الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّمرَةِ مَعْلُومٌ، صَحَّ أيضًا. والحُكْمُ فيه كما لو ساقاهُ على صِغَارِ الشَّجَرِ، على ما بَيَّناه. وقد قال أحمدُ، في رِوَايةِ المَرُّوذِىِّ، في رَجُلٍ قال لِرَجُلٍ: اغْرِسْ في أَرْضِى هذه شَجْرًا أو نَخْلًا، فما كان من غَلَّةٍ فلَكَ بعَمَلِك (10) كذا وكذا سَهْمًا، من كذا وكذا. فأجَازَه، واحْتَجَّ بحَدِيثِ خَيْبَرَ في الزَّرْعِ والنَّخِيلِ (11)، لكنْ بِشَرْطِ أن يكونَ الغَرْسُ من رَبِّ الأرْضِ، كما يُشْتَرَطُ في المُزَارَعةِ كونُ البَذْرِ من رَبِّ الأرْضِ، فإن كان من العامِلِ، خُرِّجَ على الرِّوَايَتَيْنِ، فيما إذا اشْتَرَطَ البَذْرَ (12) قى المُزَارَعهِّ من العامِلِ. وقال القاضي: المُعَامَلةُ باطِلَةٌ، وصاحِبُ الأرْضِ بالخِيَارِ بينَ تَكْلِيفِه قَلْعَها، ويَضْمَنُ له أرْشَ نَقْصِها، وبين إقْرَارِها في أرْضِه، ويَدْفَعُ إليه قِيمَتَها، كالمُشْتَرِى إذا غَرَسَ في الأرْضِ التي اشْتَراها، ثم جاءَ الشَّفِيعُ فأخَذَها. وإن اخْتارَ العامِلُ قَلْعَ شَجَرِه، فله ذلك، سواءٌ بَذَلَ له القِيمَةَ أو لم يَبْذُلْها؛ لأنَّه مِلْكُه، فلم يُمْنَعْ تَحْوِيلَه. وإن اتَّفَقا على إبْقاءِ الغِرَاسِ (13)، ودَفْعِ أجْرِ الأرْضِ، جازَ. ولو دَفَعَ أرْضَه إلى رَجُلٍ يَغْرِسُها، على أنَّ الشَّجَرَ بينهما، لم يَجُزْ، على ما سَبَقَ. ويحتَمِلُ الجَوَازُ، بِنَاءً على المُزَارَعةِ، فإنَّ المُزَارِعَ يَبْذرُ في الأرْضِ، فيكونُ الزَّرْعُ بينه وبين صاحِبِ الأرْضِ، وهذا نَظِيرُه. وإن دَفَعَها على أنَّ الأرْضَ والشَّجَرَ بينهما، فالمُعَاملَةُ فاسِدَةٌ، وَجْهًا واحِدًا. وبهذا قال مالِكٌ، والشافِعِىُّ، وأبو يوسفَ، ومحمدٌ. ولا نَعْلَمُ فيه مُخَالِفًا؛ لأنَّه شَرَطَ اشْتِرَاكَهُما في الأصْلِ، ففَسَدَ، كما لو دَفَعَ إليه الشَّجَرَ والنَّخِيلَ ليكونَ الأصْلُ والثَّمرَةُ بينهما، أو شَرَطَ في المُزَارَعةِ كَوْنَ الأرْضِ والزَّرْعِ بينهما.
فصل:
وإذا ساقاهُ على شَجَرٍ، فبَانَ مُسْتَحَقًّا بعدَ العَمَلِ، أخَذَهُ رَبُّه وَثَمَرَتَهُ؛ لأنَّه عَيْنٌ مالِه، ولا حَقَّ للعامِلِ في ثَمَرَتِه؛ لأنَّه عَمِلَ فيها بغيرِ إذْنِ مالِكِها، ولا أجْرَ له عليه؛
(10) في م: "بعمل".
(11)
في الأصل: "والنخل". وتقدم تخريج حديث خيبر في صفحات؛ 527، 531، 542.
