الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وممن اشتهر بالفصاحة والبلاغة زياد بن أبيه، والحجّاج بن يوسف الثّقفى
،
وسنذكر نبذة من كلامهما فى التاريخ عند ذكرنا لأخبارهما لمّا ولى كلّ منهما العراق، وما خطب الناس به، ولنذكر فى هذا الموضع من كلام الحجّاج ما لم نورده هناك قيل: لما قدم الحجّاج البصرة خطب فقال: أيها الناس، من أعياه داؤه، فعندى دواؤه؛ ومن استطال أجله، فعلىّ أن أعجّله، ومن ثقل عليه رأسه وضعت عنه ثقله؛ ومن استطال ماضى عمره قصّرت عليه باقيه؛ إن للشّيطان طيفا. وللسّلطان سيفا؛ فمن سقمت سريرته، صحّت عقوبته؛ ومن وضعه ذنبه. رفعه صلبه، ومن لم تسعه العافية، لم تضق عنه الهلكة؛ ومن سبقته بادرة فمه، سبق بدنه بسفك دمه؛ إنى أنذر ثم [لا] أنظر، وأحذّر ثم لا أعذر، وأتوعّد ثم لا أعفو، إنما أفسدكم ترنيق «1» ولاتكم، ومن استرخى لببه «2» ساء أدبه، إنّ الحزم والعزم سلبانى سوطى، وأبدلانى [به] سيفى، فقائمه فى يدى، ونجاده فى عنقى، وذبابه قلادة لمن عصانى، والله لا آمر أحدكم أن يخرج من باب من أبواب المسجد فيحرج من الباب الذى يليه إلا ضربت عنقه.
قال مالك بن دينار: ربّما سمعت الحجّاج يذكر ما صنع فيه أهل العراق وما صنع بهم، فيقع فى نفسى أنهم يظلمونه لبيانه وحسن تخليصه للحجج.
وخطب الحجّاج بعد وقعة دير الجماجم «1» فقال: يا أهل العراق، إنّ الشيطان قد استبطنكم فخالط اللحم والدّم والعصب والمسامع والأطراف والأعضاء «2» والشّغاف «3» ، ثم أفضى الى المخاخ والأصماخ «4» ، ثم ارتفع فعشّش، ثم باض ففرّخ، فحشاكم نفاقا وشقاقا، وأشعركم خلافا، واتخذتموه دليلا تتّبعونه، وقائدا تطيعونه، ومؤامرا «5» تستشيرونه؛ فكيف تنفعكم تجربة، أو تعظكم وقعة؛ أو يحجزكم إسلام، أو ينفعكم بيان؟ ألستم أصحابى بالأهواز؟ حيث رمتم المكر «6» ، وسعيتم بالغدر، واستجمعتم للكفر «7» ، وظننتم أنّ الله خذل «8» دينه وخلافته، وأنا أرميكم بطرفى، تتسلّلون لو اذا، وتنهزمون سراعا، ثم يوم الزاوية [وما يوم «9» الزاوية] ! بها كان «10» فشلكم وتنازعكم وتخاذلكم وبراءة الله منكم، ونكوص وليّكم «11» عنكم إذ ولّيتم كالإبل الشوارد إلى أوطانها