الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَفْرِيطٍ من صَاحِبِ الدّارِ، [نَقَضَ البابَ، وضَمَانُه على صَاحِبِ الفَصِيلِ؛ لأنَّه لِتَخْلِيصِ مالِه من غيرِ تَفْرِيطٍ من صاحِبِ الدّارِ](15). وأمَّا الخَشَبَةُ فإنْ كان كَسْرُها أَكْثَرَ ضَرَرًا مِن نَقْضِ البابِ، فهى كالفَصِيلِ، وإن كان أقَلَّ، كُسِرَتْ. ويَحْتَمِلُ في الفَصِيلِ مثلَ هذا، فإنَّه متى كان ذَبْحُه أقَلَّ ضَرَرًا، ذُبِحَ وأُخْرِجَ لَحْمُهُ؛ لأنَّه في مَعْنَى الخَشَبةِ، وإن كان حُصُولُه في الدّارِ بِعُدْوَانٍ من صَاحِبِه، كرَجُلٍ غَصَبَ دَارًا فأَدْخَلَهَا فَصِيلًا، أو خَشَبَةً، أو تَعَدَّى على إِنْسانٍ، فأَدْخَلَ دَارَه فَرَسًا ونحوَها، كُسِرَتِ الخَشَبةُ، وذُبِحَ الحَيَوانُ، وإن زادَ ضَرَرُه على نَقْضِ البِنَاءِ؛ لأنَّ سَبَبَ هذا الضَّرَرِ عُدْوَانُه، فيُجْعَلُ عليه دُونَ، غيرِه. ولو بَاعَ دارًا فيها خَوَابِى (16) لا تَخْرُجُ إلَّا بِنَقْضِ البابِ، أو خَزَائِنُ أو حَيَوانٌ، وكان نَقْضُ الباب أقَلَّ ضَرَرًا من بَقَاءِ ذلك في الدَّارِ، أو تَفْصِيلِه، أو ذَبْحِ الحَيَوانِ، نُقِضْ، وكان إِصْلَاحُه على البائِعِ؛ لأنَّه لِتَخْلِيصِ مالِه، وإن كان أكْثَرَ ضَرَرًا، لم يُنْقَضْ؛ لأنَّه لا فائِدَةَ فيه، ويَصْطَلِحَانِ على ذلك، إمَّا بأن يَشْتَرِيَهُ مُشْتَرِى الدَّارِ، أو غيرِ ذلك.
فصل:
وإن غَصَبَ جَوْهَرَةً، فَابْتَلَعَتْها بَهِيمَةٌ، فقال أصْحَابُنا: حُكْمُها حُكْمُ الخَيْطِ الذي خَاطَ به جُرْحَها. ويَحْتَمِلُ أنَّ الجَوْهَرَةَ متى كانت أَكْثَرَ من قِيمَةِ الحَيَوانِ، ذُبِحَ الحَيَوانُ، وَرُدَّتْ إلى مَالِكِها، وضَمَانُ الحَيَوانِ على الغاصِبِ، إلَّا أن يكونَ الحَيَوانُ آدَمِيًّا. وفارَقَ (17) الخَيْطَ؛ لأنَّه في الغالِبِ أقَلُّ قِيمَةً من الحَيَوانِ، والجَوْهَرَةُ أكْثَرُ قِيمَةً، ففى ذَبْحِ الحَيَوانِ رِعَايَةُ حَقِّ المالِكِ بِرَدِّ عَيْنِ مالِه إليه، ورِعَايَةُ حَقِّ الغاصِبِ بِتَقْلِيلِ الضَّمَانِ عليه. وإن ابْتَلَعَتْ شَاةُ رَجُلٍ جَوْهَرَةَ آخَرَ غيرَ مَغْصُوبَةٍ، ولم يُمْكِنْ إخْرَاجُها إلَّا بِذَبْحِ الشَّاةِ، ذُبِحَتْ إذا كان ضَرَرُ ذَبْحِها أقَلَّ، وكان ضَمَانُ نَقْصِها على صاحِبِ الجَوْهَرَةِ؛ لأنَّه لِتَخْلِيصِ مالِه، إلَّا أن يكونَ التَّفْرِيطُ من صاحِبِ
(15) سقط من: الأصل.
