الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فائدة:
الزاهر باب (المواريث) :
قال الأزهري رحمه الله: وتقع الكلالة على الوارث والموروث، قال اللَّه عز وجل:
(وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ) الآية.
نصب (كَلَالَةً) على الحال.
المعنى: إن مات رجل في حال كلالة، أي: لم يخلف والداً ولا ولداً، وورثه أخ أو أخت، أو ماتت امرأة كذلك فرثها أخ أو أخت، فلكل واحد منهما السدس.
وكذلك قوله عز وجل: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ) الآية.
والكلالة في هاتين الآيتين: الميت لا الوارث.
وقد قيل للورثة الذين يرثون الميت وليس فيهم أب ولا ولد: كلالة أيضاً.
ألا ترى أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: مرضت فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: "إني رجل لا يرثنى إلا كلالة" الحديث، فجعل الكلالة: ورثته.
فأما الآيتان: فالكلالة فيهما - الميت - الموروث لا الوارث.
وهذه آية غامضة، وقد أوضحت لك من غامضها، وجملة تفسيرها ما يقف بك على تفهمها - إن شاء اللَّه تعالى -.
* * *
قال الله عز وجل: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15)
الأم: حبس المرأة على الرجل يُكرهها ليرثها:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وفي معنى قوله تعالى: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15)
فنسخت بآية الحدود بقوله تعالى:
(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) الآية.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"خدوا عني، خدوا عنى، خدوا عنى، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة، وتغريب عام، والثيب بالثيب الرجم" الحديث.
فلم يكن على امرأة حبس، يمنع به حق الزوجة على الزوج، وكان عليها الحد.
قال: وما أشبه ما قيل من هذا بما قيل - والله أعلم -.
الأم (أيضاً) : باب (النفي والاعتراف في الزنا) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ويرجم الزاني الثيب، ولا يجلد، والجلد منسوخ
عن الثيب - قال اللَّه تبارك وتعالى: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا)
وهذا قبل نزول الحدود.
ثم روى الحسن، عن حِطان الرقاشيّ، عن عبادة - يعني: ابن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:
"خدوا عنى، خدوا عنى، قد جعل الله لهن سبيلاً.
الثيب بالثيب جلد مائة، والرجم" الحديث.
فهذا أول ما نزل الجلد.
ثم قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر، الرجم في كتاب الله عز وجل حقّ على من زنى إذا كان قد أحصن، ولم يذكر جلداً، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعزاً ولم يجلده، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنيساً أن يأتي امرأة، فإن اعترفت رجمها، وكل هذا
يدلُّ على أنَّ الجلد منسوخ عن الثيب، وكل الأئمة عندنا رجم بلا جلد.
الأم (أيضاً) : المدَّعي والمدَّعَى عليه:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقال تعالى: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ) الآية.
لم يذكر هاهنا عدلاً.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قلت له - أي: للمحاور - أرأيت لو قال لك
قائل: أجز في البيع والقذف وشهود الزنا غير العدل، كما قلت في العتق، لأني لم أجد في التنزيل شرط العدل، كما وجدته في غير هذه الأحكام، قال: ليس ذلك له، قد يُكتفى بقول الله عز وجل:(ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) فإذا ذكِر الشهود فلا يقبلون إلا ذوي عدل، وإن سُكت عن ذكر العدل فاجتماعهما في أنهما شهادة يدلُّ على أن لا يقبل فيها إلَّا العدل.
قلت: هذا كما قلت، فلم لم تقل بهذا؟
الأم (أيضاً) : الشهادات:
أخبرنا الربيع بن سليمان قال:
أخبرنا الشَّافِعِي رحمه الله قال: قال الله تبارك وتعالى: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) الآية.
فالكتاب والسنة يدلان على لأنَّه لا يجوز في الزنا أثل من أربعة، والكتاب يدل على أنَّه لا يجوز شهادة غير عدل، والإجماع يدلُّ على لأنَّه لا تجوز إلَّا شهادة عدلٍ، حرٍّ، بالغ، عاقل، لما يشهد عليه، وسواء أي زنا ما كان زنا، حرين، أو عبدين، أو مشركين؛ لأن كله زنا.
الأم (أيضاً) (الخلاف في إجازة أقل من أربع من النساء:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال الله عز وجل: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) الآية.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد حين قال له: أمهِلُهُ حتى آتي بأربعة شهداء! قال: "نعم" الحديث.
والشهود على الزنا نظروا من المرأة إلى محرم، ومن الرجل إلى محرم، فلو كان النظر لغير إقامة شهادة كان حراماً، فلما كان لإقامة شهادة لم يجز أن يأمر اللَّه عز وجل، ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بمباح، لا بمحرم، فكل من نظر ليثبت شهادته لله، أو للناس
فليس بجرح، ومن نظر لتلذذٍ وغير شهادة عامداً كان جرحاً، إلا أن يعفوَ اللَّه عنه.
