الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المِلْكَ فيها يَنْتَقِلُ إلى الوَكِيلِ، ولا يَصِحُّ بَيْعُه؛ لأنَّه يَبِيعُ ما ليس بمِلْكٍ له (44)، ولا لِمُوَكِّلِه. ولَنا، أنَّه إن كان العامِلُ مُسْلِمًا، فقد اشْتَرَى خَمْرًا، ولا يَصِحُّ أن يَشْتَرِىَ خَمْرًا ولا يَبِيعَهُ، وإن كان ذِمِّيًّا، فقد اشْتَرَى لِلمُسْلِمِ ما لا يَصِحُّ أن يَمْلِكَه ابْتِداءً، فلا يَصِحُّ، كما لو اشْتَرَى الخِنْزِيرَ، ولأنَّ الخَمْرَ مُحَرَّمَةٌ، فلا يَصِحُّ شِرَاؤُها له، كالخِنْزِيرِ والمَيْتَةِ، ولأنَّ ما لا يجوزُ بَيْعُه لا يجوزُ شِرَاؤُه، كالمَيْتَةِ والدَّمِ. وكلُّ ما جَازَ في الشَّرِكَةِ، جازَ في المُضَارَبةِ، وما جَازَ في المُضَارَبةِ، جازَ في الشَّرِكَةِ، وما مُنِعَ منه في إحْداهما (45) مُنِعَ منه في الأُخْرَى (46)؛ لأنَّ المُضارَبةَ شَرِكَةٌ، ومَبْنَى كل واحِدَةٍ منهما على الوَكَالَةِ والأمَانَةِ.
833 - مسألة؛ قال: (وَإِذَا ضَارَبَ لِرَجُلٍ، لَمْ يَجُزْ أنْ يُضَارِبَ لِآخَرَ، إذَا كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْأَوَّلِ. فَإنْ فَعَلَ، ورَبِحَ، رَدَّهُ في شَرِكَةِ الأَوَّلِ)
وجملةُ ذلك أنَّه إذا أخَذَ من إنْسانٍ (1) مُضَارَبةً، ثم أرَادَ أخْذَ مُضَارَبةٍ أُخْرَى (2) من آخَرَ، فأَذِنَ له الأَوَّلُ، جازَ. وإن لم يَأْذَنْ له (3)، ولم يكُنْ عليه ضَرَرٌ، جازَ أيضًا، بغير خِلَافٍ، وإن كان فيه ضَرَرٌ على رَبِّ المالِ الأَوَّلِ (4)، ولم يَأْذَنْ له (5)، مثل أن يكونَ المالُ الثانِى كَثِيرًا يَحْتاجُ (6) أن يَقْطَعَ زَمَانَهُ، ويَشْغَلَه عن التِّجارَةِ في الأَوَّلِ، أو يكونَ (7)
(44) سقط من: ب.
(45)
في أ، ب، م:"أحدهما".
(46)
في الأصل: "الآخر".
(1)
سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: الأصل، أ، ب.
(3)
سقط من: ب.
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
سقط من: الأصل، ب، م.
(6)
في م زيادة: "إلى".
(7)
في أ، ب، م:"ويكون".
المالُ الأَوَّلُ كَثِيرًا متى اشْتَغَلَ عنه بغيرِه انْقَطَعَ عن بعضِ تَصَرُّفاتِه، لم يَجُزْ له ذلك. وقال أكْثَرُ الفُقَهاءِ: يجوزُ؛ لأنَّه عَقْدٌ لا يَمْلِكُ به مَنَافِعَه كلَّها، فلم يَمْنَعْ من المُضَارَبةِ، كما لو لم يكُنْ فيه ضَرَرٌ، وكالأَجِيرِ المُشْتَرَكِ. ولَنا، أنَّ المُضَارَبةَ على الحَظِّ والنَّمَاءِ، فإذا فَعَلَ ما يَمْنَعُه، لم يَكُنْ له، كما لو أرادَ التَّصَرُّفَ بالعَيْنِ، وفارَقَ ما لا ضَرَرَ فيه. فعلى هذا إذا فَعَلَ ورَبِحَ، رَدَّ الرِّبْحَ في شَرِكَةِ الأَوَّلِ، ويَقْتَسِمانِه، فلْيَنْظُرْ (8) ما رَبِحَ في المُضَارَبةِ الثانِيةِ، فيَدْفَعُ إلى رَبِّ المالِ منها نَصِيبَهُ، ويَأْخُذُ المُضَارِبُ نَصِيبَه من الرِّبْحِ، فيَضُمُّهُ إلى رِبْحِ المُضَارَبةِ الأُولَى، ويُقَاسِمُه لِرَبِّ (9) المُضَارَبةِ الأُولَى؛ لأنَّه اسْتَحَقَّ حِصَّتَه من الرِّبْحِ بالمَنْفَعَةِ التي اسْتُحِقَّتْ بالعَقْدِ الأَوَّلِ، فكان بينهما، كرِبْحِ المالِ الأَوَّلِ. فأمَّا حِصَّةُ رَبِّ المالِ الثاني من الرِّبْحِ، فتُدْفَعُ إليه؛ لأنَّ العُدْوانَ من المُضارِبِ لا يُسْقِطُ حَقَّ رَبِّ المالِ الثاني، ولأنَّا لو رَدَدْنَا رِبْحَ الثاني كلَّه في الشَّرِكَةِ الأُولَى، لَاخْتَصَّ الضَّرَرُ بِرَبِّ المالِ الثاني، ولم يَلْحَقِ المُضَارِبَ شيءٌ من الضَّرَرِ، والعُدْوَانُ منه، بل ربَّما انْتَفَعَ إذا كان قد شَرَطَ الأَوَّلُ النِّصْفَ والثانى الثُّلُثَ، ولأنَّه لا يَخْلُو إمَّا أن يُحْكَمَ بِفَسَادِ المُضَاربةِ الثانية، أو بِصِحَّتِها، فإن كانت فاسِدَةً، فالرِّبْحُ كلُّه لِرَبِّ المالِ، ولِلْمُضارِبِ أجْرُ مِثْلِه، وإن حَكَمْنا بِصِحَّتِها، وَجَبَ صَرْفُ حِصَّةِ رَبِّ المالِ إليه بمُقْتَضَى العَقْدِ ومُوجِبِ الشَّرْطِ. والنَّظَرُ يَقتَضِى أن لا يَسْتَحِقَّ رَبُّ المُضَارَبةِ الأُولَى من رِبْحِ (10) الثانيةِ شيئا؛ لأنَّه إنَّما يَسْتحِقُّ بمالٍ أو عَمَلٍ، وليس له في المُضَارَبةِ الثانيةِ مالٌ ولا عَمَلٌ. وتَعَدِّى المُضَارِبِ إنَّما كان بِتَرْكِ العَمَلِ، واشْتِغالِه عن المالِ الأَوَّلِ، وهذا لا يُوجِبُ عِوَضًا، كما لو اشْتَغَلَ بالعَمَلِ في مالِ نَفْسِه، أو آجَرَ نَفْسَه، أو تَرَكَ التِّجَارَةَ لِلَعِبٍ، أو اشْتِغالٍ بِعِلْمٍ، أو غير ذلك. ولو أوْجَبَ عِوَضًا، لأَوْجَبَ شيئا مُقَدَّرًا، لا يَخْتَلِفُ ولا يَتَقَدَّرُ بِرِبْحِه في الثاني. واللَّه أعلمُ.
(8) في الأصل، ب:"ينتظر".
(9)
في م: "رب".
(10)
في الأصل، م:"رب".