الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من انهزم يعرّفونه بسلامتهم، وأنّه لا مانع دون القوم، ويستأذنونه فى الإقدام، فأذن لهم، فأغاروا حتى بلغوا ساباط؛ فتحصّن أهله منهم، وأستباحوا القرى، ورجعت مسالح الفرس إليهم، وسرّهم أن يتركوا ما وراء دجلة.
ذكر خبر سوقى الخنافس وبغداد
قال [1] : ثم خلّف المثنّى بالحيرة بشير بن الخصاصيّة، وسار يمخر السّواد، وأرسل إلى ميسان ودست ميسان، وأدنى المسالح، ونزل ألّيس (قرية من قرى الأنبار) ، وجاء المثنّى رجلان أحدهما أنبارىّ فدلّه على سوق الخنافس، والثانى حيرىّ ودلّه على سوق بغداد، فبدأ بسوق الخنافس؛ لأنّها كانت تقوم قبل سوق بغداد، وكان يجتمع بها تجّار مدائن كسرى والسّواد، وتخفرهم ربيعة وقضاعة؛ فأغار المثنّى على الخنافس يوم سوقها، فانتسف السّوق وما فيها، وسلب الخفراء، ثم رجع فأتى الأنبار، فنزل أهلها إليه، وأتوه بالأعلاف والزّاد، وأخذ منهم الأدلّاء على سوق بغداد، وسار ليلا، فصبّحهم فى أسواقهم فوضع السّيف فيهم، وأخذ ما شاء، وقال لأصحابه: لا تأخذوا إلّا الذهب والفضّة والحرّ من كلّ شىء، ثم عاد راجعا حتى أتى الأنبار، وكان من خلفه من المسلمين يمخرون السّواد، ويشنّون الغارات ما بين أسفل كسكر وأسفل الفرات، وجسور مثقب إلى عين التّمر، ولمّا رجع المثنّى إلى الأنبار بعث المضارب [2] إلى الكباث، وعليه فارس العنّاب التّغلبىّ، ثم لحقهم
[1] تاريخ ابن الأثير 2: 306، الطبرى 3:472.
[2]
ابن الأثير: «المضارب العجلى» .
المثنّى فسار معهم، فوجدوا الكباث وقد سار من كان به عنه، فسار المسلمون خلفهم، فقتلوا فى أخريات أصحاب فارس العناب، وأكثروا القتل ورجعوا إلى الأنبار، وسرّح المثنّى فرات بن حيّان التغلبى وعتيبة بن النّهاس، وأمرهما بالغارة على أحياء بنى تغلب بصفّين، ثم اتّبعهما واستخلف على النّاس عمرو بن أبى سلمى الهجيمىّ، فلما دنوا من صفّين فرّ من بها، وعبروا الفرات إلى الجزيرة وفنى الزّاد الّذى كان مع المثنّى وأصحابه، فأكلوا رواحلهم إلّا ما لا بدّ منه حتّى جلودها، ثم أدركوا عيرا من أهل دبا وحوران فقتلوا من بها، وأخذوا ثلاثة نفر من تغلب كانوا خفراء، وأخذوا العير فقال لهم المثنّى: دلّونى؛ فقال أحدهم: أمّنونى على أهلى ومالى، وأدلّكم على حىّ من تغلب، فأمّنه المثنّى، وسار بهم يومه، فهجم العشىّ على القوم والنّعم صادرة عن الماء، وأصحابها جلوس بأفنية البيوت، فقتل المقاتلة، وسبى الذّرّية، واستاق الأموال.
وأخبر المثنّى أنّ جمهور من سلك البلاد قد انتجع شاطئ دجلة؛ فخرج المثنّى وعلى مجنّبتيه النّعمان بن عوف ومطر الشّيبانيّان، وعلى مقدّمته حذيفة بن محصن الغلفانىّ، فساروا فى طلبهم فأدركوهم بتكريت، فأصابوا ما شاءوا من النّعم، وعادوا إلى الأنبار.
ومضى عتيبة وفرات ومن معهما حتّى أغاروا على صفّين، وبها النمر وتغلب متساندين، فأغاروا عليهم حتى رموا طائفة منهم فى الماء، فجعلوا ينادونهم: الغرق الغرق! وجعل عتيبة وفرات يذمران [1]
[1] يذمران: يحضان.