الأم (أيضاً) : باب (الإشهاد عند الدفع إلى اليتامى) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال اللَّه عز وجل: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا) الآية، فسمّى اللَّه في الشهادة في الفاحشة.
والفاحشة هاهنا - واللَّه تعالى أعلم -: الزنا، وفي الزنا أربعة شهود، ولا
تتم الشهادة في الزنا إلا بأربعة شهداء، لا امرأة فيهم؛ لأنَّ الظاهر من الشهداء
الرجال خاصة دون النساء، ودلَّت السنة على أنَّه لا يجوز في الزنا أقل من أربعة شهداء، وعلى مثل ما دل عليه القرآن في الظاهر من أنهم رجال محصنون.
فإن قال قائل: الفاحشة تحتمل الزنا وغيره، فما دلَّ على أنها في هذا
الموضع الزنا دون غيره؟
قيل: كتاب الله، ثم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ثم ما لا أعلم عالماً خالف فيه، في قول الله عز وجل في:(وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْا) يُمسَكْن حتى يجعل الله لهن سبيلاً ثم نزلت:
(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ)
فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم" الحديث.
ودلَّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، أن هذا الحد إنما هو على الزناة دون غيرهم، ولم أعلم في ذلك مخالفاً من أهل العلم.
الأم (أيضاً) : باب: ما جاء في قول الله عز وجل: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ) حتى ما يفعل بهن من الحبس والأذى:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال الله جل ثناؤه: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ)
الآية، فيه دلالة على أمور منها:
1 -
أن الله عز وجل سمَّاهن من نساء المؤمنين؛ لأن المؤمنين المخاطبون
بالفرائض يجمع هذا.
2 -
أن اللَّه لم يقطع العصمة بين أزواجهن وبينهم بالزنا.
3 -
أن قول اللَّه عزَّ اسمه: (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ)
على أنها: كما قال ابن المسيب رحمه الله إن شاء اللَّه - منسوخة.
أخبرنا الربيع قال:
أخبرنا الشَّافِعِي رحمه الله قال: أخبرنا سفيان، عن يحيى بن سعيد قال: قال
ابن المسيب: نسختها (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ)
فهن من أيامى المسلمين.
وقال اللَّه عز وجل (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ) يشبه عندي - واللَّه تعالى
أعلم - أن يكون إذا لم تقطع العصمة بالزنا، فالموارثة بأحكام الإسلام ثابتة عليها، وإن زنت، ويدل إذا لم تقطع العصمة بينها وبين زوجها بالزنا، لا بأس أن ينكح امرأة وإن زنت، إن ذلك لو كان يحرم نكاحها قطعت العصمة بين المرأة - تزنى عند زوجها - وبينه، وأمَر اللَّه عز وجل في: اللاتي يأتين الفاحشة من النساء، بأن يُحبَسنَ في البيوت حتى يتوفاهن الموت، أو يجعل اللَّه لهن سبيلاً، منسوخ بقول اللَّه عز وجل:
(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) الآية، في كتاب اللَّه، ثم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا الربيع قال:
أخبرنا الشَّافِعِي رحمه الله قال: أخبرنا عبد الوهاب، عن يونس، عن
الحسن، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه في هذه الآية:
(حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا)
قال: كانوا يمسكوهن حتى نزلت آية الحدود، فقال النبي صلى الله عليه وسلم
: "خذوا عني" الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وهذا الحديث يقطع الشك، وُيبيِّن أنَّ حد الزانيين
كان الحبس، أو الحبس والأذى، فكان الأذى بعد الحبس، أو قبله، وأن أول ما حدَّ اللَّه به الزانيينِ من العقوبة في أبدانهما بعد هذا عند قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة، وتغريب عام" الحديث، والجلد على الزانيين الثيبين منسوخ بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم ماعز بن مالك، ولم يجلده، ورجم المرأة التي بعث إليها أنيساً، ولم يجلدها وكانا ثيبين.
الرسالة: باب (فرض الصلاة الذي دلَّ الكتاب ثم السنة على من تزول عنه
بالعذر) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: بعد أن ذكر قول اللَّه تعالى: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ) الآية، والتي بعدها، لم ذكر حديث عبادة بن الصامت
عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: فدلَّت السنة على أن جلد المائة للزانيينِ البكرينِ. . .، وجلد المائة ثابت على البكرين الحرَّين، ومنسوخ عن الثيبين، وأن الرجم ثابت على الثيبين الحرَّين. . .، لنص الحديث، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم في رجم ماعز ولم يجلده.
