الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر أولاد عمر بن الخطاب رضى الله عنه وعنهم وأزواجه
تزوّج رضى الله عنه فى الجاهليّة زينب بنت مظعون بن حبيب ابن وهب بن حذافة بن جمح، فولدت له عبد الله وعبد الرحمن الأكبر وحفصة أمّ المؤمنين رضى الله عنهم.
وتزوّج مليكة بنت جرول الخزاعىّ فى الجاهليّة [فولدت له عبيد الله ففارقها فى الهدنة، وقيل: كانت أمّ عبد الله وأمّ زيد الأصغر أمّ كلثوم بنت جرول الخزاعىّ][1] . وكان الإسلام فرّق بينها وبين عمر.
وتزوّج قريبة بنت أبى أميّة المخزومىّ فى الجاهليّة، ففارقها فى الهدنة أيضا، فتزوّجها بعده عبد الرحمن بن أبى بكر الصّديق رضى الله عنه. وفريبة أخت أمّ سلمة زوج النبىّ صلى الله عليه وسلم.
وتزوّج أمّ حكيم بنت الحارث بن هشام المخزومىّ فى الإسلام، فولدت له فاطمة، فطلّقها، وقيل: لم يطلّقها.
وتزوّج جميلة بنت عاصم بن ثابت بن أبى الأقلح الأوسىّ فى الإسلام، فولدت له عاصما فطلّقها، وقيل: لم يطلّقها.
وتزوّج أمّ كلثوم بنت علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، وأمّها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصدقها أربعين ألفا فولدت رقيّة وزيدا.
[1] من ص.
وتزوّج لهيّة [1] ، امرأة من اليمن، فولدت له عبد الرحمن الأوسط، وقيل الأصغر. وقيل: كانت أمّ ولد، وكانت عنده فكيهبة أمّ ولد فولدت له زينب، وهى أصغر ولد عمر.
وتزوّج عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، وقد تقدّم خبرها عند ذكر عبد الله بن أبى بكر.
ومن أولاده رضى الله عنه: عبد الرّحمن، وكنيته أبو شحمة؛ وقيل: إنه كان له ولد يقال له: مجبّر.
ولنفصّل هذا الفصل بذكر شىء من أخبار من أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم من أولاد عمر، ومن ولد فى حياته [أما عبد الله بن عمر رضى الله عنهما فإنّه أسلم مع أبيه، وهو صغير لم يبلغ الحلم وكان أول مشاهده][2] الخندق.
وقيل: أحد؛ لأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ردّه يوم بدر لصغر سنّه، وشهد الحديبية، وكان رضى الله عنه من أهل الورع والعلم، كثير الاتّباع لآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، شديد التّحرّى والاحتياط فى فتواه. وكان لا يتخلّف عن السّرايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير الحجّ.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحفصة بنت عمر: «إن أخاك عبد الله رجل صالح لو كان يقوم من اللّيل»
، فما ترك بعدها قيام الليل. وقعد عن حرب علىّ لمّا أشكلت عليه لورعه، ثم ندم على ذلك
[1] ك. «لهبة» .
[2]
من ص.
حين حضرته الوفاة، فقال: ما أجد فى نفسى من أمر الدّنيا شيئا إلا أنّى لم أقاتل مع علىّ الفئة الباغية.
قال ميمون بن مهران: ما رأيت أورع من ابن عمر، ولا أعلم من ابن عبّاس.
وأفتى فى الإسلام ستّين سنة، ونشر نافع عنه علما جمّا.
وروى عن يوسف بن الماجشون، عن أبيه وغيره: أنّ مروان بن الحكم دخل فى نفر على عبد الله بن عمر بعد ما قتل عثمان، فعرضوا عليه أن يبايعوا له، فقال: كيف لى بالنّاس؟ قال: تقاتلهم ونقاتل معك، قال: والله لو اجتمع علىّ أهل الأرض، إلا أهل فدك ما قاتلتهم فخرجوا من عنده ومروان يقول:
إنى أرى فتنة تغلى مراجلها
…
والملك بعد أبى ليلى لمن غلبا
قال: وكانت وفاة عبد الله بمكّة سنة ثلاث وسبعين، بعد قتل ابن الزّبير بثلاثة أشهر أو نحوها، وقيل: ستّة أشهر، وأوصى أن يدفن فى الحلّ، فلم يقدر على ذلك من أجل الحجاج، فدفن بذى طوى، بمقبرة المهاجرين.
