الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الملال من صفته، فلذلك الشاعر جعل هذه الأوصاف من دأبهم، ولو أضاف الى مفعول معيّن لبطل هذا الغرض، وعليه قوله تعالى: وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ
الى قوله تعالى: فَسَقى لَهُما
فقد حذف المفعول فى أربعة مواضع، فإن ذكره ربما يخلّ بالمقصود، فلو قال تعالى مثلا: تذودان غنمهما لتوهّم أنّ الإنكار إنما جاء من ذودهما الغنم لا من مطلق الذّود، كقولك: ما لك تمنع أخاك؟ فإنّ الإنكار من منع الأخ لا من مطلق المنع.
الثانى: أن يكون المقصود ذكره إلا أنك لا تذكره إيهاما بأنك لا تقصد ذكره كقول البحترىّ:
شجو حسّاده وغيظ عداه
…
أن يرى مبصر ويسمع واع
المعنى أن يرى مبصر محاسنه، أو يسمع واع المعنى أن يرى مبصر محاسنه، أو يسمع واع أخباره، ولكنه تغافل عن ذلك إيذانا بأن فضائله يكفى فيها أن يقع عليها بصر أو يعيها سمع حتى يعلم أنه المتفرّد بالفضائل، فليس لحسّاده وعداه أشجى من علم بأن هنا مبصرا وسامعا.
الثالث: أن يحذف لكونه بيّنا، كقولهم: أصغيت اليك، أى أذنى، وأغضيت عليك، أى جفنى.
فصل فى حذف المبتداء والخبر
قال: قد يحسن حذف المبتدإ حيث يكون الغرض أنه قد بلغ فى استحقاق الوصف بما جعل وصفا له الى حيث يعلم بالضرورة أن ذلك الوصف ليس إلا له سواء كان فى نفسه كذلك، أم «1» بحسب دعوى الشاعر على طريق المبالغة، فذكره
يبطل هذا الغرض، ولهذا قال الإمام عبد القاهر: ما من اسم يحذف فى الحالة التى ينبغى أن يحذف فيها إلا وحذفه أحسن من ذكره، فمن حذف المبتدإ قوله تعالى: سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها
أى هذه سورة، وقول الشاعر:
لا يبعد الله التلبّب «1» والغارات
…
إذ قال الخميس نعم
أى هذه نعم، قال عبد القاهر: ومن المواضع التى يطّرد فيها حذف المبتدإ بالقطع «2» والاستئناف أنهم يبدعون بذكر الرجل ويقدّمون بعض أمره، ثم يدعون الكلام الأوّل ويستأنفون كلاما [آخر «3» ] واذا فعلوا ذلك «4» أتوا فى أكثر الأمر بخبر من غير مبتدإ، مثال ذلك قوله:
وعلمت أنّى يوم ذاك
…
منازل كعبا ونهدا
قوم إذا لبسوا الحدي
…
د تنمرّوا خلقا «5» وقدا
وقال الحطيئة:
هم حلوا من الشرف المعلّى
…
ومن حسب العشيرة حيث شاءوا
بناة مكارم وأساة كلم
…
دماؤهم من الكلب «6» الشفاء
وأمثلة ذلك كثيرة.