الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَوْجُودَةٌ، ولا وَلَاءَ على الوَلَدِ؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُه، فلا يَثْبُتُ إلَّا بِدَلِيلٍ.
فصل:
في الأَلْفاظِ التي يَثْبُتُ بها الإِقْرَارُ، إذا قال: له عَلَىَّ أَلْفٌ. أو قال له: لِى (13) عَلَيْكَ أَلْفٌ؟ فقال: نعم، أو أَجَل، أو صَدَقْتَ، أو لعَمْرِى، أو أنا مُقِرٌّ به، أو بما ادَّعَيْتَ، أو بِدَعْوَاكَ. كان مُقِرًّا في جَمِيعِ ذلك؛ لأنَّ هذه الأَلْفَاظَ وُضِعَتْ لِلتَّصْدِيقِ، قال اللَّه تعالى:{فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ} (14). وإن قال: أليس لي عِنْدَكَ أَلْفٌ؟ قال: بَلَى. كان إقْرارًا صَحِيحًا؛ لأنَّ بَلَى جَوَابٌ لِلسُّؤَالِ بِحَرْفِ النَّفْىِ، قال اللَّه تعالى:{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} (15). وإن قال: لَكَ عَلَىَّ (16) أَلْفٌ في عِلْمِى، أو فيما أعْلَمُ. كان مُقِرًّا به، [لأن ما في عِلْمِه لا يَحْتَمِلُ إلَّا الوُجُوبَ. وإن قال: اقْضِنِى الأَلْفَ الذي لي عَلَيْكَ. قال: نعم. كان مُقِرًّا به] (17)؛ لأنَّه تَصْدِيقٌ لما ادَّعَاهُ. وإن قال: اشْتَرِ عَبْدِى هذا. أو أعْطِنِى عَبْدِى هذا. فقال: نعم. كان إِقْرارًا؛ لما ذَكَرْنَا. وإن قال: [لَكَ عَلَىَّ](18) أَلْفٌ إن شاءَ اللهُ تعالى. كان مُقِرًّا به. نَصَّ عليه أحمدُ. وقال أصْحَابُ الشّافِعِىِّ: ليس بإِقْرَارٍ؛ لأنَّه عَلَّقَ إِقْرَارَهُ على شَرْطٍ، فلم يَصِحَّ، كما لو عَلَّقَهُ على مَشِيئَةِ زَيْدٍ، ولأنَّ ما عُلِّقَ على مَشِيئَةِ اللَّه تعالى لا سَبِيلَ إلى مَعْرِفَتِه. ولَنا، أنَّه وَصَلَ إِقْرَارَه بما يَرْفَعُه كلَّه، ولا يَصْرِفُه إلى غيرِ الإِقْرَارِ، فلَزِمَهُ ما أقَرَّ به، وبَطَلَ ما وَصَلَهُ به، كما لو قال: له (13) عَلَىَّ أَلْفٌ إلَّا ألْفًا. ولأنَّه عَقَّبَ الإِقْرَارَ بما لا يُفِيدُ حُكْمًا آخَرَ، ولا يَقْتَضِى رَفْعَ الحُكْمِ، أشْبَهَ ما لو قال: له عَلَىَّ ألْفٌ في مَشِيئَةِ اللهِ تعالى. وإن قال: له عَلَىَّ أَلْفٌ إلَّا أن يَشَاءَ اللهُ. صَحَّ الإِقْرَارُ؛ لأنَّه أقَرَّ، ثم عَلَّقَ رَفْعَ
(13) سقط من: ب.
(14)
سورة الأعراف 44.
(15)
سورة الأعراف 172.
(16)
في أ: "عندى".
(17)
سقط من: ب. نقلة نظر.
(18)
في الأصل: "لي عليك" خطأ.
