الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُطَالِبَ لِنَفْسِه، لِكَوْنِه أَقْوَمَ بذلك أو يخافُ (7) الضَّرَرَ من جِهَةِ وَكِيلِه، بأن يُقِرَّ عليه بِرِشْوَةٍ أو غيرِ ذلك، فيَلْزَمُه إِقْرَارُه، فكان مَعْذُورًا. ولَنَا، أنَّ عليه في السَّفَرِ ضَرَرًا، لِالْتِزَامِه كُلْفَتَه، وقد يكون له حَوَائِجُ وتِجَارَةٌ يَنْقَطِعُ عيها، وتَضِيعُ بِغَيْبَتِه، والتَّوْكِيل إن كان بِجُعْل لَزِمَهُ غُرْمٌ، وإن كان بغيرِ جُعْلٍ لَزِمَتْه مِنَّةٌ. ويَخَافُ الضَّرَرَ من جِهَتِه، فاكْتَفَى بالإِشْهَادِ. فأمَّا إن تَرَكَ السَّفَرَ، لِعَجْزِه عنه، أو لِضَرَرٍ يَلْحَقُه فيه، لم تَبْطُلْ شُفْعَتُه، وَجْهًا واحِدًا؛ لأنَّه مَعْذُورٌ، فأَشْبَهَ مَن لم يَعْلَمْ. وان لم يَقْدِرْ على الإِشْهادِ، وأَمْكَنَه السَّفَرُ أو التَّوْكِيلُ، فلم يَفْعَلْ، بَطَلَتْ شُفْعَتُه؛ لأنَّه تارِكٌ لِلطَّلَبِ بها مع إمْكانِه، من غيرِ وُجُودِ ما يَقُومُ مَقَامَ الطَّلَبِ، فسَقَطَتْ، كما لو كان حاضِرًا.
فصل:
ومَن كان مَرِيضًا مَرَضًا لا يَمْنَعُ المُطَالَبةَ، كالصُّدَاعِ اليَسِيرِ، والأَلَمِ القَلِيلِ، فهو كالصَّحِيحِ. وان كان مَرَضًا يَمْنَعُ المُطَالَبةَ، كالحُمَّى وأَشْباهِها، فهو كالغائِبِ في الإِشْهَادِ والتَّوْكِيلِ. وأَمَّا المَحْبُوسُ، فإن كان مَحْبُوسًا ظُلْمًا، أو بِدَيْنٍ لا يمكنُه أدَاؤُه، فهو كالمَرِيضِ، وإن كان مَحْبُوسًا بِحَقٍّ يَلْزَمُه أداؤُه، وهو قادِرٌ عليه، فهو كالمُطْلَقِ، إن (8) لم يُبَادِرْ إلى المُطَالَبةِ، ولم يُوَكِّلْ فيها، بَطَلَتْ شُفْعَتُه؛ لأنَّه تَرَكَها مع القُدْرَةِ عليها.
875 - مسألة؛ قال: (فَإنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى تَبَايَعَ ذلِك ثَلَاثَةٌ أوْ أكْثَرُ، كَانَ لَهُ أنْ يُطَالِبَ بِالشُّفْعَةِ مَنْ شاءَ مِنْهُمْ، فَإنْ طَالَبَ الأَوَّلَ، رَجَعَ الثاني بالثَّمَنِ الَّذِى أُخِذَ مِنْهُ، والثَّالِثُ عَلَى الثَّانِى)
وجملةُ ذلك، أنَّ المُشْتَرِىَ إذا تَصَرَّفَ في المَبِيعِ قبلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ، أو قبلَ عِلْمِه، فتَصَرُّفُه صَحِيحٌ؛ لأنَّه مَلَكَهُ، وصَحَّ قَبْضُه له، ولم يَبْقَ إلَّا أنَّ الشَّفِيعَ مَلَكَ أن يَتَمَلَّكَه عليه، وذلك لا يَمْنَعُ من تَصَرُّفِه، كما لو كان أحدُ العِوَضَيْنِ في البَيْعِ مَعِيبًا، لم يَمْنَع
(7) في م: "يخالف".
(8)
في ب: "وإن".
