الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشافعيةِ: "آراء تُعَدُّ مِنْ مذهبِ الشَّافعي، وإِنْ لم يُؤْثَرْ عن الشَّافعي نصٌّ فيها، تلك الآراء الَّتي تُعَدُّ مُخَرّجة على أصولِ الشَّافعي، ولم تكنْ مخالفةً لرأي له، فإِنَّ هذه تُعَدُّ مِنْ مذهبِ الشَّافعي بلا خلافٍ"
(1)
.
وبناءً على ما تقدّم، يمكنُ تعريفُ المذهب بأنّه: أقوالُ الإِمامِ في المسائلِ الشرعيةِ الاجتهاديةِ، وما جرى مجرى قَولِه، وقواعدُ الاستنباطِ الَّتي سار عليها، وما خُرِّج على قولِه، أو على أصلِه.
المناسبة بين التعريض اللغوي للمذهب والاصطلاحي:
يظهرُ أن المعنى اللغويَّ الثاني للمذهبِ أنسبُ للمعنى الاصطلاحي، وكما تقدّمَ مِنْ أنَّ المذهبَ يأتي مصدرًا، واسمَ مكانٍ، فيمكن بيانُ وجهِ المناسبةِ على النحوِ الآتي:
المناسبةُ بين المعنى المصدري للمذهبِ - بمعنى: الذهاب - والمعنى الاصطلاحي هي: حصولُ الذهابِ مِن المجتهدِ إِلى الأحكامِ الشرعيةِ
(2)
.
والمناسبةُ بين المذهب - باعتبارِه: اسم مكان - والمعنى الاصطلاحي، هي: مشابهةُ الأحكامِ للمكانِ؛ لأنَّ الأحكامَ مكانٌ اعتباري لتَرَدّدِ الذِّهن وتأمُّلِه
(3)
.
تعريف التمذهب في الاصطلاح:
سأتحدث عن المعنى الاصطلاحي للتمذهبِ في ضوءِ الآتي:
أولًا: لم يتعرضْ متقدمو الأصوليين - فيما رجعتُ إِليه مِنْ
= في: الأعلام للزركلي (6/ 25)، ومعجم المؤلفين لكحالة (3/ 43)، ومحمد أبو زهرة للدكتور محمد شبير (ص/ 23).
(1)
الشافعي - حياته وعصره (ص/ 321).
(2)
انظر: تقريرات عليش على حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (1/ 19).
(3)
انظر: المصدر السابق.
مصادر - إِلى بيانِ المعنى الاصطلاحى للتمذهبِ، وقُصَارى ما وقفتُ عليه ورودُ مصطلحِ التمذهبِ عَرَضًا في تضاعيف كلامِ بعضِ الأصوليينَ، كأبي الوفاءِ ابنِ عقيلِ، حيثُ يقولُ: "وقيل: الوقوف
(1)
ليس بمذهبٍ، إِنَّما هو جنوحٌ عن التمذهب"
(2)
، ويقولُ في موطنٍ آخر: "قولهم: إِنَّ. ما ذهبتُم إِليه ها هنا يعودُ بقولِكم، ويفضي به إِلى التمذهبِ بمذهبِ
(3)
أهلِ الوقفِ"
(4)
.
ويظهرُ لي أنَّ مرادَ ابنِ عقيلٍ بالتمذهبِ الإِفصاحُ عن المذهبِ.
إِلى جانب ذلك عَرَضَ جمعٌ مِن الأصوليين مسألةَ: (التزام العامي بمذهبٍ معيّنٍ)، بحيثُ يأخذُ برخصِه وعزائمِه، متصلةً بالتمذهب، فَوَرَدَتْ عندهم: هل يلزمُ العامي أنْ يتمذهبَ بمذهبٍ معيَّنٍ، بحيثُ يأخذُ برخصِه وعزائمِه؟
فممَّنْ أوردها بهذه الهيئة: ابنُ الصلاحِ
(5)
، وابنُ حمدان
(6)
، وتقيُّ الدينِ بنُ تيمية
(7)
، وابنُ القيِّمِ
(8)
، وابنُ مفلحٍ
(9)
، وابنُ اللحامِ
(10)
،
(1)
هكذا وردت في: الواضح في أصول الفقه (1/ 31)، ولعل الصواب:"الوقف"، وليس "الوقوف".
