الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الله عز وجل: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ)
الأم: الرد في المواويث:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ومن كانت له فريضة في كتاب الله عز وجل، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أو ما جاء عن السلف، انتهينا به إلى فريضته، فإن فَضُل من المال شيء لم نرده عليه، وذلك أن علينا شيئين:
أحدهما: أن لا نُنقصه مما جعله اللَّه تعالى له.
والآخر: أن لا نزيده عليه، والانتهاء إلى حكم اللَّه عز وجل هكذا قال بعض الناس: نرده عليه إذا لم يكن للمال من يستغرقه، وكان من ذوي الأرحام، وأن لا نرده على زوجٍ ولا زوجة.
وقالوا: روينا قولنا هذا عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
قلنا لهم: أنتم تتركون ما تروون عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وعبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه في أكثر الفرائض، لقول زيد بن ثابت، وكيف لم يكن هذا مما تتركون؟
قالوا: إنا سمعنا قول اللَّه عز وجل: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) الآية.
فقلنا: معناها على غير ما ذهبتم إليه، ولو كان على ما ذهبتم إليه كنتم قد
تركتموه، قالوا: فما معناها؟
قلنا: توارث الناس بالحِلْف والنصرة، ثم توارثوا بالإسلام والهجرة، ثم نسخ
ذلك، فنزل قول اللَّه عز وجل:(وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) الآية.
على معنى ما فرض اللَّه عز ذكره، وسن رسوله صلى الله عليه وسلم، لا مطلقاً هكذا.
ألا ترى أن الزوج يرث أكثر مما يرث ذوو الأرحام، ولا رحم له، أو لا
ترى أن ابن العم البعيد يرث المال كله، ولا يرثه الخال، والخال أقرب رحماً منه، فإنما معناها - أي: الآية - على ما وصفت لك من أنها: على ما فرض اللَّه لهم، وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأنتم تقولون: إن الناس يتوارثون بالرحم، وتقولون خلافه في موضع
آخر!.
تزعمون: أن الرجل إذا مات وترك أخواله ومواليه، فمالُه لمواليه دون
أخواله، فقد منعت ذوي الأرحام الذين قد تعطيهم في حال، وأعطيت المولى
الذي لا رحم له المال!.
الرسالة: باب (الاختلاف) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال - أي المحاور - فأقولُ: لك ذلك، لقول الله:
(وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) الآية.
فقلتُ له: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ) الآية، نزلت، بأن الناس
توارثوا بالحِلف، ثم توارثوا بالإسلام والهجرة، فكان المهاجر يرث المهاجر، ولا يرثه من ورثته من لم يكن مهاجراً، وهو أقرب إليه ممن ورثه، فنزلت:(وَأُولُو الْأَرْحَامِ) الآية، على ما فُرضَ لهم.
قال: فاذكر الدليل على ذلك؟
قلت: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) الآية، على ما
فُرضِ لهم، ألا ترى أن مِن ذوي الأرحام من يرث، ومنهم من لا يرث؛ وأن
الزوج يكون أكثر ميراثاً من أكثر ذوي الأرحام ميراثاً؛ وأنك لو كنت إنما تورِّث بالرحم كانت رحم البنت من الأب كرحم الابن؛ وكان ذوو الأرحام يرثون معاً؛ ويكونون أحق من الزوج الذي لا رحم له؟!
ولو كانت الآية كما وصفت، كنت قد خالفتها فيما ذكرنا، في أن يَترُك
أخته ومواليه، فنعطي أخته النصف، ومواليه النصف، وليسوا بذوي أرحام، ولا مفروض لهم في كتاب اللَّه فرض منصوص.