الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القالُ والقيلُ والقالةُ، ففي الشرِّ
(1)
.
وقد رُدَّت التفرقةُ بمجيءِ القيل والقال في الخيرِ
(2)
، قالَ تعالى:{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا}
(3)
، وقالَ تعالى:{وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ}
(4)
.
ويُستعملُ القولُ على أوجهٍ، حكاها الراغبُ الأصفهاني، منها:
الأول: المركبُ مِن الحروفِ المبْرَز بالنطقِ، مفردًا أو جملة، فالمفردُ، كقولِك: زيدٌ، والجملةُ، كقولك: زيدٌ منطلقٌ.
الثاني: للمتصوَّرِ في النفسِ قبلَ الإبرازِ باللفظِ، تقول: في نفسي قولٌ لم أُظهرْه.
الثالث: الاعتقادُ، نحو قولك: فلانٌ يقولُ بقولِ أبي حنيفةَ
(5)
.
ثانيًا: التعريف الاصطلاحي للقول:
وَرَدَ مصطلح: (القول) عند بعضِ المذاهبِ الفقيهة المتبوعة
(6)
:
أولًا: القول عند المالكية:
جاءَ مصطلح: (القول) و (الأقوال) عند علماءِ المالكيةِ، وأرادوا به: أقوالُ أصحابِ الإمامِ مالكٍ وآرائِهم، ومَنْ بعدهم مِن المتأخرين
(7)
.
(1)
انظر: تهذيب اللغة، مادة:(قول)، (9/ 304)، ولسان العرب، مادة:(قول)، (11/ 573)، والقاموس المحيط، مادة:(قول)، (ص/ 1358)، وتاج العروس، مادة:(قول)، (30/ 293).
(2)
انظر: تاج العروس، مادة:(قول)، (30/ 293). ولم أقف على شاهد لكلمة "القال" في الخير.
(3)
من الآية (122) من سورة النساء.
(4)
من الآية (88) من سورة الزخرف.
(5)
انظر: مفردات ألفاظ القرآن، مادة:(قول)، (ص/ 688).
(6)
استعمال القول عند المذاهب التي لم تنص على معنى محددٍ له هو بمعناه اللغوي. انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (29/ 262).
(7)
انظر: كشف النقاب الحاجب لابن فرحون (ص/ 128)، ومواهب الجليل للحطاب (1/ 40)، ومنار أصول الفتوى للقاني (ص/ 347).
وقد مَثّلَ الحطابُ
(1)
، وإبراهيم اللقانيُّ
(2)
للمتأخرين بابنِ رشدٍ، وأبي عبدِ الله المازري.
وإطلاقُ القولِ على أقوالِ أتباعِ الإمامِ مالكٍ هو الإطلاقُ الغالبُ عند المالكيةِ، وإلا فقد يُسمي المالكيةُ ما جاءَ عن الإمامِ مالكٍ قولًا
(3)
.
يقولُ القاضي ابنُ فرحون: "أمَّا نسبةُ القولينِ إلى الأصحاب، فهو الغالبُ"
(4)
.
وهنا تنبيه، وهو: أنَّ لخليلٍ المالكي اصطلاحَه الخاص في القولين والأقوال - دون القول - فمرادُه حينَ يُعبّر بالقولين أو بالأقوالِ أنَّه لم يطلعْ في الفرعِ على أرجحيةٍ منصوصةٍ عند علماءِ المالكيةِ
(5)
.
الفرق بين الروايةِ، والقولِ عند المالكيةِ:
مِنْ خلالِ ما سَبَقَ مِنْ تعريفِ مصطلح: (الروايةِ)، ومصطلحِ:(القولِ) عند المالكيةِ، يمكنُ بيانُ الفرقِ بينهما: بأنَّ الغالبَ في اصطلاحِ (الرواية) إطلاقُه على ما رُويَ عن الإمامِ مالكٍ خاصةً، أمَّا مصطلح:(القول)، فالغالبُ إطلاقُه على ما جاءَ عنْ أصحابِ الإمامِ مالكٍ، وقد يطلقُ على ما جاءَ عن الإمامِ مالكٍ
(6)
، ولذا فكلُّ روايةٍ قولٌ، دونَ العكسِ.
أمثلة القول عند المالكية:
المثال الأول: يقولُ ابنُ الحاجبِ: "والجمعُ بينهما - أي: بين الماءِ والحجارةِ في إزالةِ الخارجِ مِن الإنسانِ - أَوْلى، فإنْ انتشرَ، فالماءُ باتفاقِ،
(1)
انظر: مواهب الجليل (1/ 40).
