الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يديه، والقيام والصلاة شريكا عنان «1» ؛ وأثنيت عليه، والثناء عند الله بمكان؛ وأخلصت له، والإخلاص مشكور بكلّ لسان.
ومن كلام أبى الفضل محمد بن الحسين بن العميد
- وكان وزيرا كاتبا- كتب عن ركن الدّولة بن بويه كتابا لمن عصى عليه:
كتابى وأنا مترجّح بين طمع فيك، وإياس منك، وإقبال عليك، وإعراض عنك»
؛ فإنك تدلى بسابق خدمة، وتمتّ بسالف حرمة؛ أيسرها يوجب رعاية، ويقتضى محافظة وعناية؛ ثم تشفعهما بحادث غلول وخيانة، وتتبعهما بآنف خلاف ومعصية؛ وأدنى ذلك يحبط أعمالك، ويمحق كلّ ما يرعى لك؛ لا جرم أنّى وقفت بين ميل إليك، وميل عليك؛ أقدّم رجلا لصمدك «3» ، [وأؤخّر «4» ] أخرى عن قصدك؛ وأبسط يدا لاصطلامك واجتياحك، وأثنى ثانية نحو «5» استبقائك واستصلاحك؛ وأتوقّف عن امتثال بعض المأمور فيك ضنا بالنعمة عندك، ومنافسة فى الصّنيعة لديك؛ وتأميلا [لفيئتك «6» ] وانصرافك، ورجاء لمراجعتك وانعطافك؛ فقد يعزب العقل ثم يؤوب، ويغرب اللّبّ ثم يثوب، ويذهب العزم ثم يعود، ويفسد الحزم ثم يصلح، ويضاع الرأى ثم يستدرك، ويسكر المرء ثم يصحو، ويكدر الماء ثمّ يصفو؛ وكلّ ضيقة فإلى رخاء، وكلّ غمرة فإلى انجلاء؛ وكما أنك أتيت من إساءتك ما لم تحتسبه أولياؤك، فلا تدع «7» أن تأتى من إحسانك ما لم ترتقبه أعداؤك؛ وكما
استمرّت بك الغفلة حتى ركبت ما ركبت، واخترت ما اخترت، فلا عجب أن تنتبه انتباهة تبصر فيها قبيح ما صنعت، وسوء ما آثرت؛ وسأقيم على رسمى فى الإبقاء والمماطلة ما صلح، وعلى الاستيناء والمطاولة ما أمكن، طمعا فى إنابتك، وتحكيما «1» لحسن الظنّ بك؛ فلست أعدم فيما أظاهره من إعذارك، وأرادفه من إنذارك، احتجاجا عليك، واستدراجا لك؛ وإن يشإ الله يرشدك، ويأخذ بك الى حظّك ويسدّدك؛ فإنه على كلّ شىء قدير.
وفى فصل منه: وزعمت أنك فى طرف من الطاعة بعد أن كنت متوسّطها، وإن كنت كذلك فقد عرفت حالتيها، وحلبت شطريها، فناشدتك الله لما صدقت عما أسألك: كيف وجدت ما زلت عنه، وتجد ما صرت إليه؟ ألم تكن من الأوّل فى ظلّ ظليل، ونسيم عليل، وريح بليل؛ وهواء ندىّ «2» ، وماء روىّ، ومهاد وطىّ؛ وكنّ كنين، ومكان مكين، وحصن حصين؛ يقيك المتالف، ويؤمنك «3» المخاوف؛ ويكنفك من نوائب الزمان، ويحفظك من طوارق الحدثان؛ عززت «4» به بعد الذّلّة، وكثرت بعد القلّة؛ وارتفعت بعد الضّعة، وأيسرت بعد العسر، وأثريت بعد المتربة، واتّسعت بعد الضيق، وأطافت «5» بك الولايات، وخفقت فوقك الرايات؛ ووطئ عقبك الرجال، وتعلّقت بك الآمال؛ وصرت تكاثر ويكاثر بك، وتشير ويشار اليك؛