الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال ابن المعتزّ: البلاغة أن تبلغ المعنى ولم تطل سفر الكلام؛ خير الكلام ما أسفر عن الحاجة؛ أبلغ الكلام ما يؤنس مسمعه، ويوئس «1» مضيّعه؛ أبلغ الكلام ما حسن إيجازه، وقلّ مجازه، وكثر إعجازه، وتناسبت صدوره وأعجازه؛ البلاغة ما أشار اليه البحترىّ حيث قال:
وركبن اللّفظ القريب فأدركن
…
به غاية المراد البعيد
جمل من بلاغات العجم وحكمها
قال أبرويز لكاتبه: إذا فكّرت فلا تعجل، وإذا كتبت فلا تستعن بالفضول فإنها علاوة على الكفاية، ولا تقصّرن عن التحقيق فإنها هجنة فى المقالة، ولا تلبسن كلاما بكلام، ولا تباعدنّ معنى عن معنى، واجمع الكثير مما تريد فى القليل مما تقول. ووافق كلامه قول ابن المعتزّ: ما رأيت بليغا إلا رأيت له فى المعانى إطالة وفى الألفاظ تقصيرا. وهذا حثّ على الإيجاز. وقال أبرويز أيضا لكاتبه: اعلم أن دعائم المقالات أربع إن التمس إليها «2» خامسة لم توجد، وإن نقص منها واحدة لم تتمّ وهى: سؤالك الشىء، وسؤالك عن الشىء، وأمرك بالشىء، وخبرك عن الشىء؛ فإذا طلبت فأنجح، وإذا سألت فأوضح، وإذا أمرت فأحكم، وإذا أخبرت فحقّق.
وقال بهرام جور: الحكم ميزان الله فى الأرض. ووافق ذلك قول الله تعالى:
(وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ)
وقال أنوشروان لابنه هرمز: لا يكون عندك لعمل البرغاية فى الكثرة، ولا لعمل الإثم غاية فى القلّة. ووافق من كلام العرب قول الأفوه:
والخير تزداد منه ما لقيت به
…
والشر يكفيك منه قلّما زاد
وقال أزدشير بن بابك: من لم يرض بما قسم الله له طالت معتبته، وفحش حرصه، ومن فحش حرصه ذلّت نفسه، وغلب عليه الحسد، ومن غلب عليه الحسد لم يزل مغموما فيما لا ينفعه، حزينا على ما لا يناله. وقال: من شغل نفسه بالمنى لم يخل قلبه من الأسى.
وقال بعضهم: الحقوق أربعة: حقّ لله، وقضاؤه الرضا بقضائه، والعمل بطاعته، وإكرام أوليائه؛ وحقّ لنفسك، وقضاؤه تعهّدها بما يصلحها ويصحّها ويحسم موادّ الأذى عنها؛ وحقّ للنّاس، وقضاؤه عمومهم بالمودّة، ثم تخصيص كلّ امرئ منهم بالتوقير والتفضيل والصّلة؛ وحقّ للسلطان، وقضاؤه تعريفه بما خفى عليه من منفعة رعيّة، وجهاد عدوّ، وعمارة بلد، وسدّ ثغر. وقال بزرجمهر:
إلزام الجهول الحجّة يسير، وإقراره بها عسير.
[صفة الكاتب «1» ] وما ينبغى أن يأخذ به نفسه
قال إبراهيم بن محمد الشيبانىّ: من صفة الكاتب اعتدال القامة، وصغر الهامة وخفة اللهازم «2» ، وكافة اللحية، وصدق الحسّ، ولطف المذهب، وحلاوة الشمائل وخطف الإشارة، وملاحة الزّىّ. وقال: من كمال آلة الكاتب أن يكون بهىّ الملبس، نظيف المجلس، ظاهر المروءة، عطر الرائحة، دقيق الذهن، صادق الحسّ حسن البيان، رقيق حواشى اللسان، حلو الإشارة، مليح الاستعارة، لطيف المسلك مستفره «3» المركب، ولا يكون مع ذلك فضفاض الجثّة، متفاوت الأجزاء، طويل اللحية