الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن هذا المعنى: العَصَبُ
(1)
. يُقالُ: لحمٌ عصيبٌ، أيْ: صُلْبٌ مكتنزٌ كثيرُ العَصَبِ، وفلانٌ معصوبُ الخَلْقِ، أيْ: شديد اكتنازِ اللحمِ
(2)
.
والعَصْبُ: الطي الشديدُ
(3)
. والمُعَصَّبُ: الفقيرُ، والمحتاجُ
(4)
. يقولُ أبو عبيدٍ
(5)
: "المُعَصَّبُ: الذي يتعصبُ مِن الجوعِ بالخرقِ"
(6)
.
والعِصَابةُ: الشيءُ يُعصبُ به الرأسُ
(7)
. والعَصّابُ: الغزّال
(8)
، يقولُ ابنُ فارسٍ:"وهو القياسُ؛ لأنَّ الخيطَ يُعْصَبُ به"
(9)
.
والعُصْبةُ مِن الرجالِ: عشرةٌ إلى أربعين؛ وسُمّيتْ عصبة؛ لأنَّها قد عُصِبتْ، أيْ: كأنَّها رُبِطَ بعضُها ببعضٍ
(10)
.
تعريف التعصب في الاصطلاح:
محلُّ حديثي في هذا المبحثِ عن التعصبِ المذهبي، لا عن مطلقِ التعصبِ للآراءِ أو الفِرَقِ.
(1)
انظر: المصدر السابق، وتهذيب اللغة، مادة:(عصب)، (2/ 48)، والصحاح، مادة:(عصب)، (1/ 182).
(2)
انظر: المصادر السابقة.
(3)
انظر: المصادر السابقة.
(4)
انظر: تهذيب اللغة، مادة:(عصب)، (2/ 46)، والصحاح، مادة:(عصب)، (1/ 182).
(5)
هو: القاسم بن سلام، أبو عبيد، ولد بهراة سنة 157 هـ كان إمامًا حافظًا فقيهًا محدثًا، لغويًا مشهورًا، دينًا عابدًا ورعًا، كبير الشأن، أحد العلماء المبرزين، ولي قضاء طرطوس، له مصنفات سارت بها الركبان، منها: الغريب المصنف في علم اللسان، وكتاب الأموال، وفضائل القرآن، والطهور، توفي بمكة سنة 224 هـ وقيل: 223 هـ. انظر ترجمته في: الطبقات الكبرى لابن سعد (7/ 355)، وتاريخ مدينة السلام للخطيب (14/ 392)، ونزهة الألباء للأنباري (ص/ 109)، وإنباه الرواة للقفطي (3/ 12)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (4/ 60)، وسير أعلام النبلاء (10/ 490)، والبلغة للفيروزابادي (ص/ 172).
(6)
نقل كلام أبي عبيد ابنُ فارس في: مقاييس اللغة، مادة:(عصب)، (4/ 336).
(7)
انظر: المصدر السابق، وتهذيب اللغة، مادة:(عصب)، (2/ 46)، والصحاح، مادة:(عصب)، (1/ 182).
(8)
انظر: المصادر السابقة، وشمس العلوم للحميري، مادة:(عصب)، (7/ 4570).
(9)
مقاييس اللغة، مادة:(عصب)، (4/ 338).
(10)
انظر: المصدر السابق، والصحاح، مادة:(عصب)، (1/ 172)، وشمس العلوم للحميري، مادة:(عصب)، (7/ 4564).
لقد كثرَ ورودُ لفظِ: (التعصب) عند العلماءِ بمختلفِ مذاهبِهم وفنونِهم، ومع كثرةِ ورودِه لم يهتم كثيرٌ مِن العلماءِ - فيما رجعتُ إليهِ منْ مصادر - بتعريف التعصب بحدٍّ معين؛ ولعل ذلك عائدٌ إلى ظهورِ معناه عندهم.
وقد عرَّف بعضُ العلماء مصطلحَ: (التعصب)، فمن هذه التعريفات:
التعريف الأول: عدمُ قبولِ الحقِّ عند ظهور الدليل، بناء على ميلٍ إلى جانب.
وهذا تعريف سعد الدين التفتازاني
(1)
، وابن أمير الحاج
(2)
، وأمير باد شا
(3)
.
واختاره بعضُ الحنفيةِ
(4)
، وبعضُ المعاصرين
(5)
.
التعريف الثاني: الميلُ مع الهوى؛ لأجلِ نصرةِ المذهبِ، ومعاملة الإمامِ الآخر، أو مقلِّديه بما يغُضُّ منهم.
(1)
انظر: التلويح على التوضيح (2/ 46).
