الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر الفتح الثانى وما وجد بالاسكندرية وعدة من ضربت عليه الجزية
قال:: ولمّا [1] فتحت، الإسكندريّة هرب الرّوم منها فى البرّ والبحر، فخلّف عمرو من أصحابه بها ألف رجل، ومضى فى طلب من انهزم من الروم فى البر، فرجع من كان هرب منهم فى البحر إلى الإسكندرية، فقتلوا من كان بها من المسلمين إلّا من هرب منهم، وبلغ ذلك عمرا، فكرّ راجعا إليها، ثأتاد رجل يقال له ابن بسّامة، كان بوابا بالإسكندريّة، فسأل عمرا أن يؤمنّه على نفسه وأرضه وأهل بيته ويفتح له الباب، فأجابه عمرو إلى ذلك، ففتح له ابن بسّامة، فدخل عمرو، وكان مدخله من ناحية القنطرة التى يقال لها قنطرة سليمان، وكان مدخله الأوّل من باب المدينة الذى من ناحية كنيسة الذّهب، ووفى عمرو لابن بسّامة [2] .
وبعث عمرو إلى عمر بن الخطّاب معاوية بن حديج بشيرا بالفتح، فقال معاوية: ألا تكتب معى كتابا؟ فقال عمرو: وما أصنع بالكتاب! ألست رجلا عربيا تبلّغ الرسالة، وما رأيت وحضرت! فقدم على عمر فأخبره [3] الخبر، فخرّ ساجدا، وجمع النّاس وأخبرهم، ثمّ كتب عمرو بعد ذلك إلى عمر:
[1] ابن عبد الحكم: ص 80 وما بعدها.
[2]
بعدها فى ابن عبد الحكم: «وقد بقى لابن بسامة عقب بالإسكندرية إلى اليوم» .
[3]
ابن عبد الحكم: «فلما قدم على عمر أخبره بفتح الإسكندرية» .
أمّا بعد، فإنّى قد فتحت مدينة لا أصف ما فيها؛ غير أنّى أصبت فيها أربعة آلاف بنية [1] ، بأربعة آلاف حمّام، وأربعين ألف يهودىّ عليهم الجزية، وأربعمائة ملهى للملوك.
قال ابن عبد الحكم [2] : لمّا فتح عمرو الإسكندريّة وجد فيها اثنى عشر ألف بقّال يبيعون البقل الأخضر.
قال: ورحل [3] منها فى اللّيلة التى دخل فيها عمرو بن العاص، أو فى اللّيلة التى خافوا فيها دخوله سبعون ألف يهودىّ.
قال: وقال حسين بن شفىّ بن عبيد: كان بالإسكندرية فيما أحصى من الحمّامات اثنا عشر ديماسا، أصغر ديماس منها يسع ألف مجلس، كلّ مجلس منها يسع جماعة نفر. وكان عدّة من بالإسكندريّة من الرّوم مائتى ألف من الرّجال، فلحق بأرض الرّوم أهل القوّة، وركبوا السّفن، وكان بها مائة مركب من المراكب الكبار، فحمل فيها ثلاثون ألفا مع ما قدروا عليه من المال والمتاع والأهل، وبقى من بقى من الأسارى ممّن بلغ الخراج، فأحصى يومئذ ستمائة ألف سوى النساء والصّبيان، فاختلف النّاس على عمرو فى قسمهم، وكان أكثر النّاس يريدون قسمها.
فكتب عمرو إلى عمر يستأذنه فى ذلك، فكتب إليه عمر:
لا تقسمها، وذرهم يكون خراجهم فيئا للمسلمين وقوّة لهم على جهاد عدوّهم، فأقرّها عمرو، وكانت مصر كلّها صلحا بفريضة دينارين
[1] ابن عبد الحكم: «منية» تحريف.
[2]
فتوح مصر لابن عبد الحكم 82.
[3]
ابن عبد الحكم: «ترحل» .
دينارين على كلّ رجل لا يزاد على أحد منهم فى جزية رأسه أكثر من ذلك؛ إلّا أنّه يلزم بقدر ما يتوسّع فيه من الأرض والزّرع، إلا الإسكندريّة، فإنّهم كانوا يؤدّون الجزية والخراج على قدر ما يرى من وليّهم؛ لأنّ الإسكندرية فتحت عنوة من غير عهد ولا عقد، ولم يكن لهم صلح ولا ذمّة.
قال: وكانت قرى من مصر قاتلت المسلمين، وظاهروا الرّوم عليهم، وهى: بلهيب، وقرية الخيس، وسلطيس، وقرسطا، وسخا. فسبوا، فوقعت سباياهم بالمدينة، فردّهم عمر بن الخطّاب إلى قراهم، وصيّرهم وجماعة القبط ذمّة، وكتب بردّهم.
وقيل: إنّما كتب عمر فى أهل سلطيس خاصّة يقول: من كان منهم فى أيديكم، فخيّروه بين الإسلام، فإن أسلم فهو من المسلمين، له ما لهم، وعليه ما عليهم، وان اختار دينه فخلّوا بينه وبين قريته، وأن تجعل القرى الّتى ظاهرت مع الإسكندريّة ذمّة للمسلمين، يضربون عليها الخراج.