الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دعوت الطريد فأدنيته
…
خلافا لما سنّه المصطفى
وولّيت قرباك أمر العباد
…
خلافا لسنّة من قد مضى
وأعطيت مروان خمس الغنيم
…
ة آثرته وحميت الحمى
وما لا أتانى به الأشعرىّ
…
من الفىء أعطيته من دنا
فإنّ الأمينين قد بيّنا
…
منار الطّريق عليه الهدى
فما أخذا غيلة درهما
…
ولا قسّما درهما فى هوى
قال: ولما فتحت إفريقيّة أمر عثمان عبد الله بن نافع بن عبد القيس أن يسير إلى الأندلس، فأتاها من البحر، ففتح الله تعالى على المسلمين.
وفى سنة سبع وعشرين فتحت إصطخر، وهو الفتح الثانى، وكان فتحها الآن على يد عثمان بن أبى العاص.
وقد ذكرنا الأول فى خلافة عمر. وفيها غزا معاوية بن سفيان رضى الله تعالى عنه قبرس.
ذكر فتح جزيرة قبرس
كان [1] فتحها على يد معاوية بن أبى سفيان، واختلف فى وقته، فقيل: فتحت فى سنة ثمان وعشرين، وقيل: فى سنة تسع وعشرين، وقيل: فى سنة ثلاث وثلاثين.
وكان قد ألحّ على عمر رضى الله عنه فى غزو البحر، وذكر قرب
[1] تاريخ الطبرى 4: 258، 262، تاريخ ابن الأثير 3:48.
[الرّوم][1] من حمص، وقال: إنّ قرية من قرى حمص ليسمع أهلها نباح كلابهم وصياح دجاجهم.
فكتب عمر إلى عمرو بن العاص: أن صف لى البحر وراكبه، فكتب إليه عمرو: إنى رأيت خلقا كبيرا يركبه خلق صغير، ليس إلّا السّماء والماء، إن ركد خرق القلوب، وإن تحرّك أزاغ العقول، يزداد فيه اليقين قلّة، والشّكّ كثرة، هم فيه كدود على عود، إن مال غرق، وإن نجا برق.
فلمّا قرأ كتاب عمرو، كتب إلى معاوية: والّذى بعث محمدا بالحقّ لا أحمل فيه مسلما أبدا، وقد بلغنى أنّ بحر الشّام يشرف على أطول شىء من الأرض، فيستأذن الله كلّ يوم وليلة فى أن يغرق الأرض، فكيف أحمل الجنود على هذا الكافر، لمسلم أحبّ إلىّ ممّا حوت الرّوم. فإيّاك أن تعرّض إلىّ، فقد علمت ما لقى العلاء منّى.
وترك ملك الرّوم الغزو، وكاتب عمر وقاربه، فلمّا كان زمن عثمان كتب معاوية إليه يستأذنه فى غزو البحر مرارا، فأجابه إلى ذلك وقال: لا تنتخب [الناس][1] ولا تقرع بينهم، خيّرهم، فمن اختار الغزو طائعا، فاحمله وأعنه، ففعل.
واستعمل عبد الله بن قيس الحارثىّ حليف بنى فزارة، وسار المسلمون إلى قبرس، وسار إليها عبد الله بن سعد من مصر، فاجتمعوا عليها فصالحهم أهلها على جزية، وهى سبعة آلاف دينار فى كلّ سنة، ويؤدّون للرّوم مثلها، لا يمنعهم المسلمون من ذلك، وليس على المسلمين
[1] من ص.
[منعهم][1] ممّن أرادهم من ورائهم. وعليهم أن يؤذنوا المسلمين بمسير عدوّهم من الرّوم، ويكون طريق المسلمين إلى العدوّ عليهم، فقبلوا ذلك منهم، وعادوا عنهم.
وشهد هذه الغزاة جماعة من الصحابة، منهم: أبو ذرّ الغفارى، وعبادة بن الصّامت، ومعه زوجته أمّ حرام بنت ملحان، وأبو الدّرداء شدّاد بن أوس.
وفى هذه الغزاة ماتت أمّ حرام، ألقتها بغلتها بجزيرة قبرس فاندقّ عنقها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرها أنّها من أوّل من يغزو فى البحر.
قال: وبقى عبد الله بن قيس على البحر، فغزا خمسين غزاة فى البحر، من بين شاتية، وصائفة، لم ينكب أحد من جنده، وكان يدعو الله أن يعافيه فى جنده، ثم خرج هو فى قارب طليعة، فانتهى إلى المرفأ من أرض الرّوم، وعليه مساكين يسألون، فتصدّق عليهم، فرجعت امراة منهم إلى قريتها، فقالت: هذا عبد الله بن قيس فى المرفأ فبادروا إليه، وهجموا عليه، فقتلوه، بعد أن قاتلهم، فأصيب وحده، ونجا الملّاح حتّى أتى أصحابه فأعلمهم، فجاءوا حتّى رسوا بالمرفأ وعليهم سفيان بن عوف الأزدىّ، فخرج إليهم فقاتلهم.
وقيل لتلك المرأة بعد ذلك: بأىّ شىء عرفت عبد الله بن قيس؟
قالت: كان كالتّاجر، فلمّا سألته أعطانى كالملك، فعرفته بهذا.
ولمّا كانت سنة اثنتين وثلاثين أعان أهل قبرس الرّوم على غزو
[1] من ابن الأثير.