وكان الحجاج قد أمر رجلا فسمّ زجّ رمحه، وزحمه فى الطّريق، ووضع الزّجّ فى ظهر قدمه؛ وذلك أنّ الحجاج خطب يوما، وأخّر الصّلاة، فقال ابن عمر: إنّ الشّمس لا تنتظرك، فقال الحجّاج:
لقد هممت أن أضرب الذى فيه عيناك. فقال: إن تفعل فإنّك سفية سلط [1] . وقيل: إنّه أخفى قوله ذلك عن الحجّاج فلم يسمعه.
[1] السلط والسليط: الطويل اللسان.
وكان عبد الله يتقدّم فى المواقف بعرفة وغيرها [إلى المواضع][1] الّتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقف فيها، فكان ذلك يعزّ على الحجّاج، فأمر الحجاج رجلا معه حربة مسمومة، فلما دفع النّاس من عرفة، لصق به ذلك الرّجل، فأمرّ الحربة على قدمه وهو فى غرز راحلته، فمرض منها إيّاما، فدخل عليه الحجّاج يعوده، فقال: من فعل ذلك بك يا أبا عبد الرّحمن؟ قال: وما تصنع به؟ قال: قتلنى الله إن لم أقتله.
قال: ما أراك فاعلا، أنت الذى أمرت الّذى نخسنى بالحربة. قال لا نفعل يا أبا عبد الرحمن وخرج عنه. وقيل: إنّه قال للحجّاج: إذ قال له: من فعل بك؟ قال: أنت الّذى أمرت بإدخال السّلاح فى الحرم، فلبث أيّاما ثم مات رضى الله عنه، وصلّى عليه الحجّاج.
وأما عبد الرّحمن الأكبر، فإنّه أدرك لسنّه رسول الله صلّى الله عليه ولم يحفظ عنه.
وعبد الرحمن الأوسط وهو أبو شحمة هو؛ الذى ضربه عمرو ابن العاص بمصر فى الخمر، ثم حمله إلى المدينة فضربه أبوه أدب الوالد، ثم مرض ومات بعد شهر.
كذا رواه معمر عن الزّهرىّ، عن سالم، عن أبيه، وأهل العراق! يقولون: إنّه مات تحت سياط عمر.
قال ابن عبد البرّ: وذلك غلط. وقال الزّبير: أقام عليه عمر حدّ الشراب، فمرض ومات وعبد الرحمن الأصغر، هو أبو المجبّر، واسم المجبّر عبد الرحمن
[1] من ص.
ابن عبد الرحمن بن عمر، سمّى المجبّر لأنّه وقع وهو غلام فتكسّر، فأتى به إلى عمته حفصة أمّ المؤمنين، فقيل لها: انظرى إلى ابن أخيك المكسّر فقالت: ليس بالمكسّر ولكنّه المجبّر.
وقال الزّبير: هلك عبد الرحمن الأصغر، وترك ابنا صغيرا، أو حملا، فسمّته حفصة: عبد الرحمن، ولقّبته المجبّر، «وقالت:
لعلّ الله يجبره.
وعبيد الله بن عمر ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينقل أنّه روى عنه، ولا سمع منه، وهو الّذى حدّه عمر فى شرب الخمر، وهو الّذى وثب على الهرمزان فقتله، وقتل معه نصرانيّا اسمه جفينة من أهل الحيرة، وقد اتهمهما أنّهما أغريا أبا لؤلؤة بقتل عمر. وقتل أيضا ابنة لأبى لؤلؤة طفلة، ولما ضرب الهرمزان بالسّيف قال: لا إله إلّا الله، فلمّا قتل هؤلاء أخذه سعد ابن أبى وقّاص وحبسه فى داره، وأحضره عند عثمان. وكان عبيد الله يقول: والله لأقتلنّ رجالا ممّن شرك فى دم أبى، يعرّض بالمهاجرين والأنصار.
