الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخلفتنى المواطر، إلا زبرجا «1» يعقب جوادا، وبهرجا لا يحتمل انتقادا؛ [وأنى لمثلى والقريحة مرجاة «2» ] والبضاعة مزجاة؛ ببراعة الخطاب، ويراعة الكتاب، ولولا دروس معالم البيان، واستيلاء العفاء على هذا اللسان؛ ما فاز لمثلى فيه قدح، ولا تحصّل لى فى سوقه ربح؛ ولكنه جوّ خال، ومضمار جهّال؛ وأنا أعزك الله أربأ بقدر الذخيرة، عن هذه النّتف الأخيرة؛ وأرى أنها قد بلغت مداها، واستوفت حلالها؛ وإنما أخشى القدح فى اختيارك، والإخلال «3» بمختارك؛ وعذرا اليك- أيدك الله- فإنى خطّطت والنوم مغازل، والقرّ نازل؛ والريح تلعب بالسراج، وتصول عليه صولة الحجّاج.
ثم أخذ فى وصف السراج كما ذكرناه فى الباب الرابع من القسم الثانى من الفن الأوّل فى السّفر الأوّل من هذا الكتاب.
ومن كلام الوزير الفقيه أبى القاسم محمد بن عبد الله بن الجدّ
«4» ،
من رسالة خاطب بها ذا الوزارتين أبا بكر المعروف بابن القصيرة- وقد قربت بينهما المسافة ولم يتفق اجتماعهما-:
لم أزل- أعزك الله- استنزل قربك براحة الوهم، عن ساحة النجم؛ وأنصب لك شرك المنى، فى خلس الكرى «5» ، وأعلّل فيه نفس الأمل، بضرب سابق المثل:
ما أقدر الله أن يدنى على شحط
…
من داره الحزن ممن داره صول «1»
فما ظنّك به وقد نزل على مسافة يوم [وطالما نفر عن حبالة نوم «2» ] ، ودنا حتى همّ بالسلام، وقد كان من خدع الأحلام، وناهيك «3» من ظمئى وقد حمت حول المورد الخصر، وذممت الرّشاء «4» بالقصر، ووقف بى ناهض القدر، وقفة العير بين الورد والصّدر؛ فهلّا وصل ذلك الأمل بباع، وسمح الزمن باجتماع؛ وطويت بيننا رقعة الأميال، كما زويت مراحل «5» أيّام وليال؛ وما كان على الأيّام لو غفلت قليلا، حتى أشفى بلقائك غليلا، وأتنسّم من روح مشاهدتك نفسا بليلا؛ ولئن أقعدتنى بعوائقها عن لقاء حرّ، وقضاء برّ؛ وسفر قريب، وظفر غريب؛ فما تحيّفت «6» ودادى، ولا ارتشفت مدادى؛ ولا غاضت كلامى، ولا أحفت أقلامى «7» ؛ وحسبى بلسان النّبل «8» رسولا، وكفى بوصوله أملا وسولا؛ ففى الكتاب بلغة الوطر، ويستدلّ على العين بالأثر؛ على أنى إنما وحيت «9» وحى المشير باليسير، وأحلت فهمك على المسطور فى الضمير؛ وإن فرغت للمراجعة ولو بحرف، أو لمحة طرف؛ وصلت صديقا، وبللت ريقا؛ وأسديت يدا، وشفيت صدى؛ لا زالت أياديك بيضا، وجاهك عريضا؛ ولياليك أسحارا، ومساعيك أنوارا.