الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجلا ويؤخر أخرى لم يكن من باب المجاز، وكذلك قولك لمن أخذ فى عمل لا يتحصّل منه مقصود: أراك تنفخ فى غير ضرم، وتخطّ على الماء.
قال: وأجمعوا على أن للكناية مزيّة على التصريح لأنك اذا أثبت كثرة القرى بإثبات شاهدها ودليلها فهو كالدعوى التى [معها «1» ] شاهد ودليل، وذلك أبلغ من إثباتها بنفسها.
وأما الخبر وأحكامه
- فقد قال: الخبر هو القول المقتضى تصريحه نسبة معلوم الى معلوم بالنفى أو الإثبات. وتسمية أحد جزئيه بالخبر مجازيّة. ثم المقصود من الخبر إن كان هو الإثبات المطلق فيكون بالاسم، كقوله تعالى: وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ
وإن لم يتمّ ذلك إلا بإشعار زمانه فيكون بالفعل، كقوله تعالى:
هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ
فإن المقصود لا يتمّ بكونه معطيا للرزق [بل بكونه معطيا للرزق «2» ] فى كل حين وأوان، والإخبار بالفعل أخصّ من الإخبار بالاسم، واذا أنعمت النظر وجدت الاسم موضوعا على أن تثبت به المعنى للشىء من غير إشعار بتجدّده شيئا فشيئا، بل جعل الانطلاق أو البسط مثلا صفة ثابتة ثبوت «3» الطول أو القصر فى قولك: زيد طويل أو قصير، بخلاف ما إذا أخبرت بالفعل فإنه يشعر بالتجدّد وأنه يقع جزءا فجزءا، وإذا أردت شاهدا على ذلك فتأمّل هذا البيت:
لا يألف «4» الدرهم المضروب صرّتنا
…
إلا «5» يمرّ عليها وهو منطلق
فجاء بالاسم، ولو أتى بالفعل لم يحسن هذا الحسن. والفعل المتعدى الى جميع مفعولاته خبر واحد، حتى اذا قلت: ضرب زيد عمرا يوم الجمعة خلف المسجد ضربا شديدا تأديبا له كان الخبر «1» شيئا واحدا وهو إسناد الضرب المقيّد بهذه القيود الى زيد، فظهر من ذلك [أن «2» ] قولك: جاءنى رجل مغاير لما دلّ عليه قولك: جاءنى رجل ظريف، وإنك لست فى ذلك [إلا «3» ] كمن يضمّ معنى الى معنى. وحكم المبتدإ «4» والخبر أيضا كذلك، فقول بشّار:
كأن مثار النّقع فوق رءوسنا
…
وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه
خبر واحد. وإذا قلت: الرجل خير من المرأة فاللام فيه قد تكون للعموم أو للخصوص بأن ترجع الى معهود، أو لتعريف الحقيقة مع قطع النظر عن عمومها وخصوصها. واذا قلت: زيد المنطلق، أو زيد هو المنطلق أفاد انحصار المخبر به فى المخبر عنه، فان أمكن الحصر ترك على حقيقته، وإلّا فعلى المبالغة. واذا قلت:
المنطلق زيد فهو إخبار عما عرف بما لم يعرف، فكأن المخاطب عرف أن انسانا انطلق ولم يعرف صاحبه، فقلت: الذى تعتقد انه منطلق زيد.
وأما الذى «5» - فهو للإشارة الى مفرد عند محاولة تعريفه بقضية معلومة كقولك: ذهب الرجل الذى أبوه منطلق، وهو تحقيق قولهم: إنه يستعمل لوصف المعارف بالجمل. والتصديق والتكذيب يتوجهان الى خبر المبتدا لا إلى صفته، فاذا