المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثانيا: التعريف الاصطلاحي لظاهر المذهب: - التمذهب – دراسة نظرية نقدية - جـ ١

[خالد الرويتع]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أهمية الموضوع:

- ‌أسباب اختيار الموضوع:

- ‌أهداف الموضوع:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث:

- ‌الصعوبات الَّتي واجهت الباحث:

- ‌الشكر والتقدير:

- ‌الباب الأول: الدراسة النظرية للتمذهب

- ‌المبحث الأول تعريف التمذهب

- ‌المطلب الأول: تعريف التمذهب في اللغة

- ‌ تعريفَ المذهبِ في اللغَةِ

- ‌تعريف التمذهب في اللغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريف التمذهب في الاصطلاح

- ‌تعريف المذهب اصطلاحًا:

- ‌التعريف المُخْتَار:

- ‌المناسبة بين التعريض اللغوي للمذهب والاصطلاحي:

- ‌تعريف التمذهب في الاصطلاح:

- ‌تعريف التمذهب عند المتأخرين:

- ‌العلاقة بين التعريف اللغوي للتمذهب والتعريف الاصطلاحي:

- ‌المبحث الثاني: العلاقة بين التمذهب، والمصطلحات ذات الصلة

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: العلاقة بين التمذهب والتقليد

- ‌تعريف التقليد في اللغة:

- ‌تعريف التقليد في الاصطلاح:

- ‌العلاقة بين التعريف اللغوي والتعريف الاصطلاحي:

- ‌العلاقةُ بين التمذهبِ والتقليدِ:

- ‌المطلب الثاني: العلاقة بين التمذهب والاجتهاد

- ‌تعريف الاجتهاد في اللغة:

- ‌تعريف الاجتهاد في الاصطلاح:

- ‌العلاقة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي:

- ‌العلاقة بين التمذهب والاجتهاد:

- ‌المطلب الثالث: العلاقة بين التمذهب والاتباع

- ‌ تعريفَ الاتّباع في اللغةِ

- ‌تعريف الاتباع في الاصطلاح:

- ‌العلاقة بين التعريف اللغوي والتعريف الاصطلاحي:

- ‌العلاقة بين التمذهب والاتباع:

- ‌المطلب الرابع: العلاقة بين التمذهب والتأسي

- ‌تعريف التأسي في اللغة:

- ‌تعريف التأسي في الاصطلاح:

- ‌العلاقة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي:

- ‌العلاقة بين التمذهب والتأسي:

- ‌المطلب الخامس: العلاقة بين التمذهب والتعصب

- ‌تعريف التعصب في اللغة:

- ‌تعريف التعصب في الاصطلاح:

- ‌العلاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي:

- ‌العلاقة بين التمذهب والتعصب:

- ‌المطلب السادس: العلاقة بين التمذهب والخلاف

- ‌تعريفُ الخلاف في اللغة:

- ‌تعريف الخلاف في الاصطلاح:

- ‌العلاقة بين التعريف اللغوي والتعريف الاصطلاحي:

- ‌فائدة علم الخلاف:

- ‌العلاقة بين التمذهب والخلاف:

- ‌المطلب السابع: العلاقة بين التمذهب والانتصار للمذهب

- ‌تعريف الانتصار في اللغة:

- ‌تعريف الانتصار للمذهب في الاصطلاح:

- ‌العلاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي:

- ‌العلاقة بين التمذهب والانتصار للمذهب:

- ‌المطلب الثامن: العلاقة بين التمذهب والصلابة في المذهب

- ‌تعريف الصلابة في اللغة:

- ‌تعريف الصلابة في المذهب في الاصطلاح:

- ‌ العلاقةِ بين التمذهبِ، والصلابةِ في المذهبِ

- ‌العلاقة بين التعريف اللغوي والتعريف الاصطلاحي:

- ‌المبحث الثالث: أركان التمذهب

- ‌المطلب الأول: إمام المذهب (صاحب المذهب)

- ‌توطئة

- ‌المسأله الأولى: تعريف إمام المذهب

- ‌المسألة الثانية: شروط إمام المذهب

- ‌النوع الأول: الشروطُ المتعلقةُ بالجانبِ الشخصي للمجتهدِ

- ‌النوع الثاني: الشروط المتعلقة بالجانب العلمي للمجتهد:

- ‌المسألة الثالثة: طرق إثبات أقوال إمام المذهب

- ‌توطئة

- ‌الفرع الأول: القول

- ‌الفرع الثاني: مفهوم القول

- ‌الفرع الثالث: الفعل

- ‌الفرع الرابع: السكوت

- ‌الفرع الخامس: التوقف

- ‌ طُرقِ معرفةِ توقّفِ إمامِ المذهبِ

- ‌الفرع السادس: القياس على القول

- ‌الفرع السابع: لازم القول

- ‌الفرع الثامن: ثبوت الحديث

- ‌المطلب الثاني: المتمذهب

- ‌توطئة

- ‌المسألة الأولى: تعريف المتمذهب

- ‌المسألة الثانية: شروط المتمذهب

- ‌المسألة الثالثة: العلاقة بين المتمذهب والمخرِّج

- ‌المسألة الرابعة: العلاقة بين المتمذهب والفروعي

- ‌المسألة الخامسة: تمذهب المجتهد

- ‌المسألة السادسة: مذهب العامي

- ‌المطلب الثالث: المذهب (المتمذهب فيه)

- ‌المسألة الأولى: تعريف المذهب في اللغة والاصطلاح

- ‌المسألة الثانية: محل التمذهب

- ‌المسائل التي ليست مجالًا للتمذهب:

- ‌المسأله الثالثة: شروط نقل المذهب

- ‌شروطُ الناقلِ عن إمامِ المذهبِ:

- ‌المسألة الرابعة: صور الخطأ في نقل المذهب

- ‌المسألة الخامسة: ألفاظ نقل المذهب

- ‌توطئة

- ‌الفرع الأول: الرواية

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للرواية:

- ‌ثانيًا: التعريف الاصطلاحي للرواية:

- ‌الفرع الثاني: التنبيه

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للتنبيه:

- ‌ثانيًا: التعريف الاصطلاحي للتنبيه:

- ‌الفرع الثالث: القول

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للقول:

- ‌ثانيًا: التعريف الاصطلاحي للقول:

- ‌الفرع الرابع: الوجه

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للوجه:

- ‌ثانيًا: التعريف الاصطلاحي للوجه:

- ‌الفرع الخامس: الاحتمال

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للاحتمال:

- ‌ثانيًا: التعريف الاصطلاحي للاحتمال:

- ‌الفرع السادس: التخريج

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للتخريج:

- ‌ثانيًا: التعريف الاصطلاحي للتخريج:

- ‌الفرع السابع: النقل والتخريج

- ‌الفرع الثامن: الصحيح

- ‌الفرع التاسع: المعروف

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للمعروف:

- ‌ثانيًا: المعروف في الاصطلاح:

- ‌الفرع العاشر: الراجح

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للراجح:

- ‌ثانيًا: التعريف الاصطلاحي للراجح:

- ‌الفرع الحادي عشر: قياس المذهب:

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للقياس:

- ‌ثانيًا: التعريف الاصطلاحي لقياس المذهب:

- ‌الفرع الثاني عشر: المشهور من المذهب

- ‌أولا: التعريف اللغوي للمشهور:

- ‌ثانيًا: التعريف الاصطلاحي للمشهور من المذهب:

- ‌الفرع الثالث عشر: ظاهر المذهب

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للظاهر:

- ‌ثانيًا: التعريف الاصطلاحي لظاهر المذهب:

الفصل: ‌ثانيا: التعريف الاصطلاحي لظاهر المذهب:

‌ثانيًا: التعريف الاصطلاحي لظاهر المذهب:

وَرَدَ مصطلحُ: (ظاهر المذهب) في كتب المذاهبِ الفقهيةِ، وقد ذَكَرَتْ بعضُ المذاهب تعريفًا له، ويتصلُ بمصطلحِ:(الظاهر) مصطلح: (الأظهر)، وسأعرضُ المصَطلحين عند المذاهب الفقهية:

أولًا: ظاهر المذهب عند الحنفية:

جاءَ في مدوّناتِ المذهبِ الحنفي مصطلحا: (ظاهر المذهب)، و (الأظهر)، وسأبيّنُ معناهما مبتدئًا بمصطلحِ:(ظاهر المذهب):

مصطلح: (ظاهر المذهب) عند الحنفية:

استعملَ علماءُ الحنفيةِ مصطلح: (ظاهر المذهب)، وهو بمعنى ظاهر الرواية

(1)

.

وظاهرُ الروايةِ عند الحنفيةِ هي: المسائلُ المنقولةُ عن الإمامِ أبي حنيفةَ، وأبي يوسفَ، ومحمد بن الحسن

(2)

.