(2)
انظر: منار أصول الفتوى (ص/ 347).
(3)
انظر: كشف النقاب الحاجب لابن فرحون (ص/ 129)، ومنار أصول الفتوى للقاني (ص/ 347).
(4)
كشف النقاب الحاجب (ص/ 130).
(5)
انظر: مختصر خليل (ص/8).
(6)
انظر: البحث الفقهي للدكتور إسماعيل عبد العال (ص/ 190).
وإنْ كان قريبًا جدًّا: فقولانِ"
(1)
.
المثال الثاني: يقولُ خليلٌ المالكي: "هل الأفضلُ كثرةُ السجودِ، أو طول القيامِ؟ قولانِ"
(2)
.
المثال الثالث: يقولُ ابنُ شاس: "وإنْ أفطرَ في القضاءِ متعمِّدًا، فهل يجبُ عليه قضاءُ الأصلِ فقط، أو قضاؤه وقضاء القضاءِ؟ قولانِ"
(3)
.
ثانيًا: القول عند الشافعية:
انتشرَ في مدوَّناتِ الشافعيةِ مصطلح: (القول)، ويختلفُ اصطلاحهم في استعمالِه عن اصطلاحِ المالكيةِ، فالمرادُ بالقولِ أو بالأقوالِ عند الشافعيةِ هو: آراءُ الإمامِ الشافعي فقط
(4)
.
يقولُ المرتضى الزَبِيدي: "أمَّا القولُ، فما كان مصرَّحًا به مِن الإمامِ"
(5)
.
أقسام مصطلح: (القول) عند الشافعية:
يُقسِّمُ علماءُ الشافعيةِ مصطلح: (القول) إلى قسمين:
القسم الأول: القولُ القديمُ.
القسم الثاني: القولُ الجديدُ.
القسم الأول: القولُ القديمُ.
جاءَ في مدوّناتِ المذهبِ الشافعي مصطلحُ: (القول القديم)، ويعنون
(1)
جامع الأمهات (ص/ 52).
(2)
مختصر خليل (ص/ 34).
(3)
عقد الجواهر الثمينة (1/ 367).
(4)
انظر: المجموع شرح المهذب للنووي (1/ 65)، والابتهاج في اصطلاح المنهاج للعلوي (1/ 82) مطبوع مع النجم الوهاج للدميري، وسلم المتعلم المحتاج للأهدل (1/ 120) مطبوع مع النجم الوهاج للدميري.
(5)
إتحاف السادة المتقين (1/ 285).
به: ما قاله الإمامُ الشافعي بالعراقِ، أو قبلَ انتقالِه إلى مصر
(1)
.
والغالبُ رجوعُ الإمامِ الشافعي عن أقوالِه القديمةِ
(2)
.
ومِن رُواة القولِ القديم عن الإمام الشافعي: الإمامُ أحمدُ بن حنبل، والزعفراني
(3)
، والكرابيسي
(4)
، وأبو ثور
(5)
.
(1)
انظر: المجموع شرح المهذب للنووي (1/ 68)، والاستغناء في الفرق والاستثناء للبكري (1/ 264)، وفرائد الفوائد للسلمي (ص/ 125)، ونهاية المحتاج للرملي (1/ 43)، وتحفة المحتاج للهيتي (1/ 54)، ومختصر الفوائد المكية للسقاف (ص/ 111)، والابتهاج في اصطلاح المنهاج للعلوي (1/ 82) مطبوع مع النجم الوهاج للدميري، وسلم المتعلم المحتاج للأهدل (1/ 120) مطبوع مع النجم الوهاج للدميري.
(2)
انظر: المصادر السابقة.
(3)
هو: الحسن بن محمد بن الصبّاح الزعفراني البغدادي، أبو علي، ولد سنة بضع وسبعين ومائة، كان علامةً إمامًا فقيهًا محدثًا ثقةً ثبتًا جليلًا عالي الرواية، فصيحًا بليغًا، روى عن الإمام الشافعي مذهبه القديم، وهو أثبت من رواه عنه، توفي بغداد سنة 260 هـ وهو في عشر التسعين. انظر ترجمته في: تاريخ مدينة السلام للخطيب (8/ 421)، وطبقات الفقهاء للشيرازي (ص/ 99)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (2/ 73)، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي (1/ 160)، وتهذيب الكمال للمزي (6/ 310)، وسير أعلام النبلاء (12/ 262)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (2/ 114).
