الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَقْتَضِى اجْتِمَاعَهُما على فِعْلِه، وهو ممَّا يُمْكِنُ، فتَعَلَّقَ بهما. وفارَقَ هذا قولَه: بِعْتُكُما. حيث كان منْقَسِمًا بينهما؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ كونُ المِلْكِ لهما على الاجْتِماعِ، فانْقَسَمَ بينهما. فإن غابَ أحدُ الوَكِيلَيْنِ، لم يكُنْ للآخَرِ أن يَتَصَرَّفَ، ولا لِلْحاكِم ضَمُّ أمِينٍ إليه لِيَتَصَرَّفا؛ لأنَّ المُوَكِّلَ رَشِيدٌ جائِزُ التَّصَرُّفِ، لا وِلايَةَ لِلْحَاكِم عليه، فلا يَضُمُّ الحاكِمُ وَكِيلًا له بغيرِ أمْرِه. وفارَقَ ما لو ماتَ أحدُ الوَصِيَّيْنِ، حيث يُضِيفُ الحاكِمُ إلى الوَصِىِّ أمِينًا لِيَتَصَرَّفَا (34)؛ لِكَوْنِ الحاكِم له النَّظَرُ في حَقِّ المَيِّتِ واليَتِيمِ، ولهذا لو لم يُوص إلى أحَدٍ، أقَامَ الحاكِمُ أمِينًا في النَّظَرِ لِلْيَتِيمِ. وإن حَضَرَ الحاكِمَ أحَدُ الوَكِيلَيْنِ، والآخَرُ غائِبٌ، وادَّعَى الوَكالَةَ لهما، وأقَامَ بَيِّنَةً سَمِعَها الحاكِمُ، وحَكَمَ بِثُبُوتِ الوَكَالَةِ لهما، ولم يَمْلِك الحاضِرُ التَّصَرُّفَ وَحْدَه، فإذا حَضَرَ الآخَرُ (35) تَصَرَّفَا معا، ولا يَحْتاجُ إلى إِعادَةِ البَيِّنَةِ؛ لأنَّ الحاكِمَ سَمِعَها لهما مَرَّةً. فإن قِيل: هذا حُكْمٌ للغائِبِ. قُلْنا: يجوزُ تَبَعًا لِحَقِّ الحاضِرِ، كما يجوزُ أن يَحْكُمَ بالوَقْفِ الذي يَثْبُتُ لمن لم يُخْلَقْ لأَجْلِ من يَسْتَحِقُّه في الحالِ، كذا ههُنا. وإن جَحَدَ الغائِبُ الوَكالةَ، أو عَزَلَ نَفْسَه، لم يكُنْ للآخَرِ أن يَتَصَرَّفَ. وبما ذَكَرْناه قال أبو حنيفةَ، والشَّافِعِىُّ. ولا نَعْلَمُ فيه خِلافًا. وجَمِيعُ التَّصَرُّفاتِ في هذا سَوَاءٌ. وقال أبو حنيفةَ: إذا وَكَّلَهما في خُصُومَةٍ، فلكلِّ واحد منهما الانْفِرَادُ بها. ولَنا، أنَّه لم يَرْضَ بِتَصَرُّفِ أحَدِهِما، أشْبَه البَيْعَ والشِّرَاءَ.
841 - مسألة؛ قال: (وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أنْ يُوَكِّلَ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ، إلَّا أنْ يَجْعَلَ ذلِكَ إلَيْهِ)
لا يَخْلُو التَّوْكِيلُ من ثلاثةِ أحْوالٍ:
أحدُها، أن يَنْهَى المُوَكِّلُ وَكِيلَه عن التَّوْكِيلِ، فلا يجوزُ له ذلك بغيرِ خِلَافٍ، لأنَّ
(34) في أ، ب، م:"ليتصرف".
(35)
سقط من: ب.
ما نَهاهُ عنه غيرُ داخِلٍ في إِذْنِه. قلم يَجُزْ له (1)، كما لو لم يُوَكِّلْهُ.
الثاني، أَذِنَ له في التَّوْكِيلِ، فيجوزُ له ذلك؛ لأنَّه عَقْدٌ أذِنَ له فيه، فكان له فِعْلُه، كالتَّصَرُّفِ المَأْذُونِ له (2) فيه. ولا نَعْلَمُ في هذَيْنِ خِلَافًا. وإن قال له: وَكَّلْتُكَ فاصْنَعْ ما شِئْتَ. فله أن يُوَكِّلَ. وقال أصْحابُ الشّافِعِىِّ: ليس له التَّوْكِيلُ في أحَدِ الوَجْهَيْنِ؛ لأنَّ التَّوْكِيلَ يَقْتَضِى تَصَرُّفًا يَتَوَلّاهُ بِنَفْسِه، وقولُه: اصْنَعْ ما شِئْتَ. يَرْجِعُ إلى ما يَقْتَضِيه التَّوْكِيلُ من تَصَرُّفِه بِنَفْسِه. ولَنا، أنَّ لَفْظَهُ عَامٌّ فيما شاءَ، فيَدْخُلُ في عُمُومِه التَّوْكِيلُ.
الثالث، أَطْلَقَ الوَكَالَةَ، فلا يَخْلُو من أَقْسامٍ ثلاثةٍ؛ أحدُها، أن يكونَ العَمَلُ ممَّا يَرْتَفِعُ الوَكِيلُ عن مِثْلِه، كالأَعْمالِ الدَّنِيَّةِ (3) في حَقِّ [أَشْرافِ الناسِ](4) المُرْتَفعِينَ عن فِعْلِها في العادَةِ، أو يَعْجِزُ عن عَمَلِه لكَوْنِه لا يُحْسِنُه، أو غير ذلك، فإنَّه يجوزُ له التَّوْكِيلُ فيه؛ لأنَّه إذا كان مما لا يعْمَلُه (5) الوَكِيلُ عادَةً، انْصَرَفَ الإِذْنُ إلى ما جَرَتْ به العادَةُ من الاسْتِنَابَةِ فيه. القسم الثاني، أن يكونَ ممَّا يَعْمَلُه بِنَفْسِه، إلَّا أنَّه يَعْجِزُ عن عَمَلِه كلِّه (6)؛ لِكَثْرَتِه وانْتِشَارِه، فيجُوزُ له التَّوْكِيلُ في عَمَلِه أيضًا؛ لأنَّ الوَكَالةَ اقْتَضَتْ جَوَازَ التَّوْكِيلِ، فجازَ التَّوْكِيلُ في فِعْلِ جَمِيعِه، كما لو أَذِنَ في التَّوْكِيلِ بِلَفْظِه. وقال القاضِى: عِنْدِى أنَّه إنَّما له التَّوْكِيلُ فيما زادَ على ما يَتَمَكَّنُ من عَمَلِه بِنَفْسِه؛ لأنَّ التَّوْكِيلَ إنَّما جازَ لِلْحاجَةِ، فاخْتَصَّ ما دَعَتْ إليه الحاجَةُ، بِخِلَافِ وُجُودِ إِذْنِه، فإنَّه مُطْلَقٌ. ولأَصْحابِ الشّافِعِىِّ وَجْهانِ كهذَيْنِ. القِسْم الثالِث: ما عدا هذَيْنِ
(1) سقط من: ب، م.
(2)
سقط من: أ، ب، م.
(3)
في أ: "البدنية".
(4)
في الأصل: "الأشراف من الناس".
(5)
في م: "يعلمه".
(6)
سقط من: ب.