الإِقْرَارِ على أمْرٍ لا يُعْلَمُ، فلم يَرْتَفِعْ. وإن قال: لَكَ عَلَىَّ أَلْفٌ، إن شِئْتَ، أو إن شَاءَ زَيْدٌ. لم يَصِحَّ الإِقْرَارُ. وقال القاضي: يَصِحُّ؛ لأنَّه عَقَّبَهُ بما يَرْفَعُه، فصَحَّ الإِقْرَارُ دُونَ ما يَرْفَعُه، كاسْتِثْنَاءِ الكُلِّ، وكما لو قال: إن شَاءَ اللهُ. ولَنا، أنَّه عَلَّقَهُ على شَرْطٍ يُمْكِنُ عِلْمُه، فلم يَصِحَّ، كما لو قال: له عَلَىَّ أَلْفٌ، إن شَهِدَ بها فُلَانٌ. وذلك لأنَّ الإِقْرَارَ إِخْبَارٌ بِحَقٍّ سابِقٍ، فلا يَتَعَلَّقُ على شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ. ويُفَارِقُ التَّعْلِيقَ على مَشِيئَةِ اللهِ تعالى، فإنَّ مَشِيئَةَ اللهِ تعالى تُذْكَرُ في الكَلَامِ تَبَرُّكًا وَصِلَةً وتَفْوِيضًا إلى اللَّه تعالى، لا لِلاشْتِرَاطِ، كقَوْلِ اللهِ تعالى:{لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} (19). وقد عَلِمَ اللهُ أنَّهم سَيَدْخُلُونَ بغير شَكٍّ. ويقولُ (20) الناسُ: صَلَّيْنَا إن شَاءَ اللهُ تعالى. مع تَيَقُّنِهِمْ صَلَاتَهُم، بِخِلَافِ مَشِيئَةِ الآدَمِىِّ. الثاني، أنَّ مَشِيئَةَ اللهِ تعالَى لا تُعْلَمُ إلَّا بِوُقُوعِ الأَمْرِ، فلا يُمْكِنُ وَقْفُ الأَمْرِ على وُجُودِها، ومَشِيئَةُ الآدَمِىِّ يُمْكِنُ العِلْمُ بها، فيُمْكِنُ جَعْلُها شَرْطًا. يَتَوَقَّفُ الأَمْرُ على وُجُودِهَا، والماضِى لا يمْكِنُ وَقْفُه، فيَتَعَيَّنُ حَمْلُ الأَمْرِ ههُنا على المُسْتَقْبَلِ، فيكونُ وَعْدًا لا إِقْرَارًا. وإن قال: بِعْتُكَ إن شاءَ اللهُ تعالى، أو زَوَّجْتُكَ إن شاءَ اللهُ تعالى. فقال أبو إسحاقَ بن شَاقْلَا: لا أعْلَمُ خِلَافًا عنه في أنَّه إذا قِيلَ له: قَبِلْتَ هذا النِّكَاحَ؟ فقال: نعم إن شاءَ اللَّه تعالى. أنَّ النِّكَاحَ وَقَعَ به. قال أبو حنيفةَ: ولو قال: بِعْتُكَ بأَلْفٍ إن شِئْتَ. فقال: قد شِئْتُ وقَبِلْتُ. صَحَّ؛ لأنَّ هذا الشَّرْطَ من مُوجِبِ العَقْدِ ومُقْتَضَاهُ، فإنَّ الإِيجَابَ إذا وُجِدَ من البائِعِ كان القَبُولُ إلى مَشِيئَةِ المُشْتَرِى واخْتِيَارِه. وإن قال: له عَلَىَّ ألْفَانِ (21) إن قَدِمَ فُلَانٌ. لم يَلْزَمْهُ؛ لأنَّه لم يُقِرَّ بها في الحالِ، وما لا يَلْزَمُه في الحالِ، لا يَصِيرُ واجِبًا عند
(19) سورة الفتح 27.
(20)
في ب: "وقول".
(21)
في الأصل: "ألف". وسقط من: أ.