الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذَهَبَ عليَّ كذا، أيْ: نسيته، وذَهَبَ الرجلُ في القومِ، أيْ: ضلَّ، وفلانٌ يَذْهَبُ إِلى قولِ أبي حنيفةَ، أيْ: يأخذُ به
(1)
.
والمَذْهَبُ: سيرةُ الرجلِ، ومعتقدُه
(2)
.
تعريف التمذهب في اللغة:
ذكرتُ في صدرِ المطلبِ أنَّ التمذهبَ مصدرٌ مِن الفعلِ: (تمذهب)، ووزنُه (تَمَفْعَل)، وقد جاءَ في لغةِ العرب ولسانِهم أفعالٌ على هذا الوزن، مثل: تمسكن وتمدرع وتمندل وتمنطق
(3)
.
يقول سيبويه
(4)
عن وزنِ (تَمَفْعَل): "وقد جاء (تَمَفْعَل)، وهو قليلٌ، قالوا: تَمَسْكَنَ، وتَمَدْرَعَ"
(5)
.
ويدلُّ الوزنُ (تَمَفْعَل) على: الإِظهارِ، والأخذِ
(6)
.
(1)
انظر: أساس البلاغة للزمخشري، مادة:(ذهب)، (ص/ 210).
(2)
انظر: لسان العرب، مادة:(ذهب)، (1/ 394)، وشمس العلوم للحميري، مادة:(ذهب)، (4/ 2304)، والقاموس المحيط، مادة:(ذهب)، (ص / 111)، والكليات للكفوي (ص/ 868).
(3)
انظر: العين للخليل (5/ 410)، والصحاح، مادة:(ندل)، (5/ 1828)، والممتع في التصريف لابن عصفور (1/ 241 - 242)، وارتشاف الضرب لأبي حيان (1/ 171).
(4)
هو: عمرو بن عثمان بن قَنْبَر، أبو بشر، وأبو الحسن الفارسي ثم البصري، مولى بني الحارث بن كعب، المعروف بسيبويه، طلب الفقه والحديث مدةً، ثم أقبل على العربية، أخذ النحو عن الخليل بن أحمد، ولازمه، وكان الخليل يقول لسيبويه إِذا أقبل إِليه:"مرحبًا بزائر لا يُمل"، كان إِمام البصريين، وأحد أعلام النحو البارعين، بل أعلم المتقدمين والمتأخرين به، جرت بينه وبين عدد من النحاة مناظرات، كان في لسانه حبسة، وقلمه أبلغ من لسانه، وسيبويه لقب، قيل في معناه: رائحة التفاح، من مؤلفاته: الكتاب، وهو أشهرها، توفي بشيراز سنة 180 هـ وقيل: بالبصرة سنة 161 هـ. انظر ترجمته في: تاريخ مدينة السَّلام للخطيب (14/ 99)، وإرشاد الأريب لياقوت (5/ 2122)، وإنباه الرواة للقفطي (2/ 346)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (3/ 463)، وسير أعلام النُّبَلاء (8/ 351)، والبلغة للفيروزابادي (ص/ 163)، وبغية الوعاة للسيوطي (2/ 229).
(5)
الكتاب (4/ 286).
(6)
انظر: المفراح في شرح مراح الأرواح لحسن باشا (ص/ 57)، ومحيط المحيط للبستاني، مادة:(ذهب)، (ص/ 312).
فمعنى تمذهبَ بكذا: اتَّبعه واتخذه مذهبًا
(1)
.
وذَكَرَ مؤلِّفُ كتاب: (محيط المحيط)
(2)
أنَّ أكثرَ استعمالِ (تمذهب) في الأديانِ، وقد تستعمَلُ في غيرِها مِنْ مطلقِ الآراءِ.
وما ذكره محلُّ نظرٍ، ولو ادُّعِيَ العكس لما كان بعيدًا عن الصوابِ.
وذَهَبَ جمعٌ مِن العلماءِ مِنْ أهلِ اللغةِ إِلى أنَّ الوزنَ (تَمَفْعَل) شاذٌّ
(3)
.
