الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
وإن قال: له عَلَىَّ كذا. ففِيه ثلاثُ مَسائِلَ؛ أحَدُها، أن يقولَ: كذا. بغيرِ تَكْرِيرٍ ولا عَطْفٍ. الثانية، أن يُكَرِّرَ بغيرِ عَطْفٍ. الثالثة، أن يَعْطِفَ، فيقول: كذا وكذا. فأمَّا الأُولَى، فإذا قال: له علىَّ (33) كذا دِرْهَم. لم يَخْلُ من أَرْبَعَةِ أحْوَالٍ؛ أحدُها، أن يقولَ: له علىَّ كذا دِرْهَمٌ. بالرَّفْعِ، فيَلْزَمُه دِرْهَمٌ. وتَقْدِيرُه شيءٌ هو دِرْهَمٌ، فجَعَلَ الدِّرْهَمَ بَدَلًا من كذا. الثاني، أن يقولَ: دِرْهَمٍ. بالجَرِّ، فيَلْزَمُه جُزْءُ دِرْهَمٍ، يُرْجَعُ في تَفْسِيرِه إليه، والتَّقْدِيرُ جُزْءُ دِرْهَمٍ، أو بعضُ دِرْهَمٍ. ويكون كذا كِنَايَةً عنه. الثالث، أن يقولَ: دِرْهَمًا. بالنَّصْبِ، فيَلْزَمُه دِرْهَمٌ، ويكونُ مَنْصُوبًا على التَّفْسِيرِ، وهو التَّمْيِيزُ. وقال بعضُ النَّحْوِيِّينَ: هو مَنْصُوبٌ على القَطْعِ، كأنَّه قَطَعَ ما ابْتَدَأ به، وأقَرَّ بِدِرْهَمٍ. وهذا على قولِ نُحَاةِ الكُوفَة. الرابع، أن يَذْكُرَه بالوَقْفِ، فيُقْبَلُ تَفْسِيره بِجُزْء دِرْهَمٍ أيضًا؛ لأنَّه (34) يجوزُ أن يكونَ أسْقَطَ حَرَكَةَ الجَرِّ لِلْوَقْفِ. وهذا مذهبُ الشّافِعِىِّ. وقال القاضي: يَلْزَمُه دِرْهَمٌ في الحالاتِ كلِّها. وهو قولُ بعض أصْحَابِ الشّافِعِىِّ. ولَنا، أنَّ "كذا" اسْمٌ مُبْهَمٌ، فصَحَّ [تَفْسِيرُه بِجُزْءِ دِرْهَمٍ في حال الجَرِّ والوَقْفِ.
المسألة الثانية، إذا قال: كذا كذا. بغير عَطْفٍ، فالحُكْمُ فيها] (35) كالحُكْمِ في "كذا" بغير تَكْرَارٍ سواءً، لا يَتَغَيَّرُ الحُكْمُ. ولا يَقْتَضِى تَكْرِيرُه الزِّيَادَةَ، كأنَّه قال: شَىْءٌ شيءٌ (36). ولأنَّه إذا قالَه بالجَرِّ، احْتَمَلَ أن يكونَ قد أضَافَ جُزْءًا إلى جُزْءٍ، ثم أضَافَ الجُزْءَ الآخَرَ إلى الدِّرْهَمِ، فقال: نِصْفَ تُسْع دِرْهَمٍ. وهكذا لو قال: كذا كذا كذا. لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يُرِيدَ ثُلُثَ خُمْسِ سُبْعِ دِرْهَمٍ، ونحوَه.
المسألة الثالثة، إذا عَطَفَ، فقال: كذا وكذا دِرْهَمٌ. بالرَّفْعِ، لَزِمَهُ دِرْهَمٌ واحِدٌ؛
(33) سقط من: الأصل، م.
(34)
في الأصل، م زيادة:"لا".
(35)
سقط من: الأصل.
(36)
سقط من: أ، ب، م.