وأمر أنيساً أن يغدو على امرأة الأسلمي فإن اعترفت رجمها، دلَّ على نسخ
الجلد عن الزانيين الحرين الثيبين، وثبت الرجم عليهما؛ لأن كلّ شيء أبداً بعد أولِ فهو آخر.
الرسالة ً (أيضاً) : وجه أخر من الناسخ والمنسوخ:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: بعد أن ذكر قول اللَّه عز وجل: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ) الآية، والتي بعدها (أيضاً) ، قال فكان حد الزانيين بهذه الآية الحبس
والأذى، حتى أنزل الله على رسوله حد الزنا، فقال:(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ)
فنُسِخ الحبس عن الزناة، وثبت عليهم الحدود.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فدل قول الرسول صلى الله عليه وسلم:
"قد جعل الله لهن سبيلا الحديث، على أنَّ هذا أول ما حُدَّ به الزناة، لأنَّ اللَّه يقول:(حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا) الآية.
ثمّ رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعزاً ولم يجلده.
وامرأة الأسلمي ولم يجلدها، فدلَّت سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الجلد منسوخ عن الزانيين الثيبين، ولم يكن بين الأحرار في الزنا فرق إلا بالإحصان بالنكاح، وخلاف الإحصان به.
وإذ كان قول النبي صلى الله عليه وسلم:
"قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر، جلد مائة وتغريب عام." الحديث، ففي هذا دلالة على لأنَّه أول ما نسخ الحبس عن الزانيين، وحُدَّا بعد الحبس، وأن كل حدٍّ حُدَّه الزانيين فلا يكون إلا بعد هذا، إذ كان هذا أول حد الزانيين.
أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي
هريرة وزيد بن خالد رضي الله عنهما أنهما أخبراه: أنَّ رجلين اختصما إلى
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما: يا رسول الله أقض بيننا بكتاب اللَّه إ؛ وقال الآخر
- وهو أفقههما - أجل، يا رسول اللَّه فاقض بيننا بكتاب اللَّه، وأذن لي في أن أتكلم. قال:"تكلم". قال: إن ابني كان عسيفاً على هذا، فزنى بامرأته
فأخبرت أن على ابني الرجم، فافتديت فيه بمائة شاة وجارية لي، ثمّ إني سألت أهل العلم، فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وإنما الرجم على امرأته؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ("والذي نفسي بيده، لأقضين بينكما بكتاب الله:
أما غنمك وجاريتك فردَّ إليك".
وجلد ابنه مائة وغربه عامًّا، وأمر أنيساً الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر، فإن اعترفت رجمها "فاعترفت فرجمها" الحديث.
أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما:"أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين زنيا" الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فثبت جلد مائة والنفي على البكرين الزانيين.
والرجم على الثيبين الزانيين.
وإن كانا ممن أريدا بالجلد فقد نسخ عنهما الجلد مع الرجم، وإن لم يكونا
أريدا بالجلد وأريد به البكران، فهما مخالفان للثيبين، ورجم الثيبين بعد آية الجلد بما رَوَى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله.
وهذا أشبه معانيه وأولاها به عندنا - والله أعلم -.
اختلاف الحديث: باب (العقوبات في المعاصي) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: كانت العقوبات في المعاصي قبل أن ينزل الحد، ثم
نزلت الحدود، ونسخت العقوبات فيما فيه الحدود.
حدثنا الربيع قال:
أخبرنا الشَّافِعِي رحمه الله قال: أخبرنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن
النعمان بن مُرَّة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
قال ما تقولون في الشارب، والسارق، والزاني، وذلك قبل أن تنزل الحدود؛ فقالوا: اللَّه ورسوله أعلم، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "هن فواحش، وفيهن عقوبات، وأسوأ السرقة الذي يسرق صلاته" ثم ساق الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ومثل معنى هذا في كتاب الله قال: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا)
فكان هذا أول العقوبة للزانيين في الدنيا، ثم نسخ هذا عن الزناة كلّهم، الحر والعبد والبكر والثيب، فحدَّ اللَّه البكرين الحرين المسلمين، فقال:(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ) .
حدثنا الربيع:
أخبرنا الشَّافِعِي رحمه الله: أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن عبيد اللَّه بن
عبد اللَّه بن عتبة، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه قال: سمعت عمر بن
الخطاب رضي الله عنه يقول: الرجم في كتاب اللَّه على من زنى، إذا أحصن (من الرجال والنساء) ، إذا قامت عليه البينّة، أو كان الحبل، أو الاعتراف.
أخبرنا مالك، عن يحيى بن سعيد، أنَّه سمع سعيد بن السيب رحمه الله
يقول: قال عمر: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم، أن يقول قائل: لا أجد حدَّين في كتاب اللَّه، فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا، والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب اللَّه لكتبتها:(الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة)
فإنا قد قرأناها.