الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقتل كليب وائل، فاقتتلوا دهراً طويلاً، واعتزلهم بعضهم، فأصابوا ابناً
له يقال له: بجير، فأتاهم، فقال: قد عرفتم عزلتي، فبُجير بكليب، وكفوا عن الحرب، فقالوا: بجير بشسع نعل كليب، فقاتلهم، وكان معتزلاً.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقال: إنه نزل في ذلك وغيره، مما كانوا يحكمون به
في الجاهلية هذا الحكم الذي أحكيه كله بعد هذا، وحكم اللَّه تبارك وتعالى
بالعدل فسوُّى في الحكم بين عباده، الشريف منهم والوضيع، (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) .
* * *
قال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)
الأم: ذبائح نصارى العرب:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن عبد اللَّه بن دينار، عن
سعد الفلجة مولى عمر، أو ابن سعد الفلجة، أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:"ما نصارى العرب بأهل كتاب، وما تحل لنا ذبائحهم، وما أنا بتاركهم حتى يُسلموا، أو أضرب أعناقهم" الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أخبرنا الثقفي، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن
عبيدة، عن علي رضي الله عنه أنه قال:
"لا تأكلوا ذبائحَ نصارى بني تغلب، فإنهم لم يتمسكوا من دينهم إلا بشرب الخمر" الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: كأنهما ذهبا إلى أنهم لا يضبطون موضع الدين.
فيعقلون كيف الذبائح، وذهبوا إلى أن أهل الكتاب هم: الذين أوتوه، لا من دان به بعد نزول القرآن، وبهذا نقول: لا تحل ذبائح نصارى العرب بهذا المعنى - واللَّه أعلم -.
وقد روى عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه: أحل ذبائحهم
وتأوّل: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) الآية.
وهو لو ثبت عن ابن عباس، كان المذهب إلى قول عمر وعلي رضي الله عنهما أولى، ومعه العقول، فأمّا:(وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ) فمعناها: على غير حكمهم، وهذا القول في صيدهم، من
أكلت ذبيحته أكل صيده، ومن لم تحل ذبيحته لم يحلُّ صيده إلا بأن تدرك ذكاته.
الأم (أيضاً) : نصارى العرب:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: والذي يُروى من حديث ابن عباس رضي الله
عنهما في إحلال ذبائحهم، إنما هو من حديث عكرمة، أخبرنيه فيه ابن
الدراوردي، وابن أبي يحيى، عن ثور الديلمي، عن عكرمة، عن ابن عباس
رضي الله عنهما أنه سئل عن ذبائح نصارى العرب، فقال قولاً حِكئاً هو:
إحلالها وتلا: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) الآية.
ولكن صاحبنا سكت عن اسم عكرمة، وثور لم يلق ابن عباس رضي الله عنهما والله أعلم -.
مختصر المزني: باب (تبديل أهل الذمة دينهم) :
قال المزني رحمه الله:
قد قال الإمام الشَّافِعِي رحمه الله: في كتاب النكاح، وقال في كتاب الصيد
والذبائح: إذا بدلت بدين يحل نكاح أهله فهو حلال، وهذا عندي أشبه، وقال ابن عباس رضي الله عنهما:(وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) الآية.
قال المزني رحمه الله: فمن دان منهم دين أهل الكتاب قبل نزول الفرقان
وبعده سواء عندي في القياس، وبالله التوفيق.
أحكام القرآن: فصل فيمن لا يجب عليه الجهاد:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وإن كان الصابئون والسامرة من بني إسرائيل.
ودانوا دين اليهود والنصارى: نكِحت نساؤهم، وأكلت ذبائحهم، وإن
خالفوهم في فرع من دينهم؛ لأنهم فروع قد يختلفون بينهم.
وإن خالفوهم في أصل الدينونة: لم تؤكل ذبائحهم، ولم تنكح نساؤهم.