الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الحال، على الرِّوَايَةِ التي تقولُ: إنَّه إذا قَضَى دَيْنَه بغيرِ إِذْنِهِ (54)، رَجَعَ به؛ لأنَّ أكْثَرَ ما فيه ههُنا، أنَّه قَضَى بغيرِ إِذْنٍ. وعلى الرِّوَايَةِ الأُخْرَى، لا يَرْجِعُ به قبلَ الأَجَلِ؛ لأنَّه لم يَأْذَنْ له في القَضَاءِ قبلَ ذلك. وإن كان الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فَضَمِنَه حالًّا، لم يَصِرْ حَالًّا، ولم (55) يَلْزَمْه أداؤُه قبلَ أَجَلِه؛ لأنَّ الضَّامِنَ فَرْعٌ لِلْمَضْمُونِ عنه، فلا يَلْزَمُه ما لا يَلْزَمُ المَضْمُونَ عنه، ولأنَّ المَضْمُونَ عنه لو أَلْزَمَ نَفْسَه تَعْجِيلَ هذا الدَّيْنِ، لم يَلْزَمْهُ تَعْجِيلُه، فبِأَنْ لا يَلْزَمَ الضَّامِنَ أَوْلَى، ولأنَّ الضَّمَانَ الْتِزَامُ دَيْنٍ في الذِّمَّةِ، فلا يجوزُ أن يُلْزَمَ (56) ما لا يَلْزَمُ المَضْمُونَ عنه. فعلى هذا، إن قَضَاهُ حَالًّا، لم يَرْجِعْ به قبلَ أجَلِه؛ لأنَّ ضَمَانَه لم يُغَيِّرْه عن تَأْجِيلِه. والفَرْقُ بين هذه المَسْأَلَةِ والتى قبلها، أنَّ الدَّيْنَ الحَالَّ ثَابِتٌ في الذِّمَّةِ، مُسْتَحقُّ القَضاءِ في جَمِيعِ الزَّمانِ، فإذا ضَمِنَهُ مُؤَجَّلًا فقد الْتَزَمَ بعضَ ما يَجِبُ على المَضْمُونِ عنه، فصَحَّ، كما لو كان الدَّيْنُ عَشرَةً، فضَمِنَ خَمْسَةً، وأمَّا الدَّيْنُ المُؤَجَّلُ، فلا يُسْتَحَقُّ قَضَاؤُه إلَّا عندَ أَجَلِه، فإذا ضَمِنَه حَالًّا الْتَزَمَ ما لم يَجِبْ على المَضْمُونِ، فأشْبَه ما لو كان الدَّيْنُ عَشرَةً فضَمِنَ عِشْرِينَ. وقيل: يَحْتَمِلُ أن يَصِحَّ ضَمَانُ الدَّيْنِ المُؤَجَّلِ حَالًّا، كما يَصِحُّ ضَمَانُ الحالِّ مُؤَجَّلًا، قِيَاسًا لإِحْدَاهما على الأُخْرَى. وقد فَرَّقْنا بينهما بما يَمْنَعُ القِيَاسَ، إن شاءَ اللَّه تعالى.
فصل:
وإذا ضَمِنَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا عن إِنسانٍ، فماتَ أحَدُهما، إمَّا الضَّامِنُ وإمَّا المَضْمُونُ عنه، فهل يَحِلُّ الدَّيْنُ على المَيِّتِ منهما؟ على رِوَايَتَيْنِ، تَقَدَّمَ ذِكْرُهما. فإن قُلْنا: يَحِلُّ على المَيِّتِ، لم يَحِلَّ على الآخَرِ؛ لأنَّ الدَّيْنَ لا يَحِلُّ على شَخْصٍ بِمَوْتِ غيرِه، فإن كان المَيِّتُ المَضْمُونَ عنه، لم يَسْتَحِقَّ مُطَالَبَةَ الضَّامِنِ قبلَ الأَجَلِ، فإن قَضَاهُ قبلَ الأَجَلِ، كان مُتَبَرِّعًا بِتَعْجِيلِ القَضاءِ، وهل له مُطَالَبَة المَضْمُونِ عنه قبلَ الأَجَلِ؟ يُخَرَّجُ على الرِّوَايَتَيْنِ في مَن قَضَى الدَّيْنَ (57) بغير إِذْنِ مَن هو عليه. وإن كان
(54) في أ، م:"إذن".
(55)
في م: "ولا".
(56)
في أ، م:"يلتزم".
(57)
سقط من: م.