الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبعد أن ذكر الآيات المتعلقة بفرض الجهاد، ذكر قول اللَّه تعالى:(وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) الآية، مع ما ذكر به فرض الجهاد، وأوجب على
المتخلف عنه.
الرسالة: باب (ما نزل من الكتاب عامًّا يراد به العام ويدخله الخصوص) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقال عز وجل: (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا)
وهكذا قول اللَّه: (حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا) .
وفي هذه الآية دلالة على أنْ لم يستطعما كل أهل قرية، فهي في معناهما.
وفيها وفي (الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا) خصوصٌ، لأن كل أهل القرية لم يكن ظالماً.
قد كان فيهم المسلم، ولكنهم كانوا فيها مَكثورِين، وكانوا فيها أقل.
وفي القرآن نظائر لهذا، يُكتفى بها - إن شاء الله - منها، وفي السنة له نظائر
موضوعة مواضعها.
* * *
قال الله عز وجل: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80)
الأم: ما جاء في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه رضي الله عنهم:
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: إن اللَّه تبارك وتعالى لما خصَّ به رسوله من
وحيه، وأبان من فضله من المباينة بينه وبين خلقه، بالفرض على خلقه بطاعته في غير آية من كتابه، فقال:(مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) الآية.
الأم (أيضاً) : الإقرار والاجتهاد والحكم بالظاهر:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ولقوله سبحانه وتعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) الآية، ففرض علينا اتباع رسوله، فإذا كان الكتاب والسنَّة هما
الأصلان اللذان افترض اللَّه عز وجل لا مخالف فيهما، وهما عينان، ثم قال:(إذا اجتهد) الحديث، فالاجتهاد ليس بعين قائمة إنما هو شيء يحدثه من نفسه ولم يؤمر باتباع نفسه، إنما أمر باتباع غيره، فإحداثه على الأصلين اللذين افترض اللَّه عليه أولى به من إحداثه على غير أصل، أمر باتباعه وهو رأي نفسه، ولم يؤمر باتباعه، فإذا كان الأصل أنَّه لا يجوز له أن يتبع نفسه، وعليه أن يتبع غيره، والاجتهاد شيء يحدثه من عند نفسه، والاستحسان يدخل على قائله كما يدخل على من اجتهد على غير كتاب ولا سنَّة، ومن قال هذين القولين قال قولاً عظيماً، لأنَّه وضع نفسه في رأيه واجتهاده واستحسانه على غير كتاب ولا سُنَّة موضعهما، في أن يتبع رأيه كما اتبعا.
الأم (أيضاً) : باب (في الأقضية) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ووضع اللَّه نبيه صلى الله عليه وسلم من دينه، وأهل دينه موضع الإبانة عن كتاب اللَّه عز وجل معنى ما أراد اللَّه وفرض طاعته، فقال:(مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) الآية.
فعُلِم أن الحق كتاب الله ثم سنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم، فليس لمفْتِ ولا لحاكم، أن يفتي ولا يحكم حتى يكون عالماً بهما، ولا أن يخالفهما ولا واحداً منهما بحال، فإذا خالفهما فهو عاصِ لله عز وجل، وحكمه مردود، فإذا لم يوجدا منصوصين فالاجتهاد.
الأم (أيضاً) : باب (حكاية قول الطائفة التي ردت الأخبار كلها) :
وقلت - أي الشَّافِعِي رحمه الله: افترض اللَّه علينا اتباع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
قال: أين؟
قلت: قال اللَّه عز وجل: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) الآية.
ثم ذكر الآيات المتعلقة بهذا الموضوع.
الأم (أيضاً) : باب (الصوم) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: إن اللَّه عز وجل وضع نبيه صلى الله عليه وسلم من كتابه ودينه بالموضع الذي أبان في كتابه، فالفرض على خلقه أن يكونوا عالين بأنه لا يقول فيما أنزل الله عليه إلا بما أنزل عليه، ولأنه لا يخالف كتاب الله، ولأنه بينَ عن اللَّه عز وعلا معنى ما أراد الله، وبيان ذلك في كتاب اللَّه عز وجل قال تعالى:(مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) .
الأم (أيضاً) : باب (إبطال الاستحسان) :
قال الله عز وجل ّ: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) .
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط إلا بوحي، فمن الوحي ما يُتلى، ومنه ما يكون وحياً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيُستنُّ به.
أخبرنا عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب بن
حنطب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"ما تركت شيئاً مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به، ولا شيئاً مما نهاكم عنه إلا وقد نهيتكم عنه، وإن الروح الأمين قد ألقى في رُوعِي أنَّه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها، فأجملوا في الطلب" الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقد قيل:
1 -
ما لم يُتلَ قرآناً، إنما ألقاه جبريل في رُوعِه بأمر الله فكان وحياً إليه.
وقيل:
2 -
جعل الله إليه لما شهد له به من أنَّه يهدي إلى صراط مستقيم، أن
يسنَّ.
وأنهما كان فقد ألزمهما الله تعالى خلقه، ولم يجعل لهم الخيرة من أمرهم
فيما سنَّ لهم وفرض عليهم اتباع سنته صلى الله عليه وسلم.
مختصر المزني: مقدمة كتاب (اختلاف الحديث) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أبان الله جل ثناؤه لخلقه أنَّه أنزل كتابه بلسان نبيه صلى الله عليه وسلم وهو لسان قومه العرب، فخاطبهم بلسانهم على ما يعرفون من معاني كلامهم، وكانوا يعرفون من معاني كلامهم، أنهم يلفظون بالشيء عامًّا يريدون به العام، وعاماً يريدون به الخاص، ثم دلَّهم على ما أراد من ذلك في كتابه، وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، وأبان لهم أن ما قبلوا عن نبيه صلى الله عليه وسلم فعنه جل ثناؤه قبلوا بما
فرض من طاعة رسوله في غير موضع من كتابه منها: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) .