(12)
في الأصل: "القلع".
(13)
في الأصل: "الغرس".
لذلك، وله أجْرُ مِثْلِه على الغاصِبِ؛ لأنَّه غَرَّه واسْتَعْمَلَه، فلَزِمَهُ الأجْرُ، كما لو غَصَبَ نُقْرَةً فاسْتَأْجَرَ مَن ضَرَبَها دَرَاهِمَ. وإن شَمَّسَ الثَّمرةَ فلم تَنْقُصْ، أخَذهَا رَبُّها، وإن نَقَصَتْ، فلِرَبِّها أرْشُ نَقْصِها، ويَرْجِعُ به على من شاءَ منهما، ويَسْتَقِرُّ ذلك على الغاصِبِ. وإن اسْتُحِقَّتْ بعدَ أن اقْتَسَماها، وأكَلَاها، فلِرَبِّها تَضْمِينُ مَن شاءَ منهما، فإن ضَمَّنَ الغاصِبَ، فله (14) تَضْمِينُه الكلَّ، وله تَضْمِينُه قَدْرَ نَصِيبِه، ويُضَمِّنُ (15) العامِلَ قَدْرَ نَصِيبِه؛ لأنَّ الغاصِبَ سَبَبُ يَدِ العامِلِ، فلَزِمَه ضَمَانُ الجَمِيعِ. فإن ضَمَّنَهُ الكلَّ، رَجَعَ على العامِلِ بِقَدْرِ نَصِيبِه؛ لأنَّ التَّلَفَ وُجِدَ في يَدِه، فاسْتَقَرَّ الضَّمانُ عليه، ويَرْجِعُ العامِلُ على الغاصِبِ بأجْرِ مِثْلِه. ويَحْتَمِلُ أن لا يَرْجِعَ الغاصِب على العامِلِ بشيءٍ؛ لأنَّه غَرَّه، فلم يَرْجِعْ عليه، كما لو أطْعَمَ إنْسانًا شَيئا، وقال له (16): كُلْهُ، فإنَّه طَعَامِى. ثم تَبَيَّنَ أنَّه مَغْصُوبٌ. وإن ضَمَّنَ العامِلَ، احْتَمَلَ أنَّه (17) لا يُضَمِّنُه إلَّا نَصِيبَه خاصّةً؛ لأنَّه ما قَبَضَ الثّمرَةَ كلَّها، وإنَّما كان مُرَاعِيًا لها وحافِظًا، فلا يَلْزَمُه ضَمَانُها ما لم يَقْبِضْها. ويَحْتَمِلُ أن يُضَمِّنَه الكلَّ؛ لأنَّ يَدهُ ثَبَتَتْ على الكلِّ مُشَاهدَةً بغيرِ حَقٍّ. فإن ضَمَّنَهُ الكُلَّ، رَجَعَ العامِلُ (18) على الغاصِبِ بِبَدَلِ نَصِيبِه (19) منها، وأجْرِ مِثْلِه. وإن ضَمَّنَ كلَّ واحدٍ منهما ما صارَ إليه، رَجَعَ العامِلُ على الغاصِبِ بأجْرِ مِثْلِه لا غيرُ. وإن تَلِفَتِ الثّمرَةُ في شَجَرِها، أو بعدَ الجِذَاذِ قبلَ القِسْمَةِ، فمن جَعَلَ العامِلَ قابِضًا لها بِثُبُوتِ يَدِه على حائِطِها، قال: يَلْزَمُه ضَمَانُها. ومن قال (20): لا يكونُ قابِضًا إلَّا بأَخْذِ نَصِيبِه منها. قال: لا يَلْزَمُه الضَّمانُ، ويكونُ على الغاصِبِ.
(14) في الأصل: "قدر".
(15)
في الأصل: "وتضمين".
(16)
سقط من الأصل.
(17)
في ب: "أن".
(18)
سقط من: الأصل، ب.
(19)
في الأصل: "تضمينه".
(20)
في م: "جعله".