الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن قال قائل: فما الحجة في أن كل ما كان مباح الأصل، يحرم بمالكه حتى
يأذن فيه مالكه؟
فالحجة فيه أن اللَّه عز وجل قال: (لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) الآية.
وقال تبارك وتعالى: (وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ) الآية.
مع أي كثيرة في كتاب اللَّه عز وجل، حظَر فيها أموال الناس
إلا بطيب أنفسهم، إلا بما فُرِضَ في كتاب اللَّه عز وجل، ثم سنَّه نبيه صلى الله عليه وسلم، وجاءت به حجة.
* * *
قال الله عز وجل: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُ
ولُوا (3)
الأم: نكاح العدد ونكاح العبيد:
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: قال اللَّه تبارك وتعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ)
إلى قوله: (أَلَّا تَعُولُوا) الآية، فكان بيناً في الآية - واللَّه تعالى أعلم - أن المخاطبين بها الأحرار، لقوله تعالى:(فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) الآية؛ لأنَّه لا يملك إلا الأحرار.
وقوله (ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا) الآية، فإنما يعول من له المال؛ ولا مال للعبيد.
الأم (أيضاً) : الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ) الآية.
أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من ثقيف أسلَم، وعنده عشر نسوة:"أمسك أربعاً وفارق سائرهن" الحديث.
أخبرني الثقة ابن عُلَيةَ أو غيره، عن معمر، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"أمسك أربعاً، وفارق، أو دَع سائرهن" الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فدلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على: أن انتهاء الله في العَدد بالنكاح إلى أربع، تحريم أن يجمع رجل بنكاح بين أكثر من أربع، ودلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الخيار - فيما زاد على أربع - إلى الزوج فيختار إن شاء الأقدم نكاحاً، أو الأحدث، وأي الأختين شاء كان العقد واحداً، أو في
عقود متفرقة، لأنَّه سبحانه وتعالى عفا لهم عن سالف العقد، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل غيلان عن أيهن نكح أولاً، ثم جعل له حين أسلم، وأسلمن، أن يمسك أربعاً، ولم يقل الأوائل، أوَلا ترى أن نوفل بن معاوية يخبر أنَّه: طلق أقدمهن صحبة، فدل ما وصفت على أنَّه يجوز كل عقد نكاح في الجاهلية، كان عندهم نكاحاً، إذا كان يجوز مبتدؤه في الإسلام بحال.
الأم (أيضاً) : باب (النفقة على النساء) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: قال الله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) إلى: (أَلَّا تَعُولُوا) الآية، وقول الله:(ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا) يدل -
والله أعلم - أن على الرجل نفقة امرأته.
وقوله: (أَلَّا تَعُولُوا) : أن لا يكثر من تعولون، إذا اقتصر المرء على
واحدة، وإن أباح - الله - له أكثر منها.
وزاد البيهقي رحمه الله: أخبرنا أبو الحسن بن بشران العدل (ببغداد) .
أخبرنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد اللغوي (صاحب ثعلب) في كتاب (ياقوتة الصراط) في قوله عز وجل: (أَلَّا تَعُولُوا) أى: ألا تجوروا، وتعولوا: تكثر عيالكم.
وروينا عن زيد بن أسلم - في هذه الآية -
" ذلك أدنى ألا يكثر من تعولونه ".
الأم (أيضاً) : ما جاء في عدد ما يحل من الحرائر والإماء وما تحل به الفروج:
أخبرنا الربيع قال:
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: قال الله تبارك وتعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) الآية، فأطلق الله عز وجل ما ملكت الأيمان، فلم يجد فيهن حداً ينتهي
إليه، فللرجل أن يتسرى كم شاء، ولا اختلاف علمته بين أحد في هذا، وانتهى ما أحل اللَّه بالنكاح إلى أربع، ودلَّت سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم المبينة عن اللَّه عز وجل على:
أن انتهاءه إلى أربع تحريماً منه، لأن يجمع أحد غير النبي صلى الله عليه وسلم بين أكثر من أربع، لا أنَّه يحرم أن ينكح في عمره أكثر من أربع إذا كن متفرقات ما لم يجمع بين أكثر منهن ولأنه أباح الأربع، وحُرمَ الجمع بين أكثر منهن، فقال لغيلان بن سلمة، ونوفل بن معاوية، وغيرهما، وأسلموا وعندهم أكثر من أربع -:"أمسك أربعاً وفارق سائرهن" الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ولما قال اللَّه عز وجل: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) الآية.
كان في هَذه الآية دليل - واللَّه أعلم - على أنَّه إنَّما خاطب بها الأحرار دون
المماليك؛ لأنهم الناكحون بأنفسهم، لا المنكحهم غيرهم، والمالكون، لا الذين يملك عليهم غيرهم، وهذا ظاهر معنى الآية، وإن احتملت أن تكون على كل ناكح، وإن كان مملوكاً أو مالكاً، وهذا وإن كان مملوكاً فهو موضوع في نكاح العبد وتسرِّيه.
الأم (أيضاً) : كتاب النكاح (ما يحرم الجمع بينه) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وأطلق الإماء فقال عزَّ ذكره: (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) الآية، لم ينته بذلك إلى عدد.
أخبرنا ابن عيينة، عن مطرف، عن أبي الجهم، عن أبي الأخضر، عن
عمارة، أنَّه كره من الإماء ما كره من الحرائر إلا العدد.