الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذلك إن تَفَاضَلَا في البَذْرِ، وشَرَطَا التَّسَاوِى في الزَّرْعِ، أو شَرَطَا لأحَدِهِما أكْثَرَ من قَدْرِ بَذْرِه أو أقَلَّ.
فصل:
فإن قال صاحِبُ الأرْضِ: أجَرْتُكَ نِصْفَ أرْضِى هذه، بنِصْفِ بَذْرِكَ، ونِصْفِ مَنْفَعَتِكَ ومَنْفَعَةِ بَقَرِكَ، وآلَتِكَ. وأخْرَجَ المُزَارِعُ البَذْرَ كلَّه، لم يَصِحَّ؛ لأنَّ المَنْفَعةَ غيرُ مَعْلُومةٍ. وكذلك لو جَعَلَها أُجْرَةً لأرْضٍ، أُخْرَى، أو دارٍ، لم يَجُز، ويكون الزَّرْعُ كله لِلمُزَارِعِ، وعليه أجْرُ مثلِ الأرْضِ. وإن أمْكَنَ عِلْمُ المَنْفَعةِ وضَبْطُها بما لا تَخْتَلِفُ معه، ومَعْرِفَةُ البَذْرِ، جازَ، وكان الزَّرْعُ بينهما. ويَحْتَمِلُ أن لا يَصِحَّ؛ لأنَّ البَذْرَ عِوَضٌ، فيُشْتَرَطُ قَبْضُه، كما لو كان مَبِيعًا، وما حَصَلَ فيه قَبْضٌ. وإن قال: أجَرْتُكَ نِصْفَ أرْضِى، بنِصْفِ مَنْفَعَتِكَ، ومَنْفَعَةِ بَقَرِكَ، وآلَتِكَ، وأخْرَجَا البَذْرَ، فهى كالتى قبلَها، إلَّا أنَّ الزَّرْعَ يكونُ بينهما على كلِّ حالٍ.
890 - مسألة؛ قال: (فَإنِ اتَّفَقَا عَلَى أنْ يَأْخُذَ رَبُّ الأرْضِ مِثْلَ بَذْرِهِ، ويَقْتَسِمَا ما بَقِىَ، لَمْ يَجُزْ)
وكانت لِلمُزَارِعِ أُجْرَةُ مِثْلِه. وكذلك يَبْطُلُ إن أخْرَجَ المُزَارِعُ البَذْرَ، ويَصِيرُ الزَّرْعُ لِلْمُزَارِعِ، وعليه أُجْرَةُ الأرْضِ. أمَّا إذا اتَّفَقَا على أن يَأْخُذَ رَبُّ الأرْضِ مثلَ بَذْرِه، فلا يَصِحُّ؛ لأنَّه كأنَّه اشْتَرَطَ لِنَفْسِه قُفْزَانًا مَعْلُومةً، وذلك شَرْطٌ فاسِدٌ، تَفْسُدُ به المُزَارَعةُ، لأنَّ الأرْضَ رُبَّما لا يَخْرُجُ منها إلَّا تِلْكَ القُفْزَانِ، فيَخْتَصُّ رَبُّ المالِ بها، ورُبَّما لا تُخْرِجُها الأرْضُ. وأمَّا إذا أخْرَجَ المُزارِعُ البَذْرَ، فهو مَبْنِىٌّ على الرِّوايَتَيْنِ في صِحَّةِ هذا الشَّرْطِ. وقد ذَكَرَ الخِرَقِىُّ، أنَّه فاسِدٌ. فإذا أخْرَجَ المُزارِعُ البَذْرَ، فَسَدَتْ، كما لو أخْرَجَ العامِلُ في المُضَارَبةِ رَأْسَ المالِ من عندِه. ومتى فَسَدَتِ المُزَارَعةُ، فالزَّرْعُ لِصَاحِبِ البَذْرِ؛ لأنَّه عَيْنُ مالِه، يَنْقَلِبُ من حالٍ إلى حالٍ، ويَنْمُو، فصارَ كَصِغَارِ الشَّجَرِ إذا غُرِسَ فطَالَ، والبَيْضَةِ إذا حُضِنَتْ فصارَتْ فَرْخًا، والبَذْرُ ههُنا من المُزَارِعِ، فكان الزَّرْعُ له، وعليه أجْرُ الأرْضِ؛ لأنَّ رَبَّها إنَّما بَذَلَها