وقد يكون مِنْ معاني الظاهرِ عند الحنفيةِ الحكمُ المتوافقُ مَعَ ما عُرِفَ مِنْ فروعِ المذهبِ وأصولِه.

أمثلة ظاهر المذهب عند الحنفية:

المثال الأول: يقولُ ابنُ عابدين: "قوله - أي: الحصكفي -: لا قراءةَ قنوتٍ - أيْ: لا تكره للجنب -: هذا ظاهرُ المذهب، وعن محمدٍ أنَّه يُكرَه"

(3)

.

المثال الثاني: يقولُ أبو بكرٍ السرخسي: "ظاهرُ المذهب في بيانِ حدِّ المِصْرِ الجامع: أنْ يكونَ فيه سلطانٌ أو قاضٍ لإقامةِ الحَدودِ، وتنفيذِ الأحكامِ"

(4)

.

(1)

انظر: عمدة الرعاية للكنوي (ص/ 17)، وناظورة الحق للمرجاني (ص/ 49)، والمذهب الحنفى لأحمد نقيب (1/ 359).

(2)

انظر: المصادر السابقة.

(3)

رد المحتار على الدر المختار (1/ 586).

(4)

المبسوط (2/ 23).

ص: 562

المثال الثالث: يقول الكاساني: "لو كان مريضًا لا يَضُرُّه استعمال الماءِ لكنَّه عاجزٌ عن الاستعمالِ بنفسِه، وليس له خادمٌ، ولا مال يستأجرُ به

: أجزأه التيمّمُ

وهو ظاهرُ المذهبِ"

(1)

.

مصطلح: (الأظهر) عند الحنفية:

لم أقفْ - فيما رجعت إليه من مصادر المذهب الحنفي - على تعريفٍ محددٍ للأظهرِ، ومِنْ خلالِ تأمّلِ عددٍ مِن المواضعِ التي استعملَ الحنفيةُ فيها لفظ: الأظهر، ظَهَرَ لي احتمالُ إرادتهم به الأظهر في المذهبِ، أو الأظهر دليلًا.

أمثلة: (الأظهر) عند الحنفية:

المثال الأول: يقولُ أبو بكرٍ السرخسي: "اختلفت الرواياتُ في: الضيافةِ، هل تكون عذرًا؟ - أيْ: في الفطر - فرُوِي عن محمدٍ أنَّه عذرٌ مبيحٌ للفطرِ

وعن أبي حنيفةَ أنَّه لا يكون عذرًا

وعن أبي حنيفةَ أنَّه يكون عذرًا، وهو الأظهرُ

لما رُوي أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دعاك أخوك فأفطر، واقضِ يومًا مكانه) "

(2)

.

(1)

بدائع الصنائع (1/ 48).

(2)

المبسوط (3/ 70)، بتصرف يسير. ولم أقف على الحديث الذي ذكره باللفظ المذكور، وأقرب ما وجدته حديث أبي سعيد الخدري صلى الله عليه وسلم قال: صنع رجلٌ طعامًا ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابَه، فقال رجلٌ: إني صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أخوك صنع طعامًا ودعاك، أفطرْ، واقض يومًا مكانه)، وأخرج الحديث: الطيالسي في: المسند (3/ 655)، برقم (2317)؛ وأحمد بن منيع كما في: المطالب العالية لابن حجر، كتاب: الأطعمة والأشربة، باب: الفطر للصائم المتطوع إذا دعي (10/ 780)، برقم (2424)؛ والطبراني في: المعجم الأوسط (3/ 306)، برقم (3240)، ولفظه:(دعاكم أخوكم، وتكلف لكم، ثم تقول: إني صائم؟ ! أفطرْ، ثم صم يومًا مكانه إن شئت)، وقال:"لا يُرويى هذا الحديث عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد، تفرد به: حمادُ بن أبي حميد". والدارقطني في: السنن، كتاب: الصيام، باب: ما جاء في صيام التطوع والخروج منه قبل تمامه (3/ 140)، برقم (2239)، وقال:"هذا مرسل". وقال البيهقيّ في: مختصر الخلافيات (3/ 100) عن إسناد رواية الدارقطني: "هذا إسنادٌ مظلمٌ، ومحمد بن أبي حميد ضعيف الحديث، قال يحيى بن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث". وأخرجه أيضًا: البيهقي في: السنن الكبرى، كتاب: الصيام، =

ص: 563

المثال الثاني: يقولُ الكاسانيُّ: "لو قال: عُمُرًا - أيْ: حلف لا يكلمه عُمُرًا -: فعن أبي يوسفَ روايتانِ: في روايةٍ: يقعُ على يومٍ، وفي روايةٍ: يقع على ستةِ أشهرٍ، كالحينِ، وهو الأظهرُ"

(1)

.

