الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزاهر باب (الأقضية) :
قال الأزهري رحمه الله:
قال الله عز وجل: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا)
أي: طريقاً واضحاً، أمرنا بالاستقامة عليه، والعرب تقول: شرع السالخ
إهاب الذبيحة، إذا شق بين الرِّجلين وفتحه. ..
فالشرع هو: الإبانة، والله تعالى هو الشارع لعباده الدين، وليس لأحدٍ يشرع فيه ما ليس منه إلا أن يشرع نبيٌّ بأمر اللَّه تعالى، فإن شَرع النبي هو شرع الله عز وجل.
قال بعض أهل اللغة في قول اللَّه عز وجل: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا)
فالشرعَة: ابتداء الطريق، والمنهاج: معظمه.
* * *
قال الله عز وجل: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ)
الأم: الحكم بين أهل الذمة:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقوله تبارك وتعالى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ) الآية.
يعني - واللَّه تعالى أعلم -:
إن تولوا عن حكمك بغير رضاهم، وهذا يشبه أن يكون: ممن أتى حاكماً غير مقهور على الحكم، والذين حاكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة ورجل زنيا
موادعون، وكان في التوراة الرجم، ورجوا ألا يكون حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجم، فجاؤوا بهما، فرجمهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ثم على الإمام أن يحكم على الموادعين حكمه على
المسلمين، إذا جاؤوه، فإن امتنعوا بعد رضاهم بحكمه حاربهم، وسواء في أن له الخيار في الموادعين إذا أصابوا حد اللَّه، أو حداً فيما بينهم؛ لأن المصاب منه الحدّ لم يسلم، ولم يقر بأن يجري عليه الحكم.
الأم (أيضاً) : عدة المشركات:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقول اللَّه تبارك وتعالى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ)
قال: وأهواءهم: يحتمل سبيلهم، فأمره ألا يحكم إلا بما أنزل اللِّه إليه، ولا
يحلَ لمسلم أن يحكم إلا بحكم اللَّه المنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم.
الأم (أيضاً) : الحكم بين أهل الكتاب:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال - المحاور له - فإئا نزعم أنَّ الخيار منسوخ
لقول اللَّه عز وجل: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ) الآية.
قلت له: فاقرأ الآية:
(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ) الآية.
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: فسمعتُ من أرضى علمُه يقول: وأن احكم
بينهم إن حكمتَ على معنى قوله: (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) الآية.
فتلك مفسًرة، وهذه مجملة، وفي قوله:(فَإِنْ تَوَلَّوْا) الآية، دلالة على أنهم إن تولوا لم يكن عليه الحكم بينهم، ولو كان قوله:(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ)
إلزاماً منه للحكم بينهم، ألزمهم الحكم متولين، لأنهم إنَّما تولوا بعد الإتيان، فأما ما لم يأتوا، فلا يقال لهم تولوا، وهم والمسلمون إذا لم يأتوا يتحاكمون لم يحكم بينهم، إلا أنَّه يتفقد من المسلمين ما أقاموا عليه، مما يحرم عليهم فيغيِّر عليهم، وإن كان أهل الذمة دخلوا بقول الله عز وجل:(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ) الآية، في معنى المسلمين.
انبغى للوالي أن يتفقد منهم ما أقاموا عليه مما يحرم عليهم، وإن تولى عنه زوجان على حرام ردّهما، حتى يفزق بينهما، كما يرد زوجين من المسلمين لو تولَّيا عنه، وهما على حرام حتى يفرِّق بينهما.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: والدلالة على ما قال أصحابنا، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بالمدينة وبها يهود، وبخيبر، وفَدَك، ووادي القُرَى، وباليمن كانوا، وكذلك في زمان أبي بكر رضي الله عنه، وصدراً من خلافة عمر رضي الله عنه، حتى أجلاهم، وكانوا بالشام
والعراق واليمن ولاية عمر بن الخطاب وعثمان وعلي رضي الله عنهم ولم
يسمع لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم بحكم، إلا رَجمه يهوديين موادعين تراضيا بحكمه بينهم، ولا لأبي بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي، رضي الله عنهم أجمعين.
الأم (أيضاً) : باب (في الأقضية) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقال - اللَّه تبارك وتعالى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ) فأعلمَ اللَّه نبيه صلى الله عليه وسلم أن فرضاً عليه، وعلى من قبله، والناس إذا حكموا، أن يحكموا بالعدل.
والعدل: اتباع حكم المنزل، قال اللَّه عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم حين أمره بالحكم بين أهل الكتاب:
(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ) الآية.
الأم (أيضاً) : باب (الحدود) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقال اللَّه تعالى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ)
ولا يجوز أن يحكم بينهم في شيء من الدنيا إلا بحكم المسلمين؛ لأنَّ حكم
الله واحد لا يختلف.
الأم (أيضاً) : كتاب (إبطال الاستحسان) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أعلم اللَّه - سبحانه - نبيه صلى الله عليه وسلم بما فرض من اتباع كتابه فقال: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ)
وقال: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ) الآية.