(2)
المصدر السابق.
(3)
في المصدر السابق (4/ 112): "مذهب"، ولعل المثبت هو الصواب.
(4)
المصدر السابق.
(5)
انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ 161).
(6)
انظر: أدب الفتوى (ص/ 72).
(7)
انظر: المسودة (2/ 855).
(8)
انظر: إِعلام الموقعين (6/ 203).
(9)
انظر: أصول الفقه (4/ 1562).
(10)
انظر: المختصر في أصول الفقه (ص/168). وابن اللحام هو: عليّ بن محمد بن عليّ بن عبَّاس بن فتيان البعلي الدمشقي، علاء الدين أبو الحسن، المعروف بابن اللحام، ولد بعد سنة 750 هـ كان فقيهًا حنبليًا بارعًا، وأصوليًا متمكنًا، مشاركًا في عدد من الفنون، درَّس وأفتى، ووعظ بالجامع الأموي في حلقة ابن رجب، انتهت إِليه رئاسة المذهب الحنبلي في زمنه، عُرف بالتواضع والزهد، من مؤلفاته: القواعد الأصولية، والأخبار العلمية من الاختيارت الفقهية، وتجريد العناية في تحرير أحكام النهاية، توفي بالقاهرة سنة 803 هـ. =
والمرداويُّ
(1)
.
وصنيعُهم صحيحٌ لا غبارَ عليه، وإِنَّما الخطأُ تَطَرّقَ إِلى مَنْ فَهِمَ مِنْ هذا السياقِ انحصارَ التمذهبِ في صورةِ المسألةِ - كما سيأتي في بعضِ تعريفاتِ المعاصرين بعدَ قليلٍ - مع أنَّ التمذهبَ أوسعُ مِنْ صورةِ المسألةِ، وإنْ كانت هذه الصورةُ هي السائدة في تطبيقِ التمذهبِ في بعض العصور.
يقولُ تاجُ الدّينِ بنُ السبكي: "المحمدون الأربعة: محمد بن نصر
(2)
، ومحمد بن جرير
(3)
،
= انظر ترجمته في: إِنباء الغمر لابن حجر (4/ 301)، والمقصد الأرشد لابن مفلح (2/ 237)، والضوء اللامع للسخاوي (5/ 320)، والجوهر المنضد لابن المبرد (ص/ 80)، والدر المنضد للعليمي (2/ 596)، والسحب الوابلة لابن حميد (2/ 765).
(1)
انظر: التحبير (8/ 4086 - 4087). وقد ذكر جمعٌ من الأصوليين هذه المسألة دون إِيراد لفظ التمذهب، انظر على سبيل المثال: الإِحكام في أصول الأحكام للآمدي (4/ 238)، ومختصر منتهى السول لابن الحاجب (2/ 1265)، والبحر المحيط (6/ 319).
(2)
هو: محمد بن نصر بن الحسين المروزي، أبو عبد الله، ولد ببغداد سنة 202 هـ نشأ بنيسابور، ورحل إِلى عدة أوطان في طلب العلم، واستوطن سمرقند، تمذهب بالمذهب الشَّافعي، وبلغ رتبة الاجتهاد المطلق، كان فقهيًا بارعًا، ومحدثًا متمكنًا، عابدًا ناسكًا، وزاهدًا ورعًا، من أعلم الناس باختلاف الصحابة رضي الله عنهم ومَنْ بعدهم في الأحكام، ومن أجمع الناس للسنن، وأضبطهم لها، من مؤلفاته: الفسامة، وتعظيم قدر الصلاة، وقيام الليل، ورفع اليدين، توفي بسمرقند سنة 294 هـ. انظر ترجمته في: تاريخ مدينة السَّلام للخطيب (4/ 505)، وطبقات الفقهاء للشيرازي (ص/ 104)، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي (1/ 92)، وطبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي (2/ 360)، وسير أعلام النُّبَلاء (14/ 33)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (2/ 246)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (ص/ 34).