ثانيًا: ظاهر المذهب عند المالكية:

وَرَدَ في مدوَّنات الفقهِ المالكي مصطلحا: (ظاهر المذهب)، و (الأظهر)، وسأبيّن معنى المصطلحين مبتدئًا بمصطلحِ:(ظاهر المذهب):

ظاهر المذهب عند المالكية:

المرادُ بظاهرِ المذهبِ عند المالكيةِ: المسألةُ التي ليس فيها نصٌّ عن

= باب: التخيير في القضاء إن كان صومه تطوعًا (4/ 279)، وفي: كتاب: الصداق، باب: من استحب الفطر إن كان صومه غير واجب (7/ 264)، وقال:"ورواه ابن أبي فديك عن ابن أبي حميد، وزاد فيه: (إنْ أحببت)، يعني: القضاء، وابن أبي حميد يقال له: محمد - ويقال له: حماد - وهو ضعيف".

وذكر ابن الملقن في: البدر المنير (8/ 28)، وابن حجر في: التلخيص الحبير (5/ 2404) أنَّ ابن السكن صحح حديث أبي سعيد الخدري، وتعقباه فيما قال.

وقال ابن حجر في: فتح الباري (9/ 248) عن الحديث برواية الطيالسي والطبراني: "في إسناده راوٍ ضعيف، لكنه توبع".

وحسن الحديثَ: ابنُ حجر في: فتح الباري (4/ 210)، والألبانيُّ في: إرواء الغليل (7/ 11).

وجاء حديث آخر في المعنى نفسه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: صنع رجلٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم طعامًا، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابًا له، فلما أتى بالطعام تنحى أحدهم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:(مالك؟ ) فقال: إني صائم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:(تكلف لك أخوك، وصنع، ثم تقول: إني صائم! كُلْ، وصم يومًا مكانه)، وأخرجه: الدارقطني في: السنن، كتاب: الصيام، باب: ما جاء في صيام التطوع والخروج منه قبل تمامه (3/ 140)، برقم (2241).

وقال ابن حجر في: التلخيص الحبير (5/ 2404) عن حديث جابر رضي الله عنه: "رواه ابن عدي، وابن حبان في: الضعفاء

وفيه عمرو بن خليف، وهو وضاع". وانظر: البدر المنير لابن الملقن (8/ 28).

وقال البيهقي في: مختصر الخلافيات (3/ 100) عن الحديث: "وروي - أي: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه بإسنادٍ أوهى من هذا، رواه عمرو بن خليف بن إسحاق

وعمرو بن خليف كان يضع الحديث".

(1)

بدائع الصنائع (3/ 52).

ص: 564

الإمامِ، ويُبْنَى حكمُها على قواعدِ المذهبِ

(1)

.

أمَّا إذا وردتْ عبارةُ: الظاهر فقط، فتحتملُ أحد أمرين:

المعنى الأول: أنَّها الظاهرُ مِن المذهبِ.

المعنى الثاني: أنَّها الظاهرُ مِن الدليلِ

(2)

.

أمثلة ظاهر المذهب عند المالكية:

المثال الأول: يقولُ ابنُ شاسٍ بعد ذكرِ أحكامِ إزالةِ النجاسةِ عن الثوبِ: "حُكْمُ الجَسَدِ في النضح حكمُ الثوبِ في ظاهرِ المذهبِ"

(3)

.

المثال الثاني: يقولُ ابنُ الحاجب: "فإنْ أُقِيمتْ - أيْ: صلاة الجماعة - وهو في المسجدِ، فالظاهرُ لزومُها"

(4)

.

مصطلح: (الأظهر) عند المالكية:

اختلفَ علماءُ المالكيةِ في المرادِ بالأظهرِ على قولين:

القول الأول: أنَّه ما اتَّضحَ دليلُه وظَهَرَ، بحيثُ لم يبقَ فيه شبهةٌ، كظهورِ الشمسِ وقتَ الظهيرةِ.

وهذا قولُ بعضِ المالكيةِ

(5)

.

القول الثاني: أنَّه ما اتضحَ دليلُه وظَهَرَ، واشتهرَ بين الأصحابِ.

