الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنْكارِ ما ادَّعاهُ خَصْمُه، وكان له أجْرُ عَمَلِه لا غيرُ. وإن خَسِرَ المالُ أو تَلِفَ، فقال رَبُّ المالِ: كان قَرْضًا. وقال العامِلُ: كان قِرَاضًا أو بِضَاعةً. فالقولُ قولُ رَبِّ المالِ.
فصل:
وإذا اشْتَرَطَ المُضَارِبُ النَّفَقَةَ، ثم ادَّعَى أنَّه إنَّما أنْفَقَ من مالِه، وأرَادَ الرُّجُوعَ، فله ذلك، سواءٌ كان المالُ باقِيًا في يَدَيْهِ (16)، أو قد رَجَعَ إلى مالِكِه. وبه قال أبو حنيفةَ إذا كان المالُ باقِيًا في يَدَيْهِ، وليس له ذلك إذا كان بعدَ رَدِّه. ولَنا، أنَّه أمِينٌ، فكان القولُ قولَه في ذلك، كما لو كان باقِيًا في يَدِه، وكالوَصِىِّ إذا ادَّعَى النَّفَقةَ على اليَتِيمِ.
فصل: أذا كان عَبْدٌ بين رجُلَيْنِ، فبَاعَهُ أحَدُهما بأَمْرِ الآخَرِ بأَلْفٍ، وقال: لم أَقْبِضْ ثَمَنَهُ. وادَّعَى (17) المُشْتَرِى أنَّه قَبَضَهُ، وصَدَّقَه الذي لم يَبِعْ، بَرِئَ المُشْتَرِى من نِصْفِ ثَمَنِه؛ لِاعْتِرافِ شَرِيكِ البائِعِ بقَبْضِ وَكِيلِه حَقَّه، فبَرِئَ المُشْتَرِى منه، كما لو أقَرَّ أنَّه قَبَضَهُ بِنَفْسِه، وتَبْقَى الخُصُومَةُ بين البائِعِ وشَرِيكِه والمُشْتَرى، فإن خاصَمَهُ شَرِيكُه، وادَّعَى عليه أنَّك قَبَّضْتَه نَصِيبِى من الثَّمَنِ. فأنْكَرَ (18)، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه إن لم يكُنْ لِلمُدَّعِى بَيِّنَةٌ، وإن كانت له بَيِّنةٌ قُضِىَ بها عليه، ولا تُقْبَلُ شَهادَةُ المُشْتَرِى له؛ لأنَّه يَجُرُّ بها إلى نَفْسِه نَفْعًا. وإن خَاصَمَ البائِعُ المُشْتَرِى، فادَّعَى المُشْتَرِى أنَّه دَفَعَ إليه الثَّمَنَ، وأنْكَرَ البائِعُ، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه؛ لأنَّه مُنْكِرٌ. فإذا حَلَفَ، أخَذَ من المُشْتَرِى نِصْفَ الثَّمَنِ، ولا يُشَاركُه فيه شَرِيكُه؛ لأنَّه مُعْتَرِفٌ أنَّه يَأْخُذُه ظُلْمًا، فلا يَسْتَحِقُّ مُشَارَكَتَه فيه. وإن كانت لِلْمُشْتَرِى بَيِّنَةٌ، حُكِمَ بها، ولا تُقْبَلُ شَهَادَةُ شَرِيكِه عليه؛ لأنَّه يَجُرُّ بها إلى نَفْسِه نَفْعًا، ومن شَهِدَ بشَهادَةٍ تَجُرُّ إلى نَفْسِه نَفْعًا بَطَلَتْ شَهَادَتُه في الكُلِّ، ولا فَرْقَ بين مُخاصَمةِ الشَّرِيكِ قبلَ مُخاصَمَةِ المُشْتَرِى أو بعدَها. وإن ادَّعَى المشْتَرِى أنَّ شَرِيكَ البائِعِ قَبَضَ الثَّمَنَ منه، فَصَدَّقَهُ البائِعُ، نَظَرْتَ، فإن كان البائِعُ أَذِنَ لِشَريكِه في القَبْضِ، فهى كالتى قبلَها، وإن لم يَأْذَن له في القَبْضِ، لم تَبْرَأْ ذِمَّةُ
(16) في الأصل: "يده".
(17)
في الأصل: "وقال".
(18)
سقط من: الأصل.