وهذا محلُّ نظرٍ؛ فقد صرَّحَ كلٌّ مِن ابنِ عصفور
(4)
، وأبي حيان
(5)
بهذا الوزنِ، ولم يشيرا إِلى شذوذِه، وتقدمَ لنا كلامُ سيبويه قبلَ قليلٍ.
(1)
انظر: محيط المحيط للبستاني، مادة:(ذهب)، (ص/ 312).
(2)
انظر: مادة: (ذهب)، (ص/ 312).
(3)
انظر: سر صناعة الإِعراب لابن جني (1/ 433)، والمنصف له (1/ 89)، والصحاح، مادة:(ندل)، (5/ 1828)، والأصول في النحو للسراج البغدادي (3/ 237)، ودقائق التصريف لأبي القاسم المؤدب (ص/ 356)، والمفصل في صنعة الإِعراب للزمخشري (ص/ 358)، والإِيضاح في شرح المفصل لابن الحاجب (1/ 699)، والصفوة الصفية للنيلي (ج 2/ ق 2/ 577)، وشرح سنن أبي داود للعيني (6/ 371).
(4)
انظر: الممتع في التصريف (1/ 241 - 242). وابن عصفور هو: عليّ بن مؤمن بن محمد بن عليّ بن أحمد الحضرمي الإِشبيلي، أبو الحسن، المعروف بابن عصفور، ولد سنة 597 هـ ترقى في دراسة العلم، فكان من علماء العربية، وحامل لوائها بالأندلس، وقد لزم الأستاذ أبا عليّ الشلوبين، واشتغل به عشر سنوات، وختم عليه كتاب سيبويه، وكان من أصبر الناس على المطالعة، لا يمل منها، من مولفاته: الممتع في التصريف، والمقرب، وشرح الجمل، وشرح الحماسة، توفي سنة 669 هـ وقيل: سنة 663 هـ. انظر ترجمته في: الوافي بالوفيات للصفدي (22/ 265)، وفوات الوفيات لابن شاكر (3/ 109)، والبلغة للفيروزابادي (ص/ 160)، وبغية الوعاة للسيوطي (2/ 210)، وشذرات الذهب لابن العماد (7/ 575).
(5)
انظر: ارتشاف الضرب (1/ 171). وأبو حيان هو: محمد بن يوسف بن عليّ بن يوسف بن حيان الأندلسي الغرناطي، أثير الدين أبو حيان النفزي - نسبة إِلى قبيلة من قبائل البربر - ولد بمَطَخْشارَشَ - مدينة مسورة من أعمال غرناطة - سنة 654 هـ كان فريد عصره، وشيخ زمانه، من أئمة اللغة والنحو والصرف، مفسرًا لكتاب الله، عارفًا بالقراءات والحديث والأدب والتاريخ، وشدا طرفًا صالحًا في الفقه الشَّافعي، وقيل: إِنه ظاهري المذهب، وقد أقرأ النحوَ =
ويقولُ ابنُ جني
(1)
: "جاءَ: (تمسْكنَ)، و (تمدْرعَ)، و (تمنطقَ)، و (تمندلَ)، و (تمخرقَ)، وكان يُسمَّى محمدًا، ثمَّ تَمَسْلَم، أيْ: صار يُسمَّى مُسْلِمًا، ومرحبك الله ومسهلك.
فتحملوا -: أيْ: العرب - ما فيه تَبْقِيَة الزائد مع الأصلِ في حالِ الاشتقاقِ؛ كلُّ ذلك توفيةً للمعنى، وحراسةً له، ودلالةً عليه؛ أَلا تراهم إِذ قالوا: تدرَّع، وتسكَّن - وانْ كانت أقوى اللغتين عند أصحابِنا - فقد عرَّضوا أنفسَهم لئلا يُعرفَ غرضُهم: أمِن الدرعِ والسكونِ، أم من المدرعة والمَسكنة؟ وكذلك بقية الباب.
ففي هذا
…
حرمة الزائد في الكلمة عندهم حتى أقروه إِقرارَ الأصولِ"
(2)
.
