الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طلاقَها على حيضِها، وقالت: حِضْتُ، فيه روايةٌ: لا يقبلُ قولُها، فخرَّجها المصنّفُ هنا"
(1)
.
وهذا المثالُ يصلحُ التمثيلُ به للتخريجِ على ما ذكره تقيُّ الدين بنُ تيمية - ومن تبعه - ومنصورٌ البهوتي.
الفرع السابع: النقل والتخريج
جاءَ في استعمالات بعضِ الفقهاءِ عند بعضِ المذاهب مصطلحُ: (النقل والتخريج)، وقد تقدّم لنا الحديثُ عن معناه في مسألةِ:(طرق إثبات قول الإمام)، وسأبيّنُ حديث أرباب المذاهب التي تكلمتْ عنه.
أولًا: النقل والتخريج عند المالكية:
لم يستعمل المالكيةُ مصطلحَ: (النقل والتخريج) - فيما رجعتُ إليه مِنْ مصادر - وأشيرُ إلى أن بعضَ المالكيةِ قد استعملَ مصطلح: (النقل والتخريج) بمعناه دونَ لفظِه، وجعلوه داخلًا تحت مصطلحِ:(التخريج)، كما في كلامِ القاضي ابنِ فرحون المتقدم، حين جَعَلَ التخريجَ ثلاثةَ أنواع، فحقيقةُ النوعِ الثالثِ الذي أورده تتفقُ مع ما قرره الشافعيةُ والحنابلةُ في مصطلح:(النقل والتخريج).
يقولُ عبد الله العلوي: "إنَّ المجتهدَ قد ينصُّ في المسألةِ على شيءٍ، وفي نظيرِها، أي: ما يشابهها، على ما يعارضه، أي: يخالفُه، مع خفاءِ الفرقِ بينهما: فمِنْ أهلِ المذهبِ مَنْ يُقرر النصين في محلِّهما، ويفرِّق
= سنة 862 هـ. انظر ترجمته في: المقصد الأرشد لابن مفلح (3/ 154)، والضوء اللامع للسخاوي (6/ 14)، والمنهج الأحمد للعليمي (5/ 247)، والدر المنضد له (2/ 651)، وشذرات الذهب لابن العماد (9/ 440)، والسحب الوابلة لابن حميد (1/ 295)، وتسهيل السابلة لابن عثيمين (3/ 1367)
(1)
حاشية ابن قندس على الفروع (1/ 357).
بينهما، ومنهم مَنْ يُخرِّجُ نصَّ كلِّ في الأخرى؛ فيحكي في كلِّ قولين: منصوصًا، ومخرَّجًا"
(1)
.
وتبِعَ عبدَ الله العلويَّ بعضُ المالكية، منهم: محمدٌ الأمين الجكني
(2)
، ومحمدٌ الأمين الشنقيطي
(3)
.
ثانيًا: النقل والتخريج عند الشافعية:
وَرَدَ مصطلحُ: (النقل والتخريج) في كتب الشافعيةِ، وقد كَشَف أبو القاسمِ الرافعي عن معناه بقولِه:"إذا وَرَدَ نصَّانِ عن صاحب المذهبِ مختلفانِ، في صورتينِ متشابهتينِ، ولم يظهرْ بينهما ما يصَلحُ فارقًا: فالأصحابُ يخرِّجونَ نصَّه في كلِّ واحدةٍ مِن الصورتين في الصورةِ الأخرى؛ لاشتراكِهما في المعنى، فيحصلُ في كل واحدةٍ مِن الصورتين قولانِ: منصوصٌ، ومخرَّجٌ، المنصوصُ في هذه هو المخرَّجُ في تلك، والمنصوصُ في تلك هو المخرَّجُ في هذه، فيقولون: فيهما قولانِ: بالنقلِ والتخريجِ"
(4)
.
ووافق أبا القاسمِ الرافعيَّ في تقريرِ حقيقةِ مصطلحِ: (النقل والتخريج) عددٌ مِنْ علماءِ الشافعيةِ، منهم: تقيُّ الدين السبكي
(5)
، وبدرُ الدين الزركشي
(6)
، وصدرُ الدّينِ السلمي
(7)
، وابنُ الملقنِ
(8)
.
