الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما تنسيق الصفات
- فهو أن يذكر الشىء بصفات متوالية، كقوله عز وجل: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ
الآية، وقوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً*
وقول النبى صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأحبّكم إلىّ وأقربكم منّى مجالس يوم القيامة؟
أحاسنكم أخلاقا، الموطّئون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون» ؛ ومن النظم قول أبى طالب فى النبى صلى الله عليه وسلم:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
…
ثمال اليتامى عصمة للأرامل
وقول المتنبىّ:
دان بعيد محبّ مبغض بهج
…
أغرّ حلو ممرّ ليّن شرس.
وأما الإيهام
- ويقال له التورية والتخييل- فهو أن يذكر ألفاظا لها معان قريبة وبعيدة، فإذا سمعها الإنسان سبق إلى فهمه القريب، ومراد المتكلّم البعيد مثاله قول عمر بن أبى ربيعة:
أيها المنكح الثريّا سهيلا
…
عمرك الله كيف يلتقيان
هى شاميّة إذا ما استقلّت
…
وسهيل إذا استقلّ يمانى
فذكر الثريا وسهيلا ليوهم السامع أنه يريد النجمين، ويقول: كيف يجتمعان والثريّا من منازل القمر الشاميّة، وسهيل من النجوم اليمانيّة؟ ومراده الثريّا التى كان يتغزّل بها لمّا زوّجت بسهيل؛ ومن ذلك قول المعرّى:
إذا صدق الجدّ افترى العمّ للفتى
…
مكارم لا تخفى وإن كذب الخال
فإنّ وهم السامع يذهب إلى الأقارب، ومراده بالجدّ: الحظّ، وبالعمّ: الجماعة من الناس، وبالخال: المخيلة، ومن ذلك قول الحريرىّ فى [وصف «1» الإبرة والميل فى] المقامة الثامنة:
وقوله أيضا:
يا قوم كم من عاتق «2» عانس
…
ممدوحة الأوصاف فى الأنديه
قتلتها لا أتقى وارثا
…
يطلب منّى قودا أو ديه
يريد بالعاتق العانس: الخمر، وبقتلها: مزجها، كما قال حسّان:
إن التى عاطيتنى فرددتها
…
قتلت قتلت فهاتها لم تقتل
وأمثال ذلك كثيرة.
وعند علماء البيان: التخييل تصوير حقيقة الشىء للتعظيم، كقوله تعالى:
وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ
والغرض منه تصوير عظمته والتوقيف «3» على كنه جلاله من غير ذهاب بالقبضة ولا باليمين إلى جهة حقيقة أو مجاز، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم:«إنما نحن حفنة من حفنات ربّنا» قال الزمخشرى: ولا يرى باب فى علم البيان أدقّ ولا ألطف من هذا الباب.