(3)
هو: محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري، أبو جعفر، من أهل طبرستان، ولد سنة 224 هـ طوَّف الأقاليم في طلب العلم، كان إِمامًا جليلًا مجتهدًا عالمًا فقيهًا أصوليًا، رأس المفسرين على الإِطلاق، بصيرًا بمعاني كتاب الله، فقهيًا في أحكامه، عارفًا بالقراءات، عالمًا بالآثار والسنن، علامةً في اللغة والتاريخ وأيام الناس، من أعيان عصره، كل ذلك مع الزهد والورع، له مصنفات بديعة، منها: جامع البيان في تفسير القرآن، وتاريخ الأمم والملوك، وتهذيب الآثار، والتبصير في أصول الدين، توفي سنة 310 هـ. انظر ترجمته في: تاريخ مدينة السَّلام للخطيب (2/ 548)، وطبقات الفقهاء للشيرازي (ص/ 95)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (4/ 191)، وطبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي =
وابن خزيمة
(1)
، وابن المنذر
(2)
من أصحابنا، وقد بلغوا درجةَ الاجتهادِ المطلقِ، ولم يخرجْهم ذلك عن كونِهم مِنْ أصحابِ الشَّافعي، المخرِّجين على أصولِه، المتمذهبين بمذهبِه، لوفاقِ اجتهادِهم اجتهادَه
…
فإِنَّهم وإِنْ خَرَجُوا عن رأيّ الإِمامِ الأعظمِ في كثيرِ مِن المسائلِ، فلم يَخْرُجوا في الأغلبِ، فَاعْرِفْ ذلك، واعلمْ أنَّهم في أحزابِ الشافعيةِ معدودون، وعلى أصولِه - في الأغلب - مخرِّجون، وبطريقِه متهذبون، وبمذهبِه متمذهبون"
(3)
.
= (2/ 431)، وسير أعلام النُّبَلاء (14/ 267)، وتذكرة الحفاظ للذهبي (2/ 710)، والوافي بالوفيات للصفدي (2/ 284)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (3/ 120)، وطبقات المفسرين للداودي (2/ 156)، وطبقات المفسرين للأدنه وي (ص/ 48).
(1)
هو: محمد بن إِسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النَّيْسَابُوْرِيّ، أبو بكر، الملقب بإمام الأئمة، ولد سنة 223 هـ أحد الحفاظ الأثبات، محدث فقيه حجة، شافعي المذهب، جمع شتات العلوم، وارتفع مقداره، كان إِمام زمانه بخراسان، عديم النظير، يضرب به المثل في سعة العلم والإِتقان، قال عنه ابن سريج:"يستخرج النكت من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمنقاش"، له منزلة عظيمة في نفوس العلماء، من مؤلفاته: الصحيح، والتوحيد، توفي سنة 311 هـ. انظر ترجمته في: طبقات الفقهاء للشيرازي (ص/ 103)، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي (1/ 78)، وطبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي (2/ 441)، وسير أعلام النُّبَلاء (14/ 365)، والوافي بالوفيات للصفدي (2/ 196)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (3/ 109)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (ص/48).
(2)
هو: محمد بن إِبراهيم بن المنذر النَّيْسَابُوْرِيّ، أبو بكر، ولد في حدود موت الإِمام أحمد بن حنبل (ت: 241 هـ)، كان أحد الأئمة الأعلام، وشيخ الحرم ومفتيه، علامة فقيهًا محدِّثًا حافظًا، زاهدًا ورعًا دينًا، وعداده من فقهاء الشافعية، قال عنه محيي الدين النووي:"له من التحقيق في كتبه ما لا يقاربه فيه أحد"، من مؤلفاته: الإِشراف في معرفة الخلاف، والأوسط في السنن والإِجماع والاختلاف، والإِجماع، والإِقناع، والتفسير، توفي بمكة سنة 318 هـ. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء واللغات للنووي (2/ 196)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (4/ 207)، وطبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي (2/ 493)، وتذكرة الحفاظ للذهبي (3/ 782)، وسير أعلام النُّبَلاء (14/ 490)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (3/ 102)، وطبقات الشافعية للإِسنوي (2/ 374)، ولسان الميزان لابن حجر (6/ 482)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (ص/ 59).
(3)
طبقات الشافعية الكبرى (3/ 102 - 103). وانظر: طبقات الشافعية لابن الصلاح (1/ 277).