وهذا قولُ بعضِ المالكيةِ

(6)

.

فعلى القولِ الأولِ هناك فرقٌ بين (الأظهر)، و (الأشهر)؛ وعلى القولِ الثاني لا فرقَ بينهما

(7)

.

(1)

انظر: كشف النقاب الحاجب لابن فرحون (ص/ 96).

(2)

انظر: المصدر السابق.

(3)

عقد الجواهر الثمينة (1/ 24).

(4)

جامع الأمهات (ص/ 107).

(5)

انظر: كشف النقاب الحاجب لابن فرحون (ص/97).

(6)

انظر: المصدر السابق.

(7)

انظر: المصدر السابق.

ص: 565

ويقابلُ الأظهر - في الغالب -: قولٌ دونَه في الظهورِ

(1)

.

أمثلة الأظهر عند المالكية:

المثال الأول: يقولُ ابنُ الحاجبِ في: باب (صلاة العيدين): "المسبوقُ بالتكبيرِ قبلَ الركوعِ يكبّرها - أي: التكبيرات الزوائد -

ثمَّ إنْ كانت الثانيةُ - أي: الركعة الثانية -

بعد ركوعِها: يقضي الأُولى بستِّ - أي: تكبيرات - على الأظهرِ"

(2)

.

المثال الثاني: يقولُ ابنُ الحاجبِ: "إذا استودعه مَنْ ظَلَمَه بمثلِها؛ فثالثها: الكراهةُ، ورابعُها: الاستحباب.

وقال الباجي: والأظهرُ: الإباحةُ؛ لحديثِ هندٍ

(3)

"

(4)

.

ثالثًا: ظاهر المذهب عند الشافعية:

ورد مصطلحا: (ظاهر المذهب)، و (الأظهر) في مدونات المذهب الشافعية، وقد اختلف اصطلاحُ علمائهم فيهما:

(1)

انظر: المصدر السابق.

(2)

جامع الأمهات (ص/ 128).

(3)

لفظ الحديث: عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت هند بنت عتبة - امرأة أبي سفيان - على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إنَّ أيا سفيان رجلٌ شحيحٌ، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيَّ، إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل علي في ذلك من جناحٍ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك)، وأخرجه: البخاري في: صحيحه، كتاب: النفقات، باب: إذا لم ينفق الرجل (ص/1062)، برقم (5364)؛ ومسلم في: صحيحه، كتاب: الأقضية، باب: قضية هند (2/ 819)، برقم (5364)؛ واللفظ له.

وهند هي: هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشية، إحدى الصحابيات، وهي أم معاوية رضي الله عنها، شهدت أحدًا وهي كافرة مع زوجها أبي سفيان بن حرب، كانت تُؤلّب على المسلمين، أسلمت عام الفتح بعد إسلام زوجها أبي سفيان، وأقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم على نكاحهما، توفيت في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في اليوم الذي توفي فيه والد أبي بكر الصديق أبو قحافة رضي الله عنهم، وقيل: إنها توفيت في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه. انظر ترجمتها في: الاستيعاب لابن عبد البر (ص/ 942)، وأسد الغابة لابن الأثير (6/ 292)، والإصابة لابن حجر (8/ 155).

(4)

جامع الأمهات (ص/ 406).

ص: 566

مصطلح: (ظاهر المذهب) عند الشافعية:

جاءَ مصطلحُ: (ظاهرِ المذهبِ) عند علماءِ الشافعيةِ، وظَهَرَت عدةُ اتجاهاتٍ في تحديدِ معناه الاصطلاحي:

الاتجاه الأول: أنَّه القول أو الوجهُ الراجحُ.

وهذا ما سارَ عليه أبو حامدٍ الغزالي

(1)

.

الاتجاه الثاني: أنَّه القولُ الراجحُ.

وهذا ما سارَ عليه أبو إسحاقَ الشيرازي

(2)

، ومحيي الدين النووي

(3)

.

الاتجاه الثالث: أنَّه الوجهُ الراجحُ.

وهذا ما سارَ عليه القاضي البيضاوي

(4)

.

ويقابلُ الظاهر: قولٌ أو وجهٌ غريبٌ، على الخلافِ آنفِ الذكرِ في توسيعِ دائرةِ مصطلحِ:(الظاهر)، أو قَصْرِه على أقوالِ الإمامِ، أو أوجهِ علماءِ المذهبِ

(5)

.

