الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم يختلف أكثر المسلمين في أنَّ رجلاً لو أصاب لرجل دماً، أو مالاً، ثم تاب أقيم عليه ذلك، فقد فرَّقنا بين حدود اللَّه عز وجل، وحقوق الآدميين بهذا وبغيره.
أحكام القرآن: ما يؤثر عنه في الحدود:
أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، أخبرنا أبو العباس، أخبرنا الربيع قال:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ونفيهم - أي: المحاربين - أن يطلبوا، فَيُتفَوا من بلدٍ
إلى بلدٍ، فإذا ظُفِر فيهم، أقيم عليهم أيُّ هذه الحدود كان حدَّهم.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وليس للأولياء الذين قتلهم قطاع الطريق عفو.
لأن اللَّه حذهم: بالقتل، أو بالقتل والصلب، أو: القطع، ولم يذكر الأولياء، كما ذكرهم في القصاص - في الآيتين - فقال:
(وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا)
وقال في الخطأ: (وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا)
وذكر القصاص في القتلى، ثم قال:
(فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ) .
فذكر - في الخطأ والعمد - أهل الدم، ولم يذكرهم في المحاربة، فدل على
أن حكم قتل المحاربة مخالف لحكم قتل غيره - واللَّه أعلم -.
* * *
قال الله عز وجل: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)
الأم: الأمان:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقال عز ذكره: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) الآية.
فزعمت في هذا وغيره، أنك تطرح عن الأسارى والتجار، بان
يكونوا في دار ممتنعة، ولم تجد دلالة على هذا في كتاب اللَّه عز وجل، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا إجماع، فتزيل ذلك عنهم بلا دلالة وتخصهم بذلك دون غيرهم!.
الأم (أيضاً) : في المرتد:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: إني وجدت أحكام اللَّه عز وجل على الرجال والنساء في الحدود واحدة، قال اللَّه تبارك وتعالى:
(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ)
وقال: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)
الآية، ولم يختلف المسلمون في أن تقْتَل المرأة إذا قَتَلَت.
الأم (أيضاً) : ما يحرم من النساء بالقرابة:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قول اللَّه عز وجل: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)
فسن رسول الله صلى الله عليه وسلم القطع في ربع دينار، وفي السرقة من الحرز.
الأم (أيضاً) : كتاب (الحدود وصفه النفى) :
أخبرنا الربيع قال:
أخبرنا الشَّافِعِي رحمه الله قال: قال اللَّه تبارك وتعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ) الآية.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقال قائلون كل من لزمه اسم سرقةٍ قُطِع بحكم اللَّه
تعالى، ولم يلتفت إلى الأحاديث!
فقلت لبعض الناس: قد احتج هؤلاء بما يرى من ظاهر القرآن، فما الحجة عليهم؟
قال: إذا وجدتَ لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سُنَّة، كانت سُنَّةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم دليلاً على
معنى ما أراد الله تعالى، قلنا: هذا كلما وصفت، والسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن القطع في ربع دينار فصاعداً.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أخبرنا سفيان، عن ابن شهاب، عن عمرة بنت
عبد الرحمن، عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"القطع في ربع دينار فصاعدا"، الحديث.
أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع سارقاً في مِجَنٍ قيمته ثلاثة دراهم" الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وهذان الحديثان متفقان؛ لأن ثلاثة دراهم في زمان
النبي صلى الله عليه وسلم كانت ربع دينار، وذلك أن الصرف كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم اثني
عشر درهماً بدينار، وكان كذلك بعده فَرض عمر الدية اثنى عشر ألف درهم على أهل الوَرِقِ، وعلى أهل الذهب ألف دينار.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وليس في أحد حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى المسلمين اتباعه، فلا إلى حديث صحيح ذهب من خالفنا، ولا إلى ما ذهب إليه من ترك الحديث، واستعمل ظاهر القرآن! .
الأم (أيضاً) : ما جاء في أقطع اليد والرجل يسرق
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال اللَّه عز وجل (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا) الآية.
فلم يذكر اليد والرجل إلا في المحارب، فلو قال
قائل: يَعْتَلُّ بعِلَّتِكم أقطع يده ولا أزيد عليها؛ لأنَّه إذا قطعت يده ورجله ذهب بطشه ومشيه، وكان مستهلكاً، أتكون الحجة عليه إلا ما مضى من السنة والأثر.
وإن اليد والرجل هي مواضع الحد، وإن تلفت.
الأم (أيضاً) : المدَّعي والمدَّعَى عليه:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال لي - أي: المحاور -: أراك تنكر عليَّ قولي في
اليمين مع الشاهد، هي خلاف القرآن، قلت: نعم، ليست بخلافه، القرآن عربي، فيكون عام الظاهر، وهو يراد به الخاص.
قال: ذلك مِثلَ ماذا؟
قلت: مثل قول
الله عز وجل: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) الآية.
فلما كان اسم السرقة يلزم سُرَّاقاً لا يُقطعون، مثل مَن سرق من غير حرزٍ، ومن سرق أقل من ربع دينارٍ، كانت في هذا دلالة على أنَّه أريد به بعض السُّراق دون بعض، وليس هذا خلافاً لكتاب اللَّه عز وجل، فكذلك كل كلام احتمل معاني فوجدنا سُنَّة تدلُّ على أحد معانيه دون غيره من معانيه، استدللنا بها، وكل سنَّةٍ موافقة للقرآن لا مخالفة، وقولك خلاف القرآن فيما جاءت فيه سنة، تدل على أن القرآن على خاصٍّ دون عامٍّ جَهلٌ.