التَّصَرُّفَ [في الآخَرِ، والمَوْهُوبُ له يجوزُ له التَّصَرُّفُ](1) في الهِبَةِ، وإن كان الواهِبُ ممَّن له الرُّجُوعُ فيه، فمتى تَصَرَّفَ فيه تَصَرُّفًا صَحِيحًا (2) تَجِبُ به الشُّفْعةُ، مثل أن باعَهُ، فالشَّفِيعُ بالخِيَارِ، إن شاءَ فَسَخَ البَيْعَ الثاني وأخَذَهُ بالبَيْعِ الأَوَّلِ بِثَمَنِه؛ لأنَّ الشُّفْعةَ وَجَبَتْ له قبلَ تَصَرُّفِ المُشْتَرِى، وإن شاءَ أمْضَى تَصَرُّفَه وأخَذَ بالشُّفْعةِ من المُشْتَرِى الثاني؛ لأنَّه شَفِيعٌ في العَقْدَيْنِ، فكان له الأَخْذُ بما شاءَ منهما. وإن تَبَايَعَ ذلك ثلاثةٌ، فله أن يَأْخُذَ المَبِيعَ بالبَيْعِ الأَوَّلِ، ويَنْفَسِخُ العَقْدانِ الأخِيرانِ، وله أن يَأْخُذَه بالثانى، ويَنْفَسِخُ الثالِثُ وحدَه، وله أن يَأْخُذَه بالثالثِ، ولا يَنْفَسِخُ شيءٌ من العُقُودِ، فإذا أخَذَهُ من الثالثِ، دَفَعَ إليه الثمنَ الذي اشْتَرَى به، ولم يَرْجِعْ على أحدٍ؛ لأنَّه وَصَلَ إليه الثمنُ الذي اشْتَرَى به، [وإن أخَذَ من الثاني الثمَنَ دَفَعَ إليه الذي اشْتَرَى به](3)، ورَجَعَ الثالثُ عليه بما أَعْطاهُ؛ لأنَّه قد انْفَسَخَ عَقْدُه، وأُخِذَ الشِّقْصُ منه، فيَرْجِعُ (4) بِثَمَنِه على الثاني؛ لأنَّه أخَذَهُ منه، وإن أخَذ بالبَيْعِ الأَوَّلِ، دَفَعَ إلى المُشْتَرِى الأَوَّل الثمنَ الذي اشْتَرَى به، وانْفَسَخَ عَقْدُ الآخَرَيْنِ، ورَجَعَ (5) الثالثُ على الثاني بما أعْطاهُ، ورَجَعَ الثاني على الأَوَّلِ بما أعْطاهُ، فإذا كان الأَوَّلُ اشْتَراهُ بعَشَرَةٍ، ثم اشْتَراهُ الثاني بعِشْرِينَ، ثم اشْتَراهُ الثالثُ بثَلَاثِينَ، فأخَذَهُ بالبَيْعِ الأَوَّلِ، دَفَعَ إلى الأَوَّلِ عَشَرةً، وأخَذَ الثاني من الأَوَّلِ عِشْرِينَ، وأخَذَ الثالثُ من الثاني ثَلَاثِينَ؛ لأنَّ الشِّقْصَ إنَّما يُؤْخَذُ من الثالثِ، لكَوْنِه في يَدِه وقد انْفَسَخَ عَقْدُه، فيَرْجِعُ بِثَمَنِه الذي وَرِثَهُ. ولا نَعْلَمُ في هذا خِلَافًا. وبه يقول مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، والعَنْبَرِيُّ، وأَصْحابُ الرَّأْى. وما كان في معنى البَيْعِ ممَّا تَجِبُ به الشُّفْعةُ، فهو كالبَيْعِ، فيما ذَكَرْنا، وما (6) كان ممَّا لا تَجِبُ به الشُّفْعةُ،
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: الأصل، ب.
(3)
سقط من: الأصل. وفى ب: "وإن أخذ من الثاني دفع إليه الثمن الذي اشترى به".
(4)
في الأصل، ب:"فرجع".
(5)
في الأصل: "ويرجع".
(6)
في م: "وإن".