الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر غزوة أبى بكر وقتاله أهل الردة وعبس وذبيان
قالوا: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ارتدّت العرب كلّها إلا قريشا وثقيفا، وأتت وفود العرب إلى أبى بكر الصّديق رضى الله عنه مرتدّين يقرّون بالصّلاة، ويمنعون الزكاة، فلم يقبل ذلك منهم وردّهم، وقال: والله لو منعونى عقالا [1] كانوا يؤدّونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها. وخرج فى جمادى الآخرة منها، واستخلف على المدينة أسامة بن زيد، وقيل: سنانا الضّمرىّ، وسار فنزل بذى القصّة [2] .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث نوفل بن معاوية الدّيلمىّ [3] على الصّدقة، فلقيه خارجة بن حصين بالشّربّة [4] ، فأخذ ما فى يديه وردّه على بنى فزارة، ورجع نوفل إلى أبى بكر بالمدينة.
فأوّل حرب كانت فى الرّدة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حرب العنسىّ باليمن، ثم حرب خارجة بن حصين ومنظور بن زبان بن سيار فى غطفان، والمسلمون غارّون [5] ، فانحاز أبو بكر إلى أكمة فاستتر بها، ثم هزم الله المشركين.
[1] العقال: الحبل الذى يعقل به البعير الذى كان يؤخذ فى الصدقة.
[2]
ذو القصة: موضع بينه وبين المدينة أربعة وعشرون ميلا.
[3]
ص: «الديلى» .
[4]
الشربة: موضع فى بلاد نجد.
[5]
غارون: غافلون، وفى ك:«غازون» .
وروى أن أوّل غزاة غزاها أبو بكر، كانت إلى بنى عبس وذبيان، وأنه قاتلهم وهزمهم، وأتبعهم حتى نزل بذى القصّة، وكان ذلك أول الفتح، ووضع أبو بكر رضى الله عنه بها النعمان بن مقرّن فى عدد ورجع إلى المدينة، فوثب بنو عبس وذبيان على من فيهم من المسلمين فقتلوهم. فحلف أبو بكر رضى الله عنه: ليقتلنّ فى المشركين بمن قتلوا من المسلمين وزيادة.
وقدمت رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن واليمامة وبلاد بنى أسد، ووفود من كان كاتبه النبى صلى الله عليه وسلم.
وأمر أمره فى الأسود ومسيلمة وطلحة بالأخبار والكتب، فدفعوا كتبهم إلى أبى بكر، وأخبروه الخبر؛ فقال لهم: لا تبرحوا حتى تجىء رسل أمرائكم وغيرهم بأدهى مما وصفتم، وأمرّ بانتقاض الأمور؛ فلم يلبثوا أن قدمت كتب أمراء النبى صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلّم من كلّ مكان بانتقاض، عامة أو خاصّة، وتبسّط [1] من ارتدّ على المسلمين بأنواع الميل.
فحاربهم أبو بكر رضى الله عنه بما كان النبىّ صلى الله عليه وسلم [يحاربهم][2] ، حاربهم بالرسل، فردّ رسلهم، وأتبع الرسل رسلا، وانتظر بمصادمتهم قدوم أسامة بن زيد، وطرقت المدينة صدقات نفر كانوا على الصّدقة؛ وهم صفوان بن صفوان، والزّبرقان بن
[1] ك: «وبسط» .
[2]
تكملة من ص.
بدر، وعدىّ بن حاتم؛ فازداد المسلمون قوّة، ثم قدم أسامة بن زيد، فاستخلفه أبو بكر على المدينة ومعه جنده ليستريحوا.
ثم خرج بمن كان معه، فناشده المسلمون ليقيم، فأبى وقال:
لأواسينّكم بنفسى، فسار إلى حسى وذى القصّة حتى نزل بالأبرق، فقاتل من به من المشركين فهزمهم، وأخذ الحطيئة أسيرا، وأقام بالأبرق أياما ثم رجع إلى المدينة، ولحق من انهزم من عبس وذبيان وطليحة.
وروى عن هشام بن عروة عن أبيه أنّ أوّل من صادم أبو بكر رضى الله عنه بنى عبس وذبيان، عاجلوه، فقاتلهم قبل رجوع أسامة.
ولما قدم أسامة استخلف على المدينة، ومضى حتى انتهى إلى الرّبذة، فتلقّى بنى عبس وذبيان وجماعة من بنى عبد مناة بن كنانة، فلقيهم بالأبرق، فقاتلهم فهزمهم الله عز وجل وفلّهم، ثم رجع إلى المدينة فعقد الألوية [1] .
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
[1] تاريخ الطبرى 3: 241- 249.