لأنَّه ذَكَرَ شَيْئَيْنِ، ثم أبْدَلَ منهما دِرْهَمًا، فصارَ كأنَّه قال: هما دِرْهَمٌ. وإن قال: دِرْهَمًا. بالنَّصْبِ، ففيه ثلاثةُ أوْجُهٍ؛ أَحَدُها، يَلْزَمُه دِرْهَمٌ واحِدٌ. وهو قولُ أبى عبدِ اللهِ ابن حامِدٍ، والقاضى؛ لأنَّ "كذا" يَحْتَمِلُ أقَلَّ من دِرْهَمٍ، فإذا عَطَفَ عليه مثلَه، ثم فَسَّرَهُما بِدِرْهَمٍ واحدٍ، جازَ، وكان كَلَامًا صَحِيحًا. وهذا يُحْكَى قَوْلًا لِلشّافِعِىِّ. والوَجْهُ الثاني، يَلْزَمُه دِرْهَمانِ. وهو اخْتِيَارُ أبى الحَسَنِ التَّمِيمىِّ؛ لأنَّه ذَكَرَ جُمْلَتَيْنِ، فإذا فَسّرَ ذلك بِدِرْهَمٍ عادَ التَّفْسِيرُ إلى كلِّ واحِدَةٍ منهما، كقَوْلِه: عِشْرُونَ دِرْهَمًا. يَعُودُ التَّفْسِيرُ إلى العِشْرِينَ، وكذا ههُنا. وهذا يُحْكَى قَوْلًا ثانِيًا للشّافِعِىِّ. والوَجْهُ الثالث، يَلْزَمُه أَكْثَرُ من دِرْهَمٍ. وَلعَلَّهُ ذَهَبَ إلى أنَّ الدِّرْهَمَ تَفْسِيرٌ لِلْجُمْلَةِ التي تَلِيه، فيَلْزَمُه بها دِرْهَمٌ، والأُولَى باقِيَةٌ على إِبْهامِهَا، فيُرْجَعُ (37) في تَفْسِيرِها إليه. وهذا يُشْبِهُ مَذْهَبَ التَّمِيمِىِّ. وقال محمدُ بن الحَسَنِ: إذا قال: كذا دِرْهَمًا. لَزِمَهُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا؛ لأنَّه أقَلُّ عَدَدٍ يُفَسَّرُ بالوَاحِدِ المَنْصُوبِ. وإن قال: كذا كذا دِرْهَمًا. لَزِمَهُ أحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا؛ لأنَّه أقَلُّ عَدَدٍ [مُرَكَّبٍ يُفَسَّرُ بالوَاحِدِ المَنْصُوبِ. وإن قال: كذا وكذا دِرْهَمًا. لَزِمَهُ أحَدٌ وعِشْرُونَ درهمًا (38)؛ لأنَّه أقلُّ عَدَدٍ](39) عُطِفَ (40) بعضُه على بعضٍ يُفَسَّرُ بذلك، وإن قال: كذا دِرْهَمٍ. بالجَرِّ، لَزِمَهُ مائةُ دِرْهَمٍ (41)؛ لأنَّه أقَلُّ عَدَدٍ يُضَافُ إلى الواحِدِ. وحُكِىَ عن أبي يوسفَ، أنَّه إذا قال: كذا كذا، أو كذا وكذا. يَلْزَمُه بهما أحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا. ولَنا، أنَّه يَحْتَمِلُ ما قُلْنَا، ويَحْتَمِلُ ما قَالُوه، فوَجَبَ المَصِيرُ إلى ما قُلْنَا؛ لأنَّه اليَقِينَ، وما زَادَ مَشْكُوكٌ فيه، فلا يَجِبُ بالشَّكِّ، كما لو قال: عَلَىَّ دَرَاهِمُ. لم يَلْزَمْهُ إلَّا أقَلُّ الجَمْعِ، ولا يَلْزَمُ كَثْرَةُ الاسْتِعْمَالِ، فإنَّ اللَّفْظَ إذا كان حَقِيقَةً في الأَمْرَيْنِ، جازَ التَّفْسِيرُ بكُلِّ واحدٍ منهما. وعلى ما ذَكَرَهُ محمدٌ يكونُ
(37) في ب: "فرجع".
(38)
سقط من: أ، ب، م.
(39)
سقط من: ب.
(40)
في ب: "يعطف".
(41)
سقط من: أ، ب.