= في حياة شيوخه؛ لتقدمه فيه، واشتهر اسمُه، وطار صيته، وأخذ عنه أكابر عصره، وكان يقبل على الطلبة الأذكياء، يقول عنه الصفدي:"لم أره قط إِلَّا يسمع، أو يشتغل، أو يكتب، أو ينظر في كتاب"، ألف كتبًا كثيرةً، منها: البحر المحيط في التفسير، والتذييل والتكميل في شرح التسهيل، ومنهج السالك في الكلام على ألفية ابن مالك، وارتشاف الضرب من لسان العرب، والنافع في قراءة نافع، توفي سنة 745 هـ. انظر ترجمته في: الوافي بالوفيات للصفدي (5/ 267)، وفوات الوفيات لابن شاكر (4/ 71)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (9/ 276)، وطبقات الشافعية للإِسنوي (1/ 457)، وبغية الوعاة للسيوطي (1/ 280)، وطبقات المفسرين للداودي (2/ 287)، وشذرات الذهب لابن العماد (8/ 251)، والبدر الطالع للشوكاني (ص/ 806).
(1)
هو: عثمان بن جني الرومي الموصلي، أبو الفتح، المعروف بابن جني، ولد قبل 330 هـ من أئمة اللغة العربية، وأحد النحاة المشهورين، ومن أحذق أهل الأدب، وأعلمهم بالنحو والصرف، لزم أبا عليّ الفارسي دهرًا، وتبعه في أسفاره، واستوطن بغداد، ودرَّس بها العلم إِلى أن مات، تخرج به العلماء الكبار، من مؤلفاته: سر صناعة الإِعراب، والخصائص، والمقصور والممدود، فيعراب الحماسة، توفي سنة 392 هـ. انظر ترجمته في: تاريخ مدينة السَّلام للخطيب (12/ 205)، ونزهة الألباء للأنباري (ص/ 244)، وإرشاد الأريب لياقوت (4/ 1585)، وإِنباه الرواة للقفطي (2/ 335)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (3/ 246)، وسير أعلام النُّبَلاء (17/ 17)، والبلغة للفيروزابادي (ص/ 141)، وبغية الوعاة للسيوطي (2/ 132).
(2)
الخصائص (1/ 229). وقارن بسر صناعة الإِعراب لابن جني (1/ 433).
وقد علَّق الدكتورُ شوقي ضيف في كتابه: تيسيرات لغوية (ص/ 99 - 100) على كلام ابن جني =
وأيضًا: يشهدُ لوزنِ: (تَمَفْعَل): حديثٌ، وأثرٌ:
أمَّا الحديثُ: فقولُه صلى الله عليه وسلم (الصلاةُ مثنى مثنى، في كلِّ تشهدٍ ركعتين، وتخشَّع وتضرَّع وتَمَسْكَن، وتُقْنِعُ يديك
(1)
)
(2)
.
= السابق، قائلًا: "وابنُ جني لا يثبتُ في هذه الأمثلة صيغةَ: (تمفعل) فحسب، بلْ يضيف احتجاجًا لها ذا شقين: أمَّا الشق الأول: أنَّ العرب لجأتْ إِلى هذه الصيغة للتفرقة بين دلالتين: دلالة الفعل المشتق من الحروف الأصلية، ودلالة الفعل المشتق منها ومما زيد معها من الميم.
ويوضح ابنُ جني ذلك في الفعلين: تمدرع وتمسكن، فإنَّ دلالة مجرّدِهما من الميم:(تدرَّع وتسكَّن) تغايرُ دلالة المزيد؛ فتدرّع: لبس درع الحرب، وتمدرع: لبس مدرعةً أو قميصًا من الصوف؛ وتسكَّن: من السكون، ضد الحركة، وتمسكن: من المسكنة، أي: الفقر
…
وواضح أنَّ صيغة: (تمفعل) في الأمثلة كلها تعبِّر عن دلالة خاصة، بجانب دلالة الفعل قبل زيادة الميم
…
ويكمل ابن جني احتجاجه للصيغة الَّتي بنيت على أساسها هذه الأفعال - وهي صيغة: (تمفعل) - فيقول: إِن للحرف الزائد في الكلمة عند العرب، كحرف الميم في هذه الصيغة ما للحرف الأصلي من حُرمة الاشتقاق، وواضحٌ في الاحتجاج أنَّ العرب تصنع ذلك حين تريد التعبير عن دلالات جديدة بجانب دلالة الكلمة مجرَّدة، مما يجعل الحرف الزائد في الألفاظ يأخذ حكم الحروف الأصلية! .