قالوا: وإنّما قتل هؤلاء، لأنّ عبد الرحمن أبى بكر قال غداة قتل عمر: رأيت عشيّة أمس الهرمزان، وأبا لؤلؤة، وجفينة، وهم يتناجون، فلمّا رأونى ثاروا، وسقط منهم خنجر له رأسان، نصابه فى وسطه، وهو الخنجر الذى ضرب به عمر، فقتلهم عبيد الله.
فلمّا أحضره عثمان قال: أشيروا علىّ فى هذا الّذى فتق فى الإسلام ما فتق، فقال علىّ: أرى أن تقتله. فقال بعض المهاجرين: قتل
عمر أمس، ونقتل ابنه اليوم! فقال عمرو بن العاص: إنّ الله قد أعفاك أن يكون لك هذا الحدث، ولك على المسلمين سلطان. فقال عثمان: أنا وليّه، وقد جعلتها دية، واحتملتها [1] فى مالى.
وقيل فى فداء عبيد الله غير ذلك.
[قال القماذيان بن الهرمزان [2]] : كانت العجم بالمدينة يستروح [3] بعضها إلى بعض، فمرّ فيروز بأبى، ومعه خنجر له رأسان، فتناوله منه، وقال له: ما تصنع به؟ قال: أسنّ به، فرآه رجل، فلمّا أصيب عمر قال: رأيت الهرمزان دفعه إلى فيروز، فأقبل عبيد الله فقتله.
فلمّا ولّى عثمان أمكننى منه، فخرجت به وما فى الأرض أحد إلّا معى، إلّا أنّهم يطلبون إلىّ فيه، فقلت لهم: ألى قتله؟ قالوا: نعم، وسبّوا عبيد الله، قلت: أفلكم منعه؟ قالوا: لا، وسبّوه، فتركته لله ولهم، فحملونى، فو الله ما بلغت المنزل إلّا على رءوس النّاس.
والأوّل أصح وأشهر؛ لأنّ عليّا لما ولى الخلافة أراد قتل عبيد الله، فهرب منه إلى معاوية بالشّام، ولو كان إطلاقه بأمر ولىّ الدّم لم يعرض له علىّ رضى الله عنه.
قال أبو عمر: وكان عبيد الله من أنجاد قريش وفرسانهم، قتل بصفّين مع معاوية، وكان يومئذ على الخيل، فرماه أبو زبيد الطائىّ.
[1] ك: «وأحتملها» .
[2]
من ص.
[3]
ك: «يتزوج» .
وقيل: كان قد خرج فى اليوم الذى قتل فيه، وجعل امرأتين له بحيث تنظران إلى فعله وهما: أسماء بنت عطارد بن حاجب التّميمىّ، وبحريّة بنت هانئ بن قبيصة، فلمّا برز شدّت عليه ربيعة فنشب [1] بينهم فقتلوه، وكان على ربيعة يومئذ زياد بن خصفة التّميمىّ، فقيل له: إنّ هذه بحريّة، فسقط عبيد الله ميّتا قرب فسطاطه، وقد بقى طنب من طنبة الفسطاط لا وتد له، فجرّوه، وشدّوا الطّنب برجله، وأقبلت امرأتاه حتّى وقفتا عليه، فبكتا وصاحتا، فخرج زياد بن خصفة [فقيل له: إن هذه بحرية بنت هانئ] [2] فقال: ما حاجتك يا بنت أخى؟ فقالت: زوجى قتل، تدفعه إلىّ، قال:
نعم، فخذيه، فحملته على بغل، فذكر أنّ يديه ورجليه خطّتا على الأرض من فوق البغل [3] ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصّواب، وهو حسبى ونعم الوكيل، وصلّى الله على سيّدنا محمّد.
[1] ك: «فثبت» .
[2]
من ص الاستيعاب.
[3]
الاستيعاب 1011، 1012.