الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويذكر على المنابر اسمك، وفى المحاضر ذكرك؛ ففيم أنت الآن من الأمر؟ وما العوض مما ذكرت وعددت، والخلف عمّا وصفت؟ وما استفدت حين أخرجت من الطاعة نفسك، ونفضت منها كفّك، وغمست فى خلافها يدك؟ وما الذى أظلّك بعد انحسار ظلّها عنك؟ أظلّ ذو ثلاث شعب، لا ظليل ولا يغنى من الّلهب؟
قل: نعم، فذاك والله أكنف ظلالك فى العاجلة، وأروحها فى الآجلة؛ إن أقمت على المحادّة والعنود «1» ، ووقفت على المشاقّة والجحود.
ومنه: تأمّل حالك وقد بلغت هذا الفصل من كلامى فستنكرها «2» ، والمس جسدك فانظر هل يحسّ، واجسس عرقك هل ينبض، وفتّش ما حنى عليه اضلاعك هل تجد فى عرضها قلبك؟ وهل حلا بصدرك أن تظفر بفوت مزيح «3» أو موت مريح؟ ثمّ قس غائب أمرك بشاهده، وآخر شأنك بأوّله.
وكتب الصاحب أبو القاسم كافى الكفاة فى وصف كتاب:
ومن هو الذى لا يحبّه وهو علم الفضل، وواسطة الدهر؛ وقرارة الأدب والعلم، ومجمع الدّراية والفهم؛ أمن يرغب عن مكاثرة بمن «4» ينسب الربيع الى خلقه، ويكتسب محاسنه من طبعه، ويتوشّح بأنواره، ويتوضّح بآثار لسانه ويده؟ وصل كتابه، فارتحت لعنوانه قبل عيانه، حتى اذا فضضت ختامه أقبلت الفقر تتكاثر، والدّرر تتناثر؛ والغرر تتراكم، والنّكت تتزاحم؛ فإذا حكمت للفظة بالسّبق أتت أختها تتنافس «5» ،
واقبلت لديها تتفاخر؛ حتى استعفيت من الحكومة، ونفضت يدى من غبار الخصومة؛ وأخذت أقول: كلّكنّ صوادر عن أصل واحد فتسالمن، وأرفاد عن معدن رافد «1» فتصالحن، وقد ولّيت النظر بينهما من كمل لنسج برودهما، ووفّى بنظم عقودهما؛ على أننى يا مولاى أنشأت هذه الأحرف وحولى أعمال وأشغال لا يسلم معهما فكر، ولا يسلم بينهما طبع؛ وتناولت قلما كالابن العاقّ، بل العدوّ المشاقّ؛ اذا أردته استقال، واذا قوّمته مال؛ واذا حثثته وقف، واذا وقفته انحرف؛ أحدل «2» الشّقّ؛ متفاوت البرى، معدوم الجرى؛ محرّف القطّ، مثبّج «3» الخطّ؛ ثم رأيت العدول عنه ضربا من الانقياد لأمره، والانخراط فى سلكه، فجهدته على رغمه، وكددته على صعره؛ لا جرم أنّ جناية اللّجاج بادية على صفحات الحروف لا تخفى، وعادية المحك «4» لائحة على وجوه السطور تتجلّى.
وكتب: والله يعلم أنى أخبرت بورود كتابه واستفزّنى الفرح قبل رؤيته، وهزّ عطفى المرح أمام مشاهدته؛ فما أدرى، أسمعت بورود كتاب، أم ظفرت برجوع شباب؟ ثم وصل بعد انتظار له شديد، وتطلّع الى وصوله طويل عريض؛ فتأمّلته فلم أدر ما تأمّلت، أخطّا مسطورا، أم روضا ممطورا، أم كلاما منثورا، أم وشيا منشورا؟ ولم أدر ما أبصرت فى أثنائه، أأبيات شعر، أم عقود درّ؟ ولم أدر ما جملته، أغيث حلّ بوادى ظمآن، أم غوث سبق إلى لهفان؟.
وكتب: وصل كتاب القاضى فأعظمت قدر النعمة فى مطلعه، وأجللت محلّ الموهبة بموقعه؛ وفضضته عن السحر حلالا، والماء زلالا؛ وسرّحت الطّرف منه