(1)
(تقنع يدبك) أي: ترفعهما حال الدعاء. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير (ص/ 774)، وتحفة الأحوذي للمباركفوري (1/ 681)، وفيض القدير للمناوي (4/ 222).
(2)
جاء الحديث من طريق: الليث بن سعد، حدَّثنا: عبدربه بن سعيد، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الله بن نافع ابن العمياء، عن ربيعة بن الحارث، عن الفضل بن العبَّاس رضي الله عنهما، وأخرجه: البخاري في: التاريخ الكبير (3/ 284) معلَّقًا، وقال بعده:"وهو حديث لا يتابع عليه، ولا يعرف سماع هؤلاء بعضهم من بعض". والترمذي في: جامعه، كتاب: مواقيت الصلاة عن النبي، باب: ما جاء في التخشع في الصلاة (ص/ 104)، برقم (385)؛ والنسائي في: السنن الكبرى، كتاب: السهو، باب: في نقصان الصلاة (1/ 317)، برقم (618)، وفي: كتاب: أبواب الوتر، باب: كيف الرفع؟ (2/ 175)، برقم (1444)؛ وأحمد في: المسند (3/ 315)، برقم (1799)، و (29/ 68) برقم (17525)؛ وأبو يعلى في: مسنده (12/ 101)، برقم (6738)؛ وابن خزيمة في: صحيحه، كتاب: جماع أبواب التطوع، باب: ذكر الأخبار المنصوصة والدالة على خلاف قول من زعم أنْ تطوع النهار أربعًا لا مثنى (2/ 221)، برقم (1213)؛ والطحاوي في: شرح مشكل الآثار، باب: بيان مشكل ما روي عن رسول الله في الصلاة الَّتي سماها خداجًا ما هي؟ (3/ 124)، برقم (1092، 1095)؛ والعقيلي في: الضعفاء (3/ 384)؛ والطَّبراني في: المعجم الكبير (18/ 295)، برقم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (757)؛ وفي: المعجم الأوسط (8/ 278)، برقم (8632)، وقال:"لم يجوَّد إِسنادَ هذا الحديث أحدٌ ممن رواه عن عبد ربه بن سعيد إِلَّا الليث، ورواه شعبة: عن عبد ربه بن سعيد، فاضطرب في إِسناده". وفي: الدعاء، باب: الأمر بالتضرع والتخشع والتمسكن في الدعاء (2/ 828)، برقم (210)، وقال:"ضبط الليثُ إِسنادَ هذا الحديث، ووَهِم فيه شعبة". والبيهقي في: السنن الكبرى، كتاب: الصلاة، باب: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (2/ 488 - 487). وخالف شعبةُ الليثَ بن سعد، فرواه عن عبد الله بن الحارث، عن المطلب بن ربيعة عن النبي، وأخرج الحديثَ من طريق شعبة: أبو داود في: سننه، كتاب: الصلاة، باب: في صلاة النهار (ص/ 201)، برقم (1296)؛ والنسائي في: السنن الكبرى، كتاب: السهو، باب: في نقصان الصلاة (1/ 318)، برقم (619)، وفي: كتاب: أبواب الوتر، باب: كيف الرفع؟ (2/ 171)، برقم (1445)، وقال:"ما نعلم أحدًا روى هذا الحديث غير الليث وشعبة على اختلافهما فيه". وابن ماجة في: سننه، كتاب: إِقامة الصلاة والسُّنَّة فيها، باب: ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (ص/ 234)، برقم (1325)؛ والطيالسي في: مسنده (2/ 706)، برقم (1463)؛ وأحمد في المسند:(19/ 66)، برقم (17523)؛ وابن أبي عاصم في: الآحاد والمثاني (1/ 356 - 357)، وقال:"هذا حديث فيه اختلاف". وابن خزيمة في: صحيحه، كتاب: جماع أبواب التطوع، باب: ذكر الأخبار المنصوصة والدالة على خلاف قول من زعم أنْ تطوع النهار أربعًا لا مثنى (2/ 220)، برقم (1212)؛ والطحاوي في: شرح مشكل الآثار، باب: بيان مشكل ما روي عن رسول الله في الصلاة الَّتي سماها خداجًا ما هي؟ (3/ 124)، برقم (1092، 1093)؛ والعقيلي في: الضعفاء (3/ 384)، وقال عن إِسناد رواية الليث، ورواية شعبة:"وفي الإِسنادين جميعًا نظرٌ" والطَّبراني في: الدعاء، باب: الأمر بالتضرع والتخشع والتمسكن في الدعاء (2/ 829)، برقم (211)؛ والدارقطني في: سننه، كتاب: الصلاة، باب: صلاة النافلة في الليل والنهار (2/ 289)، برقم (1548).
وقد رجح جمعٌ من المحدِّثين روايةَ الليث، وأن شعبة أخطأ في إِسناده، قال الترمذيُّ في: جامعه (ص/ 154): "سمعت محمد بن إِسماعيل يقول: روى شعبةُ هذا الحديث عن عبد ربه بن سعيد، فاخطأ في مواضع: فقال: "عن أنس بن أبي أنس"، وهو عمران ابن أبي أنس، وقال: "عن عبد الله بن الحارث"، وإنما هو عبد الله بن نافع ابن العمياء، عن ربيعة بن الحارث، وقال شعبة: "عن عبد الله بن الحارث، عن المطلب، عن النبي"، وإنما هو عن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب عن الفضل بن عبَّاس عن النبي. قال محمد: وحديث الليث بن سعد صحيح، يعني: أصح من حديث شعبة".
وقال البخاري في: التاريخ الكبير (5/ 213) عن الحديث: "لم يصح حديثه". =
وأمَّا الأثرُ: فما جاءَ عن عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه، قال في كتابِه الَّذي أرسله إِلى أبي عثمان النهدي (1): (اخشوشنوا
= وانظر: المعرفة والتاريخ للفسوي (2/ 202)، وشرح مشكل الآثار للطحاوي (3/ 126 - 127).
وقال أبو حاتم الرَّازي في: العلل (2/ 220) عن الحديث: "حديث الليث أصح؛ لأنَّ أنس بن أبي أنس لا يُعرف"، وقال في: المصدر السابق (2/ 270): "ما يقول الليث أصح؛ لأنَّه قد تابع الليث عمرو بن الحارث، وابنُ لهيعة، وعمر والليث كانا يكتبان، وشعبة صاحب حفظ"، ثم قال عن الحديث:"حسن".
وأخرج رواية ابن لهيعة: الطحاوي في: شرح مشكل الآثار، باب: بيان مشكل ما روي عن رسول الله في الصلاة الَّتي سماها خداجًا ما هي؟ (3/ 126)، برقم (1096)؛ وأبو بكر الشَّافعي في: الغيلانيات (1/ 396)، برقم (439).
وقال عبد الله بن الإِمام أحمد في المسند (29/ 68) بعد رواية الليث: "هذا هو الصواب عندي".
وقال الخطابي في: معالم السنن (2/ 87): "وأصحاب الحديث يُغلِّطون شعبة في رواية هذا الحديث".
وقال ابن عبد البر في: التمهيد (5/ 628) عن رواية الليث: "إِسنادٌ مضطرب ضعيفٌ، لا يحتج بمثله؛ رواه شعبة على خلاف ما رواه الليث".
وقد ضعف الألبانيُّ الحديثَ في: تعليقه على السنن في المواضع السابقة.
