الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[لأن «1» ] قتل الجميع يدلّ على الوهن والقلّة فكملّه بأخذهم للثأر، وكمّل حسنه بقوله:
«حيث كان» فإنه أبلغ فى الشجاعة؛ ومن ذلك فى النسيب قول كثيّر:
لو أن عزة حاكمت شمس الضحى
…
فى الحسن عند موفّق لقضى لها
لأن قوله: «عند موفق» تكميل للمعنى، إذ ليس كلّ من يحاكم إليه موفقا؛ ومنه قول المتنبىّ:
أشدّ من الرياح الهوج بطشا
…
وأسرع فى الندى منها هبوبا.
وأما المناسبة
-
فهى على ضربين: مناسبة فى المعنى، ومناسبة فى الألفاظ فالمعنويّة أن يبتدئ المتكلّم بمعنى، ثم يتمّم كلامه بما يناسبه معنى دون لفظ، كقوله تعالى: أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ
فقال تعالى فى صدر الآية التى الموعظة فيها سمعيّة: أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ
، وقال بعد ذكر الموعظة: أَفَلا يَسْمَعُونَ
وقال فى صدر الآية التى موعظتها مرئية: أَوَلَمْ يَرَوْا*
وقال بعد الموعظة:
أَفَلا يُبْصِرُونَ.
ومن أمثلة المناسبة المعنويّة قول المتنبىّ:
على سابح موج المنايا بنحره
…
غداة كأنّ النّبل فى صدره وبل
فإنّ بين لفظة السّباحة ولفظتى الموج والوبل تناسبا صار البيت به متلاحما؛ وقول ابن رشيق:
أصحّ وأقوى ما رويناه فى الندى
…
من الخبر المأثور منذ قديم
أحاديث ترويها السيول عن الحيا
…
عن البحر عن جود الأمير تميم
فإنه وفّى المناسبة حقّها فى صحة العنعنة برواية السيول عن الحيى عن البحر، وجعل الغاية فيها جود الممدوح.
والمناسبة اللفظيّة: توخّى الإتيان بكلمات متزنات، وهى على ضربين: تامّة وغير تامّة فالتامّة: أن تكون الكلمات مع الاتّزان مقفّاة، فمن شواهد التامّة قوله تعالى:
ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ
ومن الحديث النبوىّ- صلاة الله وسلامه على قائله- قول النبى صلى الله عليه وسلم للمحسن والحسين- رضى الله عنهما-: «أعيذكما بكلمات الله التامّة، من كل شيطان وهامّه، ومن كل عين لامّه» ولم يقل: «ملمّه» وهى القياس لمكان المناسبة اللفظيّة التامّة؛ ومن شواهد الناقصة قوله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأحبّكم إلىّ وأقربكم منّى مجالس يوم القيامة؟ أحاسنكم أخلاقا، الموطّئون أكنافا» ومما جمع بين المناسبتين قوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إنى أسألك رحمة تهدى بها قلبى، وتجمع بها أمرى، وتلمّ بها شعثى، وتصلح بها غايتى، وترفع بها شاهدى، وتزكىّ بها عملى، وتلهمنى بها رشدى، وتردّ بها ألفتى، وتعصمنى بها من كلّ سوء، اللهم إنى أسألك العون فى القضاء، ونزل الشهداء، وعيش السعداء، والنصر على الأعداء» فناسب صلى الله عليه وسلم بين قلبى وأمرى، وغايتى وشاهدى مناسبة غير تامّة، لأنها فى الزّنة دون التقفية، وناسب بين القضاء والشهداء والسعداء والأعداء مناسبة تامّة فى الزّنة والتقفية؛