أمثلة الظاهر عند الشافعية:

المثال الأول: يقول أبو حامدٍ الغزالي: "وفي موضعِ التحذيفِ

(6)

- أيْ: في حدِّ الوجهِ في الوضوء - خلافٌ، وظاهرُ المذهبِ أنَّه مِن

(1)

انظر: مقدمة تحقيق الوسيط في المذهب (1/ 240).

(2)

انظر: مقدمة تحقيق المهذب في فقه الإمام الشافعي (1/ 31).

(3)

يفهم هذا مما قرره النووي في تعريف الأظهر، كما سيأتي بعد قليل.

(4)

يفهم هذا مما قرره البيضاوي في تعريف الأظهر، كما سيأتي بعد قليل. وانظر: مقدمة تحقيق الغاية القصوى (1/ 118).

(5)

انظر: المصدر السابق، ومقدمة تحقيق الوسيط في المذهب (1/ 239).

(6)

التحذيف: الشعر الداخل في الوجه ما بين انتهاء العذار والنزعة. انظر: المغني لابن قدامة (1/ 163)، وروضة الطالبين للنووي (1/ 51)، والمصباح المنير للفيومي، مادة:(حذف)، (ص/ 325).=

ص: 567

الوجهِ"

(1)

.

المثال الثاني: يقولُ أبو إسحاقَ الشيرازيُّ: "يجوزُ أنْ يصلي على جنائز بتيمّمٍ واحدٍ، إذا لم يتعيّنْ عليه

وإنْ تعينتْ عليه: ففيه وجهان:

الثاني: يجوزُ، وهو ظاهرُ المذهبِ"

(2)

.

مصطلح: (الأظهر) عند الشافعية:

كما اختلفت اتجاهاتُ الشافعيةِ في تحديدِ مصطلحِ: (الظاهر)، فإنَّ اتجاهاتهم السابقة قد ظَهَرَ أثرُها في تحديد مصطلح:(الأظهر)، فهو كالظاهرِ مِنْ جهةِ شمولِه للقولِ والوجهِ، أو قصرِه على أحدِهما:

الاتجاه الأول: أنَّه الأرجحُ مِن الأقوالِ أو الوجوهِ.

وهذا ما سار عليه أبو حامدٍ الغزالي

(3)

.

الاتجاه الثاني: أنَّه القولُ الذي يزيدُ ظهورًا على القولِ الآخرِ مِنْ قولي، أو أقوالِ الإمامِ الشافعي، وبعبارةٍ أخرى: هو الأرجحُ مِن أقوالِ الإمامِ الشافعي

(4)

.

وهذا ما سارَ عليه أبو إسحاقَ الشيرازي

(5)

، ومحيى الدين النووي

(6)

.

يقولُ النوويُّ في مقدمةِ كتابِه: (منهاج الطالبين)

(7)

: "حيثُ أقولُ: في

= والعذار: الشعر الذي على العظم الناتئ الذي هو سمت صماخ الأذنيين (الشعر النازل على اللحية). انظر: المغني لابن قدامة (1/ 162)، والمصباح المنير للفيومي، مادة:(حذف)، (ص/ 325).

والنزعة: ما انحسر عنه الشعر من الرأس متصاعدًا في جانبي الرأس. انظر: المغني لابن قدامة (1/ 163)، وروضة الطالبين للنووي (1/ 51)، والمصباح المنير للفيومي، مادة:(نزع)، (ص/491).

(1)

الوسيط في المذهب (1/ 258).

(2)

المهذب في فقه الإمام الشافعي (1/ 137).

(3)

انظر: مقدمة تحقيق الوسيط في المذهب (1/ 239).

(4)

انظر: المدخل إلى مذهب الإمام الشافعي للدكتور أكرم القواسمي (ص/ 506).

(5)

انظر: مقدمة تحقيق المهذب للشيرازي (1/ 31).

(6)

انظر: منهاج الطالبين للنووي (1/ 76)، ومقدمة تحقيق الغاية القصوى للبيضاوى (1/ 118).

(7)

(1/ 76).

ص: 568

الأظهر

فمِن القولين - أو الأقوال - فإنْ قويَ الخلافُ، قلتُ: الأظهرُ".

الاتجاه الثالث: أنَّه الوجه المرجّحُ المنقاسُ.

وهذا ما سارَ عليه القاضي البيضاوي

(1)

؛ يقولُ في مقدمةِ كتابِه: (الغاية القصوى)

(2)

: "وأنبّه

على الوجهِ المرجّحِ المنقاسِ، بأنَّ الأظهرَ ذا".