(2)
انظر: التقرير والتحبير (3/ 96). وابن أمير الحاج هو: محمد بن محمد بن محمد بن حسن بن علي الحلبي، أبو عبد الله شمس الدين، المعروف بابن أمير الحاج، وبابن الموقّت، ولد بحلب سنة 825 هـ طلب العلم في حلب وحماة والقاهرة، وسمع من الحافظ ابن حجر، ولزم ابن الهمام، كان فاضلًا دينًا قوي النفس، فقهيًا أصوليًا، من علماء المذهب الحنفي البارزين، وقد برع في فنون عدة، وتصدى للإقراء والإفتاء، من مؤلفاته: التقرير والتحبير شرح التحرير، وشرح منية المصلي، وذخرة العصر في تفسير سورة العصر، توفي سنة 879 هـ. انظر ترجمته في: الضوء اللامع للسخاوي (9/ 210)، ووجيز الكلام له (2/ 859)، وشذرات الذهب لابن العماد (9/ 495)، والبدر الطالع للشوكاني (ص/ 771)، والأعلام للزركلي (7/ 49).
(3)
انظر: تيسير التحرير (3/ 239). وأمير باد شاه هو: محمد أمين بن محمود الحسيني البخاري، المعروف بأمير باد شاه، ولد بخراسان، ونشأ ببخارى، واستقر بمكة، من علماء المذهب الحنفي، فقيه وأصولي ومفسر، كان فيه شيء من التصوف، من مؤلفاته: تيسير التحرير، وتفسير سورة الفتح، وشرح تائية ابن الفارض، توفي في حدود سنة 972 هـ، وقيل: في حدود 987 هـ. انظر ترجمته في: مقدمة تيسير التحرير (1/ 2)، وهدية العارفين للبغدادي (2/ 249)، والأعلام للزركلي (6/ 41)، ومعجم المؤلفين لكحالة (3/ 148).
(4)
انظر: موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي (1/ 458).
(5)
انظر: أثر العرف في تغير الفتوى لجمال كركار (ص/ 146).
وهذا تعريفُ الشيخِ محمد بن المُلّا فرّوخ
(1)
، وتبعه بعض المعاصرين
(2)
.
التعريف الثالث: أنْ تجعل ما يصدرُ عن إمامِ المذهب مِن الرأي، ويروي لك مِنْ الاجتهادِ، حجة عليك، وعلى سائرِ العبادِ.
وهذا تعريفُ الإمامِ محمدٍ الشوكاني
(3)
.
التعريف الرابع: الدفاعُ عن المذهبِ، والمحاماةُ عنه، سواء أكانَ على خطإٍ، أم على صوابٍ، مع اعتقادِ فسادِ غيرِه مِن المذاهبِ.
وهذا تعريفُ الباحثِ محمدٍ المامي
(4)
.
وقد يُشكلُ على التعريفِ الرابعِ أن الدفاعَ عن المذهب إذا كان صوابًا لا يتطرقُ إليه ذمٌّ، إذا لم يتضمّن الحطَّ مِنْ قدرِ المذاهبِ الأخرى، والطعنَ فيها.
ومهما يكنْ مِنْ أمرٍ: فإنَّ التعريفاتِ السابقةَ لمصطلحِ: (التعصب)، واستعمالاتِ العلماءِ له تدل على أنَّ التعصبَ: دفاعٌ عن المذهبِ، مع هوىً - أيْ: أن المتمذهبَ سيدافعُ عن مذهبِه، بغضِّ النظرِ أكانَ الصَوابُ معه، أم لا - واعتقاد خطأ كل ما خالفَ المذهبَ؛ لمجرَّدِ المخالفةِ، دونَ اعتبارٍ للنظرِ في الأدلةِ، مع ما يَتْبَعُ ذلك مِنْ رَدِّ الصوابِ، وعدم قبوله،
(1)
انظر: القول السديد (ص/ 114). ومحمد فروخ هو: محمد بن عبد العظيم بن الملا فروخ الموروي، أبو عبد الله، ولد بمكة سنة 966 هـ كان أحد الحنفية المعروفين في زمنه، عارفًا بالفقه والأصول، والعقل والنقل، تولى إفتاء الناس بمكة، من مؤلفاته: القول السديد في بعض مسائل الاجتهاد والتقليد، ورسالة في صلاة التسابيح، وإعلام القاصي والداني بمشروعية تقبيل الركن اليماني، توفي سنة 1051 هـ وقيل: 1061 هـ. انظر ترجمته في: إيضاح المكنون للبغدادي (2/ 249)، وهدية العارفين له (2/ 280)، والأعلام للزركلي (6/ 210)، ومقدمة تحقيق رسالة القول السديد في بعض مسائل الاجتهاد والتقليد (ص/ 13).
(2)
انظر: التعارض في الحديث للدكتور لطفي الزعير (ص/ 96).
(3)
انظر: أدب الطلب (ص/ 86).
(4)
انظر: المذهب المالكي - مدارسه ومؤلفاته (ص/ 517).