(4)
هو: الحسين بن علي بن يزيد الكرابيسي البغدادي، أبو علي، كان إمامًا فقهيًا أصوليًا علامةً متكلمًا جليلًا، جامعًا بين الحديث والفقه، ذكيًا فطنًا فصيحًا، من بحور العلم، تفقه أولًا على مذهب أهل الرأي، ثم تفقه للإمام الشافعي، وهو أحد رواة مذهب الإمام الشافعي القديم، من مؤلفاته: أسماء المدلسين، وكتاب الإمامة، وكتاب الشهادات، وكتاب في المقالات، توفي سنة 248 هـ وقيل: 245 هـ. انظر ترجمته في: تاريخ مدينة السلام للخطيب (8/ 611)، وطبقات الفقهاء للشيرازي (ص/ 101)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (2/ 132)، وسير أعلام النبلاء (12/ 79)، وميزان الاعتدال للذهبي (1/ 544)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (2/ 117)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (ص/ 26).
(5)
انظر: المجموع شرح المهذب للنووي (1/ 68)، والاستغناء في الفرق والاستثناء للبكري (1/ 264)، ونهاية المحتاج للرملي (1/ 43)، وتحفة المحتاج للهيتمي (1/ 54)، ومختصر الفوائد المكية للسقاف (ص/ 111).
وأبو ثور، هو: إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي البغدادي، أبو ثور وأبو عبد الله، ولد في حدود سنة 170 هـ ممن لازم الإمام الشافعي، وروى عنه قوله القديم، كان فقهيًا جليلًا حافظًا ورعًا فاضلًا خيّرًّا ثقةً مأمونًا، أحد شافعية بغداد، قال عنه الإمام أحمد: "أعرفه بالسُّنة =
وقد يُعبّرُ بعضُ علماءِ الشافعيةِ بالقديمِ، ومرادُهم به القولُ القديمُ
(1)
.
أمثلة القول القديم عند الشافعية:
المثال الأول: يقولُ محيي الدين النوويُّ: "القول القديم: إنَّ مسحَ أسفلِ الخفِّ الذي لصقتْ به نجاسةٌ كافِ في جوازِ الصلاةِ فيه، مع أنَّه نَجِسٌ عُفِيَ عنه"
(2)
.
المثال الثاني: يقولُ أبو الحسين العمراني
(3)
: "إذا أصابت الأرضَ نجاسةٌ ذائبةٌ، فطلعتْ عليها الشمسُ، وهبَّتْ عليها الريحُ، حتى ذَهَبَ لونُها وأثرُها وريحُها، ففيه قولانِ: قالَ في القديم: تطهرُ
…
"
(4)
.
المثال الثالث: يقولُ محيي الدين النووي: "ويبقى - أيْ: وقت المغرب - حتى يغيبَ الشفقُ الأحمرُ في القديمِ"
(5)
.
القسم الثاني: القول الجديد:
جاءَ في مدوّناتِ المذهب الشافعي مصطلحُ: (القول الجديد)، ويعنون
= منذ خمسين سنة، هو عندي في مسلاخ سفيان الثوري"، توفي سنة 240 هـ. انظر ترجمته في: تاريخ مدينة السلام للخطيب (6/ 576)، وطبقات الفقهاء للشيرازي (ص/ 89)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (1/ 26)، وسير أعلام النبلاء (12/ 72)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (2/ 74).
(1)
انظر: منهاج الطالبين للنووي (1/ 76)، وسلم المتعلم المحتاج للأهدل (1/ 120) مطبوع مع النجم الوهاج للدميري.
(2)
المجموع شرح المهذب (1/ 97).
(3)
هو: يحيى بن أبي الخير بن سالم بن سعيد بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عمران العمراني اليماني، ولد سنة 489 هـ كان شيخ الشافعية باليمن، إمامًا زاهدًا ورعًا خيرًا، مشهور الاسم، بعيد الصيت، عارفًا بالفقه والأصول والخلاف والكلام والنحو، وكان يحفظ مهذب الشيرازي، رحل إليه الطلاب للدراسة عليه، من مؤلفاته: البيان - شرح فيه المهذب للشيرازي - وغرائب الوسيط، ومقاصد اللمع، ومناقب الإمام الشافعي، توفي سنة 558 هـ. انظر ترجمته في: طبقات فقهاء اليمن للجعدي (ص/ 174)، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي (2/ 278)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (7/ 336)، وطبقات الشافعية للإسنوي (1/ 212)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (ص/ 210).
