الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر بناء المسجد الحرام
[وفى هذه السنة اعتمر عمر بن الخطّاب رضى الله عنه وبنى المسجد الحرام، ووسّع فيه، وأقام بمكّة عشرين ليلة، وهدم على أقوام أبوا أن يبيعوا، ووضع أثمان دورهم فى بيت المال حتى أخذوا، وكانت عمرته فى شهر رجب، واستخلف على المدينة زيد بن ثابت، واستأذنه فأذن لهم وشرط عليهم، أنّ ابن السبيل أحقّ بالظلّ والماء][1] .
ذكر عزل المغيرة بن شعبة
وفى هذه السّنة عزل عمر رضى الله عنه المغيرة بن شعبة عن البصرة، واستعمل عليها أبا موسى الأشعرىّ، وكان سبب ذلك أنّه كان بينه أو بين أبى بكرة منافرة، وكانا متجاورين بينهما طربق، وكانا فى مشربتين، فى كل واحدة منهما كوّة مقابلة للأخرى، فاجتمع إلى أبى بكرة نفر يتحدّثون فى مشربته، فهبّت الرّيح، ففتحت باب الكوّة، فقام أبو بكرة ليردّه، فبصر بالمغيرة، وقد فتحت الريح باب كوّته، وهو بين رجلى امرأة، فقال للنّفر: قوموا وانظروا، فنظروا، وهم: أبو بكرة ونافع بن كلدة، وزياد بن أبيه، وهو أخو أبى بكرة لأمّه، وشبل بن معبد البجلىّ، فقال لهم: اشهدوا. قالوا: ومن هذه؟
قال: أمّ جميل بنت الأفقم، وكانت من بنى عامر بن صعصعة، وكانت تغشى المغيرة والأمراء، وكان بعض النّساء يفعلن ذلك
[1] من ص.
فى زمانها، فلمّا قامت عرفوها. فلمّا خرج المغيرة إلى الصّلاة منعه أبو بكرة.
وروى أبو الفرج الأصبهانىّ صاحب الأغانى [1] فى كتابه بسند رفعه إلى أنس بن مالك وغيره: أنّ المغيرة بن شعبة كان يخرج من دار الإمارة وسط النّهار، وكان أبو بكرة يلقاه فيقول: أين يذهب الأمير؟ فيقول: آتى حاجة. فيقول له: حاجة ماذا! إنّ الأمير يزار ولا يزور. قال: وكانت المرأة التى يأتيها جارة لأبى بكرة.
قال: فبينا أبو بكرة فى غرفة له مع أخويه نافع، وزياد، ورجل آخر يقال له: شبل بن معبد، وكانت غرفة جارته تحت غرفة أبى بكرة، فضربت الرّيح باب المرأة ففتحته، فنظر القوم؛ فإذا هم بالمغيرة ينكحها، فقال أبو بكرة: هذه بليّة ابتليتم بها، فانظروا، فنظروا؛ فإذا أبو بكرة نزل، فجلس حتّى خرج إليه المغيرة من بيت المرأة، فقال له: إنّه قد كان من أمرك ما قد علمت، فاعتزلنا.
قال: وذهب ليصلّى بالنّاس الظّهر، فمنعه أبو بكرة، فقال:
والله ما تصلّى بنا وقد فعلت ما فعلت. فقال النّاس: دعوه فليصلّ، فإنّه الأمير. ثم تقاربوا فى الرّواية فقاموا: وكتبوا إلى عمر، فبعث أبا موسى أميرا على البصرة، وأمره بلزوم السّنّة، فقال:
أعنّى بعدّة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنّهم فى
[1] الأغانى 16: 95 وما بعدها (طبعة دار الكتب) .
هذه الأمّة كالملح. قال: خذ من اخترت، فأخذ تسعة وعشرين رجلا، منهم أنس بن مالك، وعمران بن حصين، وهشام ابن عامر، وخرج بهم فقدم البصرة، ودفع كتاب إمرته إلى المغيرة وفيه:
أمّا بعد: فإنّه بلغنى نبأ عظيم، فبعثت أبا موسى أميرا، فسلّم إليه ما فى يدك، والعجل.
فرحل المغيرة ومعه أبو بكرة والشّهود، فقدموا على عمر، فقال له:
المغيرة: سل هؤلاء الأعبد كيف رأونى، أمستقبلهم أم مستدبرهم؟
وكيف رأوا المرأة فعرفوها؟ فإن كانوا مستقبلىّ فكيف لم أستتر! وإن كانوا مستدبرىّ فبأىّ شىء استحلّوا النّظر فى منزلى على امرأتى! والله ما أتيت إلّا امرأتى، وكانت تشبهها.
فشهد أبو بكرة أنّه رآه على أمّ جميل، يدخله كالميل فى المكحلة، وأنّه رآهما مستدبرين، وشهد شبل ونافع مثل ذلك.
وأمّا زياد فإنّه قال: رأيته جالسا بين رجلى امرأة، فرأيت قدمين مخضوبتين تخفقان، واستين مكشوفتين، وسمعت حفزانا شديدا.
قال: هل رأيت كالميل فى المكحلة؟ قال: لا، قال: هل تعرف المرأه؟ قال: لا، ولكن أشبّهها.
قال: ففتح، وأمر بالثّلاثة فجلدوا الحدّ، فقال المغيرة: اشفنى من الأعبد. قال: اسكت، أسكت الله نأمتك، أما والله لو تمّت الشّهادة لرجمتك بأحجارك.
وفى هذه السنة تزوّج عمر أمّ كلثوم بنت علىّ بن أبى طالب،