الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم يفلت من عسكره إلا الشّريد، وغنم المسلمون ما معهم، فقسّمه يزيد فى أصحابه وأصحاب خالد، وعاد يزيد إلى دمشق، ورجع خالد إلى أبى عبيدة، فوجده قد قاتل شنس بمرج الروم، فقتلت الروم مقتلة عظيمة، وقتل شنس، وتبعهم المسلمون إلى حمص بالسير إليها، وسار هو إلى الرّيف، وسار أبو عبيدة إلى حمص.
ذكر فتح بعلبك وحمص وحماة وشيرز ومعرة النعمان وسلمية واللاذقية وأنطرسوس
قال [1] : وفى سنة خمس عشرة سار أبو عبيدة إلى حمص بعد وقعة ملك الروم، فسلك طريق بعلبك وحصرها، فطلب أهلها الأمان فأمّنهم وصالحهم، وسار عنهم ونزل حمص ومعه خالد بن الوليد، فقاتل أهلها، ولقى المسلمون بردا شديدا، وحاصر الرّوم حصارا طويلا، وكان هرقل قد أرسل إليهم يعدهم المدد، وأمر أهل الجزيرة جميعها بالتّجهيز إلى حمص، وسيّر سعد بن أبى وقاص السرايا من العراق إلى هيت فحصرها، وسار بعضهم إلى قرقيسياء فتفرق أهل الجزيرة، وعادوا عن نجدة أهل حمص، وكان أهل حمص يقولون: تمسّكوا بالمدينة [2] فإنّهم حفاة، فإذا أصابهم البرد تقطّعت أقدامهم، فكانت أقدام الروم تسقط ولا يسقط للمسلمين إصبع، فلما خرج الشتاء قام شيخ من الرّوم، ودعاهم إلى مصالحة المسلمين، فلم يجيبوه، وقام آخر فلم يجيبوه، فكبّر المسلمون تكبيرة
[1] ابن الأثير 2: 341.
[2]
ابن الأثير: «بمدينتكم» .
فانهدم كثير من دور حمص، وتزلزلت حيطانهم، وكبّروا الثانية والثالثة، فأصابهم أعظم من ذلك، وخرج أهلها يطلبون الصلح، ولم يعلم المسلمون بما حدث فيهم، فصالحوهم على صلح دمشق.
وأنزلها أبو عبيدة السّمط بن الأسود الكندىّ فى بنى معاوية، والأشعث ابن ميناس فى السّكون، والمقداد فى بلىّ؛ وغيرهم، وبعث بالأخماس إلى عمر مع عبد الله بن مسعود.
ثم استخلف أبو عبيدة على حمص عبادة بن الصّامت. وسار إلى حماة، فتلقاه أهلها مذعنين، فصالحهم على الجزية عن رءوسهم، والخراج عن أرضهم، ومضى نحو شيزر، فخرجوا إليه فصالحهم على مثل صلح أهل حماة.
وسار إلى معرّة النعمان- وكانت تعرف بمعرّة حمص، ونسبت بعد ذلك إلى النّعمان بن بشير الأنصارى، فصالحوه على مثل صلح أهل حمص.
ثم أتى اللّاذقية فقاتله أهلها، وكان لها باب عظيم يفتحه جمع من الناس، فعسكر المسلمون على بعد منها، ثم أمر فحفر حفائر عظيمة، تستر الحفرة منها الفارسين، ثم أظهروا أنهم عائدون عنها، ورحلوا، فلمّا أجنّهم الليل عادوا، واستتروا فى تلك الحفائر، وأصبح أهل اللاذقيّة [وهم يرون أن المسلمين قد انصرفوا][1] ، فأخرجوا سرحهم، وانتشروا بظاهر البلد، فلم يرعهم إلّا والمسلمون يصيحون بهم، ودخلوا المدينة معهم،
[1] تكملة من ص.