(1)
نشر البنود (2/ 278).
(2)
انظر: مراقي السعود على مراقي السعود (ص/ 411).
(3)
انظر: نثر الورود (2/ 594).
(4)
العزيز شرح الوجيز (1/ 200).
(5)
انظر: قضاء الأرب في أسئلة حلب (ص/ 411).
(6)
انظر: خبايا الزوايا (ص/ 504 - 506).
(7)
انظر: فرائد الفوائد (ص/ 105).
(8)
انظر: الأشباه والنظائر (1/ 295). وابن الملقن هو: عمر بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد الله الأنصاري المصري، سراج الدين أبو حفص، المعروف بابن الملقن، وابن النحوي، ولد بالقاهرة سنة 723 هـ أصل أبيه من الأندلس، كان ابن الملقن عالمًا عاملًا حافظًا متقنًا، عمدة المحدثين في وقته، فقيهًا مناظرًا، شافعي المذهب، أشعري المعتقد، تولى الإفتاء دهرًا، ودرَّس في عدد من المدارس، من مؤلفاته: الأشباه والنظائر، والإعلام بفوائد عمدة الأحكام، وإنجاز الوعد الوفي في شرح جامع الترمذي، والبدر المنير في تخريج أحاديث =
وقد جاءَ المصطلحُ في تضاعيف كلامِ أبي محمدٍ الجويني
(1)
، ومحيي الدين النووي
(2)
، وتقيّ الدينِ الحصني
(3)
.
ويحتملُ قولُهم بـ (النقل) في مصطلح: (النقل والتخريج) معنيين:
المعنى الأول: أنْ يكونَ بمعنى نقلِ الحكمِ المنصوصِ عليه مِنْ قِبَلِ إمامِ المذهبِ في هذا الفرعِ إلى الفرعِ الآخر، والعكس.
المعنى الثاني: أنْ يكونَ بمعنى الروايةِ، ويكون المعنى: في كلِّ واحدٍ مِن الفرعين قولٌ منقولٌ، أيْ: مروي عن إمامِ المذهبِ، وقولٌ مخرَّجٌ
(4)
.
أمثلة النقل والتخريج عند الشافعية:
ذكرتُ عددًا مِن أمثلةِ النقل والتخريج عند علماءِ الشافعيةِ في مسألةِ: (طرق إثبات قول الإمام)، فأغنى عن ذكرِ أمثلةٍ هنا.
= الشرح الكبير، وتحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج، توفي سنة 804 هـ. انظر ترجمته في: درر العقود الفريدة للمقريزي (4/ 429)، وإنباء الغمر لابن حجر (2/ 216)، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (5/ 41)، والضوء اللامع للسخاوي (6/ 100)، ووجيز الكلام له (1/ 362)، وشذرات الذهب لابن العماد (9/ 71)، والبدر الطالع للشوكاني (ص/ 509).
(1)
انظر: الجمع والفرق (1/ 174).
(2)
انظر: المجموع شرح المهذب (2/ 311).
(3)
انظر: القواعد (3/ 386). وتقي الدين الحصني هو: أبو بكر بن محمد بن عبد المؤمن بن حَرِيز بن معلى الدمشقي، تقي الدين الحصني، من نسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولد عام 752 هـ من أعيان المذهب الشافعي، وشيخ الشافعية بدمشق، كان فقيهًا بارعًا عالمًا زاهدًا متقشفًا، أشعري المعتقد، كثير الحط على تقي الدين بن تيمية، بل كان يجهر بتكفيره! من مؤلفاته: شرح أسماء الله الحسنى، وشرح صحيح مسلم، والقواعد، وتلخيص المهمات، توفي عام 829 هـ. انظر ترجمته في: درر العقود الفريدة للمقريزي (1/ 142)، وإنباء الغمر لابن حجر (8/ 110)، والضوء اللامع للسخاوي (11/ 8)، وشذرات الذهب لابن العماد (9/ 273)، والبدر الطالع للشوكاني (ص/ 182).
(4)
انظر: العزيز شرح الوجيز للرافعي (1/ 200 - 201).