(16)
الخابية: وعاء الماء الذي يحفظ فيه.
(17)
في الأصل: "ويفارق".
الشّاةِ، بكَوْنِ يَدِه عليها، فلا شَىْءَ [على صاحبِ](18) الجَوْهَرَةِ؛ لأنَّ التَّفْرِيطَ من صاحِبِ الشَّاةِ، فالضَّرَرُ عليه. وإن أَدْخَلَتْ رَأْسَها في قُمْقُمٍ، فلم يُمْكِنْ إخْراجُه (19) إلَّا بِذَبْحِها، وكان الضَّرَرُ في ذَبْحِها أَقَلَّ، ذُبِحَتْ. وإن كان الضَّرَرُ في كَسْرِ القُمْقُمِ أقَلَّ، كُسِرَ القُمْقُمُ، وإن كان التَّفْرِيطُ من صاحِبِ الشّاةِ، فالضَّمَانُ عليه، وإن كان التَّفْرِيطُ من صاحِبِ القُمْقُمِ، بأن وَضَعَهُ في الطَّرِيقِ، فالضَّمَانُ عليه، وإن لم يكُنْ منهما (20) تَفْرِيطٌ، فالضَّمانُ على صاحِبِ الشّاةِ إن كُسِرَ القُمْقُمُ؛ لأنَّه كُسِرَ لِتَخْلِيصِ شَاتِه، وإن ذُبِحَتِ الشّاةُ، فالضَّمانُ على صاحِبِ القُمْقُمِ؛ لأنَّه لِتَخْلِيصِ قُمْقُمِه، فإن قال مَن عليه الضَّمانُ منهما: أنا أُتْلِفُ مَالِى، ولا أَغْرَمُ شيئا للآخَرِ. فلَه ذلك؛ لأنَّ إِتْلَافَ مالِ الآخَر إنَّما كان لِحَقِّهِ، وسَلَامَةِ مَالِه وتَخْلِيصِه، فإذا رَضِىَ بِتَلَفِه، لم يَجُزْ إِتْلَافُ غيره. وإن قال: لا أُتْلِفُ مَالِى، ولا أَغْرَمُ شيئا، لم نُمَكِّنْه مِن إِتْلَافِ مالِ صَاحِبِه، لكنَّ صَاحِبَ القُمُقُمِ لا يُجْبَرُ على شيءٍ؛ لأنَّ القُمْقُمَ لا حُرْمَةَ له، فلا يُجْبَرُ صَاحِبُه على تَخْلِيصِه، وأمَّا صاحِبُ الشَّاةِ فلا يَحِلُّ له تَرْكُها؛ لما فيه من تَعْذِيبِ الحَيَوانِ، فيُقال له: إمَّا أن تَذْبَحَ الشّاةَ لِتُرِيحَها من العَذَابِ، وإمَّا أن تَغْرَمَ القُمْقُمَ لِصَاحِبِه، إذا كان كَسْرُه أقَلَّ ضَرَرًا، ويُخَلِّصُها؛ لأنَّ ذلك من ضَرُورَةِ إِبْقَائِها أو تَخْلِيصِها من العَذَابِ، فلَزِمَهُ، كعَلَفِها. وإن كان الحَيَوانُ غيرَ مَأْكُولٍ، احْتَمَلَ أن يكونَ حُكْمُه حُكْمَ المَأْكُولِ فيما ذَكَرْنَا. واحْتَمَلَ أن يُكْسَرَ القُمْقُم. وهو قولُ أَصْحابنَا؛ لأنَّه لا نَفْعَ في ذَبْحِه، ولا هو مَشْرُوعٌ، وقد نَهَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ذَبْحِ الحَيَوانِ لغيرِ مَأْكَلَةٍ (21). ويَحْتَمِلُ أن يَجْرِىَ مَجْرَى المَأْكُولِ في أنَّه متى كان قَتْلُه أقَلَّ ضَرَرًا، وكانت الجِنَايَةُ من صَاحِبِه، قُتِلَ؛ لأنَّ حُرْمَتَهُ مُعَارِضَةٌ لِحُرْمَةِ الآدَمِىِّ الذي يُتْلِفُ
(18) في ب، م:"لصاحب".
(19)
في ب، م:"إخراجها".
(20)
في الأصل: "منه".
(21)
في م: "أكله".