ومقابلُ الأظهر: قولٌ أو وجه - على حسب الخلاف السابق - يشاركُه في الظهورِ، لكنَّ الأظهرَ أشدُّ منه ظهورًا

(3)

.

يقولُ أحمدُ العلوي الشافعي: "فالحاصل أنَّه - أيْ: النووي - إنْ عبَّرَ بالأظهرِ، عُلمَ أنَّ مقابلَه قولٌ قويٌ - أو أقوالٌ قويةٌ - للإمامِ؛ إلا أنَّ العملَ على الراجحِ الذي وَصفَه بالأظهريةِ"

(4)

.

ويستفاد من تعبيرِ الشافعيةِ بالأظهر أمورٌ، منها:

أولها: أنَّ المسألةَ خلافيةٌ.

ثانيها: أنَّ في المسألةِ قولًا راجحًا، وقولًا مرجوحًا.

ثالثها: أنَّ المقابلَ ظاهرٌ في نفسِه.

رابعها: أنَّ الخلافَ بين أقوالِ الإمامِ الشافعي

(5)

، وهذا على اصطلاحِ الشيرازي والنووي، أو بينَ أوجهِ أصحابه، وهذا على اصطلاحِ القاضي البيضاوي، أمَّا على اصطلاحِ الغزالي، فالأَظهرُ يشملُ أقوالَ الإمامِ الشافعي وأوجهَ أصحابِه.

(1)

انظر: مقدمة تحقيق الغاية القصوى (1/ 118).

(2)

(1/ 174).

(3)

انظر: مقدمة تحقيق الغاية القصوى للبيضاوي (1/ 118).

(4)

الابتهاج في بيان اصطلاح المنهاج (1/ 83) مطبوع مع النجم الوهاج للدميري.

(5)

انظر: سلم المتعلم المحتاج للأهدل (1/ 117) مطبوع مع النجم الوهاج للدميري.

ص: 569

أمثلة الأظهر عند الشافعية:

المثال الأول: يقولُ أبو حامدٍ الغزالي: "إذا موَّه الإناءَ بالذهبِ لم يحرُمْ، على أظهرِ المذهبين

وفيه وجهٌ آخر: أنَّه يحرمُ"

(1)

.

المثال الثاني: يقولُ محيي الدين النوويُّ: بعد ذكرِ رخصةِ جمعِ الصلاةِ: "والأظهرُ تخصيصُ الرخصةِ بالمصلّي جماعةً بمسجدٍ بعيدٍ، يتأذى بالمطرِ في طريقِه"

(2)

.

المثال الثالث: يقولُ القاضي البيضاوي: "الثاني - من أركان الصلاة -: التكبير: الله أكبر

لو زاد ما لم يُغيِّر المعنى، مثل: الله الأكبر، جازَ، وكذا: الله الجليلُ أكبر، على الأظهرِ"

(3)

.

رابعًا: ظاهر المذهب عند الحنابلة:

وَرَدَ مصطلحا: (ظاهر المذهب)، و (الأظهر) عند مذهبِ الحنابلةِ، وسأبيّنُ معناهما مبتدئًا بظاهر المذهب:

مصطلح: (ظاهر المذهب) عند الحنابلة:

عرَّفَ الحنابلةُ ظاهرَ المذهب بأنَّه المشهورُ مِن المذهبِ

(4)

، سواءٌ أكانَ روايةً عن الإمامِ أحمدَ، أو وجهًا لأحدِ علماءِ مذهبِه، أو غيرهما

(5)

.

ولا تقالُ هذه العبارة إلا وثَمَّ خلافٌ، إمَّا عن الإمامِ أحمدَ، وإمَّا في المذهبِ

(6)

.

يقولُ شمسُ الدّينِ البعلي: "الظاهرُ: البائنُ الذي ليس يخفى أنَّه

(1)

الوسيط في المذهب (1/ 241).

(2)

منهاج الطالبين (1/ 262).

(3)

الغاية القصوى (1/ 292).

(4)

انظر: الإنصاف (1/ 7)، والمطلع على أبواب المقنع للبعلي (ص/ 461).

(5)

انظر: المدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد (1/ 176).

(6)

انظر: الإنصاف (1/ 7)، والمطلع على أبواب المقنع للبعلي (ص/ 461)، ومقدمة تحقيق الانتصار في المسائل الكبار لأبي الخطاب (1/ 85).

