الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وُجُودِ الشَّرْطِ. وإن قال: إن شَهِدَ فُلَانٌ عَلَىَّ لك بِأَلْفٍ صَدَّقْتُه. لم يكُنْ إِقْرَارًا؛ لأنَّه يَجُوزُ أن يُصَدِّقَ الكاذِبَ. وإن قال: إن شَهِدَ بها فُلَانٌ فهو صَادِقٌ. احْتَمَلَ أن لا يكونَ إقْرَارًا؛ لأنَّه عَلَّقَهُ على شَرْطٍ، فأَشْبَهَتِ التي قَبْلَها. واحْتَمَلَ أن يكونَ إقْرَارًا في الحالِ؛ لأنَّه لا (22) يُتَصَوَّرُ صِدْقُه إذا شَهِدَ بها، إلَّا أن تكونَ ثَابِتَةً في الحال، وقد أَقَرَّ بِصِدْقِهِ. وإن قال: له عَلَىَّ ألْفٌ إن شَهِدَ بها فُلَانٌ. لم يكُنْ إقْرَارًا؛ لأنه مُعَلَّقٌ على شَرْطٍ.
فصل:
وإن قال: لِى عَلَيْكَ (23) أَلْفٌ. فقال: أنا أُقِرُّ. لم يكُنْ إقْرَارًا؛ لأنَّه وَعَدَ بالإِقْرَارِ في المُسْتَقْبَلِ. وإن قال: لا أُنْكِرُ. لم يكُنْ إقْرارًا؛ لأنَّه لا يَلْزَمُ من عَدَمِ الإِنْكَارِ الإِقْرَارُ، فإنَّ بينهما قِسْمًا آخَرَ، وهو السُّكُوتُ عنهما. وإن قال: لا أُنْكِرُ أن تكونَ مُحِقًّا (24). لم يكُنْ إِقْرَارًا؛ لذلك. وإن قال: أنا مُقِرٌّ. ولم يَزِدْ، احْتَمَلَ أن يكونَ مُقِرًّا؛ لأنَّ ذلك عَقِيبُ الدَّعْوَى، فيَنْصَرِف (25) إليها. وكذلك إن قال: أَقْرَرْتُ. قال اللهُ تعالى: {قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا} (26). ولم يَقُولُوا: أَقْرَرْنَا بذلك. ولا زَادُوا عليه، فكان منهم إِقْرَارًا. واحْتَمَلَ أن لا يكونَ مُقِرًّا؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يُرِيدَ غيرَ ذلك، مثل أن يُرِيدَ: أنا مُقِرٌّ بالشَّهَادَةِ، أو ببُطْلَانِ دَعْوَاكَ. وإن قال: لَعَلَّ أو عَسَى. لم يكن مُقِرًّا؛ لأنَّهما لِلتَّرَجِّى. وإن قال: أَظُنُّ أو أحْسَبُ (27) أو أُقَدِّرُ. لم يكُنْ إِقْرَارًا؛ لأنَّ هذه الأَلْفَاظَ تُسْتَعْمَلُ لِلشَّكِّ. وإن قال: خُذْ، أو اتَّزِنْ. لم يكُنْ إقْرارًا (28)؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ: خُذِ الجَوَابَ، أو اتَّزِنْ شَيْئًا آخَرَ. وإن قال: خُذْهَا،
(22) سقط من: الأصل، م.
(23)
سقط من: أ.
(24)
في الأصل: "حقا".
(25)
في ب، م:"فيصرف".
(26)
سورة آل عمران 81.
(27)
في الأصل، ب، م:"أحب".
(28)
في م: "مقرا".
أو اتَّزِنْها، أو هي صِحَاحٌ. ففيه وَجْهَانِ؛ أحَدُهما ليس بإِقْرَارٍ؛ لأنَّ الصِّفَةَ تَرْجِعُ إلى المُدَّعِى، ولم يُقِرَّ بِوُجُوبِه، ولأنَّه يَجوزُ أن يُعْطِيَهُ ما يَدَّعِيهِ من غيرِ أن يكونَ وَاجِبًا عليه، فأمْرُهُ بِأَخْذِهَا أَوْلَى أن لا يَلْزَمَ منه الوُجُوبُ. والثانى، يكونُ إِقْرَارًا؛ لأنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ إلى ما تَقَدَّمَ. وإن قال: له عَلَىَّ أَلْفٌ إذا جاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ. أو إذا جاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فلَهُ عَلَىَّ أَلْفٌ. فقال أصْحَابُنَا: الأَوَّلُ إِقْرَارٌ، والثانى ليس بإِقْرَارٍ. وهذا مَنْصُوصُ الشّافِعِىِّ؛ لأنَّه في الأَوَّلِ بَدَأَ بالإِقْرَارِ (29)، ثم عَقَّبَهُ بما لا يَقْتَضِى رَفْعَهُ، لأنَّ قولَه: إذا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ. يَحْتَمِلُ أنَّه أرَادَ المَحلَّ، فلا يَبْطُلُ الإِقْرَارُ بأَمْرٍ مُحْتَمِلٍ، وفى الثاني بَدَأَ بالشَّرْطِ [فعَلَّقَ عليه لَفْظًا](30) يَصْلُحُ للإقْرَارِ ويَصْلُحُ لِلْوَعْدِ، فلا يكونُ إِقْرَارًا مع الاحْتِمَالِ. ويَحْتَمِلُ أنَّه لا فَرْقَ بينهما؛ لأنَّ تَقْدِيمَ الشَّرْطِ وتَأْخِيرَه سَوَاءٌ، فيكونُ فيهما جميعا وَجْهَانِ.
(29) في م زيادة: "والثانى ليس بإقرار".
(30)
في ب: "فتعلق عليه لفظ".