الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَدَّعِيه سِوَاه، لأنَّ الرَّاجِعَ إن كان البائِعَ، فقال: صَدَقَ المُشْتَرِى، كنتُ أعْتَقْتُه. فالوَلَاءُ له، ويَلْزَمُه رَدُّ الثَّمَنِ إلى المُشْتَرِى؛ لإِقْرَارِه بِبُطْلَانِ البَيْعِ، وإن كان الرَّاجِعُ المُشْتَرِىَ، قُبِلَ في المالِ؛ لأنَّ أحَدًا لا يَدَّعِيه سِوَاهُ، ولا يُقْبَلُ قَوْله في نَفْىِ الحُرِّيةِ؛ لأنَّها حَقٌّ لغيره. وإن رَجَعَا معا، فيَحْتَمِلُ أن يُوقَفَ حتى يَصْطَلِحَا عليه؛ لأنَّه لأَحَدِهما، ولا يَعْرِفُ عَيْنَه. ويَحْتَمِلُ أنَّ مَنْ هو في يَدِه يَحْلِفُ ويَأْخُذُه؛ لأنَّه مُنْكِرٌ. وإن لم يَرْجِعْ واحِدٌ منهما، ففيه وَجْهَانِ؛ أحدُهما، يُقَرُّ في يَدِ مَن هو في يَدِه، فإن لم يكُنْ في يَدِ أحَدِهما، فهو لِبَيْتِ المالِ؛ لأنَّ أحَدًا لا يَدَّعِيه. ويَحْتَمِلُ أن يكونَ لِبَيْتِ المالِ على كلِّ حالٍ؛ لذلك.
فصل:
ولو أقَرَّ لِرَجُلٍ بِعَبْدٍ أو غيرِه، ثم جاءَ به، وقال: هذا الذي أقْرَرْتُ [لك به. قال: بل هو غيرُه. لم يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُه إلى المُقَرِّ له؛ لأنَّه لا يَدَّعِيه، ويَحْلِفُ المُقِرُّ أنَّه ليس له عندَه عَبْدٌ سِوَاهُ. فإن رَجَعَ المُقَرُّ له، فادَّعاهُ، لَزِمَهُ دَفْعُه إليه؛ لأنَّه لا مُنَازِعَ له فيه. وإن قال المُقَرُّ له: صَدَقْتَ](10)، هذا لِى والذي أَقْرَرْتَ به آخَرُ لي عِنْدَكَ. لَزِمَهُ تَسْلِيمُ هذا، ويَحْلِفُ على نَفْىِ الآخَرِ.
856 - مسألة؛ قال: (وَلَوْ مَاتَ، فخلَّفَ وَلَدَيْنِ، فأقَرَّ أَحَدُهُما بِأَخٍ أوْ أُخْتٍ، لَزِمَهُ أنْ يُعْطِىَ الْفَضْلَ الَّذِى فِي يَدِهِ لِمَنْ أقَرَّ له بِهِ
(1))
وجملةُ ذلك أنَّ أحَدَ الوَارِثَيْنِ إذا أقَرَّ بِوَارِثٍ ثَالِثٍ، مُشَارِكٍ لهما في المِيرَاثِ، لم يَثْبُتِ النَّسَبُ بالإِجْمَاعِ؛ لأنَّ النَّسَبَ لا يَتبَعَّضُ، فلا يُمْكِنُ إثْبَاتُه في حَقِّ المُقِرِّ دُونَ المُنْكِرِ، ولا يُمْكِنُ إِثْبَاتُه في حَقِّهِما؛ لأنَّ أحَدَهُما مُنْكِرٌ، ولم تُوجَدْ شَهَادَةٌ يَثْبُتُ بها النَّسَبُ، ولكنَّه يُشَارِكُ المُقِرَّ في المِيرَاثِ، في قولِ أكْثرِ أهْلِ العِلْمِ. وقال الشّافِعِىُّ: لا يُشَارِكُه. وحُكِىَ ذلك عن ابنِ سِيرِينَ. وقال إبراهيمُ: ليس بشيءٍ حتى يُقِرُّوا جَمِيعًا؛
(10) سقط من: ب.
(1)
سقط من: أ، ب.
