الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلتُ: فإذا أباحه الله عز وجل فيما ليس بحدٍّ، فهو في الحد الذي بعدد أولى أن يباح؛ لأنَّ العدد لا يتعدى، والعقوبة لا حد لها، فكيف أجزته في شيء وأبطلته في غيره. . ..
مناقب الشَّافِعِي: باب (ما يستل به على فقه الشَّافِعِي، وتقدمه فيه وحُسن استنباطه) :
حدثنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال: حدثنا أبو العباس الأصم قال: أخبرنا
الربيع قال:
حدثنا الشَّافِعِي قال: لا تجوز إمامة المرأة الرجال لما قصر بهن فيه عن
الرجال، فإن الله جل ثناؤه قال:(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) الآية.
وقال: (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) الآية.
فلما كانت الصلاة مما يقوم به الإمام على المأموم، لم يجز أن تكون المرأة التي عليها القيِّمُ قيِّمة على قيِّمِها.
ولما كانت الإمامة درجة فضل لم يجز أن يكون لها درجة الفضل على من
جعل الله له عليها درجة.
ولما كانت من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم الإسلام أن تكون متأخرة خلف الرجال؛ لم يجز أن تكون متقدمة بين أيديهم.
* * *
قال الله عز وجل: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)
الأم: الوجه الذي يحل به للرجل أن يأخذ من امرأته:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ولم يكن له - للزوج - الأخذ أيضاً منها - من
الزوجة - حتى يجمع أن يطلب الفدية منه لقوله عز وجل: (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ)
وافتداؤها منه شيء تعطيه من نفسها؛ لأن
الله عز وجل يقول: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا) الآية، فكانت هذه الحال التي تخالف هذه الحال، وهي التي لم تبذل فيها المرأة المهر، والحال التي يتداعيان فيها الإساءة.
لا تقرُّ المرأة أنهّا منها.
الأم (أيضاً) : الشقاق بين الزوجين:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال اللَّه تبارك وتعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا)
الآية، قال: - اللَّه أعلم بمعنى ما أراد - من خوف الشقاق الذي إذا بلغاه أمَرَهُ أن يبعث حكماً من أهله وحكماً من أهلها؛ والذي يشبه ظاهر الآية: فما عمَّ الزوجين معاً حتى يشتبه فيه حالاهما الآية، وذلك أني وجدت الله عز وجل أذن في نشوز الرجل أن يصطلحا، وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، وأذن في نشوز المرأة بالضرب، وأن في خوفهما ألا يقيما حدود اللَّه بالخلع، ودلَّت السنة أن ذلك
برضا من المرأة، وحظر أن يأخذ الرجل مما أعطى شيئاً، إذا أراد استبدال زوج مكان زوج، فلما أمر فيمن خفنا الشقاق بينه بالحكمين، دلَّ ذلك على أن حكمهما غير حكم الأزواج غيرهما، وكان الذي يعرفهما بإباية الأزواج أن يشتبه حالاهما في الشقاق، فلا يفعل الرجل الصفح ولا الفرقة، ولا المرأة تأدية الحق ولا الفدية،. . . فإذا كان هكذا بعث حكماً من أهله، وحكماً من أهلها، ولا يبعث الحاكمان إلا مأمومنين، وبرضا الزوجين، ويوكلهما الزوجان بأن يجمعا أو يفرقا إذا رأيا ذلك.
أخبرنا الربيع قال:
أخبرنا الشَّافِعِي رحمه الله قال: أخبرنا الثقفي، عن أيوب، عن محمد بن
سيرين، عن عَييْدة، عن عليٍّ رضي الله عنه في هذه الآية:
(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا) الآية.
ثم قال للحكمين: هل تدريان ما عليكما؟
عليكما إن رأيتما أن تجمعا، أن تجمعا، وإن رأيتما أن تفرقا.
أن تفرقا، قالت المرأة: رضيت بكتاب اللَّه بما عليَّ فيه ولي، وقال الرجل: أما الفرقة فلا، فقال علي رضي الله عنه: كذبت واللَّه حتى تقرَّ بمثل الذي أقرَّت به. الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فقول علي رضي الله عنه يدلُّ على ما وصفت، من أن ليس للحاكم أن يبعث حكمين دون رضا المرأة والرجل عكمهما، وعلى أن الحكمين إنما هما وكيلان للرجل والمرأة، بالنظر بينهما بالجمع والفرقة.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ولو عاد الشقاق عادا للحكمين، ولم تكن الأولى
أوْلى من الثانية، فإن شأنهما بعد مرة ومرتين وأكثر واحد في الحكمين.
الأم (أيضاً) : الحكمين:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال اللَّه عز وجل: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا) الآية -
واللَّه أعلم بمعنى ما أراد -
فأما ظاهر الآية، فإن خوف الشقاق بين الزوجين أن يدعي كل واحد منهما على صاحبه منع الحق، ولا يطيب واحد منهما لصاحبه بإعطاء ما يرضى به، ولا ينقطع ما بينهما بفرقة، ولا صلح، ولا ترك القيام بالشقاق، وذلك أن الله عز وجل أذن في نشوز المرأة بالعظة، والهجرة، والضرب، ولنشوز الرجل بالصلح، فإذا خافا ألا يقيما حدود اللَّه فلا جناح عليهما فيما افتدت به، ونهى إذا أراد الزوج استبدال زوج مكان زوج، أن يأخذ مما آتاها شيئاً.