وحسَّن الحديثَ السيوطيُّ كما في: فيض القدير للمناوي (4/ 222)، لكن مدار الحديث على عبد الله بن نافع ابن العمياء، قال عنه ابن حجر في: تقريب التهذيب (ص/ 385): "مجهول".
(1)
هو: عبد الرَّحمن بن مل - بتثليث الميم - بن عمرو القضاعي بن عمرو بن عدي بن وهب بن ربيعة القضاعي، ويُعْرَف بأبي عثمان النهدي، أصله من الكوفة، ولما قُتل الحسين بن عليّ تحول إِلى البصرة، وهو مخضرم؛ إِذ أدرك الجاهلية، وأسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يلقه، كان إِمامًا حجةً ثقةً صالحًا كثير العبادة، حسن القراءة، شيخ وقته، لزم سلمان الفارسي رضي الله عنه، فصحبه اثنتي عشرة سنة، وقد روى عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم، منهم: عمر بن الخطاب، وأبي بن كعب، وجابر بن عبد الله، وابن عباس، وابن مسعود، وروى عنه: ثابت البناني، وأيوب السختياني، وحميد الطويل، توفي سنة 95 هـ وقيل: سنة 100 هـ وهو ابن مائة وثلاثين سنة. انظر ترجمته في: الطبقات الكبرى لابن سعد (7/ 97)، وتاريخ مدينة السَّلام للخطيب (11/ 495)، وتهذيب الكمال للمزي (17/ 424)، وسير أعلام النُّبَلاء (5/ 175)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (2/ 555)، وتقريب التهذيب له (ص/ 412)، وشذرات الذهب لابن العماد (1/ 404).
وتمعددوا (1)
…
) (2).
وذَهَبَ جمعٌ مِنْ أهلِ اللغةِ إِلى أنَّ الوزنَ (تَمَفْعَل) ملحقٌ (3) بالرباعي
(1) معنى: "تَمَعْدَدوا"، أي: تشبهوا بعيش معد بن عدنان في تقشفهم وخشونة عيشهم، وكانوا أهل غلظ وقشف، أي: كونوا مثلهم، ودعوا التنعم. وقيل: معنى: "تمعدد": الغلظ، يُقال للغلام إِذا شبَّ وغلظ: قد تمعدد. انظر: الفائق في غريب الحديث للزمخشري مادة: (فرق)، (3/ 105)، والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير، مادة:(معد)، (ص/ 875)، وفيض القدير للمناوي (3/ 268).
(2)
أخرج أثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أبو عوانة في: المستخرج (5/ 231)، برقم (8514)، وصحح ابنُ مفلح في: الفروع (2/ 87)، ومحمد السفاريني في: غذاء الألباب (2/ 341) إِسنادَ رواية أبي عوانة؛ وأبو القاسم البغوي في: الجعديات (1/ 303)، برقم (1001)؛ والطحاوي في: شرح مشكل الآثار، باب: بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: (أما أنا فلا آكل متكئًا)(5/ 339)؛ وفي شرح معاني الآثار، كتاب: الكراهية، باب: الشرب قائمًا (4/ 275)؛ والبيهقي في: السنن الكبرى، كتاب: السبق، باب: التحريض على الرمي (10/ 14).
وقال تقيُّ الدين بن تيمية في: اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 278) عن أثر عمر رضي الله عنه: "هذا مشهور محفوظ عن عمر رضي الله عنه".
وأخرج ابن أبي شيبة في: المصنّف، كتاب: فضائل القرآن، باب: ما جاء في إِعراب القرآن (15/ 433)، برقم (30534) عن عمر بن زيد قال: كتب عمر إِلى أبي موسى: (أما بعد: فتفقهوا في السنن
…
وتمعددوا).