لأنَّه لم يَثْبُتْ نَسَبُه، فلا يَرِثُ، كما لو أقَرَّ بِنَسَبِ مَعْرُوفِ النَّسَبِ. ولَنا، أنَّه أقَرَّ بِسَبَبِ مَالٍ لم يُحْكَمْ بِبُطْلَانِه، فلَزِمَه المالُ، كما لو أقَرَّ بِبَيْعٍ أو أقَرَّ بِدَيْنٍ، فأنْكَرَ (2) الآخَرُ. وفارَقَ ما إذا أقَرَّ بِنَسَبِ مَعْرُوفِ النَّسَبِ؛ فإنَّه مَحْكُومٌ بِبُطْلَانِه. ولأنَّه يُقِرُّ له بمالٍ يَدَّعِيه المُقَرُّ له، ويجوزُ أن يكونَ له، فوَجَبَ الحُكْمُ له به، كما لو أقَرَّ بِدَيْنٍ على أبِيهِ، أو أقَرَّ له وَصِيَّةً، فأنْكَرَ سائِرُ الوَرَثَةِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ الوَاجِبَ له فَضْلُ ما في يَدِ المُقِرِّ عن مِيرَاثِه. وبهذا قال ابنُ أبي لَيْلَى، ومالِكٌ، والثَّوْرِىُّ، والحَسَنُ بن صَالِحٍ، وشَرِيكٌ، ويحيى بن آدمَ، وإسحاقُ، وأبو عُبَيْدٍ، وأبو ثَوْرٍ، وقال أبو حنيفةَ: إذا كان اثْنَانِ، فأقَرَّ أحَدُهما بأَخٍ، لَزِمَه دَفْعُ نِصْفِ ما في يَدِه، وإن أقَرَّ بأُخْتٍ، لَزِمَهُ ثُلُثُ ما في يَدِه؛ لأنَّ (3) المُنْكِرَ (4) أخَذَ ما لا يَسْتَحِقُّه من التَّرِكَةِ، فصَارَ كالغاصِبِ، فيكونُ الباقِى بينهما، كما لو غَصَبَ بعضَ التَّرِكَةِ أجْنَبِىٌّ. ولأنَّ المِيرَاثَ يَتَعَلَّقُ ببعضِ التَّرِكَةِ، كما يَتَعَلَّقُ بجَمِيعِها، فإذا هَلَكَ بعضُها، أو غُصِبَ، تَعَلَّقَ الحَقُّ بِبَاقِيها، والذي في يَدِ المُنْكِرِ كالمَغْصُوبِ، فيَقْتَسِمَانِ الباقِىَ بالسَّوِيَّةِ، كما لو غَصَبَهُ أجْنَبِىٌّ. ولَنا، أنَّ التَّرِكَةَ بينهم أَثْلَاثًا، فلا يَسْتَحِقُّ ممَّا في يَدِه إلَّا الثُّلُثَ، كما لو ثَبَتَ نَسَبُه بِبَيِّنَةٍ. ولأنَّه إِقْرَارٌ بِحَقٍّ يَتَعَلَّقُ بحِصَّتِه وحِصَّةِ أخِيهِ، فلا يَلْزَمُه أكْثَرُ ممَّا يَخُصُّه، كالإِقْرَارِ بالوَصِيَّةِ (5)، وكإقْرَارِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ على مالِ الشَّرِكَةِ بِدَيْنٍ. ولأنَّه لو شَهِدَ معه بالنَّسَبِ أجْنَبِىٌّ ثَبَتَ، ولو لَزِمَهُ أكْثَرُ من حِصَّتِه لم تُقْبَلْ شَهَادَتُه؛ لِكَوْنِه يَجُرُّ بها نَفْعًا، لكَوْنِه يُسْقِطُ عن نَفْسِه بعضَ ما يَسْتَحِقُّه عليه، ولأنَّه حَقٌّ لو ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ لم يَلْزَمْهُ إلَّا قَدْرُ حِصّتِه، فإذا ثَبَتَ بالإِقْرَارِ لم يَلْزَمْهُ أكْثَرُ من ذلك، كالوَصِيَّةِ. وفارَقَ ما إذا غَصَبَ بعضَ التَّرِكَةِ وهما اثْنَانِ، لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ من كلِّ جُزْءٍ من التَّرِكَةِ، وههُنا يَسْتَحِقُّ الثُّلُثَ
(2) في أ: "فأنكره".
(3)
في م: "لأنه".
(4)
سقط من: م.
(5)
في ب: "والوصية".