المُشْتَرِى من شيءٍ من الثَّمَنِ؛ لأنَّ البائِعَ لم يُوَكِّلْه في القَبْضِ، فقَبْضُهُ له (19) لا يَلْزَمُه، ولا يَبْرَأُ المُشْتَرِى منه، كما لو دَفَعَهُ إلى أجْنَبِىٍّ. ولا يُقْبَلُ قولُ المُشْترِى على شَرِيكِ البائِعِ؛ لأنَّه يُنْكِرُه، وللبائِعِ المُطَالَبةُ بقَدْرِ نَصِيبِه لا غيرُ؛ لأنَّه مُقِرٌّ أن شَرِيكَه قَبَضَ حَقَّه. ويَلْزَمُ المُشْتَرِىَ دَفْعُ نَصِيبِه إليه، ولا يَحْتاجُ إلى يَمِينٍ (20)؛ لأنَّ المُشْتَرِىَ مُقِرٌّ بِبَقَاءِ حَقِّه. وإن دَفَعَه إلى شَرِيكِه، لم تَبْرَأْ ذِمَّتُه، فإذا قَبَضَ حَقَّه، فلِشَرِيكِه مُشَارَكَتُه فيما قَبَضَ؛ لأنَّ الدَّيْنَ لهما ثابِتٌ بِسَبَبٍ واحِدٍ، فما قَبَضَ منه يكونُ بينهما، كما لو كان مِيراثًا. وله أن لا يُشَارِكَه، ويُطَالِبَ المُشْتَرِىَ بحَقِّه كلِّه. ويَحْتَمِلُ أن لا يَمْلِكَ الشَّرِيكُ مُشَارَكَتَهُ فيما قَبَضَ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَسْتَحِقُّ ثمَنَ نَصِيبِه الذي يَنْفَرِدُ به، فلم يكُنْ لِشَرِيكِه مُشَارَكَتُه فيما قَبَضَ من ثَمَنِه، كما لو باعَ كلُّ واحدٍ منهما نَصِيبَه في صَفْقَةٍ. ويُخَالِفُ المِيرَاثَ؛ لأنَّ سَبَبَ اسْتِحْقاقِ الوَرَثَةِ لا يَتَبَعَّضُ، فلم يكن لِلْوَرَثةِ تَبْعِيضُه، وههُنا يَتَبَعَّضُ؛ لأنَّه إذا كان البائِعُ اثْنَيْنِ كان بمَنْزِلةِ عَقْدَيْنِ، ولأنَّ الوَارِثَ نائِبٌ عن المَوْرُوثِ، [فكان ما يَقْبِضُه لِلْمَوْرُوثِ](21) يَشْتَرِكُ فيه جَمِيعُ الوَرَثةِ، بخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، فإنّ ما يَقْبِضُه لِنَفْسِه. فإن قُلْنا: له مُشَارَكَتُه فيما قَبَضَ. فعليه اليَمِينُ أنَّه لم يَسْتَوْفِ حَقَّهُ من المُشْتَرِى، ويَأْخُذُ من القابِض نِصْفَ ما قَبَضَهُ، ويُطالِبُ المُشْتَرِىَ ببَقِيَّةِ حَقِّه، إذا حَلَفَ له أيضًا أنَّه ما قَبَضَ منه شيئا. وليس لِلْمَقْبُوض منه أن يَرْجِعَ على المُشْتَرِى بعِوَضٍ ما أخَذ منه؛ لأنَّه مُقِرٌّ أنَّ المُشْتَرِىَ قد بَرِئَتْ ذِمَّتُه من حَقِّ شَرِيكِه، وإنَّما أخَذَ منه ظُلْمًا، فلا يَرْجِعُ بما ظَلَمَه هذا على غيرِه. وإن خاصَمَ المُشْتَرِى شَرِيكَ البائِعِ، فادَّعَى عليه أنَّه قَبَضَ الثَّمَنَ منه، فكانت له بَيِّنَةٌ، حُكِمَ (22) بها. وتُقْبَلُ شَهَادَةُ البائِعِ له إذا كان عَدْلًا؛ لأنَّه لا يَجُرُّ إلى نَفْسِه نَفْعًا، ولا يَدْفَعُ عنها ضَرَرًا؛ لأنَّه إذا ثَبَتَ
(19) سقط من: أ.
(20)
في ب، م:"أمين".
(21)
سقط من: ب.
(22)
في ازيادة: "له".