الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمّا تشبيه ثلاثة بثلاثة
فكقول الآخر:
ليل وبدر وغصن
…
شعر ووجه وقدّ
خمر ودرّ وورد
…
ريق وثغر وخد.
وأمّا تشبيه أربعة بأربعة
فكقول امرئ القيس:
له أيطلا «1» ظبى وساقا نعامة
…
وإرخاء سرحان وتقريب تتفل
وكقول أبى نواس:
تبكى فتذرى الدّر من نرجس
…
وتلطم الورد بعناب،
وأمّا تشبيه خمسة بخمسة
فكقول أبى الفرج الواوا الدمشقى «2» :
قالت متى البين يا هذا فقلت لها
…
إمّا غدا زعموا أولا فبعد غد
فأمطرت لؤلؤا من نرجس فسقت
…
وردا وعضّت على العنّاب بالبرد
وشبّه قاضى القضاة نجم الدين بن البارزىّ سبعة أشياء بسبعة أشياء وهى:
يقطّع بالسّكين بطّيخة ضحى
…
على طبق فى نجلس لان صاحبخ
كشمس ببرق قدّ بدر أهلة
…
لدى هالة فى الأفق شتّى كواكبه.
قال: والغرض من التشبيه قد يكون بيان إمكان وجود الشىء عند ادعاء ما لا يكون إمكانه بيّنا، كقول ابن الرّومىّ:
وكم أب قد علا بابن ذرى شرف
…
كما علت برسول الله عدنان
وكقول المتنبى:
فإن تفق الأنام وأنت منهم
…
فإن المسك بعض دم الغزال
أو بيان مقداره، كما إذا حاولت نفى الفائدة عن فعل إنسان قلت: هذا كالقابض على الماء، لأن لخلوّ الفعل عن الفائدة مراتب مختلفة فى الإفراط والتفريط والوسط، فإذا مثّل بالمحسوس عرفت مرتبته، ولذلك لو أردت الإشارة إلى تنافى الشيئين فأشرت إلى ماء ونار فقلت: هذا وذاك هل يجتمعان؟ كان تأثيره زائدا على قولك: هل يجتمع الماء والنار؟ وكذلك إذا قلت فى وصف طول يوم: كأطول ما يتوهّم، أو لا آخر له، أو أنشدت «1» قوله:
فى ليل «2» صول تناهى العرض والطول
…
كأنّما ليله بالليل موصول
لم تجد فيه «3» من الأنس ما تجده فى قوله:
ويوم كظلّ الرمح قصّر طوله
…
دم الزقّ عنّا واصطفاق المزاهر
وما ذاك إلّا للتشبيه بالمحسوس، وإلّا فالأوّل أبلغ، لأن طول الرمح متناه وفى الأوّل حكمت أنّ ليله موصول باللّيل، وكذلك لو قلت فى قصر اليوم: كأنّه ساعة، أو كلمح البصر، لوجدته دون قوله:
ظللنا عند دار أبى أنيس
…
بيوم مثل سالفة «4» الذّباب
وقوله:
ويوم كإبهام القطاة مزيّن
…
إلىّ صباه غالب لى باطله.
قال: وقد يكون غرض التشبيه عائدا على المشبه به، وذلك أن تقصد على عادة التخييل أن توهم فى الشىء القاصر عن نظيره أنه زائد، فتشبّه الزائد به، كقوله:
وبدا «1» الصباح كأنّ غرّته
…
وجه الخليفة حين يمتدح
وهذا أبلغ وأحسن وأمدح من تشبيه الوجه بالصباح، لأن تشبيه الوجه بالصباح أصل متّفق عليه لا ينكر ولا يستكثر، وإنما الذى يستكثر تشبيه الصباح بالوجه.
قال: ثم الغرض بالتشبيه إن كان الحاق الناقص بالزائد امتنع «2» عكسه مع بقاء هذا الغرض، وإن كان الجمع بين شيئين فى مطلق الصورة والشكل واللون صحّ العكس كتشبيه الصبح بغرّة الفرس الأدهم لا للمبالغة فى الضياء، بل لوقوع منير فى مظلم وحصول بياض قليل فى [سواد] كثير.
قال: والتشبيه قد يجىء غريبا يحتاج فى إدراكه الى دقّة نظر، كقول ابن المعتزّ:
والشمس كالمرآة فى كفّ الأشل
والجامع الاستدارة والإشراق مع تواصل الحركة التى تراها للشمس إذا أنعمت التأمّل فى اضطراب نور الشمس، ويقرب منه قول الآخر:
كأن شعاع الشمس فى كلّ غدوة
…
على ورق الأشجار أوّل طالع
دنانير فى كفّ الأشلّ يضمّها
…
لقبض «3» وتهوى [من «4» ] فروج الأصابع
وكقول المتنبىّ:
الشمس من مشرقها قد بدت
…
مشرقة ليس لها حاجب
كأنها بودقة «5» أليت
…
يجول فيها ذهب ذائب