الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويُستعملُ التبعُ في الظلِّ، فيُقالُ له: تُبْعٌ؛ لأنَّه تابعٌ أبدًا للشخصِ
(1)
.
وتَتَبَّعتُ الشيءَ تتَبُّعًا، أيْ: تَطَلّبتُه متَتَبِّعًا له
(2)
.
واستعمالُ الاتّباعِ موضع التّتبع استعمالٌ مجازي
(3)
.
تعريف الاتباع في الاصطلاح:
اختلفَ العلماءُ في تعريفِ الاتباعِ في الاصطلاحِ، ومردُّ ذلك إلى سؤالٍ، وهو: هل هناك فرقٌ بين الاتباعِ والتقليدِ؟
فمَنْ لم يُفَرِّقْ بينهما، عرِّف الاتباعَ بالتقليدِ.
وقد سارَ على هذا الأمرِ كثيرٌ مِنْ الأصوليين.
ويدلُّ عليه: إتيانُ كثيرٍ مِن العلماءِ بلفظةِ: (الاتباع) عند تعريفِهم للتقليدِ
(4)
.
إضافةً: إلى عدمِ نصِّ كثيرٍ مِن الأصوليين على التفريقِ بين الاتباعِ والتقليدِ.
وممَّنْ سار على عدم التفرقة بينهما: القاضي أبو بكرٍ الباقلاني
(5)
، وإمامُ الحرمين الجويني
(6)
، وأبو بكرٍ السمرقندي
(7)
،
(1)
انظر: الصحاح، مادة:(تبع)، (3/ 1190)، ومقاييس اللغة، مادة:(تبع)، (1/ 363)، والقاموس المحيط مادة:(تبع)، (ص/ 911).
(2)
انظر: المصادر السابقة.
(3)
انظر: الصحاح، مادة:(تبع)، (3/ 1190)، ولسان العرب، مادة:(تبع)، (8/ 27).
(4)
انظر: التقليد وأحكامه للدكتور سعد الشثري (ص/ 33).
(5)
انظر: البحر المحيط (6/ 274).
(6)
انظر: التلخيص في أصول الفقه (3/ 425).
(7)
انظر: ميزان الأصول (2/ 950). وأبو بكر السمرقندي هو: محمد بن أحمد بن أبي أحمد السمرقندي، أبو بكر علاء الدين، من علماء المذهب الحنفي ومحققيه، كان شيخًا كبيرًا فاضلًا جليل القدر، وقد تفقه على أبي اليسر البزدوي، وتفقه عليه الكاساني، من مؤلفاته: تحفة الفقهاء، وميزان الأصول في نتائج العقول، واللباب في الأصول، توفي سنة 553 هـ. =
والنسفيُّ
(1)
، واللامشيُّ
(2)
، وهو ظاهرُ كلامِ تقي الدين بنِ تيمية
(3)
.
وبناءً على عدمِ التفريقِ بين الاتباعِ، والتقليدِ: فإنَّ الناسَ عند هؤلاءِ: إمَّا مقلدون، وإمّا مجتهدون، ولا يُوجد بينهما واسطةٌ.
فمَنْ لم يبلغْ درجةَ الاجتهادِ في الشريعةِ، فهو مقلِّدٌ، لا فرقَ بين العالمِ الذي لم يبلغْ رتبةَ الاجتهادِ، والعامي الصِرفِ، في انطباقِ وصفِ التقليدِ عليهما.
ويرى آخرون التفريقَ بين الاتباعِ، والتقليدِ:
فالاتّباعُ هو: أخذُ قولِ المجتهدِ؛ مع معرفةِ دليلِ قولِه.
والتقليد: أخذُ القولِ؛ لأنَّ فلانًا قاله، دونَ علمٍ ومعرفةٍ بدليلِ قولِه.
وقد ذَهَبَ إلى التفريق بين الاتباعِ، والتقليدِ جمعٌ مِن العلماءِ، منهم: ابنُ خويز منداد
(4)
،
= انظر ترجمته في: الجواهر المضية للقرشي (3/ 64، 83)، وتاج التراجم لقطلوبغا (ص/ 257)، والفوائد البهية للكنوي (ص/ 205).
(1)
انظر: كشف الأسرار (2/ 172). والنسفي هو: عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي، أبو البركات حافظ الدين، أحد أئمة المذهب الحنفي، عديم النظير في زمانه، علامة الدنيا، ورأس في الفقه وأصوله، بارع في التفسير والحديث ومعانيه، زاهد ورع عامل، من مؤلفاته: التفسير، والمنار في أصول الفقه، والكافي شرح الوافي، وكشف الأسرار شرح المصنف على المنار، وكنز الدقائق، توفي سنة 710 هـ، وقيل: 701 هـ. انظر ترجمته في: الجواهر المضية للقرشي (2/ 294)، والدرر الكامنة لابن حجر (2/ 247)، وتاج التراجم لقطلوبغا (ص/ 174)، والطبقات السنية للغزي (4/ 154)، والفوائد البهية للكنوي (ص/ 130)، والأعلام للزركلي (4/ 192).
