع عشر

الفصل: ‌ذكر عقد أبى بكر رضى الله عنه الألوية

‌ذكر عقد أبى بكر رضى الله عنه الألوية

وتجهيزه الجيوش لقتال أهل الردة وما كاتب به من ارتد وما عهد.

قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبرىّ رحمه الله فى تاريخه [1] ما مختصره ومعناه: لما رجع أبو بكر رضى الله عنه إلى المدينة، وأراح أسامة وجنده ظهرهم [وجمّوا][2] ، وقد جاءت صدقات كثيرة تفضل عنهم، قطع أبو بكر البعوث وعقد الألوية، فعقد أحد عشر لواء:

عقد لخالد بن الوليد، وأمره بطليحة؛ فإذا فرغ سار إلى مالك ابن نويرة بالبطاح إن أقام له.

وعقد لعكرمة وأمره بمسيلمة الكذّاب باليمامة.

وعقد للمهاجر بن أبى أميّة، وأمره بجنود العنسى ومعونة الأبناء على قيس بن المكشوخ، ومن أعانه من أهل اليمن عليهم، ثم يمضى إلى كندة بحضرموت.

وعقد لخالد بن سعيد بن العاص، وبعثه إلى الحمقتين من مشارف الشام.

وعقد لعمرو بن العاص وأرسله إلى جماع قضاعة ووديعة والحارث.

وعقد لحذيفة بن محصن الغلفانىّ، وأمره بأهل دبا.

[1] تاريخ الطبرى 3: 249 وما بعدها.

[2]

زيادة من تاريخ الطبرى.

ص: 64

ابن هرثمة، وأمره بمهرة وأمرهما أن يجتمع كل واحد منها فى عمله.

وبعث شرحبيل بن حسنة فى أثر عكرمة بن أبى جهل وقال:

إذا فرغ من اليمامة فالحق بقضاعة؛ وأنت على خيلك تقاتل أهل الرّدّة.

وعقد لمعن بن حاجز- ويقال: لطريفة بن حاجز- وأمره ببنى سليم ومن معهم من هوازن.

وعقد لسويد بن مقرّن؛ وأمره بتهامة اليمن.

وعقد للعلاء بن الحضرمىّ، وأمره بالبحرين.

ففصلت الأمراء من ذى القصّة، ولحق بكلّ أمير جنده، وعهد إلى كلّ أمير منهم، وكتب رضى الله عنه إلى سائر من ارتد نسخة واحدة، وهى:

بسم الله الرّحمن الرّحيم من أبى بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من بلغه كتابى هذا من عامّة أو خاصة. أقام على إسلامه أو رجع عنه.

سلام على من اتبع الهدى، ولم يرجع بعد الهدى إلى الضّلالة والعمى، فإنى أحمد الله إليكم الذى لا إله إلّا هو، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمدا عبده ورسوله، وأقرّ بما جاء به.

أما بعد؛ فإنّ الله أرسل محمدا بالحقّ من عنده إلى خلقه بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا؛ لينذر من كان حيّا.

ص: 65

ويحقّ القول على الكافرين، فهدى الله للحقّ من أجاب إليه، وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بإذنه من أدبر عنه؛ حتّى صار إلى الإسلام طوعا وكرها، ثم توفّى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نفذ لأمر الله، ونصح لأمّته، وقضى الذى عليه.

وكان الله قد بيّن له ذلك ولأهل الإسلام فى الكتاب الذى أنزله؛ فقال: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ

[1]

، وقال: وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ

[2]

، وقال للمؤمنين:

وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ

. [3]

فمن كان إنما يعبد محمدا، صلى الله عليه وسلم؛ فإنّ محمدا قد مات، ومن كان إنّما يعبد الله وحده لا شريك له، فإنّ الله له بالمرصاد، حىّ قيّوم لا يموت، ولا تأخذه سنة ولا نوم، حافظ لأمره، منتقم من عدوّه، يجزيه.

