الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العِوَضِ عنه، كخِيَارِ الشَّرْطِ. ويَبْطُلُ ما قالَه بخِيَارِ الشَّرْطِ. وأمَّا الخُلْعُ فهو مُعَاوَضَةٌ عما (26) مَلَكَه بِعِوَضٍ، وههُنا بِخِلَافِه.
فصل:
وإن قال: آخُذُ نِصْفَ الشِّقْصِ. سَقَطَتْ شُفْعَتُه. وبهذا قال محمدُ بن الحَسَنِ، وبعضُ أَصْحابِ الشَّافِعِىِّ. وقال أبو يوسُفَ: لا تَسْقُطُ؛ لأنَّ طَلَبَه بِبَعْضِها طَلَبٌ بجَمِيعِها، لكَوْنِها لا تَتَبَعَّضُ، ولا يجوزُ أخْذُ بعضِها. ولَنا، أنَّه تارِكٌ لِطَلَبِ بعضِها، فيَسْقُطُ، ويَسْقُطُ باقِيها؛ لأنَّها لا تَتَبَعَّضُ. ولا يَصِحُّ ما ذَكَرَه؛ فإنَّ طَلَبَ بعضِها ليس بِطَلَبٍ لِجَمِيعِها، وما لا يَتَبَعَّضُ لا يَثْبُتُ حتى يَثْبُتَ السَّبَبُ في جَمِيعِه، كالنِّكَاحِ. ويُخَالِفُ السُّقُوطَ؛ فإنَّ الجَمِيعَ يَسْقُطُ (27) بوُجُودِ السَّبَبِ في بعضِه، كالطَّلَاقِ والعَتَاقِ.
فصل: وإن أخَذَ الشِّقْصَ بثَمَنٍ مَغْصُوبٍ، ففيه وَجْهانِ؛ أحَدُهما، لا تَسْقُطُ شُفْعَتُه؛ لأنَّه بالعَقْدِ اسْتَحَقَّ الشِّقْصَ بمثلِ ثَمَنِه في الذِّمَّةِ، فإذا عَيَّنَه فيما لا يَمْلِكُه (28)، سَقَطَ التَّعْيِينُ، وبَقِىَ الاسْتِحْقاقُ في الذِّمَّةِ، فأشْبَهَ ما لو أَخَّرَ الثمنَ، أو كما لو اشْتَرَى شَيْئًا آخَرَ، ونَقَدَ فيه ثَمَنًا مَغْصُوبًا. والثانى، تَسْقُطُ شُفْعَتُه؛ لأنَّ أَخْذَه لِلشِّقْصِ بما لا يَصِحُّ (29)[أَخْذُه به](30) تَرْكٌ له، وإعْراضٌ عنه، فتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ، كما لو تَرَكَ الطَّلَبَ بها.
فصل: ومَن وَجَبَتْ له الشُّفْعَةُ، فباعَ نَصِيبَه عالِمًا بذلك، سَقَطَتْ شُفْعَتُه؛ لأنَّه لم يَبْقَ له مِلْكٌ يَسْتَحِقُّ به، ولأنَّ الشُّفْعةَ ثَبَتَتْ له (31) لإِزَالةِ الضَّرَرِ الحاصِلِ بالشَّرِكَةِ عنه،
(26) في ب: "عن".
(27)
في الأصل: "سقط".
(28)
في ب: "يمكنه".
(29)
في ب: "يصلح".
(30)
سقط من: الأصل، ب.
(31)
سقط من: الأصل.
وقد زَالَ ذلك بِبَيْعِه، وإن باعَ بعضَه، ففيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، تَسْقُطُ أيضًا؛ لأنَّها اسْتُحِقَّتْ بجَمِيعِه، فإذا باعَ بعضَه سَقَطَ ما تَعَلَّقَ بذلك من اسْتِحْقاقِ الشُّفْعةِ، فيَسْقُطُ باقِيها، لأنَّها لا تَتَبَعَّضُ، فيَسْقُطُ (32) جَمِيعُها بسُقُوطِ بعضِها، كالنِّكاحِ والرِّقِّ، وكما لو عَفَا عن بعضِها. والثانى، لا تَسْقُطُ؛ لأنَّه قد بَقِىَ من (33) نَصِيبِه ما يَسْتَحِقُّ به الشُّفْعَةَ في جَمِيعِ المَبِيعِ لو انْفَرَدَ، فكذلك إذا بَقِىَ. ولِلمُشْتَرِى الأَوَّل الشُّفْعَةُ على المُشْتَرِى الثاني في المسألةِ الأُولَى، وفى الثانية إذا قُلْنا بسُقُوطِ (34) شُفْعَةِ البائِعِ الأَوَّلِ؛ لأنَّه شَرِيكٌ في المَبِيعِ، وإن قُلْنا: لا تَسْقُطُ شُفْعةُ البائعِ. فله أخْذُ الشِّقْصِ من المُشْتَرِى الأَوَّل. وهل للمُشْتَرِى الأَوَّل شُفْعَةٌ على المُشْتَرِى الثاني؟ فيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، له الشُّفْعةُ؛ لأنَّه شَرِيكٌ، فإنَّ المِلْكَ ثابِتٌ له يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فيه بجَمِيعِ التَّصَرُّفاتِ، ويَسْتَحِقُّ نَماءَه وفَوائِدَه، واسْتِحْقَاقُ الشُّفْعةِ به من فَوائِدِه. والثانى، لا شُفْعَةَ له؛ لأنَّ مِلْكَه يُوجَدُ بها، فلا تُؤْخَذُ الشُّفْعةُ به، ولأنَّ مِلْكَه مُتَزَلْزِلٌ ضَعِيفٌ، فلا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعةَ به لِضَعْفِه. والأَولُ أقْيَسُ؛ فإنَّ اسْتِحْقاقَ أخْذِه منه لا يَمْنَعُ أن يَسْتَحِقَّ به الشُّفْعةَ، كالصَّدَاقِ قبلَ الدُّخُولِ، والشِّقْصِ المَوْهُوبِ لِلْوَلَدِ. فعلى هذا لِلمُشْتَرِى الأوَّلِ الشُّفْعَةُ على المُشْتَرِى الثاني، سواءٌ أخَذَ منه (35) المَبِيعَ بالشُّفْعةِ أو [يَأْخُذْ، وللبائعِ](36) الثاني إذا باعَ بعضَ الشِّقْصِ الأَخْذُ من المُشْتَرِى الأولِ، في أحدِ الوَجْهَيْنِ. فأمَّا إن باعَ الشَّفِيعُ مِلْكَه قبلَ عِلْمِه بالبَيْعِ الأولِ، فقال القاضي: تَسْقُطُ شُفْعَتُه أيضًا؛ لما ذَكَرْناه، ولأنَّه زالَ السَّبَبُ الذي يَسْتَحِقُّ به الشُّفْعَةَ، وهو المِلْكُ الذي يَخَافُ الضَّرَرَ بِسَبَبِه، فصارَ كمَن اشْتَرَى مَعِيبًا، فلم يَعْلَمْ عَيْبَه حتى زالَ أو حتى باعَهُ. فعلى هذا، حُكْمُه حُكْمُ ما لو باعَ مع عِلْمِه، سواءٌ فيما إذا باعَ جَمِيعَه أو بعضَه. وقال أبو
(32) في ب: "فسقط".
(33)
في ب: "في".
(34)
في م: "تسقط".
(35)
سقط من: ب.
(36)
في الأصل: "يأخذه البائع". وفى ب: "يؤخذ وللبائع".