وقد جاء حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولفظه:(تمعددوا واخشوشنوا)، وهو ضعيف جدًّا؛ إِذ مدار الحديث على عبد الله بن سعيد المقبري، وهو ضعيف جدًّا. انظر: تخريج إِحياء علوم الدين للعراقي (2/ 672)، ومجمع الزوائد للهيثمي (5/ 136)، وفيض القدير للمناوي (3/ 268)، وكشف الخفاء للعجلوني (1/ 378)، وسلسلة الأحاديث الضَّعيفة للألباني (7/ 426).
وهنا أثر آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (دارُ المؤمنِ في الجنة لؤلؤة فيها شجرةٌ تنبتُ بالحلل، فياخذُ الرجلُ بأصبعيه حلةً متمنطقة باللؤلؤِ والمرجان)، ولم أذكره في الصلب؛ لأنَّه ورد في بعض المصادر بلفظ:(منطقة). وأخرجه: ابن أبي الدنيا في: صفة الجنة برقم: (151)؛ وابن المبارك في: الزهد، برقم (262)؛ وابن أبي شيبة في: المصنِّف، كتاب: صفة الجنة والنار، باب: ما ذكر في صفة الجنة وما فيها وما أعد لأهلها (18/ 457)، برقم (34174).
وانظر: حادي الأرواح لابن القيم (1/ 435).
(3)
الإِلحاق عند الصرفيين: جعل لفظ على مثال لفظ آخر ليعامل معاملته.
وعرَّفه العيني في: شرحه للمراح (ص/ 49) بقوله: "هو: جعل مثال على مثال أزيد منه ليعامل معاملته" قال: أي ليوازن موازنته.
المزيدِ فيه حرف واحد (1).
وتعقب هذا الشَّيخ محمد الاستراباذي (2)، فقال: "وفي عدِّ النحاة (تَمَدْرع) و (تَمَنْدل) و (تَمَسْكن) مِن الملحقِ نظرٌ، وإِنْ وافقتْ تَدَحْرَجَ في جميع التصاريف؛ وذلك لأنَّ زيادةَ الميمِ فيها ليستْ لقصدِ الإِلحاق، بلْ هي مِنْ قبيلِ التوهمِ والغلطِ، ظنَّوا أنَّ ميمَ منديل ومسكين ومدرعة فاء الكلمة، كقاف قنديل ودال درهم، والقياسَ تدرع وتندّل وتسكّن
…
فتَمَدْرع وتَمَنْدل وتَمَسْكن، وإِنْ كافتَ على تَمَفعَل في الحقيقةِ، لِكن في توهم تَفَعْلَلَ" (3).
* * *
(1) انظر: المفصل في صنعة الإِعراب للزمخشري (ص/ 375 - 376)، وشرح المفصل في صنعة الإِعراب للخوارزمي (3/ 336)، وارتشاف الضرب لأبي حيان (1/ 171)، والمفراح في شرح مراح الأرواح لحسن باشا (ص/ 57)، والمزهر في علوم اللغة للسيوطي (2/ 41)، وتاج العروس، مادة:(سكن)، (35/ 202).
(2)
هو: محمد بن الحسن الرضي الاستراباذي، نجم الدين، ونجم الأئمة، ولد سنة 624 هـ من علماء النحو والصرف، ومؤلفاته دالة على سعة علمه، منها: شرح كافية ابن الحاجب، وشرح شافية ابن الحاجب، يقول جلال الدين السيوطي عن شرح الرضى للكافية:"الَّذي لم يُؤلف على الكافية - بل ولا في غالب كتب النحو - مثلها جمعًا وتحقيقًا وحسن تعليل"، توفي سنة 686 هـ أو: 684 هـ. انظر ترجمته في: بغية الوعاة للسيوطي (1/ 567)، وخزانة الأدب للبغدادي (1/ 28)، والأعلام للزركلي (6/ 86).
(3)
شرح شافية ابن الحاجب (1/ 68). وانظر: الصحاح، مادة:(سكن)، (5/ 2137).
ولمزيد من التوسع في صيغة: (تمفعل) انظر: تيسيرات لغوية للدكتور شوقي ضيف (ص/ 98 - 102)، وآراء ابن بري التصريفية للدكتور فراج الحمد (1/ 379 - 380).