الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن أمثلة المناسبتين قول أبى تمّام:
مها الوحش إلّا أنّ هاتا أوانس
…
قنا الخطّ «1» إلا أنّ تلك ذوابل
فناسب بين مها وقنا مناسبة تامّة، وناسب بين الوحش والخطّ، وأوانس وذوابل مناسبة غير تامّة.
وأما التفريع
- فهو أن يصدّر المتكلّم أو الشاعر كلامه باسم منفىّ ب «ما» خاصّة، ثم يصف الاسم المنفىّ بمعظم أوصافه اللائقة به فى الحسن أو القبح، ثم يجعله أصلا يفرّع منه جملة من جارّ ومجرور متعلّقة [به «2» ] تعلّق مدح أو هجاء أو فخر أو نسيب أو غير ذلك، يفهم من ذلك مساواة المذكور بالاسم المنفىّ الموصوف كقول الأعشى:
ما روضة من رياض الحزن معشبة
…
خضراء جاد عليها مسبل هطل
يضاحك الشمس منها كوكب «3» شرق
…
مؤزّر بعميم النبت مكتهل
يوما بأطيب منها طيب رائحة
…
ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل
وقول عاتكة المرّية:
وما طعم ماء أىّ ماء تقوله «4»
…
تحدّر من غرّ طوال الذوائب
بمنعرج من بطن واد تقابلت
…
عليه رياح الصيف من كل جانب
نفت جرية الماء القذى عن متونه
…
فليس به عيب تراه لعائب
بأطيب ممن يقصر الطرف دونه
…
تقى الله واستحياء بعض العواقب
وقد وقع الأصل والفرع لأبى تمّام فى بيت واحد، وهو:
ما ربع ميّة معمورا يطيف به
…
غيلان أبهى ربا من ربعها الخرب
ولا الخدود وإن أدمين من خجل
…
أشهى إلى ناظرى من خدّها الترب
ومما ورد فى النثر رسالة ابن القمّىّ التى كتبها إلى سبإ بن أحمد صاحب صنعاء:
وأمّا حال عبده بعد فراقه فى الجلد، فما أمّ تسعة من الولد؛ ذكور، كأنهم عقبان وكور؛ اخترم منهم ثمانيه، فهى على التاسع حانيه، فنادى النذير فى البادية، ياللعادية ياللعادية؛ فلما سمعت الداعى «1» ، ورأت الخيل سواعى؛ أقبلت تنادى ولدها:
الأناة الأناه، وهو يناديها: القناة القناه
بطل كأنّ ثيابه فى سرحة «2»
…
يحذى نعال السّبت «3» ليس بتوأم
فلما رمقته يختال فى غضون الزّرد الموضون «4» أنشأت تقول:
أسد أضبط يمشى
…
بين طرفاء «5» وغيل
لبسه من نسج داود
…
كضحضاح «6» المسيل
عرض له فى البادية أسد هصور، كأنّ ذراعه مسد معصور
فتطاعنا وتواقفت خيلاهما
…
وكلاهما بطل اللقاء مقنّع
فلما سمعت الرّعيل، برزت من الصّرم «1» بصبر قد عيل؛ فسألت عن الواحد فقيل: لحده اللّاحد «2»
فكرّت تبتغيه فصادفته
…
على دمه ومصرعه السباعا
عبثن به فلم يتركن إلا
…
أديما قد تمزق أو كراعا
بأشدّ من عبده تأسّفا، ولا أعظم كمدا وتلهّفا.
قال: وذكر ابن أبى الإصبع فى التفريع قسما ذكره فى صدر الباب، وقال:
إنه هو الذى استخرجه، وهو أن يبتدئ الشاعر بلفظة هى إما اسم أو صفة، ثم يكرّرها فى البيت مضافة إلى أسماء وصفات تتفرع عليها جملة من المعانى فى المدح وغيره، كقول المتنبىّ:
أنا ابن اللقاء أنا ابن السخاء
…
أنا ابن الضّراب أنا ابن الطّعان
أنا ابن الفيافى أنا ابن القوافى
…
أنا ابن السّروج أنا ابن الرّعان «3»
طويل النّجاد طويل العماد
…
طويل القناة طويل السّنان
حديد اللّحاظ حديد الحفاظ
…
حديد الحسام حديد الجنان.