(4)
البيان في مذهب الإمام الشافعي (1/ 446).
(5)
منهاج الطالبين (1/ 141).
به: ما قاله الإمامُ الشافعي بمصر، تصنيفًا أو إفتاءً
(1)
.
ومنْ رواةِ القولِ الجديدِ عن الإمام الشافعي: البويطي
(2)
، والمزنيُّ، والربيعُ المرادي
(3)
.
وقد يُعبّرُ بعضُ علماءِ الشافعيةِ بالجديدِ، ومرادُهم به القولُ الجديدُ
(4)
.
(1)
انظر: الاستغناء في الفرق والاستثناء للبكري (1/ 264)، ونهاية المحتاج للرملي (1/ 50)، ومغني المحتاج للشربيني (1/ 13)، ومختصر الفوائد المكية للسقاف (ص/ 111)، وسلم المتعلم المحتاج للأهدل (1/ 120) مطبوع مع الجم الوهاج للدميري.
(2)
هو: يوسف بن يحيى البويطي، أبو يعقوب المصري، من أصحاب الإمام الشافعي، لازمه مدة، وتخرج به، وفاق الأقران، وقد حبس في فتنة خلق القرآن ولم يُجبْ، كان من أهل الدين والعلم والفهم والعمل، علامةً زاهدًا عابدًا، إمامًا ربانيًا، يَردّ على أهل البدع، حسن النظر، قال عنه الإمام الشافعي:"ليس في أصحابي أحدٌ أعلم من البويطي"، من مؤلفاته: المختصر الكبير، والمختصر الصغير، والفرائض، توفي بالعراق سنة 231 هـ. انظر ترجمته في: تاريخ مدينة السلام للخطيب (16/ 439)، وطبقات الفقهاء للشيرازي (ص/ 97)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (7/ 60)، وتهذيب الكمال للمزي (8/ 202)، وسير أعلام النبلاء (12/ 58)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (2/ 162)، وشذرات الذهب لابن العماد (3/ 143).
(3)
انظر: الاستغناء في الفرق والاستثناء للبكري (1/ 264)، ونهاية المحتاج للرملي (1/ 50)، ومغني المحتاج للشربيني (1/ 13)، ومختصر الفوائد المكية للسقاف (ص/ 111).
والربيع المرادي، هو: الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المرادي مولاهم، أبو محمد، ولد سنة 174 هـ صاحب الإمام الشافعي، وراوي كتبه، كان إمامًا محدثًا فقيهًا كبيرًا، سليم الصدر، ثقة ثبتًا، وقال عنه الشافعي:"إنه أحفظ أصحابي"، وقال أيضًا:"الربيع راويتي"، كان مؤذن المسجد الجامع بفسطاط مصر، طال عمره، وازدحم عنده أصحاب الحديث، قيل عنه: إنه بطيء الفهم، توفي بمصر سنة 270 هـ. انظر ترجمته في: طبقات الفقهاء للشيرازي (ص/ 97)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (2/ 52)، وتهذيب الكمال للمزي (9/ 87)، وسير أعلام النبلاء (12/ 587)، وتذكرة الحفاظ للذهبي (2/ 148)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (2/ 132)، وطبقات الشافعية للإسنوي (1/ 39)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (ص/ 24).
(4)
انظر: منهاج الطالبين للنووي (1/ 76)، وسلم المتعلم المحتاج للأهدل (1/ 120) مطبوع مع النجم الوهاج للدميري.
أمثلة القول الجديد عند الشافعية:
المثال الأول: يقولُ محيي الدين النوويُّ: "مَنْ لم يجدْ ماءً ولا ترابًا لزمه في الجديدِ: أنْ يصلي الفرضَ، ويُعيدَ"
(1)
.
المثال الثاني: يقولُ إمامُ الحرمينِ الجويني: "وممَّا نذكرُه
…
أنَّ الرجلَ إذا انفردَ بنفسِه في الصلاةِ، وكان ذلك في موضعٍ لم يَنْتَه إليه صوتُ مؤذنٍ، فظاهرُ المذهبِ: أنَّه يُؤذنُ ويقيمُ، وهو المنصوص عليه في الجديدِ"
(2)
.
المثال الثالث: يقولُ أبو القاسمِ الرافعي: "لو اعتكفت المرأةُ في مسجدِ بيتِها، وهو المعْتزَلُ المهيأُ للصلاةِ، هل يصحّ؟ فيه قولانِ: الجديد - وبه قالَ مالكٌ وأحمدُ -: لا"
(3)
.