وإنى أوصيكم بتقوى الله، وحظّكم ونصيبكم من الله، وما جاء به نبيكم، وأن تهتدوا بهداه، وأن تعتصموا بدين الله، فإنّ كل من لم يهده الله ضالّ، وكل من لم يعافه الله مبتلى، وكل من لم يعنه الله مخذول.

فمن هداه الله كان مهتديا، ومن أضلّه الله كان ضالّا، فإنّه قال

[1] سورة الزمر 30.

[2]

سورة الأنبياء 34.

[3]

سورة آل عمران 144.

ص: 66

مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً

[1]

.

ولم يقبل منه فى الدّنيا عمل حتى يقرّبه، ولم يقبل له فى الآخرة صرف ولا عدل.

وقد بلغنى رجوع من رجع منكم عن دينه بعد أنّ أقرّ بالإسلام، وعمل به اغترارا بالله وجهالة بأمره، وإجابة للشيطان.

وقال الله جلّ ثناؤه: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ، أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا

. [2]

وقال: إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ

[3]

.

وإنّى بعثت إليكم فلانا فى جيش من المهاجرين والأنصار والتّابعين لهم بإحسان، وأمرته ألّا يقاتل أحدا ولا يقتله حتى يدعوه إلى داعية الله، فمن استجاب له وأقرّ وكفّ، وعمل صالحا قبل منه، وأعانه عليه، ومن أبى أمرت أن يقاتله على ذلك، ثم لا يبقى على أحد منهم قدر عليه، وأن يحرقهم بالنيران ويقتلهم كل قتلة، ويسبى النساء والذرارىّ، ولا يقبل من أحد إلا الإسلام.

فمن اتّبعه فهو خير له، ومن تركه فلن يعجز الله، وقد أمرت رسولى أن يقرأ كتابى فى كلّ مجمع لكم.

والدّاعية الأذان؛ فإذا أذّن المسلمون فأذّنوا كفّوا عنهم، وإن لم

[1] سورة الكهف 17.

[2]

سورة الكهف 50.

[3]

سورة فاطر 6.

ص: 67

يؤذّنوا عاجدوهم؛ وإن أذّنوا اسألوهم ما علّتهم، فإن أبوا عاجلوهم، وإن أقرّوا قبل منهم وحملهم على ما ينبغى لهم.

قال: فنفذت الرّسل بالكتب أمام الجنود، وخرجت الأمراء ومعهم العهود.

بسم الله الرحمن الرحيم هذا عهد من أبى بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فلان؛ حين بعثه فيمن بعث لقتال من رجع عن الإسلام؛ عهد [1] إليه أن يتّقى الله ما استطاع فى أمره كلّه؛ سرّه وعلانيته، وأمره بالجدّ فى الله ومجاهدة من تولّى عنه، ورجع عن الإسلام، فإن أجابوه أمسك عنهم، وإن لم يجيبوه شنّ غارته عليهم حتى يقرّوا له، ثم ينبّئهم بالّذى عليهم والذى لهم، ويأخذ ما عليهم، ويعطيهم الذى لهم؛ لا ينظرهم، ولا يردّ المسلمين عن قتال عدوّهم، فمن أجاب إلى أمر الله وأقرّ له قبل ذلك منه، وأعانه عليه بالمعروف [وإنّما يقاتل من كفر بالله على الإقرار بما جاء من عند الله][2] ، وإذا أجاب الدّعوة لم يكن عليه سبيل، وكان الله حسيبه فيما استسر به، ومن لم يجب داعية الله قتل وقوتل حيث كان، وحيث بلغ مراغمه [3] ؛ لا يقبل من أحد شيئا أعطاه إلّا الإسلام، فمن أجابه وأقرّ قبل منه وعلّمه، ومن أبى قاتله؛ فإن أظهره الله [عليه][2] قتل منهم كلّ

[1] الطبرى: «وعهد إليه» .

[2]

زيادة من تاريخ الطبرى.

[3]

المراغم: المهرب والمذهب ولحصن.

ص: 68