ص: 570

المشهورُ في المذهبِ؛ كنقضِ الوضوءِ بأكلِ لحمِ الجزورِ، ولمس الذَّكرِ، وعدمِ صحةِ الصلاةِ في الدارِ المغصوبةِ.

ولا يكاد يُطلَقُ إلا على ما فيه خلافٌ عن الإمامِ أحمدَ"

(1)

.

وهنا أمرٌ: وهو أنَّه يكثرُ في مدوَّناتِ الفقهِ الحنبلي قولُهم: ظاهرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ كذا، فهل هناك فرقٌ بين هذه العبارة، وقولِهم: ظاهرُ المذهبِ؟

يظهرُ لي أنَّ نَظَرَ العلماءِ في العبارةِ الأُولى: (ظاهر كلام الإمام أحمد) اتجّه إلى دلالةِ كلامِ الإمامِ أحمدَ على الحكم، لا إلى شهرةِ الرأي الذي فُسِّرَ به ظاهر المذهبِ.

أمثلة الظاهر عند الحنابلة:

المثال الأول: يقولُ الموفقُ بنُ قدامةَ: "ولبنُ الميتةِ وإنفحتُها

(2)

: نجسٌ في ظاهرِ المذهبِ"

(3)

.

المثال الثاني: يقولُ منصور البهوتيُّ: "والبَغْلُ والحمارُ نجسانِ في ظاهرِ المذهبِ"

(4)

.

مصطلح: (الأظهر) عند الحنابلة:

معنى الأظهرِ عند الحنابلةِ - بناءً على ما تقدم قبلَ قليلٍ في معنى الظاهرِ -: الأشهرُ في المذهبِ.

(1)

المطلع على أبواب المقنع للبعلي (ص/ 461).

(2)

الإنْفَحة - وتشدد الحاء: شيء يستخرج من بطن الجدي الرضيع، أصفر، فيعصر في صوفةٍ في اللبن، فيغلظ كالجبن. انظر: المغرب في ترتيب المعرب للمطرزي، مادة:(نفح)، (2/ 316)، والمطلع على أبواب المقنع للبعلي (ص/ 10 - 11)، والمصباح المنير للفيومي، مادة:(نفح)، (ص/ 504)، والقاموس المحيط، مادة:(نفح)، (ص/ 314).

(3)

المقنع (1/ 175) مع الشرح الكبير والإنصاف.

(4)

كشاف القناع (2/ 223).

ص: 571

ومقابلُ الأشهر: قولٌ دونَه في الشُهْرةِ.

ولأبي بكرٍ الجراعي اصطلاحُه الخاص في كتابِه: (غاية المطلب)، وخلاصته:

- يقول: "على الأظهر"، أو:"على أظهرها"، للترجيحِ بين الرواياتِ فحسب.

- ويقولُ: "في الأظهر"، أو:"في أظهرها"، للترجيحِ بين الوجوهِ فحسب.

- ويقولُ: "الأظهر"، لما صححه الموفقُ بنُ قدامةَ، أو قدَّمَه

(1)

.

أمثلة الأظهر عند الحنابلة:

المثال الأول: يقولُ ابنُ مفلحٍ: "وعنه: لا ينقضُ - أي: الوضوء - بمسِّ الدبرِ، اختاره جماعةٌ، وهي أظهر"

(2)

.

المثال الثاني: يقولُ المرداويُّ: "لو اقتصَرَ - أيْ: الخطيب في خطبةِ الجمعةِ - على قوله: أطيعوا الله، واجتنبوا معاصيه: فالأظهرُ: لا يكفي "

(3)

.

المثال الثالث: يقول أبو بكرٍ الجراعي: "يُكْرَه - في الأذان - كلامٌ، وسكوتٌ يسيرٌ بلا حاجةٍ على الأظهرِ؛ كإقامةٍ؛ ويبطلُ بيسيرِ كلامٍ محرَّم في الأظهرِ"

(4)

.

المثال الرابع: يقولُ أبو بكرٍ الجراعي: "هل يُكره لُبْثُه فوقَ حاجتِه - أي: عند قضاء الحاجة - أم يحرم؟ فيه: روايتانِ، الأظهرُ الأشهرُ: الكراهةُ"

(5)

.

(1)

انظر: غاية المطلب (ص/ 29 - 30).

(2)

الفروع (1/ 226).

(3)

الإنصاف (2/ 389).

(4)

غاية المطلب (ص/ 70).

(5)

المصدر السابق (ص/ 45).

ص: 572