ثالثًا: القول عند الحنابلة:
المرادُ بالقولِ عند الحنابلةِ: ما قاله علماءُ المذهب الحنبلي منسوبًا إلى الإمامِ أحمدَ
(4)
.
يقولُ المرداويُّ: "القولُ يشمل: الوجهَ، والاحتمالَ، والتخريجَ، وقد يشملُ الروايةَ - وهو كثيرٌ في كلامِ المتقدمين، كأبي بكرٍ وابنِ أبي موسى
(5)
، وغيرِهما - والمصطلحُ الآن على خلافِه"
(6)
.
(1)
منهاج الطالبين (1/ 130).
(2)
نهاية المطلب (2/ 45).
(3)
العزيز في شرح الوجيز (3/ 262).
(4)
انظر: مقدمة تحقيق شرح الزركي على مختصر الخرقي (1/ 67)، ومقدمة تحقيق الانتصار في المسائل الكبار (1/ 183)، والاصطلاحات الفقهية عند الحنابلة للدكتور عبد الكريم اللاحم (ص/ 231)، ومقدمة تحقيق التوضيح للشويكي (1/ 118).
(5)
هو: محمد بن أحمد بن أبي موسى، أبو علي الهاشمي، ولد سنة 345 هـ من أعيان المذهب الحنبلي، كان سامي الذكر، عالي القدر، محدثًا فقهيًا أصوليًا، كانت له حلقة بجامع المنصور يفتي بها، وقد تولى منصب القضاء، من مؤلفاته: الإرشاد إلى سبيل الرشاد، توفي سنة 428 هـ. انظر ترجمته في: طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (3/ 335)، ومناقب الإمام أحمد لابن الجوزي (ص/ 691)، والمقصد الأرشد لابن مفلح (2/ 342)، والمنهج الأحمد للعليمي (2/ 336)، والدر المنضد له (1/ 192)، وشذرات الذهب لابن العماد (5/ 138).
(6)
الإنصاف (1/ 6 - 7). وانظر: مقدمة تحقيق التوضيح للشويكي (1/ 118)
ويتبين مِنْ كلامِ المرداوي، أنَّ ما يطلقُ عليه مصطلح:(القول) عند متقدمي الحنابلةِ أوسعُ مما يطلقُ عليه في اصطلاح مَنْ بعدهم؛ إذ يشملُ (القولُ) عند متقدمي الحنابلة: ما قاله الإمامُ، وأصحابُه، أمَّا ما استقرَّ عليه اصطلاحُ متأخري الحنابلةِ، فالقولُ: ما قاله علماؤهم، دونَ ما قاله الإمامُ.
ويتحدثُ تقيُّ الدينِ بنُ تيميةَ عن القولينِ، فيقول:"أمَّا القولانِ هنا، فقد يكونُ الإمامُ نصَّ عليهما - كما ذكره أبو بكرٍ عبد العزيز في: (زاد المسافر) - أو نصَّ على أحدِهما وأَومأَ إلى الآخر، وقد يكون مع أحدِهما: وجهٌ أو تخريجٌ أو احتمالٌ بخلافِه"
(1)
.
ويحتملُ أنَّ ما ذكره تقيُّ الدينِ اصطلاحٌ خاصٌّ بـ (القولين)، ويحتملُ حملُه على اصطلاحِ متقدمي علماءِ الحنابلةِ.
أمثلة القول عند الحنابلة:
المثال الأول: يقولُ المرداويُّ أثناءَ حديثِه عن أذانِ الجنبِ: "إنْ كان أذانُه في مسجدٍ: فإن كانَ مع جوازِ اللبّثِ
…
صحَّ، ومع تحريمِ اللبثِ، فهو كالأذانِ والزكاةِ في مكان غَصْبٍ، وفي ذلك: قولانِ"
(2)
.
المثال الثاني: يقولُ ابنُ مفلحٍ: "هلْ لمَنْ له الحضانةُ أنْ يسقطَها وَينْزلَ عنها؟ على قولينِ"
(3)
.
وما سيأتي مِنْ أمثلةٍ: للوجهِ، والاحتمالِ، والتخريجِ صادقةٌ على مصطلحِ:(القولِ) عند الحنابلةِ.
(1)
المسودة (2/ 947).
(2)
الإنصاف (1/ 415).
(3)
الفروع (9/ 342).