(2)
انظر: كتاب في أصول الفقه (ص/ 200). واللامشي هو: محمود بن زيد اللامشي، أبو الثناء، من علماء المذهب الحنفي، كان عالمًا بالفقه والأصول، من مؤلفاته: كتاب في أصول الفقه، وتوفي في أوائل القرن السادس الهجري. انظر ترجمته في: الجواهر المضية للقرشي (3/ 437)، و (4/ 345)، وتاج التراجم لقطلوبغا (ص/ 290).
(3)
انظر: مجموع الفتاوى (20/ 15 - 16).
(4)
انظر: جامع بيان العلم وفضله (2/ 993). وابن خويز هو: محمد بن أحمد بن عبد الله - وقيل: ابن علي بن إسحاق - أبو بكر البصري، ويقال: أبو عبد الله، المعروف بابن خويز =
وابنُ عبد البر
(1)
، وابنُ القيمِ
(2)
، وابنُ أبي العزِّ الحنفي
(3)
، والشوكاني
(4)
.
وقد نَسَبَ ابنُ القيّمِ إلى الإمامِ أحمدَ أنَّه يفرِّق بين التقليدِ والاتباعِ
(5)
؛ أخذًا مِنْ قولِ الإمامِ أحمدَ في روايةِ أبي داودَ: "الاتِّباعُ: أنْ يَتّبعَ الرجلُ ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أصحابِه، ثمَّ هو بعدُ في التابعين مخيّرٌ"
(6)
.
واختارَ التفريقَ بين التقليدِ، والاتباعِ جمعٌ مِن المعاصرين، منهم: الشيخُ محمدٌ الأمين الشنقيطي
(7)
، والدكتورُ محمد مدكور
(8)
، والدكتورُ عياض السلمي
(9)
، والدكتورُ جبريل ميغا
(10)
، والأستاذ محمد عيد
= منداد، ويقال: ابن خواز منداد، من علماء المالكية، وأحد أعلام الأصوليين، له اختيارات في الفقه والأصول خالف فيها مذهبه، وقد وصفه القاضي عياض بأنه لم يكن جيدًا في النظر، ولا بالقوي في الفقه، كان يجانب علم الكلام، وينافر أهله، ويحكم عليهم بأنهم من أهل الأهواء، من مؤلفاته: كتاب كبير في مسائل الخلاف، وكتاب في أصول الفقه، وكتاب في أحكام القرآن، توفي سنة 390 هـ تقريبًا. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك للقاضي عياض (7/ 77)، وتاريخ الإسلام للذهبي (8/ 680)، والوافي بالوفيات للصفدي (2/ 52)، والديباج المذهب لابن فرحون (2/ 229)، ولسان الميزان لابن حجر (7/ 359)، وطبقات المفسرين للداودي (2/ 72)، وشجرة النور الزكية لمخلوف (1/ 103).
(1)
انظر: جامع بيان العلم وفضله (2/ 787).
(2)
انظر: إعلام الموقعين (3/ 464 وما بعدها).
(3)
انظر: الاتباع (ص/23). وابن أبي العز هو: علي بن علي بن محمد بن محمد بن أبي العز الدمشقي الصالحي، صدر الدين أبو الحسن، ولد سنة 731 هـ فقيه حنفي حافظ، مشارك في عدة فنون، وكان قاضي القضاة بالديار المصرية، ثم بدمشق، تولى التدريس والإفتاء، وكان على عقيد السلف الصالح، من مؤلفاته: التنبيه على مشكلات الهداية، وشرح العقيدة الطحاوية، والاتباع، توفي سنة 792 هـ. انظر ترجمته في: إنباء الغمر لابن حجر (3/ 50)، والدرر الكامنة له (3/ 87)، ووجيز الكلام للسخاوي (1/ 295)، وشذرات الذهب لابن العماد (8/ 557).
(4)
انظر: القول المفيد (ص / 161 وما بعدها).
(5)
انظر: إعلام الموقعين (3/ 469).
(6)
مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود (ص/ 368).
(7)
انظر: أضواء البيان (8/ 581 وما بعدها).
(8)
انظر: مناهج الاجتهاد في الإسلام (ص/ 430).
(9)
انظر: أصول الفقه (ص/ 478).
(10)
انظر: دراسة تحليلية مؤصلة لتخريج الفروع على الأصول (ص/ 744).